فوائد فقهية

قولهم: المختار أو اختار فلان أو قاله اختيارا عند الشافعية (منقول)

قولهم: المختار أو اختار فلان أو قاله اختيارا عند الشافعية

تعريف الإختيار عند الشافعية:

قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري : ” الاختيار هو ما استنبطه المختار من الأدلة الأصولية بالاجتهاد، أي: على القول بأنه يتحرى وهو الأصح من غير نقل من صاحب المذهب فحينئذ يكون خارجا عن المذهب ولا يعول عليه”.

و قال الشيخ محمد بن إبراهيم العليجي، قال شيخنا(يقصد العلامة المحقق سليمان الكردي) :” الاختيار هو الذي استنبطه المختار عن الأدلة الأصولية بالاجتهاد أي على القول بأنه يتحرى وهو الأصح من غير نقل عن صاحب المذهب فحينئذ يكون خارجا عن المذهب ولا يعول عليه” .

المعيار لكونه إختيار خاصاً بقائله خارجاً من المذهب :

قال الشيخ العالم العلامة محي السنة عبد القادر بن محمد الفنملي المليباري حفظه الله ورعاه :”
يعني أن المختار بهذا المعنى خارج عن المذهب لخروجه عن الأدلة الأصولية (اي المختصة بمذهب الشافعي) ومعلوم أن معيار الدخول في المذهب والخروج عنه هو الدخول تحت ضوابطه من الأصول والقواعد والخروج عنها”.
فالاختيار لأصحاب الفتوى في المذهب مثل الوجه الشاذ لأصحاب الوجوه
الفرق بين الإختيار وبين الوجه الشاذ

قال الشيخ المحقق ميران كتي رحمه الله في تعليق رسالة التنبيه انظار فما الفرق بين الاختيار والوجه الشاذ؟ “.
قال تلميذه الشيخ العلامة عبد القادر بن محمد الفنملي المليباري حفظه الله: “
يعني أن الوجه الشاذ أيضا خارج عن المذهب لخروجه عن الأدلة الأصولية كالمختار فما الفرق بينهما؟
قلت: لعل الفرق بينهما أن الوجوه وإن كانت
شاذة مختصة بأصحاب الوجوه وقد مر عن ابن حجر رحمه الله تعالى أن أصحاب الوجوه قد انقطعوا بعد أربعمائة سنة من الهجرة والاختيارات لمن بعدهم كالرافعي والنووي وغيرهما فالحاصل أن المسائل المستنبطة من الأدلة التفصيلية من غير استناد إلى الأدلة الإجمالية إن صدرت من أصحاب الوجوه تسمى وجوهاً شاذة وإن صدرت عمن بعدهم تسمى اختيارات لهم والله أعلم” .
تنبيه : ولا يعنى بالشذوذ أنه فاسد وباطل وإنما خارج قواعد المذهب ولا يفتى به لمقلدي المذهب أي انه الشذوذ الخاص المذهبي لا الشذوذ العام المخالف للإجماع.

لكن هذا الوجه الشاذ لا يعد من المذهب لأنه خارج عنه وكذا الإختيار بخلاف الوجه الغريب والإختيار الذي ظهر أنه بمعنى المعتمد كما سيأتي تفصليه في الفقرة التالية.

الاختيار في كتب الشافعية وأوجه إطلاقه :

قال الشيخ العلامة سليمان الكردي رحمه الله ما نصه :”ورأيت في مختصر الروضة للسيوطي في نسخته بخطه ما نصه الأولى أن يصل البسملة بالحمدلة ثم قال ذلك في المجموع والمختار
فصل البسملة لحديث الوقف على كل آية اهـ.
وظاهر تعبيره بالمختار واستدلاله بالحديث
من غير نقل له عن أحد من أئمة المذهب مع أن العزو لقائله طريقته في كتابه المذكور يفيد أنه خلاف المنقول في المذهب فقد اشتهر عندهم استعمال التعبير بالمختار لما يختاره قائله من جهة الدليل.
وعبارة الإمام النووي في تحقيقه : “ومتى جاء شيء رجحته طائفة يسيرة، وكان الدليل الصحيح الصريح يؤيده قلت: «المختار كذا» فيكون المختار تصريحا بأنه الراجح دليلا، وقالت به طائفة قليلة، وأن الأكثر الأشهر في المذهب خلافه” إنتهى كلام التحقيق بحروفه.
وتبعه على ذلك المتأخرون ولما قال “المزاجد” في الصوم في العباب” ما نصه: لو قضى رمضان ثلاثون في يوم واحد فالمختار جوازه قال ابن حجر رحمه الله في شرحه عبارة المجموع فالظاهر” وبينهما فرق واضح إذ الأول يقتضي أنه ليس من المذهب، فلا يفتى به فلا يعمل به بخلاف الثانية وهي الصواب لأن قواعد المذهب تؤيده إلى قال :”وهذا صريح فيما ذكرته أن هذا من المذهب لا خارج عنه خلافا لما يوهمه تعبير المصنف اهـ.
ولما قال السبكي المختار طهارة النبيذ بالتخلل قال ابن حجر في فتاويه بعد كلام قرره في ذلك فعلم أنهم مصرحون بطاهرة خل النبيذ بالتخلل وأن ذلك هو المعتمد مذهبا ودليلا خلافا لما يوهمه تعبير السبكي بالمختار.
فائدة : محل ما ذكر في التعبير بالمختار في غير الروضة أما هي فقد رأيت في كلام بعضهم أنه حيث عبر فيها بالمختار ولم ينبه على أنه مختار من حيث الدليل يكون مراده أنه مختار من حيث المذهب فهو بمعنى المعتمد من حيث المذهب فتنبه له ويؤيد ذلك أن النووي
في أول الروضة لم يذكر حكم التعبير بالمختار وأنه يخالف الراجح في المذهب فقد قال الأسنوي في باب الوقف: من المهمات في الكلام على اشتراط القبول من الموقوف عليه أن المختار في الروضة بمعنى الصحيح والراجح ونحو ذلك اهـ.
وأقر ذلك الولي أبو زرعة في مختصر المهمات ويشهد له أن النووي في شرح المهذب قد يعبر بالصحيح فيما عبر فيه في الروضة بالمختار كقوله في الجنائز منه إن الصحيح أن القيراط الثاني لا يحصل إلا بعد الفراغ من الدفن مع تعبيره في زيادة الروضة بالمختار، ونقلا في الطلاق عن فتاوى القفال أنه لو قال لامرأته يا بنتي وقعت الفرقة بينهما فزاد في الروضة المختار في هذا أنه لا يقع به فرقة إذا لم يكن نية نبه الناشري  في ايضاحه بالصحيح بدل المختار والله أعلم ” إنتهى كلام الفوائد.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم العليجي رحمه الله:” أما المختار الذي وقع للنووي في الروضة وهو بمعنى الأصح في المذهب لا بمعناه المصطلح” .

ويؤيده ما في فتاوى ابن حجر رحمه الله تعالى : “قال ولي الدين العراقي أبو زرعة :” ومذهب الشافعي – رضي الله تعالى عنه – لا يثبت باختيار النووي – رضي الله تعالى عنه – فإنه إنما يستعمل هذه العبارة فيما رجح دليله عنده لا من جهة المذهب ونحن شافعية لا نووية” اهـ .

ثم قال في فتاويه أيضا: “أما قوله مذهب الشافعي رضي الله عنه لا يثبت باختيار النووي فعجيب منه مع قول شيخه الأسنوي وغيره أن المختار إذا وقع التعبير به في الروضة كان بمعنى الراجح مذهبا ” اهـ.

وفي رسالة التنبيه
قال الشيخ المحقق النحرير ميران كتي الكيبتي رحمه الله:”
فعلم مما تقدم كله – يعني عن الفوائد المدنية – أن للمختار ثلاث إطلاقات أحدها: وهو المشهور ما يختاره قائله من جهة الدليل وهو خارج عن المذهب.
وثانيها: مرادف للمعتمد.
وثالثها: اصطلاح كتاب التحقيق للإمام النووي رحمه الله تعالى “اهـ.
وقال العلامة الكردي رحمه الله تعالى:” وهذه المسألة أعني مسألة النظر إلى الامرد اعتمد فيه الإمام ابن حجر كلام النووي قال الجمال الرملي : إنها طريقة لا تحكي مذهب الشافعي فهو اختيار النووي”.
وفي التحفة:” اختار كثيرون من أصحابنا مذهب مالك أن الماء لا ينجس مطلقا إلا بالتغير وكأنهم نظروا للتسهيل على الناس وإلا فالدليل صريح في التفاصيل “.
قال العلامة الفقيه المليباري:”
يعنى أن الماء إن كان كثيرا لا ينجس إلا بالتغير وإن كان قليلا ينجس بالملاقات فقط.
فهذا الاختيار والذي قبله من الإطلاق الأول الخارج عن المذهب.
ومن الإطلاق الثاني قول النووي في مقدمة المنهاج ومنها مواضع يسيرة ذكرها فى المحرر على خلاف المختار فى المذهب ” .
يعنى على خلاف المعتمد فى المذهب”.

النتيجة :
اتفق العلماء اي الشافعية على أن اختيارات الإمام النووي – رضى الله عنه – كلها ضعيفة من حيث
المذهب .
وإن كانت قوية من حيث الدليل إلا إختياراته فى ” الروضة ” فإنها بمعنى
الصحيح أو الراجح .
▪︎وهذه الاختيارات جعل لها مصطلحا خاصا بها وهو [ المختار ] فإذا وجد هذا المصطلح
علمت من ذلك أن هذا إختيار الإمام النووي لرجحان الدليل لديه . لا لكونه معتمد المذهب
أو نحو ذلك .
▪︎وعلة ذلك : أن المذهب [ نقل ] فرتبة الإمام النووي فى المذهب أنه [ مجتهد الفتوى ]
وظيفته تحديد المعتمد فى المذهب . وهذا خلافا للنظر فى الأقوال والأدلة والترجيح.

قال ابن حجر فى الفتاوى [ قال ولي الدين العراقي ومذهب الشافعى – رضى الله تعالى عنه – لا يثبت باختيار
النووي- رضى الله عنه – فإنه إنما يستعمل هذه العبارة فيما رجح دليله عنده لا من جهة
المذهب فنحن شافعية ولسنا نووية ] .
وقال العلامة الأهدل فى سلم المتعلم [ واعلم ان اختيارات الإمام النووي رحمه الله كلها ضعيفه
من حيث المذهب وإن كانت قوية من حيث الدليل . إلا اختياراته فى ” الروضة ” فإنها
بمعنى الصحيح أو الراجح ] .

انتهى

السابق
عقيدة شمس الأئمة السرخسي (منقول)
التالي
أهم كتب المذهب الشافعي (منقول)