مقالات في صفة الكلام لله

صفة الكلام ….مسألة: هل كلام الله أزلي؟!!!!

صفة الكلام ….مسألة: هل كلام الله أزلي؟!!!!

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/772526862861338/
ذهب الأشاعرة[1] والماتريدية[2] إلى أن الله متكلم بكلام قديم أزلي، أي أنه سبحانه لم يزل متكلما، وذهب ابنُ تيمية ـ وأتباعه الوهابية ـ إلى أن كلامَ اللهِ قديمُ النوع، حادثُ الأفرادِ، ويُعبّر عن ذلك بقوله: إن الله لم يزل متكلما إذا شاء، وصرّح ابنُ تيمية بأن الله يتكلم إذا شاء، ويسكت إذا شاء، وأنه سبحانه يتكلم ثم يسكت تَبَعا لإرادته ومشيئته، وصرح ابن تيمية بأن الله يُحدث الكلامَ كحروف وأصوات في ذاته تعالى ….. ثم نَسب ابنُ تيمية ـ كعادته ـ عقيدتَه هذه إلى السلف وأصحاب الحديث وأهل السنة وراح ينقل إجماعهم عليها[3] (وانظر الصور رقم 1،2،3)….!!!

ثم راح ابن تيمية وأتباعه ينكرون ويُشنّعون على الأشاعرة لقولهم : إن الله لم يزل متكلما، وأن هذه بدعة كُلابيّة مناقضة للكتاب والسنة وإجماع السلف والعقل[4] …!!!
وقبل مناقشة ابنَ تيمية ـ رحمه الله ـ نبيّن محلَ النزاعِ معه في هذه المسألة، فنقول بحول الله: إن النزاع في هذه المسألة في نقطتين:
الأولى: إن الأشاعرة ومن معهم يقولون : كلام الله قديم، وأنه تعالى لم يزل متكلما…. وابن تيمية يقول: كلام الله قديم النوع، حادث الأفراد، ويُعبّر عن ذلك بقوله إن الله لم يزل متكلما إذا شاء.
الثانية: أن الأشاعرة ومن معهم لا يُجوزون على الله السكوت … وابن تيمية يقول بأن الله يسكت أحيانا كما أنه يتكلم أحيانا.
وسنناقش كل نقطة من هاتين النقطتين في فصل خاص إن شاء الله، فصْلٌ في أزلية كلام الله، وفصل في نسبة السكوت إلى الله، ونبدأ الآن بالأول.
الفصل الأول: في الكلام على أزلية كلام الله.
سبق أن قلنا أن محل النزاع في هذه المسألة هي أن الأشاعرة ومن معهم يقولون : كلام الله قديم، وأن تعالى لم يزل متكلم…. وابن تيمية يقول: كلام الله قديم النوع، حادث الأفراد، ويعبر عن ذلك بقوله إن الله لم يزل متكلما إذا شاء، وأن ابن تيمية نسب مذهبه هذا إلى السلف وأهل السنة والحديث كما سبق.
قال وليد: ما قاله ابن تيمية مردود من وجوه:
الوجه الأول: ثمة نصوص كثيرة عن السلف والحنابلة وأهل الحديث ممن يرتضيهم ابن تيمية نصوا فيها على عين ما نص عليه الأشاعرة في هذه المسألة وهو أن الله لم يزل متكما، وأن كلام الله قديم، هكذا بإطلاق، دون تفصيل ابن تيمية السابق الذي نص فيه على أن كلام الله قديم النوع، حادث الأفراد، وأنه تعالى لم يزل متكلما إذا شاء… وإليك نصوص كثيرة عن السلف وأهل الحديث والحنابلة ينصون فيها على أزلية وقِدمِ كلام الله بإطلاق دون تفصيل:
النص الأول عن أبي حنيفة (ت150 هـ):
جاء في كتاب الفقه الأكبر المنسوب[5] لأبي حنيفة(ص: 22): وَمَا ذكره الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن حِكَايَة عَن مُوسَى وَغَيره من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَعَن فِرْعَوْن وابليس فَإِن ذَلِك كُله كَلَام الله تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُم وَكَلَام الله تَعَالَى غير مَخْلُوق وَكَلَام مُوسَى وَغَيره من المخلوقين وَالْقُرْآن كَلَام الله تَعَالَى فَهُوَ قديم لَا كَلَامهم وَسمع مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَلَام الله تَعَالَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وكلم الله مُوسَى تكليما}….وَقد كَانَ الله تَعَالَى متكلما وَلم يكن كلم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقد كَانَ الله تَعَالَى خَالِقًا فِي الْأَزَل وَلم يخلق الْخلق فَلَمَّا كلم الله مُوسَى كَلمه بِكَلَامِهِ الَّذِي هُوَ لَهُ صفة فِي الْأَزَل … وَيتَكَلَّم لَا ككلامنا وَيسمع لَا كسمعنا وَنحن نتكلم بالآلات والحروف وَالله تَعَالَى يتَكَلَّم بِلَا آلَة وَلَا حُرُوف والحروف مخلوقة وَكَلَام الله تَعَالَى غير مَخْلُوق.اهـ (انظر الصور رقم4،5،6).
قال وليد: فتأمل كيف أثبتَ أنَّ كلام اللهِ أزلي قديم وذلك في قوله “كَلّمه بِكَلَامِهِ الَّذِي هُوَ لَهُ صفة فِي الْأَزَل“، وأن القرآن قديم وذلك في قوله: ” وَالْقُرْآن كَلَام الله تَعَالَى فَهُوَ قديم ” وأن كلام الله ليس بحروف ” يتَكَلَّم بِلَا آلَة وَلَا حُرُوف “….وابن تيمية مخالفٌ له في هذه المسائل الثلاث، إذ ابنُ تيمية يرى أن كلامَ اللهِ نوعه قديمٌ، وأنَّ القرآن حادث، وأن كلام الله بحرف وصوت…!!!!
واعتاد ابنُ تيمية وأتباعه إذا جئتَهم بنصوص عن السلف نصوا فيها على أن كلام الله أزلي مطلقا اعتادوا أن يتأولوها ويزعموا بأن مقصودَ السلف بأن نوعَ الكلام أزلي وليس أفراده، كما سيأتي .
ولكنَّ تصريحَ أبي حنيفة هنا بأن كلام الله قديم وأن القرآن قديم أيضا …يَسد عليهم هذا التأويل السابق لأن القرآن عند ابن تيمية وأتباعه هو من أفراد كلام الله الحادثة … وازداد الأمرُ وضوحا هنا حين نفى أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ أن يكون كلام الله بحروف ….وبذلك يكون أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ قد أوصد تماما تأويل كلامه هذا على ابن تيمية وأتباعه[6]….ومع هذا التصريح كله من أبي حنيفة على مذهبه في هذه المسألة تجد ابنَ تيمية ينسب إلى أبي حنيفة وإلى الأئمة الأربعة إلى السلف من الصحابة والتابعين بأنهم قالوا بأن الله لم يزل متكلما إذا شاء … كما في الصورة (1،2)…!!! ولا أدري ماذا يسمى صنيع ابن تيمية هذا من ناحية الأمانة العلمية …. ؟!!!!

طبعا الوهابية حتى الباحثون منهم مرجعهم في كل شيء ابن تيمية فقط … فهذا أحدهم وهو….انظر اللاحق: https://www.facebook.com/…/permalink/773344956112862/

[1] قال الباقلاني في التمهيد (ص: 262-263) : وهو تعالى لم يزل متكلماً بكلام غير محدث ولا مخلوق.اهـ
وقال ابن فَوْرَك في مشكل الحديث” ص: 133 – 134: “كلامُ الله تعالى أزليٌّ قديمٌ، سابقٌ لجُمْلة الحوادثِ، وإنَّما أسمَعَ وأفهَمَ لمنْ أرادَ من خلْقه على ما أرادَ في الأوقاتِ والأزمنةِ، لا أنَّ [عينَ] كلامهِ يتعلَّق وجودُه بمُدَّةٍ وزَمانٍ”
وقال الباجوريُّ في “شرح الجوهرة” ص: 74: “وليسَ المُرادُ أنَّه تعالى يبتديءُ كلاماً ثُمَّ يَسْكُتُ، لأنَّه لم يَزَلْ مُتَكلِّماً أزلاً وأبداً”.اهـ
[2
] قال التفتازاني في شرح المقاصد (3/ 428): فعند أهل الحق كلامه ليس من جنس الأصوات والحروف بل صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى منافية للسكوت والآفة كما في الخرس والطفولية هو بها آمر ناه مخبر وغير ذلك يدل عليها بالعبارة أو الكتابة أو الإشارة.اهـ
[3] قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (12/ 37): ومذهب سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين كالأئمة الأربعة وغيرهم ما دل عليه الكتاب والسنة وهو الذي يوافق الأدلة العقلية الصريحة أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود فهو المتكلم بالقرآن والتوراة والإنجيل وغير ذلك من كلامه ليس ذلك مخلوقا منفصلا عنه وهو سبحانه يتكلم بمشيئته وقدرته فكلامه قائم بذاته ليس مخلوقا بائنا عنه وهو يتكلم بمشيئته وقدرته لم يقل أحد من سلف الأمة إن كلام الله مخلوق بائن عنه …. بل قالوا لم يزل الله متكلما إذا شاء فكلامه قديم بمعنى أنه لم يزل متكلما إذا شاء.اهـ وكذا في مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية – رشيد رضا (3/ 35)
وجاء في درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (1/ 462): كما يقوله أهل الحديث وأهل الإثبات الذين يقولون : لم يزل متكلما إذا شاء فعالا لما يشاء .اهـ
وانظر أيضا: موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3/ 1258)
[4] انظر: درء التعارض لابن تيمية (2/323)، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة (1/ 447)، و (2/ 542) و(2/ 797).
[5] لأن الكتاب فيه كلام في ثبوته عن أبي حنيفة، فاستشهادنا بهذا الكتاب هو على فرض صحة ثبوته لأبي حنيفة رحمه الله لاسيما وأن ابن تيمية في الفتوى الحموية الكبرى ذكره مرتين مستشهدا به، منها قول ابن تيمية (ص: 318):وفي كتاب «الفقه الأكبر» المشهور عند أصحاب أبي حنيفة.اهـ وانظر أيضا ص320….كما أن الوهابية يستشهدون بهذا الكتاب لاسيما في قضية صفة اليد وأن أبا حنيفة نهى عن تأويلها كما سيأتي.
وانظر للكلام على ثبوت كتاب الفقه الأكبر من عدمه :

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=261301
و
http://www.aslein.net/archive/index.php/t-98.html
[6] وانظر: http://www.aslein.net/showthread.php?t=11172

السابق
البيهقي وموقفه من الإلهيات، (سلسلة ابن تيمية حَكَما على الأمة ودِينها، بسلفها وخلفها، البيهقي نموذجا )
التالي
ما كنت أظن أن في الدنيا حلاوة ألذ من الرئاسة والوزارة التي أنا فيها …فوددت في مكاني أن الوزارة والرئاسة ليتها لم تكن لي وكنت الطبراني