ابن تيمية حكما على الأمة

فقد شرح هذه البردة جملة من أكابر العلماء فهل ترى أن كل هؤلاء الناس من العلماء لم يعلموا أن فيها شركاً وكفراً وأنت أيها الجاهل علمته ونبهت عليه كما يزعمونه الخوارج الأذلة ؟!!

فقد شرح هذه البردة جملة من أكابر العلماء فهل ترى أن كل هؤلاء الناس من العلماء لم يعلموا أن فيها شركاً وكفراً وأنت أيها الجاهل علمته ونبهت عليه كما يزعمونه الخوارج الأذلة ؟!!

جاء في نحت حديد الباطل وبرده بأدلة الحق الذابة عن صاحب البردة (ص: 11، بترقيم الشاملة آليا):

فائدة : فقدشرح هذه البردة جملة من أكابر العلماء ،منهم : الشيخ ابن مرزوق التلمساني المالكي ، الإمام المحقق المحدث شرحين كبير وصغير (1) ، ، ذكر في الكبير أنواعاً من العلوم ، وشرحها أيضاًالعلامة المدقق جلال الدين المحلي ، المفسر للقرآن وشارح ” جمع الجوامع ” ” والمنهاج”في الفقه (2) ، وشرحها الحافظ الحجة الشيخ زكريا الأنصاري (3) شيخ الإسلام ، وشرحها الإمامالمحدث شهاب الدين القسطلاني (4) شارح “البخاري” ، واستعملها في كتابه ( المواهب اللدنية ) وطرز كتابه هذا بها ، واستعملها في ” سيرته ” العلامة الحلبي مع ” الهمزية ” ، وشرحها العلامة الثاني السعد التفتازاني قدس سره النوراني صاحب التآليف السائرة في الآفاق ، وشرحها العلامة النحوي الشيخ خالد الأزهري (5)


(1) تقدم ذكرهما .
(2) سماه : ” تعليق لطيف على بردة المديح ” وفي بعض المصادر بعنوان : ” الأنوار المضيئة في مدح خير البرية “.
(3) سماه : ” الزبدة الرائقة في شرح البردة الفائقة ” .
(4) سماه : ” مشارق الأنوار المضيئة في شرح الكواكب الدرية ” .
(5) سماه : ” الزبدة في شرح قصيدة البردة ” . ( مطبوع ) .

=====================

صاحب “الأزهرية ” وشرح “القواعد” و “التصريح ” ، وشرحها العلامة المحقق شيخ زاده الرومي الحنفي صاحب ” حاشية البيضاوي ” في عدة مجلدات ، وشرحها السيد الغبريني المقرئ – ذكره الشهاب الخفاجي في ” ريحانته ” – وشرحها علامة الروم الخادمي (1) ، وشرحها العلامة عبد السلام المراكشي المالكي (2) وذكر خواص أبياتها ، وشرحها العلامة القباني البصري ، ورأيت لها ثلاثة شروح في الفارسية .
وفي شرح العلامة ابن مرزوق ما يدل أن لها شروحاًكثيرة ينقل عنها ولم يسمها .
وأما من خمسها فكثيرون جداً ، وسبعها على ما شهر العلامة البيضاوي صاحب التفسير المشهور (3) .
فهل ترى أن كل هؤلاء الناس من العلماء لم يعلموا أن فيها شركاً وكفراً ، أو خطأ ، وأنت أيها الجاهل علمته ونبهت عليه ، وهم غفلوا عنه وما نبهوا ؟!!
أم علموا ذلك وغشوا الناس .. ! ، فما هذا ورب الناس إلا خناس يوسوس في صدور هؤلاء الأرجاس . وسيأتيك من الحجج القاطعة لاعتراض هؤلاء الأنجاس ما يكشف عن قلبك لباس الالتباس .
ولا يخفى أن عصر مؤلفها متقدم على عصر تقي الدين ابن تيمية ومن بعده من أتباعه ، وكانت هذه القصيدة بهذه الشهرة العظيمة في تلك القرون العديدة ، فلم ينقل عن أحد من هؤلاء وغيرهم أنهم أنكروا عليها في شيء .إذ لو كان فيها من مخالف الشرع أدنى شيء ، لوجب التنبيه عليه فكيف إذا كان فيها الشرك المخرج عن الملة كما يزعمونه الخوارج الأذلة ، ولكن في هذا الزمانكما قال القائل :
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس


(1) سماه : ” نشر الكواكب الدرية ” .
(2) يعتبر هذا الشرح من أبسطها وأخصرها ، يقع في أربع لوحات . وقد ضمن الشيخ خالد الأزهري هذا الشرح وما ذكره المصنف من خواص ، شرحه للبردة المسمى : ” الزبدة في شرح قصيدة البردة “.
(3) طبع بعنوان : ” الكواكب الدرية تسبيع البردة البوصيرية في مدح خير البرية ” .

=====

وقد وردفي الحديث الصحيح : أن من علامات الساعة ” أن يلعن آخر هذه الأمة أولها ” ، بعكس ما أمر الله وذكر عن المؤمنين ، قال تعالى : { والذين جاءوامن بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا } ” الحشر الآية 10 ” ، واقتداء بالرافضة والخوارج الذين كفروا الصحابة الكرام وجعلوهم مرتدين ومشركين بشبهة هي أوهى منبيوت العنكبوت ، فلخيار هذه الأمة المحمدية أسوة حسنة بأصحاب نبيهم (ص) .
ففي “البخاري ” باب ” قتل الخوارج والملحدين ” : وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يراهم شرار الخلق ، قال :” وهم أناس عمدوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين ” .
وقال الشيخ تقي الدين بن تيمية في ” الفتاوي” لما سئل عن رجلين تكلما في مسألة التكفير : من أول من أحدثه ؟
فقال : “ إنما أصل التكفير للمسلمين من الخوارج والروافض الذين يكفرون أئمة المسلمين ، لما يعتقدون أنهم أخطأوا فيه من الدين ، وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن علماء المسلمين لا يجوز تكفيرهم بمجرد الخطأ المحض ، بل كل أحد يؤخذ من قوله ويترك ، إلا رسول الله (ص) ، وليس كل من يترك قوله لخطأ أخطأه ، يكفر ولا يفسق ولا يؤثم .
ثم قال : فأن الله تعالى قال في دعاء المؤمنين : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ” البقرة الآية 286 ” . وفي ” الصحيح” عن النبي (ص) قال : ” قد فعلت ” .
إلى أن قال : ومن المعلوم أن المنع عن تكفير المسلمين الذين تكلموا في هذا الباب ، بل دفع التكفير عن علماء المسلمين وإن أخطأوا ، هو من أحق الأغراض الشرعية ، حتى لو فرض أن القائل دفع التكفير عن من يعتقد أنه ليس بكافر حماية لأخيه المسلم ، لكن هذا غرضاً شرعياً حسناً ، وهو إذا اجتهد في ذلك فأصاب فله أجران ، وإن اجتهد وأخطأ ، فله أجر واحد .

======

أما اعتراض هذا المعترض على قوله :
فإن من جودك الدنيا وضرتها … .
فإنه هذيان محموم ، أو همهمة ملجوم ، ولا سيما استدلاله بقوله تعالى : { وإن لنا للآخرة والأولى } .
فيقال له : ومن قال لك : إن الآخرة والأولى لغير الله ؟ ، أفلا يجوز أن الله يعطي الدنيا لأحد وهو يجود بها ، أو منها ؟ ، أوليس كل الوجود لله وقد ملكه الله لعباده ، وهل إذا جادوا به ، يخرج عن كونه مال الله ؟ ! .
فما هذا الاعتراض الفاسد ، والعقل الكاسد ؟! وقد ورد أن الدنيا والآخرة خلقت لأجله صلى الله عليه وآله وسلم (1) ، وورد في ” البخاري ” : أنه صلى الله عليه و على آله وسلم أكرم من الريح المرسلة ، فما يضر لو أكرم بمال ربه ، وهو حبيبه الأعظم ، مع أن البيت مقول على الفرض والتقدير .
وأما اعتراضه على قوله :
ومن علومك علم اللوح والقلم …


فقد قال الشراح : المرد باللوح : ما يكتب الناس عليه ، وبالقلم : ما يكتبون به . فكأنه قال : ومن علومك ، علم الناس الذي يكتبونه بأقلامهم في ألواحهم . وعلى هذا ، فلا ورود للاعتراض .
قالوا : ويحتمل أن المراد به : اللوح المحفوظ ، ولا يلزم على هذا الاعتراض الذي قاله هذا الرجل ، لأن مراده : علم اللوح غير الفواتح الخمس ، وما استأثر الله بعلمه ، لأن هذا معلوم من القرائن .
على أن قوله : علم اللوح ، الإضافة جنسية ، أي بعض علمٍ في اللوح . والجنس يصدق على بعض الأفراد .
ولا شك أن شريعته صلى الله عليه و على آله وسلم لا سيما القرآن المنزل عليه وما فيه من العلوم ، وما آتاه الله من الوحي ، قال تعالى : { وما ينطق عن الهوى * إن هو إلاوحي يوحى } ” النجم الآية 3 – 4 ” ، وما أطلعه الله عليه من المغيبات ، كل هذا من علم اللوح ، بل ولو لم نقل بهذا ، لا يلزم هذا الاعتراض ، لأن فواتح الغيب الخمس لا يلزم أنها في اللوح المحفوظ ، بل هي في أم الكتاب ، وهي غير اللوح .
قال البغوي رحمه الله تعالى : وقال عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ” وهما كتابان سوى أم الكتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت فيهما ، أم الكتاب الذي لا يغير منه شيء ” .
وعن عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : ” عن لله لوحاً محفوظاً مسيرة خمس مئة عام من درة بيضاء ، ولها دفتان من ياقوت ، لله فيه كل يوم ثلاث مئة وستون لحظة ، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ” .
فتبين من هذا : أن أم الكتاب غير اللوح ، بل هي أصل اللوح ، وقد يكون الخمس مما لم يكتب في لوح ، وفي غامض علمه مما استأثر الله تعالى بعلمه ، فلم يكتبها في لوح .

====

وأما قول هذا الرجل : فيلزم أن يقال : قل : لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ومحمد . فليس هذا الاستدلال في محله ، لأن صاحب البردة لم يدع ولم يقل : إن النبي صلى الله عليه و على آله وسلم يعلم جميع ما يعلم الله ، إذ هذا محال ، لأن لله علوماً استأثر الله بها واختص ، لا يشاركه فيها غيره ، بل قررنا أن علم اللوح والقلم بعض مواضع علم الله تعالى ، غير ما هو في مكنون غيبه .
وهو أثبت للنبي صلى الله عليه و على آله وسلم علم اللوح والقلم ومراده بتعليم الله له ، والمنفي عن غيره تعالى في الآية إنما هو الاستقلال ، الإحاطة بكل شيء ، بناءً على أن المراد ( بأل ) في الغيب ، الاستغراق ، ولا يلزم من إثبات بعض علم الغيب للنبي صلى الله عليه و على آله وسلم بتعليم الله له أن يقال : { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله } ” النمل : الآية 65 ” ومحمد صلى الله عليه و على آله وسلم ، بناءً على ما قررنا من أن المراد بالغيب في الآية ، الاستقلال والإحاطة بكل شيء ، فهذا خاص لله تعالى .
أما الغيب الذي لا يكون بهاتين الصفتين ، فيجوز أن يكون لغيره تعالى ، لأن الله تعالى أثبت ذلك لرسله ، وبعض غيرهم من خلص عباده لا استقلالاً ، فإن هذا كفر ، بل بطريق إطلاعه لهم وتعليمه إياهم .
قال تعالى : { ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء } ” البقرة : الآية 255 ” .
وقال تعالى : { فلا يظهر على غيبه أحداً * إلا من ارتضى منرسولٍ } ” الجن الآية 26 – 27 ” .
وقال تعالى : { وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء } ” آل عمران الآية 179 ” .
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ” فيطلع رسله على غيبه ، وإن محمداً صلى الله عليه و على آله وسلم أفضلهم ” .
وقال تعالى في حق الخضر عليه السلام : { وعلمناه من لدنا علماً } ” الكهف الآية 65 ” .

——-

الكتاب : نحت حديد الباطل وبرده بأدلة الحق الذابة عن صاحب البردة
للعلامة الشيخ داود بن سليمان النقشبندي الخالدي الشافعي

تحقيق : السيد الفاضل عبد الرازق النقشبندي الخالدي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين

وانظر د75 من هذا التسجيل

السابق
هل صحيح أنه لا يعقل موجود ليس في جهة ولا مكان، ومن هذه صفته فهو معدوم (منقول)
التالي
[3] هل صحيح أن الأشاعرة لم يهتموا ببيان الشرك في كتبهم ولا حذّروا من عبادة غير الله، ولذلك وقعوا فيه؟ ([1] إحصاء ومقارنة حول كلمة القبور ومشتقاتها)