قال الرحيباني الحنبلي في «مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى» (1/ 663):
«(ولا إنكار في مسائل الاجتهاد) .
قال ابن الجوزي في ” السر المصون “: رأيت جماعة من المنتسبين إلى العلم يعملون عمل العوام، فإذا صلى الحنبلي في مسجد شافعي، تعصب الشافعية، وإذا صلى الشافعي في مسجد حنبلي، وجهر بالبسملة، تعصب الحنابلة، وهذه مسألة اجتهادية، والعصبية فيها مجرد أهواء يمنع منها العلم، قال ابن عقيل: رأيت الناس لا يعصمهم من الظلم إلا العجز ولا أقول: العوام» بل العلماء كانت أيدي الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يوسف، وكانوا يستطيلون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع حتى ما يمكنونهم من الجهر والقنوت، وهي مسألة اجتهاد، فلما جاءت أيام النظام، ومات ابن يوسف، وزالت شوكة الحنابلة، استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظلمة، فاستعدوا عليهم بالسجن، وآذوا العوام بالسعايات والفقهاء بالنبذ بالتجسيم.
قال: فتدبرت أمر الفريقين، فإذا هم لم تعمل بهم آداب العلم، وهل هذه إلا أفعال الأجناد يصولون في دولتهم، ويلزمون المساجد في بطالتهم.
(ومن أنكر) شيئا من مسائل الاجتهاد، (فلجهله بمقام المجتهدين) وعدم علمه بأنهم أسهروا أجفانهم، وبذلوا جهدهم ونفائس أوقاتهم في طلب الحق، وهم مأجورون لا محالة أخطئوا أو أصابوا، ومتبعهم ناج لأن الله شرع لكل منهم ما أداه إليه اجتهاده، وجعله شرعا مقررا في نفس الأمر، كما جعل الحل في الميتة للمضطر، وتحريمها على المختار حكمين ثابتين في نفس الأمر للفريقين بالإجماع، فأي شيء غلب على ظن المجتهد، فهو حكم الله في حقه وحق من قلده.
وانظر أيضا
«كشاف القناع عن متن الإقناع» (3/ 205 ط وزارة العدل)
«الفواكه العديدة في المسائل المفيدة» (1/ 115)
«الفروع وتصحيح الفروع» (3/ 22):