مقالات في الصفات

سَبْك الشَّذرات الذهبِيَّة على العقائد الإيمانيّة الشَّرْنوبية”/ الشيخ نزار حمادي حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
سَبْك الشَّذرات الذهبِيَّة على العقائد الإيمانيّة الشَّرْنوبية”.
الشيخ نزار حمادي
الحمد لله.

هذا سَبْكٌ لقطع الذهب التي أودعها العلامة سيدي إبراهيم المارغني على العقائد الشرنوبية، وتفريغٌ لها في قالب التهذيب والاختصار، رجوت به نفع ذهني القاصر وعقلي الفاتر بحفظها وتأمّل معانيها، والله أسأل أن ينفع بها كل طلاب اليقين من الطلبة المهتدين.

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد إمام المتقين.

مقدمة:

العَقِيدَةُ: هِيَ مَا يُجْزَمُ وَيُقْطَعُ بِهِ.
التَّقْلِيدُ: هُوَ الأَخْذُ بِقَوْلِ الغَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ دَلِيلُهُ.
الـمَعْرِفَةُ: الجَزَمُ الُمطَابِق لِلْوَاقِعِ عَنْ دَلِيلٍ وَلَوْ إِجْمَالِيّاً.

باب الإلهيات
فصل في ما يجب لله تعالى:

الصِّفَةُ النَّفْسِيَّةُ هِيَ الَّتِي لَا تَتَحَقَّقُ الذَّاتُ فِي الخَارِجِ عَنِ الذِّهْنِ بِدُونِهَا.

  • الوُجُودُ: حُصُولُ الذَّاتِ وَثُبُوتُهَا فِي الخَارِجِ بِحَيْثُ يَصِحُّ أَنْ تُرَى.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُودِهِ تَعَالَى: حُدوثُ العَالَـمِ.
    الصِّفَاتُ السَّلْبِيَّةُ: هِيَ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى سَلْبِ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ تَعَالَى.
  • القِدَمُ: عَدَمُ الأَوَّلِيَّةِ لِلْوُجُودِ.
    والدلِيلُ على وجوبه لله تعالى أَنَّهُ لَوِ انْتِفَى عَنْهُ القِدَمُ لَكَانَ حَادِثاً.
  • البَقَاءُ: عَدَمُ الآخِرِيَّةِ لِلْوُجُودِ.
    والدلِيلُ على وجوبه لله تعالى أَنَّهُ لَوْ لَـمْ يَجِبْ لَهُ البَقَاءُ لَـجَازَ عَلَيْهِ العَدَمُ وَالفَنَاءُ.
  • المُـخَالَفَةُ لِلْحَوَادِثِ: عَدَمُ المُـمَاثَلَةِ لَـهَا فِي أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ.
    وَالدَلِيلُ على وُجُوبِها لله تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ مَاثَلَهَا لَكَانَ حَادِثاً مِثْلَهَا.
  • القيامُ بالنَّفس: عَدَمُ الافْتِقَارِ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاء.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِه لله تعالى أَنَّهُ لَوِ افْتَقَرَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ لَكَانَ حَادِثاً.
  • الوَحْدَانِيَّةُ: نَفْيُ الكَمِّ الـمُتَّصِلِ وَالـمُنْفَصِلِ فِي الذَّاتِ وَالصِّفاتِ وَالأَفْعالِ.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِها لله تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ لَـمْ يَكُنْ وَاحِداً لَلَزِمَ أَنْ لَا يُوجَدَ شَيْءٌ مِنَ الـمَخْلُوقَاتِ.
    صِفَاتُ الـمَعانِي: كُلُّ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَوْصُوفٍ مُوجِبَة لَهُ حُكْماً.
  • العِلْمُ: صِفَةٌ قَدِيمَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ تَعَالَى تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ الأُمُورِ عَلَى وَجْهِ الإِحَاطَةِ بِهِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خَفَاءٍ.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِه لله تَعَالَى أَنَّهُ لَوِ انْتَفَى عَنْهُ العِلْمُ لَانْتَفَتْ عَنْهُ الإِرَادَةُ.
  • الإِرَادَةُ: صِفَةٌ قَدِيمَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ تَعَالَى يُخَصِّصُ بِهَا الـمُمْكِنَ بِبَعْضِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِها لله تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ لَـمْ يَكُنْ مُرِيداً لَكَانَ عَاجِزاً.
  • القُدْرَةُ: صِفَةٌ قَدِيمَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ تَعَالَى، يُوجِدُ بِهَا وَيُعْدِمُ مَا شَاءَ مِنَ الـمُمْكِنَاتِ.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهَا لله تعالى أَنَّهُ لَوْ لَـمْ يَكُنْ قَادِراً لَـمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنَ العَالَـمِ.
  • الحَياةُ :صِفَةٌ قَدِيمَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ تَعَالَى، تَقْتَضِي صِحَّةَ اتِّصَافِهِ بِالعِلْمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الصِّفَاتِ.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِها لله تَعَالَى أَنَّهُ لَوِ انْتَفَتْ عَنْهُ لَـمْ يَتَّصِفْ بِعِلْمٍ وَلَا إِرَادَةٍ وَلَا قُدْرَةٍ وَلَا غَيْرِهَا مِنَ الصِّفَاتِ.
  • السَّمْعُ وَالبَصَرُ: صِفَتَانِ قَدِيمَتَانِ قَائِمَتَانِ بِذَاتِهِ تَعَالَى، زَائِدَتَانِ عَلَى العِلْمِ،
    يَنْكَشِفُ بِهِمَا كُلُّ مَوْجُودٍ وَيَتَّضِحُ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خَفَاءٍ.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ البَصَرِ وَالسَّمْعِ لَهُ تَعَالَى قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وهو السميعُ والبصيرُ﴾ [الشورى: ١١]، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ إنَّنِي معكمَا أسمَعُ وأرَى﴾ [طه: ٤٦].
    وَأَيْضاً لَوْ لَـمْ يَتَّصِفْ بِهِمَا لَزِمَ أَنْ يَتَّصِفَ بِضِدَّيْهِمَا، وَذَلِكَ نَقْصٌ، وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ تَعَالَى مُسْتَحِيلٌ.
  • الكَلَامُ: هُوَ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ تَعَالَى، دَالَّةٌ عَلَى جَمِيعِ مَعْلُومَاتِهِ.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِه لله تَعَالَى قَوْلُهُ: ﴿وكلَّمَ اللهُ موسَى تكليمًا﴾ [النساء: ١٦٤].
    وَأَيْضاً لَوْ لَـمْ يَتَّصِفْ بِالكَلَامِ لَزِمَ أَنْ يَتَّصِفَ بِضِدِّهِ، وَهْوَ نَقْصٌ، وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ تَعَالَى مُسْتَحِيلٌ.

الصِّفاتُ الـمَعْنَوِيَّةُ: هِيَ نَفْسُ قِيَامِ صِفَاتِ الـمَعَانِي بِالذَّاتِ، فهو تعالى عالم مريد قادر حي سميع وبصير متكلم.
وَأَدِلَّةُ وُجُوبِهَا لَهُ تَعَالَى هِيَ أَدِلَّةُ وُجُوبِ الـمَعاَنيِ لَهُ؛ إِذْ الـمَعْنَوِيَّةُ لَازِمَةٌ لِلْمَعَانِي وَالـمَعَانِي مَلْزُومَةٌ لَـهَا، وَإِذَا ثَبَتَ الـمَلْزُومُ ثَبَتَ اللَّازِمُ.

فصل في ما يستحيل لله تعالى:
وَهوَ عِشْرُونَ صِفَةً، أضدادُ العشرين الواجِبَة.
فَضِدُّ الوُجُودِ: العَدَمُ.
وَضِدُّ البَقَاءِ: لُحُوقُ العَدَمِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالفَنَاءِ.
وَضِدُّ القِدَمِ: الحُدُوثُ.
وَضِدُّ الـمُخَالَفَةِ لِلْحَوَادِثِ: الـمُمَاثَلَةُ لَـهَا.
وَضِدُّ القِيَامِ بِالنَّفْسِ ـ الَّذِي هُوَ الغِنَى الـمُطْلَقُ ـ : عَدَمُ القِيَامِ بِالنَّفْسِ، وَهْوَ الافْتِقَارُ.
وَضِدُّ الوَحْدَانِيَّةِ: التَّعَدُّدُ وَالشِّرْكُ.
وَضِدُّ العِلْمِ: الجَهْلُ.
وَضِدُّ الإِرَادَةِ: الكَرَاهَةُ.
وَضِدُّ القُدْرَةِ: العَجْزُ.
وَضِدُّ البَصَرِ: العَمَى.
وَضِدُّ السَّمْعِ: الصَمَمُ.
وَضِدُّ الكَلَامِ: البَكَمُ.
وَضِدُّ الحَيَاةِ: الـمَوْتُ.
وَأَضْدَادُ كَوْنِهِ حَيّاً وَمُرِيداً وَقَادِراً وَعَالِـماً وَبَصِيراً وَسَمِيعاً وَمُتَكَلِّماً: كَوْنُهُ ـ تَعَالَى ـ مَيِّتاً وَكَارِهاً وَعَاجِزاً وَجَاهِلًا وَأَعْمىَ وَأَصَمَّ وَأَبْكَمَ.
وَأَدِلَّةُ اسْتِحَالَةُ هَذِهِ الأَضْدَادِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ هِيَ أَدِلَّةُ وُجُوبِ العِشْرِينَ صِفَة الـمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ كُلِّ صِفَةٍ مِنْهَا يُثْبِتُهَا وَيَنْفِي ضِدَّهَا.

فصل في ما يجوز في حق لله تعالى:

  • الجائز في حقه تعالى: فِعْلُ الممكنات وتَرْكُها.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ تَعَالَى عَقْلًا فِعْلُ شَيْءٍ مِنَ الـمُمْكِنَاتِ أَوْ اسْتَحَالَ عَقْلًا تَرْكُهُ لَصَارَ الـمُمْكِنُ وَاجِباً أَوْ مُسْتَحِيلًا، وَذَلِكَ مِنْ قَلْبِ الحَقَائِقِ، وَهْوَ مُسْتَحِيلٌ.

بابُ النَّبَوِيَّاتِ

الرَّسُولُ: هُوَ إِنْسَانٌ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِشَرْعٍ يَعْمَلُ بِهِ وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ، كَانَ لَهُ كِتَابٌ أَوْ لَا.

فصل في ما يجب للرُّسل:

  • الأَمانَةُ: وَهِيَ حِفْظُ الـلَّهِ ظَوَاهِرَهُمْ وَبَوَاطِنَهُمْ مِنَ الوُقُوعِ فِي مَنْهِيٍّ عَنْهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهَا لَـهُمْ أَنَّهُمْ لَوْ خَانُوا بِأَنْ وَقَعَ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِـمَّا نَهَاهُمْ الـلَّهُ عَنْهُ لَكُنَّا مَأْمُورِينَ بِهِ؛ لِأَنَّ الـلَّهَ أَمَرَنَا بِالاقْتِدَاءِ بِهِمْ، وَلَا يَأْمُرُ سُبْحَانَهُ بِفِعْلِ الـمَنْهِيِّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿إنَّ اللهَ لا يأمُرُ بالفَحْشَاءِ﴾ [الأعراف: ٢٨].
  • الصِّدْقُ: وَهْوَ مُطَابَقَةُ الخَبَرِ لِلْوَاقِعِ.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ صِدْقِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَذَبُوا لَلَزِمَ كَذِبُ الـلَّهِ تَعَالَى فِي تَصْدِيقِهِ لَـهُمْ بِالـمُعْجِزَةِ النَّازِلَةِ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: «صَدَقَ عَبْدِي فِي كُلِّ مَا يُبَلِّغُ عَنِّي»، وَالكَذِبُ عَلَى الـلَّهِ مُسْتَحِيلٌ قَطْعاً.
  • التَّبْلِيـغُ: وَفَاؤُهُمْ بِتَبْلِيغِ كُلِّ مَا أَرْسَلَهُمْ الـلَّهُ بِهِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغُوهُ لِلنَّاسِ.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وجوبه لِلرُّسُلِ أَنَّهُمْ لَوْ كَتَمُوا شَيْئاً مِـمَّا أُمِرُوا بِتَبْلِيغِهِ لِلْخَلْقِ لَصَارَ الكِتْمَانُ طَاعَةً فِي حَقِّنَا، كَيْفَ وَالكِتْمَانُ مُحَرَّمٌ مَلْعُونٌ فَاعِلُهُ؟!.
  • الفَطَانَةُ: وَهِيَ التَّيَقُّظُ لِإِلْزَامِ الخُصُومِ وَإِبْطَالِ تَحَيُّلِهِمْ وَدَعَاوِيهِمُ البَاطِلَةِ.
    وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهَا للرسل أَنَّهُ لَوْ انْتَفَتْ عَنْهُمْ لَـمَا قَدَرُوا أَنْ يُقِيمُوا الحُجَّةَ عَلَى الخَصْمِ، وَهْوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ القُرْآنَ دَلَّ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ عَلَى إِقَامَتِهِمْ الحُجَّةَ عَلَى الخَصْمِ.

فصل في ما يستحيل للرُّسل:

وهي أربع صفات، ضِدُّ الأربعة الواجبة.
فَضِدُّ الأَمَانَةِ: الخِيَانَةُ.
وَضِدُّ الصِّدْقِ: الكَذِبُ.
وَضِدُّ التَّبْلِيغِ: كِتْمَانُ شَيْءٍ مِـمَّا أُمِرُوا بِتَبْلِيغِهِ لِلْخَلْقِ.
وَضِدُّ الفَطَانَةِ: البَلَادَةُ، وَهِيَ البَلَاهَةُ وَالتَّغَفُّلُ.
وَأَدِلَّةُ اسْتِحَالَةِ هَذِهِ الأَضْدَادِ الأَرْبَعِ عَلَيْهِمْ هِيَ أَدِلَّةُ وُجُوبِ الصِّفَاتِ الأَرْبَعِ لَـهُمْ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ كُلِّ صِفَةٍ مِنْهَا يُثْبِتُهَا وَيَنْفِي ضِدَّهَا.

فصل في ما يجوز في حقّ الرُّسل:

الأَعْرَاضِ: الصِّفَاتِ البَشَرِيَّةِ الَّتِي لَا تُؤَدِّي إِلَى نَقْصٍ فِي مَرَاتِبِهِمْ العَلِيَّةِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِها عَلَيْهِمْ: مُشَاهَدَةُ أَهْلِ زَمَانِهِمْ وُقُوعَهَا بِهِمْ، وَنَقْلُهُ لِـمَنْ بَعْدَهُمْ بِالتَّوَاتُرِ.

باب السَّمْعِيَّاتِ

مِمَّا جاءَ به الرُّسلُ ويَجِبُ الإيمانُ به:
الملائكةُ: وَهُمْ أَجْسَامٌ نُورَانِيَّةٌ لَا يَعْصُونَ الـلَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ.
والحَشْرُ: هُوَ سَوْقُ النَّاسِ جَمِيعاً إِلَى الـمَوْقِفِ لِفَصْلِ القَضَاءِ بَيْنَهُمْ بَعْدَ إِحْيَائِهِمْ وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ.
وَالصِّرَاطُ: وَهْوَ جِسْرٌ مَـمْدُودٌ عَلَى ظَهْرِ جَهَنَّمَ لِيَمُرَّ النَّاسُ عَلَيْهِ.
وَالبَعْثُ: وَهوَ إِحْيَاءُ الـمَوْتَى وَإِخْرَاجُهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ.
والثَّوَابُ: مِقْدَارٌ مِنَ الجَزَاءِ تَفَضَّلَ بِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فِي مُقَابَلَةِ أَعْمَالِـهِمْ الحَسَنَةِ.

فصل: في اشْتِمَال كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ عَلَى جَمِيعِ العَقَائِدِ الإِيمَانِيَّةِ

قولنا: «لَا إِلَهَ إِلَّا الـلَّهُ»؛ مَعْنَاهُ: لَا مُسْتَغْنِياً عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ وَمُفْتَقِراً إِلَيْهِ كُلُّ مَا عَدَاهُ إِلَّا الـلَّهُ.
فاسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ وُجُودِهِ، وَقِدَمِهِ، وَبَقَائِهِ، وَمُخَالَفَتِهِ لِلْحَوَادِثِ، وَقِيَامِهِ بِنَفْسِهِ، السَّمْع، وَالبَصَر، وَالكَلَام، وَلَوَازِمُهَا وَهْيَ كَوْنُهُ تَعَالَـى سَمِيعاً، بَصِيراً.
دليلها: أنه لَوْ لَـمْ تَجِبْ لَهُ هَذِهِ الصِّفَاتُ لَكَانَ مُحْتَاجاً إِلَى الـمُحْدِثِ أَوْ الـمَحَلِّ أَوْ مَنْ يَدْفَعُ عَنْهُ النَّقَائِصَ، كَيْفَ وَهْوَ الـمُسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ؟!
وَيَسْتَلْزِمُ أَيْضاً نَفْيَ وُجُوبِ فِعْلِ شَيْءٍ مِنَ الـمُمْكِنَاتِ أَوْ تَرْكِهِ؛ وَإِلَّا لَزِمَ افْتِقَارُهُ تَعَالَى إِلَى فِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ تَرْكِهِ لِيَتَكَمَّلَ بِهِ.
فهذه (23) عقيدةً.
وَأَمَّا افْتِقَارُ كُلِّ مَا عَدَاهُ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الحَيَاةَ، وَالقُدْرَةَ، وَالإِرَادَةَ، وَالعِلْمَ، وَلَوَازِمُهَا وَهْيَ كَوْنُهُ تَعَالَى حَيّاً، وَقَادِراً، وَمُرِيداً، وَعَالِـماً، وَيَسْتَلْزِمُ أَيْضاً الوَحْدَانِيَّةَ.
دليلها: أنَّهُ لَوِ انْتَفَى شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَـمَا أَمْكَنَ أَنْ يُوجَدَ شَيْءٌ مِنَ الحَوَادِثِ، فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ شَيْءٌ، كَيْفَ وَهْوَ الَّذِي يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ كُلُّ مَا عَدَاهُ؟!
فهذه (18) عقيدةً يَسْتَلْزِمُهَا افْتِقَارُ كُلِّ مَا عَدَاهُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ.
فقَوْلُنَا: «لَا إِلَهَ إِلَّا الـلَّهُ» يتضمن (41) عقيدة.
وَأَمَّا قَوْلُنَا: «مُحَمَّدٌ رَسُولُ الـلَّهِ» فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ وُجُوبِ الأَمَانَةِ وَالصِّدْقِ وَالتَّبْلِيغِ وَالفَطَانَةِ لِلرُّسُلِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ، وَاسْتِحَالَةِ الخِيَانَةِ وَالكَذِبِ وَالكِتْمَانِ وَالبَلَادَةِ، وَكَذَا مَا بَيَّنَهُ مِنْ جَوَازِ الأَعْرَاضِ البَشَرِيَّةِ فِي حَقِّهِمْ.
فقولنا «مُحَمَّدٌ رَسُولُ الـلَّهِ» يتضمن (9) عقائد، فالمجموع (50).

اللَّهُمَّ يَا رَبِّ بِجَاهِهِ وَبِجَاهِ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ الـمُتَحَلِّينَ بِجَمِيلِ خِصَالِهِ، اخْتِمْ لَنَا بِالسَّعَادَةِ، وَارْزُقْنَا الحُسْنَى وَزِيَادَةً، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا، وَمَشَايِخِنَا وَأَهْلِينَا، وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالـمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، وَارْحَمْنَا وَاعْفُ عَنَّا أَجْمَعِينَ، بِفَضْلِكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.

السابق
إِن اعْتِقَاد الْأَشْعَرِيّ مُسَدّد لَا يمتري فِي الْحق إِلَّا ممتري
التالي
علموا ﺃﻭﻻﺩﻛﻢ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑﺘﻜﺮﺍﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ / العقيدة الأشعرية للأطفال / منقول

اترك تعليقاً