( سلسلة ابن تيمية حَكَما على الأمة ودينها، بسلفها وخلفها، الحافظ ابن حجر نموذجا)
#سلسلة_ابن_تيمية_حَكَما_على_الأمة
هدية للأخ عثمان المكي Osman Al Makki الذي أنكر ونفي أن يكون الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ أشعريا، فإليك مقالا طويلا لأحد الوهابية التكفريين الذي كفّر ابنَ حجر لأجل عقيدته الأشعرية، وراح يسرد لنا من فتح الباري نصوصه الأشعرية حتى في صفة الكلام وغيرها، معتبرا ذلك من الكفريات!! ولذا سمى مقاله “من كفـريات ابن حجر صاحب كتاب فتح الباري”!!! وإليكم المقال كاملا مع رابطه، وأترك لكم التعليق.
وأترك أيضا في الصور أدناه هدية أخرى وهي إقرار الألباني بأن ابن حجر كان أشعريا، بل أقر بأن أكثرية العلماء كانوا أشعرية .. فعضّ الآن على أناملك من الغيظ ..!!
——————————————–
http://dawahilatawhed.blogspot.com/2017/03/blog-post_29.html
من كفريات ابن حجر صاحب كتاب فتح الباري
_
قال: (استوى على العرش) هو من المتشابه الذي يفوض علمه إلي الله تعالى .. وليس العرش بموضع استقرار لله”اهـ (الفتح 1/136)
وقال ابن بطال: “واختلف أهل السنة؛ هل الاستواء صفة ذات أو صفة فعل؛ فمن قال: معناه علا؛ قال: هي صفة ذات، ومن قال غير ذلك؛ قال: هي صفة فعل، وإن الله فعل فعلاً سماه استوى على عرشه؛ لا أن ذلك قائم بذاته؛ لاستحالة قيام الحوادث به”اهـ (الفتح 13/406)
وقال: “قوله: (ورحمة الله) أي: إحسانه”اهـ (الفتح 2/314)
وقال: “ومهما استشكل في إطلاق السبق في صفة الرحمة؛ جاء مثله في صفة الكلمة، ومهما أجيب به عن قوله {سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا{ حصل به الجواب عن قوله (سبقت رحمتي) وقد غفل عن مراده من قال: دل وصف الرحمة بالسبق على أنها من صفات الفعل. وقد سبق في شرح الحديث قول من قال: المراد بالرحمة: إرادة إيصال الثواب. وبالغضب: إرادة إيصال العقوبة؛ فالسبق حينئذ بين متعلقي الإرادة فلا إشكال”اهـ (الفتح 13/441)
وقال: “وقد اختلف في معنى النزول على أقوال ..
ومنهم من أجراه على ما ورد؛ مؤمناً به على طريق الإجمال؛ منزهاً الله تعالى عن الكيفية والتشبيه، وهم جمهور السلف، ونقله البيهقي وغيره عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث وغيرهم”اهـ (الفتح 3/30)
وقال: “قوله: (فأعرض الله عنه) أي: سخط عليه .. وإطلاق الإعراض وغيره في حق الله تعالى؛ على سبيل المقابلة والمشاكلة”اهـ (الفتح 1/157)
وقال: “تأول ابن حزم النزول؛ بأنه فعل يفعله الله في سماء الدنيا؛ كالفتح لقبول الدعاء، وأن تلك الساعة من مظان الإجابة. وهو معهود في اللغة؛ تقول: فلان نزل لي عن حقه؛ بمعنى: وهبه”اهـ (الفتح 13/468)
وقال: “وقال ابن العربي: حكي عن المبتدعة رد هذه الأحاديث، وعن السلف إمرارها، وعن قوم تأويلها. وبه أقول؛ فأما قوله (ينزل) فهو راجع إلى أفعاله؛ لا إلى ذاته؛ بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني؛ فإن حملته في الحديث على الحسي فتلك صفة الملك المبعوث بذلك، وإن حملته على المعنوي بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل فيسمى ذلك نزولاً عن مرتبة إلى مرتبة؛ فهي عربية صحيحة. انتهى. والحاصل أنه تأوله بوجهين؛ إما بأن المعنى ينزل أمره، أو الملك بأمره، وإما بأنه استعارة بمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم ونحوه”اهـ (الفتح 3/30)
وقال: “وقال البيضاوي: ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية، والتحيز؛ امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه؛ فالمراد: نور رحمته؛ أي ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة”اهـ (الفتح 3/31)
وقال: “قوله: (باب الحرص على الحديث)؛ المراد بالحديث في عرف الشرع؛ ما يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنه أريد به مقابلة القرآن؛ لأنه قديم”اهـ (الفتح 1/193)
وقال: “قال البيهقي في كتاب الاعتقاد: القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفات ذاته، وليس شيء من صفات ذاته مخلوقاً، ولا محدثاً، ولا حادثاً”اهـ (الفتح 13/454)
وقال: “فيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته، ومهما تؤول به هذا؛ جاز أن يتأول به ذاك، والله أعلم”اهـ (الفتح 1/508)
وقال: “وليس قولنا: إن الله على العرش؛ أي: مماس له، أو متمكن فيه، أو متحيز في جهة من جهاته؛ بل هو خبر جاء به التوقيف؛ فقلنا له به، ونفينا عنه التكييف؛ إذ ليس كمثله شيء”اهـ (الفتح 13/413)
وقال: “وقال ابن أبي جمرة: يؤخذ من كون الكتاب المذكور فوق العرش؛ أن الحكمة اقتضت أن يكون العرش حاملاً لما شاء الله من أثر حكمة الله وقدرته، وغامض غيبه؛ ليستأثر هو بذلك من طريق العلم والإحاطة؛ فيكون من أكبر الأدلة على انفراده بعلم الغيب؛ قال: وقد يكون ذلك تفسيراً لقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؛ أي: ما شاءه من قدرته، وهو كتابه الذي وضعه فوق العرش”اهـ (الفتح 13/413)
وقال: “قوله: (فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه) قال الخطابي: هذا يوهم المكان، والله منزه عن ذلك، وإنما معناه: في داره الذي اتخذها لأوليائه، وهي الجنة”اهـ (الفتح 13/429)
وقال: “وقال غيره: كون القدرة قديمة، وإفاضة الرزق حادثة؛ لا يتنافيان؛ لأن الحادث هو التعلق، وكونه رزق المخلوق بعد وجوده؛ لا يستلزم التغير فيه؛ لأن التغير في التعلق؛ فإن قدرته لم تكن متعلقة بإعطاء الرزق؛ بل بكونه سيقع؛ ثم لما وقع تعلقت به من غير أن تتغير الصفة في نفس الأمر، ومن ثم نشأ الاختلاف؛ هل القدرة من صفات الذات أو من صفات الأفعال؛ فمن نظر في القدرة إلى الاقتدار على إيجاد الرزق؛ قال: هي صفة ذات قديمة. ومن نظر إلى تعلق القدرة؛ قال: هي صفة فعل حادثة. ولا استحالة في ذلك في الصفات الفعلية والإضافية؛ بخلاف الذاتية”اهـ (الفتح 13/360-361)
وقال: “وقال المازري: قيل: إن (حتى) هنا بمعنى الواو؛ فيكون التقدير: لا يمل وتملون. فنفى عنه الملل، وأثبته لهم. قال: وقيل: (حتى) بمعنى حين. والأول أليق، وأجرى على القواعد، وأنه من باب المقابلة اللفظية، ويؤيده ما وقع في بعض طرق حديث عائشة؛ بلفظ: (اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل) لكن في سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف. وقال ابن حبان في صحيحه: هذا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد مما يخاطب به إلا بها. وهذا رأيه في جميع المتشابه”اهـ (الفتح 1/102)
وقال: “في إضافة العزة إلى الربوبية؛ إشارة إلى أن المراد بها هنا القهر والغلبة، ويحتمل أن تكون الإضافة للاختصاص؛ كأنه قيل: ذو العزة، وأنها من صفات الذات، ويحتمل أن يكون المراد بالعزة هنا العزة الكائنة بين الخلق، وهي مخلوقة؛ فيكون من صفات الفعل فالرب على هذا بمعنى الخالق، والتعريف في العزة للجنس؛ فإذا كانت العزة كلها لله فلا يصح أن يكون أحد معتزاً إلا به، ولا عزة لأحد إلا وهو مالكه”اهـ (الفتح 13/369)
ونقل عن القرطبي قوله: “لا يتوجه عليه (أي على المولى عز وجل) في وجوده: أين، وحيث. وأن العقل لا يحسن ولا يقبح، وأن ذلك راجع إلى الشرع؛ فما حسنه بالثناء عليه فهو حسن، وما قبحه بالذم فهو قبيح”اهـ (الفتح 1/221)
ونقل عن عياض قوله: “كانت العرب تستعمل الاستعارة كثيراً، وهو أرفع أدوات بديع فصاحتها وإيجازها، ومنه قوله تعالى: {جَنَاحَ الذُّلِّ}؛ فمخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم لهم برداء الكبرياء على وجهه ونحو ذلك؛ من هذا المعنى، ومن لم يفهم ذلك تاه؛ فمن أجرى الكلام على ظاهره أفضى به الأمر إلى التجسيم، ومن لم يتضح له، وعلم أن الله منزه عن الذي يقتضيه ظاهرها؛ إما أن يكذب نقلتها، وإما أن يؤولها”اهـ (الفتح 13/432)
وقال: “والمراد من الغضب لازمه، وهو إرادة إيصال العذاب إلى من يقع عليه الغضب”اهـ (الفتح 1/292)
وقال: “وقال البيهقي: المحبة والبغض عند بعض أصحابنا؛ من صفات الفعل؛ فمعنى محبته: إكرام من أحبه، ومعنى بغضه: إهانته. وأما ما كان من المدح والذم؛ فهو من قوله، وقوله من كلامه، وكلامه من صفات ذاته”اهـ (الفتح 13/358)
وقال: “الخلة بالضم، وهي الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله، وهذا صحيح بالنسبة إلى ما في قلب إبراهيم من حب الله تعالى، وأما إطلاقه في حق الله تعالى؛ فعلى سبيل المقابلة”اهـ (الفتح 6/389)
وقال: “أما خلة الله للعبد؛ فبمعنى نصره له، ومعاونته”اهـ (الفتح 7/23)
وقال: “وقال البيهقي في كتاب الأسماء والصفات: مذهب السلف والخلف من أهل الحديث والسنة؛ أن القرآن كلام الله، وهو صفة من صفات ذاته”اهـ (الفتح 13/492)
وقال: “(لا توكي فيوكى عليك) .. يقال: أوعيت المتاع في الوعاء؛ أوعيه إذا جعلته فيه، ووعيت الشيء حفظته، وإسناد الوعي إلى الله مجاز عن الإمساك”اهـ (الفتح 3/300)
وقال: “وقال ابن المنير: وجه الاستدلال على إثبات العين لله من حديث الدجال؛ من قوله: (إن الله ليس بأعور)؛ من جهة أن العور عرفاً عدم العين، وضد العور ثبوت العين؛ فلما نزعت هذه النقيصة لزم ثبوت الكمال بضدها، وهو وجود العين، وهو على سبيل التمثيل والتقريب للفهم؛ لا على معنى إثبات الجارحة. قال: ولأهل الكلام في هذه الصفات كالعين والوجه واليد ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنها صفات ذات أثبتها السمع ولا يهتدي إليها العقل. والثاني: أن العين كناية عن صفة البصر، واليد كناية عن صفة القدرة، والوجه كناية عن صفة الوجود. والثالث: إمرارها على ما جاءت مفوضاً معناها إلى الله تعالى”اهـ (الفتح 13/390)
وقال: “قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فإنه سيق للرد على إبليس؛ فلو حمل على الذات لما اتجه الرد. وقال غيره: هذا يساق مساق التمثيل للتقريب؛ لأنه عهد أن من اعتنى بشيء، واهتم به؛ باشره بيديه؛ فيستفاد من ذلك: أن العناية بخلق آدم كانت أتم من العناية بخلق غيره. واليد في اللغة تطلق لمعان كثيرة؛ اجتمع لنا منها خمسة وعشرون معنى؛ ما بين حقيقة، ومجاز”اهـ (الفتح 13/394)
وقال: “وفيه جواز إطلاق الغضب على الله، والمراد به: ما يظهر من انتقامه ممن عصاه، وما يشاهده أهل الموقف من الأهوال التي لم يكن مثالها ولا يكون؛ كذا قرره النووي. وقال غيره: المراد بالغضب لازمه، وهو إرادة إيصال السوء للبعض”اهـ (الفتح 11/441)
وقال: “وقد تقدم توجيه العجب في حق الله في أوائل الجهاد، وأن معناه الرضا”اهـ (الفتح 6/145)
وقال: “وقال الخطابي: إطلاق العجب على الله محال، ومعناه الرضا؛ فكأنه قال: إن ذلك الصنيع حل من الرضا عند الله حلول العجب عندكم؛ قال: وقد يكون المراد بالعجب هنا؛ أن الله يعجب ملائكته من صنيعهما لندور ما وقع منهما في العادة؛ قال: وقال أبو عبدالله: معنى الضحك هنا؛ الرحمة. قلت: ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري. قال الخطابي: وتأويل الضحك بالرضا أقرب من تأويله بالرحمة؛ لأن الضحك من الكرام يدل على الرضا؛ فإنهم يوصفون بالبشر عند السؤال. قلت الرضا من الله يستلزم الرحمة، وهو لازمه، والله أعلم”اهـ (الفتح 8/632-633)
وقال: “وقال ابن أبي جمرة: كنى عن إحسان الله للتائب وتجاوزه عنه؛ بالفرح؛ لأن عادة الملك إذا فرح بفعل أحد؛ أن يبالغ في الإحسان إليه”اهـ (الفتح 11/106)
وقال: “وفي رواية بن السكن: (فأخذت بحقو الرحمن)، وفي رواية الطبري: (بحقوي الرحمن) بالتثنية. قال القابسي: أبى أبو زيد المروزي أن يقرأ لنا هذا الحرف لإشكاله، ومشى بعض الشراح على الحذف؛ فقال: أخذت بقائمة من قوائم العرش. وقال عياض: الحقو معقد الإزار، وهو الموضع الذي يستجار به، ويحتزم به على عادة العرب؛ لأنه من أحق ما يحامى عنه ويدفع؛ كما قالوا: نمنعه مما نمنع منه أزرنا؛ فاستعير ذلك مجازاً للرحم في استعاذتها بالله من القطيعة. انتهى. وقد يطلق الحقو على الإزار نفسه؛ كما في حديث أم عطية:
(فأعطاها حقوه فقال أشعرنها إياه) يعني: إزاره، وهو المراد هنا، وهو الذي جرت العادة بالتمسك به عند الإلحاح في الاستجارة والطلب، والمعنى على هذا صحيح؛ مع اعتقاد تنزيه الله عن الجارحة. قال الطيبي: هذا القول مبني على الاستعارة التمثيلية؛ كأنه شبه حالة الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذب عنها؛ بحال مستجير يأخذ بحقو المستجار به؛ ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم للمشبه به من القيام؛ فيكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة؛ ثم رشحت الاستعارة بالقول والأخذ، وبلفظ الحقو؛ فهو استعارة أخرى، والتثنية فيه للتأكيد؛ لأن الأخذ باليدين آكد”اهـ (الفتح 8/580)
وقال: “قال الكرماني: (قوله: في السماء) ظاهره غير مراد؛ إذ الله منزه عن الحلول في المكان؛ لكن لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضافها إليه؛ إشارة إلى علو الذات والصفات. وبنحو هذا أجاب غيره عن الألفاظ الواردة من الفوقية”اهـ (الفتح 13/412)
وقال: “وقال القرطبي في المفهم: هذا مثل قصد به بيان سرعة قبول الله توبة عبده التائب، وأنه يقبل عليه بمغفرته ويعامله معاملة من يفرح بعمله، ووجه هذا المثل: أن العاصي حصل بسبب معصيته في قبضة الشيطان وأسره،
وقد أشرف على الهلاك؛ فإذا لطف الله به ووفقه للتوبة؛ خرج من شؤم تلك المعصية وتخلص من أسر الشيطان ومن المهلكة التي أشرف عليها؛ فأقبل الله عليه بمغفرته وبرحمته، وإلا فالفرح الذي هو من صفات المخلوقين محال على الله تعالى؛ لأنه اهتزاز وطرب يجده الشخص من نفسه عند ظفره بغرض يستكمل به نقصانه ويسد به خلته أو يدفع به عن نفسه ضرراً أو نقصاً، وكل ذلك محال على الله تعالى؛ فإنه الكامل بذاته الغني بوجوده الذي لا يلحقه نقص ولا قصور؛ لكن هذا الفرح له عندنا ثمرة وفائدة، وهو الإقبال على الشيء المفروح به وإحلاله المحل الأعلى، وهذا هو الذي يصح في حقه تعالى؛ فعبر عن ثمرة الفرح بالفرح على طريقة العرب في تسمية الشيء باسم ما جاوره أو كان منه بسبب، وهذا القانون جار في جميع ما أطلقه الله تعالى على صفة من الصفات التي لا تليق به”اهـ (الفتح 11/106)
وقال: “قوله: (فاستحيا الله منه) أي رحمه، ولم يعاقبه”اهـ (الفتح 1/157)
وقال: “قال البيهقي: صعود الكلام الطيب والصدقة الطيبة؛ عبارة عن القبول. وعروج الملائكة؛ هو إلى منازلهم في السماء. وأما ما وقع من التعبير في ذلك؛ بقوله: (إلى الله) فهو على ما تقدم عن السلف في التفويض، وعن الأئمة بعدهم في التأويل”اهـ (الفتح 13/416)
وقال: “قوله: (إن الله لا يستحي من الحق) .. المراد بالحياء هنا: معناه اللغوي؛ إذ الحياء الشرعي خير كله، وقد تقدم في كتاب الإيمان؛ أن الحياء لغة: تغير وانكسار، وهو مستحيل في حق الله تعالى؛ فيحمل هنا على أن المراد: أن الله لا يأمر بالحياء في الحق، أو لا يمنع من ذكر الحق”اهـ (الفتح 1/389)
وقال: “قوله: (يدنو أحدكم من ربه) قال ابن التين: يعني يقرب من رحمته. وهو سائغ في اللغة”اهـ (الفتح 13/477)
وقال: “قال الكرماني: لو جاءت الرواية (لا تدعون أصم ولا أعمى) لكان أظهر في المناسبة؛ لكنه لما كان الغائب كالأعمى في عدم الرؤية؛ نفى لازمه ليكون أبلغ وأشمل. وزاد (قريباً) لأن البعيد وإن كان ممن يسمع ويبصر؛ لكنه لبعده قد لا يسمع ولا يبصر، وليس المراد قرب المسافة؛ لأنه منزه عن الحلول”اهـ (الفتح 13/274-375)
وقال: “قوله: (يدنو أحدكم من ربه) في رواية سعيد بن أبي عروبة (يدنو المؤمن من ربه) أي: يقرب منه قرب كرامة، وعلو منزلة. قوله: (حتى يضع كنفه) بفتح الكاف والنون بعدها فاء؛ أي: جانبه. والكنف أيضاً: الستر، وهو المراد هنا، والأول مجاز في حق الله تعالى”اهـ (الفتح 10/488)
وقال: “قال ابن بطال: وصف سبحانه نفسه؛ بأنه يتقرب إلى عبده، ووصف العبد بالتقرب إليه، ووصفه بالإتيان والهرولة؛ كل ذلك يحتمل الحقيقة والمجاز؛ فحملها على الحقيقة يقتضي قطع المسافات وتداني الأجسام، وذلك في حقه تعالى محال؛ فلما استحالت الحقيقة تعين المجاز لشهرته في كلام العرب؛ فيكون وصف العبد بالتقرب إليه شبراً وذراعاً، وإتيانه ومشيه؛ معناه التقرب إليه بطاعته وأداء مفترضاته ونوافله، ويكون تقربه سبحانه من عبده واتيانه، والمشي عبارة عن إثابته على طاعته وتقربه من رحمته، ويكون قوله (أتيته هرولة) أي أتاه ثوابي مسرعاً”اهـ (الفتح 13/513)
وقال: “وقد أزال العلماء إشكاله؛ فقال القاضي عياض في الشفاء: إضافة الدنو والقرب إلى الله تعالى، أو من الله؛ ليس دنو مكان، ولا قرب زمان، وإنما هو بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ إبانة لعظيم منزلته، وشريف رتبته، وبالنسبة إلى الله عز وجل؛ تأنيس لنبيه، وإكرام له. ويتأول فيه ما قالوه في حديث (ينزل ربنا إلى السماء)، وكذا في حديث (من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً). وقال غيره: الدنو مجاز عن القرب المعنوي؛ لإظهار عظيم منزلته عند ربه تعالى. والتدلي: طلب زيادة القرب. وقاب قوسين بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ عبارة عن لطف المحل وإيضاح المعرفة، وبالنسبة إلى الله؛ إجابة سؤاله، ورفع درجته “اهـ (الفتح 13/484)
وقال: “وقد نقل القرطبي عن ابن عباس؛ أنه قال: دنا الله سبحانه وتعالى. قال: والمعنى: دنا أمره وحكمه. وأصل التدلي النزول إلى الشيء حتى يقرب منه؛ قال: وقيل تدلى الرفرف لمحمد صلى الله عليه وسلم حتى جلس عليه؛ ثم دنا محمد من ربه. انتهى”اهـ (الفتح 13/484)
وقال: “وإطلاق الفرح في حق الله؛ مجاز عن رضاه”اهـ (الفتح 11/106)
ونقل عن العلائي قوله: “ويتخرج كثير من أحاديث الصفات على الاستعارة التخييلية، وهي أن يشترك شيئان في وصف؛ ثم يعتمد لوازم أحدهما حيث تكون جهة الاشتراك وصفاً؛ فيثبت كماله في المستعار بواسطة شيء آخر؛ فيثبت ذلك للمستعار مبالغة في إثبات المشترك؛ قال: وبالحمل على هذه الاستعارة التخييلية يحصل التخلص من مهاوي التجسم”اهـ (الفتح 13/431)
وقال: “قوله: (يتقرب إلي) التقرب: طلب القرب؛ قال أبو القاسم القشيري: قرب العبد من ربه يقع أولاً بإيمانه؛ ثم بإحسانه. وقرب الرب من عبده؛ ما يخصه به في الدنيا من عرفانه، وفي الآخرة من رضوانه، وفيما بين ذلك من وجوه لطفه، وامتنانه”اهـ (الفتح 11/343)
وقال: “قوله: (أطيب عند الله من ريح المسك) اختلف في كون الخلوف أطيب عند الله من ريح المسك؛ مع أنه سبحانه وتعالى منزه عن استطابة الروائح؛ إذ ذاك من صفات الحيوان، ومع أنه يعلم الشيء على ما هو عليه؛ على أوجه .. “اهـ (الفتح 4/105)
وقال: “والمراد بمحبة الله؛ إرادة الخير للعبد، وحصول الثواب له”اهـ (الفتح 10/462)
وقال: “قوله: (ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى) في رواية ميمون المذكورة (فدنا ربك عز وجل فكان قاب قوسين أو أدنى) قال الخطابي: ليس في هذا الكتاب – يعني صحيح البخاري – حديث أشنع ظاهراً، ولا أشنع مذاقاً من هذا الفصل؛ فإنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الآخر، وتمييز مكان كل واحد منهما؛ هذا إلى ما في التدلي من التشبيه والتمثيل له بالشيء الذي تعلق من فوق إلى أسفل؛ قال: فمن لم يبلغه من هذا الحديث إلا هذا القدر مقطوعاً عن غيره، ولم يعتبره بأول القصة وآخرها؛ اشتبه عليه وجهه ومعناه، وكان قصاراه: إما رد الحديث من أصله، وأما الوقوع في التشبيه، وهما خطتان مرغوب عنهما، وأما من اعتبر أول الحديث بآخره؛ فإنه يزول عنه الإشكال؛ فإنه مصرح فيهما بأنه كان رؤيا؛ لقوله في أوله (وهو نائم) وفي آخره (استيقظ) وبعض الرؤيا مثل يضرب ليتأول على الوجه الذي يجب أن يصرف إليه معنى التعبير في مثله، وبعض الرؤيا لا يحتاج إلى ذلك؛ بل يأتي كالمشاهدة. قلت: وهو كما قال، ولا التفات إلى من تعقب كلامه”اهـ (الفتح 13/483)
وقال: “الحق عند أهل السنة: أن الرؤية لا يشترط لها عقلاً؛ عضو مخصوص، ولا مقابلة، ولا قرب”اهـ (الفتح 1/514)
وقال: “واختلف من أثبت الرؤية في معناها؛ فقال قوم: يحصل للرائي العلم بالله تعالى برؤية العين كما في غيره من المرئيات، وهو على وفق قوله في حديث الباب (كما ترون القمر)؛ إلا أنه منزه عن الجهة والكيفية، وذلك أمر زائد على العلم. وقال بعضهم: إن المراد بالرؤية العلم، وعبر عنها بعضهم؛ بأنها حصول حالة في الإنسان نسبتها إلى ذاته المخصوصة؛ نسبة الإبصار إلى المرئيات. وقال بعضهم: رؤية المؤمن لله نوع كشف وعلم؛ إلا أنه أتم وأوضح من العلم. وهذا أقرب إلى الصواب من الأول. وتعقب الأول؛ بأنه حينئذ لا اختصاص لبعض دون بعض؛ لأن العلم لا يتفاوت. وتعقبه ابن التين بأن الرؤية بمعنى العلم تتعدى لمفعولين؛ تقول: رأيت زيداً فقيهاً؛ أي: علمته؛ فإن قلت: رأيت زيداً منطلقاً؛ لم يفهم منه إلا رؤية البصر، ويزيده تحقيقاً قوله في الخبر (إنكم سترون ربكم عياناً)
لأن اقتران الرؤية بالعيان لا يحتمل أن يكون بمعنى العلم. وقال ابن بطال ذهب أهل السنة وجمهور الأمة إلى جواز رؤية الله في الآخرة، ومنع الخوارج والمعتزلة وبعض المرجئة، وتمسكوا بأن الرؤية توجب كون المرئي محدثاً وحالاً في مكان، وأولوا قوله }نَاظِرَةٌ{ بمنتظرة، وهو خطأ لأنه لا يتعدى بـ إلى. ثم ذكر نحو ما تقدم؛ ثم قال: وما تمسكوا به فاسد لقيام الأدلة على أن الله تعالى موجود، والرؤية في تعلقها بالمرئي؛ بمنزلة العلم في تعلقه بالمعلوم؛ فإذا كان تعلق العلم بالمعلوم لا يوجب حدوثه؛
فكذلك المرئي. قال: وتعلقوا بقوله تعالى }لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ{، وبقوله تعالى لموسى: }لَنْ تَرَانِي{. والجواب عن الأول: أنه لا تدركه الأبصار في الدنيا؛ جمعاً بين دليلي الآيتين، وبأن نفي الإدراك لا يستلزم نفي الرؤية لإمكان رؤية الشيء من غير إحاطة بحقيقته. وعن الثاني: المراد لن تراني في الدنيا جمعاً أيضاً، ولأن نفي الشيء لا يقتضي إحالته؛ مع ما جاء من الأحاديث الثابتة على وفق الآية، وقد تلقاها المسلمون بالقبول من لدن الصحابة والتابعين حتى حدث من أنكر الرؤية وخالف السلف.
وقال القرطبي: اشترط النفاة في الرؤية شروطاً عقلية كالبنية المخصوصة والمقابلة واتصال الأشعة وزوال الموانع كالبعد والحجب في خبط لهم وتحكم، وأهل السنة لا يشترطون شيئاً من ذلك سوى وجود المرئي، وأن الرؤية إدراك يخلقه الله تعالى للرائي فيرى المرئي، وتقترن بها أحوال يجوز تبدلها، والعلم عند الله تعالى”اهـ (الفتح 13/426)
وقال: “وقال البيهقي: سمعت الشيخ الإمام أبا الطيب سهل بن محمد الصعلوكي؛ يقول في إملائه في قوله: (لا تضامون في رؤيته) بالضم والتشديد؛ معناه: لا تجتمعون لرؤيته في جهة، ولا يضم بعضكم إلى بعض. ومعناه بفتح التاء كذلك، والأصل: لا تتضامون في رؤيته باجتماع في جهة، وبالتخفيف من الضيم، ومعناه: لا تظلمون فيه برؤية بعضكم دون بعض؛ فإنكم ترونه في جهاتكم كلها، وهو متعال عن الجهة”اهـ (الفتح 13/427)
وقال: “وقع ذكر اليد في القرآن والحديث مضافاً إلى الله تعالى، واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة التي هي من صفات المحدثات، وأثبتوا ما جاء من ذلك وآمنوا به؛ فمنهم من وقف ولم يتأول، ومنهم من حمل كل لفظ منها على المعنى الذي ظهر له، وهكذا عملوا في جميع ما جاء من أمثال ذلك”اهـ (الفتح 1/208)
وقال: “ويستفاد منه أن التحسين والتقبيح؛ إنما هو بالشرع”اهـ (الفتح 1/514)
وقال: “قوله: (كان الله ولم يكن شيء قبله) تقدم في بدء الخلق بلفظ (ولم يكن شيء غيره) وفي رواية أبي معاوية (كان الله قبل كل شيء) وهو بمعنى (كان الله ولا شيء معه)، وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية”اهـ (الفتح 13/410)
وقال: “وأما العمل: فالمراد به ما هو أعم من عمل القلب والجوارح؛ ليدخل الاعتقاد والعبادات، ومراد من أدخل ذلك في تعريف الإيمان ومن نفاه؛ إنما هو بالنظر إلى ما عند الله تعالى. فالسلف قالوا: هو اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان، وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط في كماله، ومن هنا نشأ لهم القول بالزيادة والنقص كما سيأتي، والمرجئة قالوا: هو اعتقاد ونطق فقط. والكرامية قالوا: هو نطق فقط، والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السلف؛ أنهم جعلوا الأعمال شرطاً في صحته، والسلف جعلوها شرطاً في كماله”اهـ (الفتح 1/46)
وقال: “وتعقبه ابن المنير بأن الإيمان لا يتبعض. وهو كما قال”اهـ (الفتح 8/336)
وقال: ” والإيمان لغة: التصديق. وشرعاً: تصديق الرسول فيما جاء به عن ربه. وهذا القدر متفق عليه؛ ثم وقع الاختلاف؛ هل يشترط مع ذلك مزيد أمر من جهة إبداء هذا التصديق باللسان المعبر عما في القلب؛ إذ التصديق من أفعال القلوب، أو من جهة العمل بما صدق به من ذلك؛ كفعل المأمورات، وترك المنتهيات؛ كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى”اهـ (الفتح 1/46)
وقال: “وقوله في الحديث (إيمان بالله) في جواب أي العمل أفضل؛ دال على أن الاعتقاد والنطق من جملة الأعمال؛ فإن قيل: الحديث يدل على أن الجهاد والحج ليسا من الإيمان لما تقتضيه ثم من المغايرة والترتيب. فالجواب: أن المراد بالإيمان هنا التصديق؛ هذه حقيقته، والإيمان كما تقدم يطلق على الأعمال البدنية لأنها من مكملاته”اهـ (الفتح 1/77)
وقال: “قال الطيبي: هذا يؤذن بأن كل ما قدر قبل ذلك بمقدار شعيرة؛ ثم حبة؛ ثم خردلة؛ ثم ذرة؛ غير الإيمان الذي يعبر به عن التصديق والإقرار؛ بل هو ما يوجد في قلوب المؤمنين من ثمرة الإيمان، وهو على وجهين: أحدهما: ازدياد اليقين وطمأنينة النفس لأن تضافر الأدلة أقوى للمدلول عليه وأثبت لعدمه، والثاني: أن يراد العمل، وأن الإيمان يزيد وينقص بالعمل، وينصر هذا الوجه قوله في حديث أبي سعيد: (لم يعملوا خيرا قط). قال البيضاوي: وقوله (ليس ذلك لك) أي: أنا أفعل ذلك تعظيماً لاسمي وإجلالاً لتوحيدي، وهو مخصص لعموم حديث أبي هريرة الآتي: (أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله مخلصاً). قال: ويحتمل أن يجري على عمومه ويحمل على حال ومقام آخر. قال الطيبي: إذا فسرنا ما يختص بالله بالتصديق المجرد عن الثمرة وما يختص برسوله هو الإيمان مع الثمرة من ازدياد اليقين أو العمل الصالح حصل الجمع”اهـ (الفتح 11/456)
وقال: “قال ابن بطال: وبيان ذلك أن الإيمان هو التصديق؛ غير أن للتصديق معنيين؛ أحدهما: قول، والآخر عمل؛ فإذا ركب المصدق كبيرة فارقه اسم الإيمان؛ فإذا كف عنها عاد له الاسم؛ لأنه في حال كفه عن الكبيرة مجتنب بلسانه، ولسانه مصدق عقد قلبه، وذلك معنى الإيمان. قلت: وهذا القول قد يلاقي ما أشار إليه النووي فيما نقله عن ابن عباس: ينزع منه نور الإيمان؛ لأنه يحمل منه على أن المراد في هذه الأحاديث: نور الإيمان، وهو عبارة عن فائدة التصديق وثمرته، وهو العمل بمقتضاه”اهـ (12/61)
وقال: “وأما الإيمان بمعنى التصديق؛ فلا يحتاج إلى نية كسائر أعمال القلوب من خشية الله وعظمته ومحبته والتقرب إليه؛ لأنها متميزة لله تعالى؛ فلا تحتاج لنية تميزها”اهـ (الفتح 1/135)
وقال: “قوله: (فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) أي: إن ذكرني بالتنزيه والتقديس سراً؛ ذكرته بالثواب والرحمة سراً. وقال ابن أبي جمرة: يحتمل أن يكون مثل قوله تعالى: {اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، ومعناه: اذكروني بالتعظيم أذكركم بالإنعام”اهـ (الفتح 13/386)
وقال: “لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس”اهـ (الفتح 6/136)
وقال: “لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب، ويحتاج إلى تأويل”اهـ (الفتح 1/174)
وقال: “وأما قولهم: إنه منزه عن الحروف، والأصوات. فمرادهم الكلام النفسي القائم بالذات المقدسة؛ فهو من الصفات الموجودة القديمة، وأما الحروف فإن كانت حركات أدوات كاللسان والشفتين؛ فهي أعراض، وإن كانت كتابة؛ فهي أجسام، وقيام الأجسام والأعراض بذات الله تعالى محال، ويلزم من أثبت ذلك؛ أن يقول بخلق القرآن، وهو يأبى ذلك، ويفر منه، فألجأ ذلك بعضهم إلى ادعاء قدم الحروف كما التزمته السالمية، ومنهم من التزم قيام ذلك بذاته. ومن شدة اللبس في هذه المسألة كثر نهي السلف عن الخوض فيها، واكتفوا باعتقاد أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولم يزيدوا على ذلك شيئاً، وهو أسلم الأقوال”اهـ (الفتح 13/493-494)
وقال: “قال ابن بطال: اختلف الناس في الاستواء المذكور هنا؛ فقالت المعتزلة: معناه الاستيلاء بالقهر والغلبة، واحتجوا بقول الشاعر: قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق. وقالت الجسمية: معناه الاستقرار. وقال بعض أهل السنة: معناه ارتفع، وبعضهم معناه: علا، وبعضهم معناه الملك والقدرة، ومنه استوت له الممالك؛ يقال: لمن أطاعه أهل البلاد، وقيل: معنى الاستواء التمام والفراغ من فعل الشيء، ومنه قوله تعالى: (ولما بلغ أشده واستوى) فعلى هذا؛ فمعنى استوى على العرش: أتم الخلق، وخص لفظ العرش لكونه أعظم الأشياء، وقيل: إن (على) في قوله: (على العرش) بمعنى: إلى؛ فالمراد على هذا؛ انتهى إلى العرش”اهـ (الفتح 13/406)
وقال: “قوله: (كتب الله) أي: أمر أن يكتب”اهـ (الفتح 1/99)
وقال: “قوله: (كتب في كتابه) أي: أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ، وقد تقدم في حديث عبادة بن الصامت قريباً؛ فقال للقلم: اكتب. فجرى بما هو كائن. ويحتمل أن يكون المراد بالكتاب: اللفظ الذي قضاه، وهو كقوله تعالى: }كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي{. قوله: (فهو عنده فوق العرش) قيل: معناه: دون العرش، وهو كقوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}. والحامل على هذا التأويل: استبعاد أن يكون شيء من المخلوقات فوق العرش، ولا محذور في إجراء ذلك على ظاهره؛ لأن العرش خلق من خلق الله. ويحتمل أن يكون المراد بقوله:
(فهو عنده) أي ذكره أو علمه؛ فلا تكون العندية مكانية؛ بل هي إشارة إلى كمال كونه مخفياً عن الخلق؛ مرفوعاً عن حيز إدراكهم”اهـ (الفتح 6/291)
وقال: “وأما قوله: (عنده) فقال ابن بطال: عند في اللغة للمكان، والله منزه عن الحلول في المواضع؛ لأن الحلول عرض يفنى، وهو حادث، والحادث لا يليق بالله؛ فعلى هذا قيل معناه: إنه سبق علمه بإثابة من يعمل بطاعته، وعقوبة من يعمل بمعصيته. ويؤيده قوله في الحديث الذي بعده (أنا عند ظن عبدي بي)، ولا مكان هناك قطعاً”اهـ (13/385)
وقال: “وقال الراغب: (عند) لفظ موضوع للقرب، ويستعمل في المكان وهو الأصل، ويستعمل في الاعتقاد؛ تقول: عندي في كذا؛ كذا. أي: أعتقده. ويستعمل في المرتبة، ومنه {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ{. وأما قوله: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ}؛ فمعناه: من حكمك. وقال ابن التين: معنى العندية في هذا الحديث: العلم بأنه موضوع على العرش”اهـ (الفتح 13/385)
وقال: “ثم قال الخطابي: وفي هذا الحديث لفظة أخرى تفرد بها شريك أيضاً؛ لم يذكرها غيره، وهي قوله: (فعلا به – يعني جبريل – إلى الجبار تعالى؛ فقال وهو مكانه: يا رب خفف عنا) قال: والمكان لا يضاف إلى الله تعالى؛ إنما هو مكان النبي صلى الله عليه وسلم في مقامه الأول الذي قام فيه قبل هبوطه. انتهى. وهذا الأخير متعين، وليس في السياق تصريح بإضافة المكان إلى الله تعالى”اهـ (الفتح 13/484)
وقال: “(قوله باب الغيرة) بفتح المعجمة وسكون التحتانية بعدها راء؛ قال عياض وغيره:
هي مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين؛ هذا في حق الآدمي، وأما في حق الله؛ فقال الخطابي: أحسن ما يفسر به؛ ما فسر به في حديث أبي هريرة؛ يعني الآتي في هذا الباب، وهو قوله: (وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه) قال عياض: ويحتمل أن تكون الغيرة في حق الله الإشارة إلى تغير حال فاعل ذلك، وقيل: الغيرة في الأصل الحمية والأنفة وهو تفسير بلازم التغير فيرجع إلى الغضب، وقد نسب سبحانه وتعالى إلى نفسه في كتابه الغضب والرضا. وقال ابن العربي: التغير محال على الله بالدلالة القطعية فيجب تأويله بلازمه؛ كالوعيد، أو إيقاع العقوبة بالفاعل، ونحو ذلك”اهـ (الفتح 9/320-321)
وقال: “وقيل: غيرة الله: كراهة إتيان الفواحش؛ أي عدم رضاه بها؛ لا التقدير. وقيل: الغضب: لازم الغيرة. ولازم الغضب: إرادة إيصال العقوبة”اهـ (13/384-385)
وقال: “وقال ابن دقيق العيد: المنزهون لله؛ إما ساكت عن التأويل، وإما مؤول، والثاني يقول: المراد بالغيرة: المنع من الشيء والحماية، وهما من لوازم الغيرة؛ فأطلقت على سبيل المجاز؛ كالملازمة وغيرها من الأوجه الشائعة في لسان العرب”اهـ (الفتح 13/399)
وقال: “لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح؛ لما في ذلك من مشابهة المخلوقين؛ تعالى الله عن ذلك”اهـ (الفتح 8/664)
وقال: “قوله: (يضحك الله إلى رجلين) .. قال ابن الجوزي: أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا، ويمرونه كما جاء، وينبغي أن يراعى في مثل هذا الإمرار؛ اعتقاد أنه لا تشبه صفات الله صفات الخلق، ومعنى الإمرار: عدم العلم بالمراد منه مع اعتقاد التنزيه”اهـ (الفتح 6/40)
وقال: “قوله: (أغير) أفعل تفضيل من الغيرة؛ بفتح الغين المعجمة، وهي في اللغة: تغير يحصل من الحمية والأنفة، وأصلها في الزوجين والأهلين. وكل ذلك محال على الله تعالى؛ لأنه منزه عن كل تغير ونقص؛ فيتعين حمله على المجاز”اهـ (الفتح 2/530-531)
وقال: “قال ابن التين: معناه؛ أن ثوابها أعظم من غيرها، واستدل به على جواز تفضيل بعض القرآن على بعض، وقد منع ذلك الأشعري وجماعة؛ لأن المفضول ناقص عن درجة الأفضل، وأسماء الله وصفاته وكلامه لا نقص فيها.
وأجابوا عن ذلك؛ بأن معنى التفاضل: أن ثواب بعضه أعظم من ثواب بعض؛ فالتفضيل إنما هو من حيث المعاني؛ لا من حيث الصفة”اهـ (الفتح 8/158)
وقال: “قال ابن التين: الرحمن والرحيم؛ مشتقان من الرحمة. وقيل: هما اسمان من غير اشتقاق. وقيل: يرجعان إلى معنى الإرادة؛ فرحمته: إرادته تنعيم من يرحمه. وقيل: راجعان إلى تركه عقاب من يستحق العقوبة”اهـ (الفتح 11/358)
وقال: “قوله: (الرحمن الرحيم) اسمان من الرحمة؛ أي مشتقان من الرحمة، والرحمة لغة: الرقة والانعطاف، وعلى هذا فوصفه به تعالى؛ مجاز عن إنعامه على عباده”اهـ (الفتح 8/155)
وقال: “قال ابن بطال: غرضه في هذا الباب؛ إثبات الرحمة، وهي من صفات الذات؛ فالرحمن وصف وصف الله تعالى به نفسه، وهو متضمن لمعنى الرحمة؛ كما تضمن وصفه بأنه عالم معنى العلم؛ إلى غير ذلك. قال: والمراد برحمته: إرادته نفع من سبق في علمه أنه ينفعه .. وأما الرحمة التي جعلها في قلوب عباده؛ فهي من صفات الفعل؛ وصفها بأنه خلقها في قلوب عباده، وهي رقة على المرحوم، وهو سبحانه وتعالى منزه عن الوصف بذلك؛ فتتأول بما يليق به”اهـ (الفتح 13/358)
وقال: “قوله عن الأعرج في رواية السراج من طريق شعيب عن أبي الزناد سمع الأعرج قوله: (والذي نفسي بيده) هو قسم كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقسم به. والمعنى: أن أمر نفوس العباد بيد الله؛ أي: بتقديره، وتدبيره”اهـ (الفتح 2/129)
وقال: “وقوله: (يقول الله يا آدم) في رواية التفسير: (يقول الله يوم القيامة يا آدم) قوله: (فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار) هذا آخر ما أورد منه من هذه الطريق، وقد أخرجه بتمامه في تفسير سورة الحج بالسند المذكور هنا، ووقع (فينادي) مضبوطا للأكثر بكسر الدال، وفي رواية أبي ذر بفتحها على البناء للمجهول، ولا محذور في رواية الجمهور؛ فإن قرينة قوله (إن الله يأمرك) تدل ظاهراً على أن المنادي ملك يأمره الله بأن ينادي بذلك”اهـ (الفتح 13/460)
وقال: “قوله: (باب: تحاج آدم وموسى عند الله) .. عندية اختصاص وتشريف؛ لا عندية مكان”اهـ (الفتح 11/505)
وقال: “وإضافة الله خلق آدم إلى يده في الآية؛ إضافة تشريف”اهـ (الفتح 11/507)
وقال: “قال السهيلي: قوله: (من فوق سبع سماوات) معناه: أن الحكم نزل من فوق. قال: ومثله قول زينب بنت جحش: زوجني الله من نبيه من فوق سبع سماوات. أي: نزل تزويجها من فوق. قال: ولا يستحيل وصفه تعالى بالفوق على المعنى الذي يليق بجلاله؛ لا على المعنى الذي يسبق إلى الوهم من التحديد الذي يفضي إلى التشبيه”اهـ (الفتح 7/412-413)
وقال: “ونسبة الضحك والتعجب إلى الله مجازية، والمراد بهما: الرضا بصنيعهما”اهـ (الفتح 7/120)
وقال: “ومع ذلك: فمعتقد سلف الأئمة، وعلماء السنة من الخلف؛ أن الله منزه عن الحركة، والتحول”اهـ (الفتح 7/124)
وقال: “وفيه أنه يغتفر للشخص في بعض الأحوال ما لا يغتفر في بعض؛ كحالة الغضب والأسف، وخصوصاً ممن طبع على حدة الخلق، وشدة الغضب؛ فإن موسى عليه السلام؛ لما غلبت عليه حالة الإنكار في المناظرة؛ خاطب آدم مع كونه والده؛ باسمه مجرداً، وخاطبه بأشياء لم يكن ليخاطب بها في غير تلك الحالة، ومع ذلك فأقره على ذلك، وعدل إلى معارضته فيما أبداه من الحجة في دفع شبهته”اهـ (الفتح 11/512)
وقال: “وتوسط أهل السنة؛ فمنهم من قال: أصل الفعل خلقه الله، وللعبد قدرة غير مؤثرة في المقدور. وأثبت بعضهم أن لها تأثيراً؛ لكنه يسمى كسباً، وبسط أدلتهم يطول”اهـ (الفتح 11/490)
ونقل عن الكرماني قوله: “والمذهب الحق: أن لا جبر، ولا قدر؛ بل أمر بين أمرين؛ فإن قيل: لا يخلو أن يكون فعل العبد بقدرة منه أو لا؛ إذ لا واسطة بين النفي والإثبات؛ فعلى الأول يثبت القدر الذي تدعيه المعتزلة، وإلا ثبت الجبر الذي هو قول الجهمية؛ فالجواب أن يقال: بل للعبد قدرة يفرق بها بين النازل من المنارة، والساقط منها، ولكن لا تأثير لها؛ بل فعله ذلك واقع بقدرة الله تعالى؛ فتأثير قدرته فيه بعد قدرة العبد عليه، وهذا هو المسمى بالكسب”اهـ (الفتح 13/491-492)
وقال: “قوله: (لا ينظر الله) أي: لا يرحمه؛ فالنظر إذا أضيف إلى الله كان مجازاً، وإذا أضيف إلى المخلوق كان كناية، ويحتمل أن يكون المراد: لا ينظر الله إليه نظر رحمة”اهـ (الفتح 10/258)
وقال: “ويؤيد ما ذكر من حمل النظر على الرحمة أو المقت؛ ما أخرجه الطبراني، وأصله في أبي داود؛ من حديث أبي جري: إن رجلاً ممن كان قبلكم لبس بردة فتبختر فيها؛ فنظر الله إليه فمقته؛ فأمر الأرض فأخذته”اهـ (الفتح 10/259)
وقال: “قوله: (ولا ينظر الله إليه) قال في الكشاف: هو كناية عن عدم الإحسان إليه عند من يجوز عليه النظر؛ مجاز عند من لا يجوزه”اهـ (الفتح 11/562)
وقال: “ومعنى كشف الساق: زوال الخوف، والهول”اهـ (الفتح 11/451)
وقال: “قال ابن بطال: أجمعت الأمة على أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه شخص؛ لأن التوقيف لم يرد به”اهـ (الفتح 13/400)
وقال: “ثم قال ابن فورك: وإنما منعنا من إطلاق لفظ الشخص؛ أمور: أحدها .. انتهى. وطعن الخطابي ومن تبعه؛ في السند؛ مبني على تفرد عبيدالله بن عمرو به، وليس كذلك كما تقدم، وكلامه ظاهر في أنه لم يراجع صحيح مسلم، ولا غيره من الكتب التي وقع فيها هذا اللفظ من غير رواية عبيدالله بن عمرو. ورد الروايات الصحيحة، والطعن في أئمة الحديث الضابطين؛ مع إمكان توجيه ما رووا؛ من الأمور التي أقدم عليها كثير من غير أهل الحديث .. ومن ثم قال الكرماني: لا حاجة لتخطئة الرواة الثقات؛ بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات؛ إما التفويض، وإما التأويل”اهـ (الفتح 13/401)
وقال: “تنبيه: لم يفصح المصنف بإطلاق الشخص على الله؛ بل أورد ذلك على طريق الاحتمال”اهـ (الفتح 13/402)
وقال: “معنى (لا ينظر إليهم) يعرض عنهم، ومعنى نظره لعباده: رحمته لهم، ولطفه بهم”اهـ (الفتح 13/203)
وقال: “وقال ابن الصلاح: هو حي عند جمهور العلماء، والعامة معهم في ذلك، وإنما شذ بإنكاره بعض المحدثين. وتبعه النووي وزاد: أن ذلك متفق عليه بين الصوفية وأهل الصلاح، وحكاياتهم في رؤيته, والاجتماع به؛ أكثر من أن تحصر. انتهى”اهـ (الفتح 6/434)
وقال: “والقول في الخضر إن كان حياً؛ كالقول في عيسى، والله أعلم”اهـ (الفتح 2/75)
وقال: “وقال ابن رشيد: يحتمل أن يكون أراد بالترجمة الاستدلال بطريق الأولى؛ لأنهم إذا كانوا يسألون الله به فيسقيهم؛ فأحرى أن يقدموه للسؤال. انتهى، وهو حسن”اهـ (الفتح 2/495)
وقال: “ويستفاد من قصة العباس: استحباب الاستشفاع بأهل الخير، والصلاح، وأهل بيت النبوة”اهـ (الفتح 2/497)
وقال: “وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح؛ من رواية أبي صالح السمان؛ عن مالك الداري، وكان خازن عمر؛ قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر؛ فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا. فأتى الرجل في المنام؛ فقيل له: ائت عمر. الحديث. وقد روى سيف في الفتوح؛ أن الذي رأى المنام المذكور؛ هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة. وظهر بهذا كله مناسبة الترجمة لأصل هذه القصة أيضاً”اهـ (الفتح 2/495-496)
وقال: “وقال البيضاوي: لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوها أوثاناً؛ لعنهم ومنع المسلمين عن مثل ذلك؛ فأما من اتخذ مسجداً في جوار صالح، وقصد التبرك بالقرب منه؛ لا التعظيم له، ولا التوجه نحوه؛ فلا يدخل في ذلك الوعيد”اهـ (الفتح 1/525)
وقال: “قال بعض المحققين: قوله (إلا إلى ثلاثة مساجد) المستثنى منه محذوف؛ فإما أن يقدر عاماً؛ فيصير: لا تشد الرحال إلى مكان في أي أمر كان إلا إلى الثلاثة، أو أخص من ذلك. لا سبيل إلى الأول لإفضائه إلى سد باب السفر للتجارة وصلة الرحم وطلب العلم وغيرها؛ فتعين الثاني. والأولى أن يقدر ما هو أكثر مناسبة، وهو: لا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه إلا إلى الثلاثة؛ فيبطل بذلك قول من منع شد الرحال إلى زيارة القبر الشريف وغيره من قبور الصالحين”اهـ (الفتح 3/66)
وقال: “واختلف في شد الرحال إلى غيرها؛ كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياء وأمواتاً، وإلى المواضع الفاضلة لقصد التبرك بها، والصلاة فيها”اهـ (الفتح 3/65)
وقال: “وفيه طهارة النخامة والشعر المنفصل والتبرك بفضلات الصالحين الطاهرة”اهـ (الفتح 5/341)
وقال: “فهو حجة في التبرك بآثار الصالحين”اهـ (الفتح 1/569)
وقال: “وهو أصل في التبرك بآثار الصالحين”اهـ (الفتح 3/129-130)
وقال: “وفيه استعمال آثار الصالحين ولباس ملابسهم على جهة التبرك، والتيمن بها”اهـ (الفتح 10/330)
وقال: “وفي الحديث: التبرك بالرجل الصالح، وسائر أعضائه، وخصوصاً اليد اليمنى”اهـ (الفتح 10/198)
وقال: “وفي هذه الأحاديث: جواز تقبيل الميت تعظيماً، وتبركاً”اهـ (الفتح 3/115)
وقال: “ويستفاد منه: أن من دعي من الصالحين ليتبرك به؛ أنه يجيب إذا أمن الفتنة”اهـ (الفتح 1/522)
وقال: “وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم؛ جواز استحضار ذوي الفضل للمحتضر؛ لرجاء بركتهم، ودعائهم”اهـ (الفتح 3/158)
وقال: “ويؤخذ منه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين؛ تبركاً بهم”اهـ (الفتح 6/353)
وقال: “لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم، والصلاة في مسجده، والتبرك بمشاهدة آثاره، وآثار أصحابه”اهـ (الفتح 4/94)
وقال: “والحاصل: أنهم الزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنكرنا صورة ذلك، وفي شرح ذلك من الطرفين طول، وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية”اهـ (الفتح 3/66)
وقال: “افترق الناس فيه – أي ابن تيمية – شيعاً؛ فمنهم من نسبه إلى التجسيم؛ لما ذكر في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك؛ كقوله: إن اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقية لله، وأنه مستو على العرش بذاته ..”اهـ (الدرر الكامنة 1/180-181)
وقال: “وتعصب سلار لابن تيمية، وأحضر القضاة الثلاثة: الشافعي والمالكي والحنفي، وتكلم معهم في إخراجه؛ فاتفقوا على أنهم يشترطون فيه شروطاً، وأن يرجع عن بعض العقيدة؛ فأرسلوا إليه مرات فامتنع من الحضور إليهم، واستمر ولم يزل ابن تيمية في الجب إلى أن شفع فيه مهنا أمير آل فضل؛ فأخرج في ربيع الأول في الثالث وعشرين منه، وأحضر إلى القلعة، ووقع البحث مع بعض الفقهاء؛ فكتب عليه محضر بأنه قال: أنا أشعري. ثم وجد خطه بما نصه: (الذي اعتقد أن القرآن معنى قائم بذات الله، وهو صفة من صفات ذاته القديمة، وهو غير مخلوق، وليس بحرف ولا صوت، وأن قوله: {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى}؛ ليس على ظاهره، ولا أعلم كنه المراد به؛ بل لا يعلمه إلا الله، والقول في النزول كالقول في الاستواء. وكتبه أحمد بن تيمية. ثم أشهدوا عليه أنه تاب مما ينافي ذلك مختاراً، وذلك في خامس عشر ربيع الأول سنة 707 وشهد عليه بذلك جمع جم من العلماء وغيرهم، وسكن الحال، وأفرج عنه، وسكن القاهرة؛ ثم اجتمع جمع من الصوفية عند تاج الدين بن عطاء؛ فطلعوا في العشر الأوسط من شوال إلى القلعة، وشكوا من ابن تيمية؛ أنه يتكلم في حق مشايخ الطريق، وأنه قال: لا يستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فاقتضى الحال أن أمر بتسييره إلى الشام .. “اهـ (الدرر الكامنة 1/172-173)
وقال: “وكان لتعصبه لمذهب الحنابلة يقع في الأشاعرة؛ حتى أنه سب الغزالي”اهـ (الدرر الكامنة 1/179)
وأثنى على الزنديق المدعو بابن المطهر الحلي؛ الرافضي الذي لم يترك صحابياً إلا وثلبه؛ فقال: “عالم الشيعة وإمامهم ومصنفهم، وكان آية في الذكاء؛ شرح مختصر ابن الحاجب شرحاً جيداً سهل المأخذ؛ غاية في الإيضاح، واشتهرت تصانيفه في حياته، وهو الذي رد عليه الشيخ تقي الدين ابن تيمية في كتابه المعروف بالرد على الرافضي، وكان ابن المطهر مشتهر الذكر، وحسن الأخلاق، ولما بلغه بعض كتاب ابن تيمية، قال: لو كان يفهم ما أقول؛ أجبته”اهـ (لسان الميزان 1295)
وقال: “قوله: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا) استدل به من أثبت الجهة، وقال: هي جهة العلو. وأنكر ذلك الجمهور؛ لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز؛ تعالى الله عن ذلك، وقد اختلف في معنى النزول على أقوال؛ فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته، وهم المشبهة تعالى الله عن قولهم”اهـ (الفتح 3/30)
وقال: “وأما نسبة الإتيان إلى الله تعالى؛ فقيل: هو عبارة عن رؤيتهم إياه؛ لأن العادة أن كل من غاب عن غيره لا يمكن رؤيته إلا بالمجيء إليه؛ فعبر عن الرؤية بالإتيان مجازاً”اهـ (الفتح 11/450)
وقال: “وقيل: الإتيان فعل من أفعال الله تعالى يجب الإيمان به مع تنزيهه سبحانه وتعالى عن سمات الحدوث، وقيل: فيه حذف تقديره (يأتيهم بعض ملائكة الله) ورجحه عياض؛ قال: ولعل هذا الملك جاءهم في صورة أنكروها لما رأوا فيها من سمة الحدوث الظاهرة على الملك؛ لأنه مخلوق. قال: ويحتمل وجهاً رابعاً، وهو أن المعنى: يأتيهم الله بصورة؛ أي بصفة تظهر لهم من الصور المخلوقة التي لا تشبه صفة الإله ليختبرهم بذلك؛ فإذا قال لهم هذا الملك: أنا ربكم، ورأوا عليه من علامة المخلوقين ما يعلمون به أنه ليس ربهم؛ استعاذوا منه لذلك. انتهى. وقد وقع في رواية العلاء بن عبدالرحمن المشار إليها (فيطلع عليهم رب العالمين) وهو يقوي الاحتمال الأول. قال: وأما قوله بعد ذلك (فيأتيهم الله في صورته التي يعرفونها) فالمراد بذلك الصفة، والمعنى: فيتجلى الله لهم بالصفة التي يعلمونه بها، وإنما عرفوه بالصفة وإن لم تكن تقدمت لهم رؤيته؛ لأنهم يرون حينئذ شيئاً لا يشبه المخلوقين، وقد علموا أنه لا يشبه شيئاً من مخلوقاته؛ فيعلمون أنه ربهم؛ فيقولون: أنت ربنا. وعبر عن الصفة بالصورة؛ لمجانسة الكلام لتقدم ذكر الصورة”اهـ (الفتح 11/450)
ونقل عن ابن فورك؛ قوله: “يحتمل أن يكون المراد بالإصبع؛ إصبع بعض المخلوقات، وما ورد في بعض طرقه (أصابع الرحمن)؛ يدل على القدرة، والملك”اهـ (الفتح 8/551)
وقال: “وقال الخطابي: لم يقع ذكر الإصبع في القرآن، ولا في حديث مقطوع به. وقد تقرر أن اليد ليست بجارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت الأصابع؛ بل هو توقيف أطلقه الشارع؛ فلا يكيف ولا يشبه، ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي؛ فإن اليهود مشبهة، وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه، ولا تدخل في مذاهب المسلمين، وأما ضحكه صلى الله عليه وسلم من قول الحبر؛ فيحتمل الرضا والإنكار، وأما قول الراوي (تصديقاً له) فظن منه، وحسبان”اهـ (الفتح 13/398)
وقال: “وقال القرطبي في المفهم: قوله: (إن الله يمسك) إلى آخر الحديث؛ هذا كله قول اليهودي، وهم يعتقدون التجسيم، وأن الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الأمة. وضحك النبي صلى الله عليه وسلم؛ إنما هو للتعجب من جهل اليهودي، ولهذا قرأ عند ذلك: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}؛ أي: ما عرفوه حق معرفته، ولا عظموه حق تعظيمه. فهذه الرواية هي الصحيحة المحققة، وأما من زاد (وتصديقاً له) فليست بشيء؛ فإنها من قول الراوي، وهي باطلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال،
وهذه الأوصاف في حق الله محال؛ إذ لو كان ذا يد وأصابع وجوارح كان كواحد منا؛ فكان يجب له من الافتقار والحدوث والنقص والعجز ما يجب لنا، ولو كان كذلك لاستحال أن يكون إلهاً؛ إذ لو جازت الإلهية لمن هذه صفته لصحت للدجال وهو محال؛ فالمفضي إليه كذب؛ فقول اليهودي كذب ومحال، ولذلك أنزل الله في الرد عليه {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، وإنما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من جهله؛ فظن الراوي أن ذلك التعجب تصديق، وليس كذلك. فإن قيل: قد صح حديث (إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن) فالجواب: أنه إذا جاءنا مثل هذا في الكلام الصادق؛ تأولناه، أو توقفنا فيه إلى أن يتبين وجهه؛ مع القطع باستحالة ظاهره”اهـ (الفتح 13/398)
ونقل عن الكرماني؛ قوله: “النزول محال على الله؛ لأن حقيقته الحركة من جهة العلو إلى السفل، وقد دلت البراهين القاطعة على تنزيهه على ذلك؛ فليتأول ذلك بأن المراد: نزول ملك الرحمة ونحوه، أو يفوض مع اعتقاد التنزيه”اهـ (الفتح 11/129)
وقال: “قوله: (يتنزل ربنا) .. وقد تقدم شرحه في كتاب التهجد .. وترجم له في الدعوات .. وتقدم هناك مناسبة الترجمة لحديث الباب .. والغرض منه هنا؛ قوله: (فيقول: من يدعوني) إلى آخره، وهو ظاهر في المراد؛ سواء كان المنادي به ملكاً بأمره،
أو لا .. وقد عقد شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي في كتابه الفاروق؛ باباً لهذا الحديث، وأورده من طرق كثيرة؛ ثم ذكره من طرق زعم أنها لا تقبل التأويل؛ مثل حديث .. وفيه: (فإذا طلع الفجر صعد إلى العرش) .. فهذه الطرق كلها ضعيفة، وعلى تقدير ثبوتها؛ لا يقبل قوله: إنها لا تقبل التأويل. فإن محصلها ذكر الصعود بعد النزول؛ فكما قبل النزول التأويل؛ لا يمنع قبول الصعود التأويل. والتسليم أسلم كما تقدم، والله أعلم”اهـ (الفتح 13/468)
وقال: “قال حذاق المتكلمين: ما عرف الله من شبهه بخلقه، أو أضاف إليه اليد، أو أضاف إليه الولد”اهـ (الفتح 3/359)
وقال: “قال ابن بطال: لا تعلق للمجسمة في إثبات المكان لما ثبت من استحالة أن يكون سبحانه جسماً أو حالاً في مكان؛ فيكون تأويل الرداء الآفة الموجودة لأبصارهم المانعة لهم من رؤيته، وإزالتها فعل من أفعاله يفعله في محل رؤيتهم؛ فلا يرونه ما دام ذلك المانع موجوداً؛ فإذا فعل الرؤية زال ذلك المانع وسماه رداء لتنزله في المنع منزلة الرداء الذي يحجب الوجه عن رؤيته؛ فأطلق عليه الرداء مجازاً”اهـ (الفتح 13/433)
وقال: “قوله: (بنى الله) إسناد البناء إلى الله؛ مجاز”اهـ (الفتح 1/546)
وقال: “قوله: (فيسبق عليه الكتاب) وفيه من البحث ما تقدم في الذي قبله. ونقل ابن التين عن الداودي؛ أنه قال: في هذا الحديث رد على من قال: إن الله لم يزل متكلماً بجميع كلامه؛ لقوله: (فيؤمر بأربع كلمات) لأن الأمر بالكلمات إنما يقع عند التخليق، وكذا قوله: (ثم ينفخ فيه الروح)، وهو إنما يقع بقوله (كن) وهو من كلامه سبحانه. قال:
ويرد قول من قال: إنه لو شاء لعذب أهل الطاعة. ووجه الرد؛ أنه ليس من صفة الحكيم أن يتبدل علمه، وقد علم في الأزل من يرحم، ومن يعذب. وتعقبه ابن التين بأنهما كلام أهل السنة، ولم يحتج لهم. ووجه الرد على ما ادعاه الداودي: أما الأول؛ فالآمر إنما هو الملك، ويحمل على أنه يتلقاه من اللوح المحفوظ، وأما الثاني؛ فالمراد لو قدر ذلك في الأزل لوقع. فلا يلزم ما قال”اهـ (الفتح 13/441)
ونقل عن ابن بطال؛ قوله: “وفي الحديث: إثبات اليمين صفة لله تعالى من صفات ذاته، وليست جارحة؛ خلافاً للمجسمة”اهـ (الفتح 13/368)
ونقل عن المهلب؛ قوله: “معاذ الله أن يكون لله جارحة”اهـ (الفتح 3/463)
وقال: “قال ابن أبي جمرة: الوصل من الله؛ كناية عن عظيم إحسانه، وإنما خاطب الناس بما يفهمون، ولما كان أعظم ما يعطيه المحبوب لمحبه الوصال، وهو القرب منه، وإسعافه بما يريد، ومساعدته على ما يرضيه، وكانت حقيقة ذلك مستحيلة في حق الله تعالى؛ عرف أن ذلك كناية عن عظيم إحسانه لعبده. قال: وكذا القول في القطع؛ هو كناية عن حرمان الإحسان”اهـ (الفتح 10/418)
وقال: “والمراد باليد هنا: القدرة”اهـ (الفتح 1/352)
وقال: “والبدعة أصلها؛ ما أحدث على غير مثال سابق، وتطلق في الشرع في مقابل السنة؛ فتكون مذمومة. والتحقيق: أنها إن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع؛ فهي حسنة، وأن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع؛ فهي مستقبحة، وإلا فهي من قسم المباح، وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة”اهـ (الفتح 4/253)
وقال: “وقسم بعض العلماء البدعة إلى الأحكام الخمسة، وهو واضح”اهـ (الفتح 13/253)
وقال: “وقال القرطبي: أصل (الأذن) بفتحتين: أن المستمع يميل بأذنه إلى جهة من يسمعه، وهذا المعنى في حق الله لا يراد به ظاهره، وإنما هو على سبيل التوسع على ما جرى به عرف المخاطب، والمراد به في حق الله تعالى: إكرام القارئ، وإجزال ثوابه؛ لأن ذلك ثمرة الإصغاء”اهـ (الفتح 9/69)
وقال: “قال ابن بطال: غرض البخاري الفرق بين وصف كلام الله تعالى بأنه مخلوق، وبين وصفه بأنه محدث؛ فأحال وصفه بالخلق، وأجاز وصفه بالحدث اعتماداً على الآية، وهذا قول بعض المعتزلة وأهل الظاهر، وهو خطأ؛ لأن الذكر الموصوف في الآية بالإحداث؛ ليس هو نفس كلامه تعالى؛ لقيام الدليل على أن محدثاً ومنشأً ومخترعاً ومخلوقاً؛ ألفاظ مترادفة على معنى واحد؛
فإذا لم يجز وصف كلامه القائم بذاته تعالى؛ بأنه مخلوق؛ لم يجز وصفه بأنه محدث، وإذا كان كذلك؛ فالذكر الموصوف في الآية بأنه محدث؛ هو الرسول لأن الله تعالى قد سماه في قوله تعالى: }قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا{؛ فيكون المعنى: ما يأتيهم من رسول محدث. ويحتمل أن يكون المراد بالذكر هنا؛ وعظ الرسول إياهم، وتحذيره من المعاصي؛ فسماه ذكراً، وأضافه إليه؛ إذ هو فاعله، ومقدر رسوله على اكتسابه. وقال بعضهم في هذه الآية؛ أن مرجع الأحداث إلى الإتيان؛ لا إلى الذكر القديم؛ لأن نزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شيئاً بعد شيء؛ فكان نزوله يحدث حيناً بعد حين؛ كما أن العالم يعلم ما لا يعلمه الجاهل؛ فإذا علمه
الجاهل حدث عنده العلم، ولم يكن إحداثه عند التعلم إحداث عين المعلم. قلت: والاحتمال الأخير أقرب إلى مراد البخاري؛ لما قدمت قبل أن مبنى هذه التراجم عنده على إثبات أن أفعال العباد مخلوقة، ومراده هنا: الحدث بالنسبة للإنزال، وبذلك جزم ابن المنير، ومن تبعه “اهـ (الفتح 13/497)
وقال: “وقال ابن المنير: قيل: ويحتمل أن يكون مراده؛ حمل لفظ (محدث) على الحديث؛ فمعنى ذكر (محدث) أي: متحدث به”اهـ (الفتح 13/497)
وقال: “قال ابن التين أيضاً: هذا من الداودي عظيم؛ لأنه يلزم منه أن يكون الله تعالى متكلماً بكلام حادث؛ فتحل فيه الحوادث؛ تعالى الله عن ذلك. وإنما المراد بـ (أنزل): أن الإنزال هو المحدث؛ ليس أن الكلام القديم نزل الآن. انتهى. وهذا مراد البخاري”اهـ (الفتح 12/498)
وقال: “وما استعظمه من كلام الداودي؛ هو بحسب ما تخيله، وإلا فالذي يظهر: أن مراد الداودي؛ أن القرآن هو الكلام القديم الذي هو من صفات الله تعالى، وهو غير محدث، وإنما يطلق الحدث بالنسبة إلى إنزاله إلى المكلفين”اهـ (الفتح 13/398)
وقال: “والمراد بالمناجاة من قبل العبد: حقيقة النجوى، ومن قبل الرب: لازم ذلك؛ فيكون مجازاً. والمعنى: إقباله عليه بالرحمة، والرضوان”اهـ (الفتح 1/508)
وقال: “واختلف في الضمير على من يعود؛ فالأكثر على أنه يعود على المضروب؛ لما تقدم من الأمر بإكرام وجهه، ولولا أن المراد التعليل بذلك؛ لم يكن لهذه الجملة ارتباط بما قبلها”اهـ (الفتح 5/183)
وقال: “وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد، وأحمد؛ من طريق بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعاً: (لا تقولن قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته) وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك”اهـ (الفتح 5/183)
وقال: “وهذه الرواية تؤيد قول من قال: إن الضمير لآدم، والمعنى: أن الله تعالى أوجده على الهيئة التي خلقه عليها”اهـ (الفتح 6/366)
وقال: “واختلف المعربون في (لا) فقيل: زائدة. وإلى هذا يشير كلام أبي عبيدة، وتعقب بأنها لا تزاد إلا في أثناء الكلام. وأجيب: بأن القرآن كله كالكلام الواحد”اهـ (الفتح 8/383)
وقال: “قوله: (خلق الله آدم على صورته) تقدم بيانه في بدء الخلق، واختلف إلى ماذا يعود الضمير؟ فقيل: إلى آدم؛ أي خلقه على صورته التي استمر عليها إلى أن أهبط وإلى أن مات؛ دفعاً لتوهم من يظن أنه لما كان في الجنة كان على صفة أخرى، أو ابتدأ خلقه كما وجد؛ لم ينتقل في النشأة كما ينتقل ولده من حالة إلى حالة. وقيل: للرد على الدهرية؛ أنه لم يكن إنسان إلا من نطفة، ولا تكون نطفة إنسان إلا من إنسان، ولا أول لذلك؛ فبين أنه خلق من أول الأمر على هذه الصورة. وقيل: للرد على الطبائعيين الزاعمين أن الإنسان قد يكون من فعل الطبع وتأثيره. وقيل: للرد على القدرية الزاعمين أن الإنسان يخلق فعل نفسه. وقيل: إن لهذا الحديث سبباً حذف من هذه الرواية، وأن أوله قصة الذي ضرب عبده؛ فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال له: إن الله خلق آدم على صورته. وقد تقدم بيان ذلك في كتاب العتق. وقيل: الضمير لله، وتمسك قائل ذلك بما ورد في بعض طرقه (على صورة الرحمن) والمراد بالصورة: الصفة، والمعنى أن الله خلقه على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر، وغير ذلك”اهـ (الفتح 11/3)
وقال: “وقوله فيه: (فيأتيهم الله في صورة) استدل ابن قتيبة بذكر الصورة على أن لله صورة لا كالصور؛ كما ثبت أنه شيء لا كالأشياء. وتعقبوه. وقال ابن بطال: تمسك به المجسمة؛ فأثبتوا لله صورة، ولا حجة لهم فيه؛ لاحتمال أن يكون بمعنى العلامة وضعها الله لهم دليلاً على معرفته؛ كما يسمى الدليل والعلامة: صورة، وكما تقول: صورة حديثك كذا، وصورة الأمر كذا، والحديث والأمر لا صورة لهما حقيقة. وأجاز غيره أن المراد بالصورة: الصفة، وإليه ميل البيهقي. ونقل ابن التين أن معناه: صورة الاعتقاد. وأجاز الخطابي أن يكون الكلام خرج على وجه المشاكلة”اهـ (الفتح 13/427)
وقال: “وقال غيره: دلت الآية على أن المراد بالترجمة: الذات المقدسة، ولو كانت صفة من صفات الفعل لشملها الهلاك كما شمل غيرها من الصفات”اهـ (الفتح 13/389)
وقال: “وقال الكرماني: قيل: المراد بالوجه في الآية والحديث: الذات، أو الوجود، أو لفظه زائد، أو الوجه الذي لا كالوجوه؛ لاستحالة حمله على العضو المعروف؛ فتعين التأويل، أو التفويض. وقال البيهقي: تكرر ذكر الوجه في القرآن والسنة الصحيحة، وهو في بعضها: صفة ذات .. وفي بعضها بمعنى: من أجل .. وفي بعضها بمعنى: الرضا .. وليس المراد الجارحة جزماً”اهـ (الفتح 13/389)
وقال: “قوله: (وقوله تعالى: }تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا{؛ أي بعلمنا .. قال الراغب: العين: الجارحة، ويقال للحافظ للشيء المراعي له: عين. ومنه: فلان بعيني؛ أي أحفظه. ومنه قوله تعالى: }وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا{؛ أي: نحن نراك ونحفظك. ومثله: }تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا{؛ وقوله: }وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي{؛ أي: بحفظي. قال: وتستعار العين لمعان أخرى كثيرة. وقال ابن بطال: احتجت المجسمة بهذا الحديث، وقالوا في قوله: (وأشار بيده إلى عينه) دلالة على أن عينه كسائر الأعين. وتعقب باستحالة الجسمية عليه؛ لأن الجسم حادث وهو قديم؛ فدل على أن المراد نفي النقص عنه”اهـ (الفتح 13/389-390)
وقال عن قصة الغرانيق: “كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلاً .. وقد تجرأ أبو بكر ابن العربي كعادته؛ فقال: ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها. وهو إطلاق مردود عليه. وكذا قول عياض: هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل؛ مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده. وكذا قوله: ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين؛ لم يسندها أحد منهم، ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة واهية .. وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد؛ فإن الطرق إذا كثرت، وتباينت مخارجها؛ دل ذلك على أن لها أصلاً”اهـ (الفتح 8/439)
وقال: “والمراد بالوجه: الذات، والعرب تعبر بالأشرف عن الجملة، ويحتمل أن يراد بالوجه: ما يعمل لأجل الله، أو الجاه”اهـ (الفتح 8/505)
وقال: “قال ابن بطال: معنى قولها (وسع) أدرك؛ لأن الذي وصف بالاتساع يصح وصفه بالضيق، وذلك من صفات الأجسام؛ فيجب صرف قولها عن ظاهره. والحديث ما يقتضي التصريح بأن له سمعاً، وكذا جاء ذكر البصر في الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي موسى مرفوعاً (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره)”اهـ (الفتح 13/374)
وقال: “وقال الكرماني: المقصود من هؤلاء الأحاديث: إثبات صفتي السمع والبصر، وهما صفتان قديمتان من الصفات الذاتية، وعند حدوث المسموع والمبصر يقع التعلق. وأما المعتزلة؛ فقالوا: إنه سميع يسمع كل مسموع وبصير يبصر كل مبصر؛ فادعوا أنهما صفتان حادثتان، وظواهر الآيات والأحاديث ترد عليهم”اهـ (الفتح 13/375)
وقال: “قوله في حديث ابن عباس: (يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب) أي: من اليهود والنصارى. قوله: (وكتابكم) أي: القرآن. قوله: (أحدث الأخبار بالله) أي: أقربها نزولاً إليكم من عند الله عز وجل؛ فالحديث بالنسبة إلى المنزول إليهم، وهو في نفسه قديم”اهـ (الفتح 5/202)
وقال: “والمراد بالقبول في حديث الباب: قبول القلوب له بالمحبة، والميل إليه، والرضا عنه”اهـ (الفتح 10/462)
وقال: “قوله: (يضحك الله إلى رجلين) في رواية النسائي من طريق بن عيينة عن أبي الزناد؛ أن الله يعجب من رجلين. قال الخطابي: الضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح أو الطرب غير جائز على الله تعالى،
وإنما هذا مثل ضرب لهذا الصنيع الذي يحل محل الإعجاب عند البشر؛ فإذا رأوه أضحكهم، ومعناه: الإخبار عن رضا الله بفعل أحدهما، وقبوله للآخر، ومجازاتهما على صنيعهما بالجنة؛ مع اختلاف حاليهما. قال: وقد تأول البخاري الضحك في موضع آخر على معنى الرحمة، وهو قريب، وتأويله على معنى الرضا أقرب؛ فإن الضحك يدل على الرضا والقبول. قال: والكرام يوصفون عند ما يسألهم السائل بالبشر وحسن اللقاء؛ فيكون المعنى في قوله (يضحك الله) أي يجزل العطاء. قال: وقد يكون معنى ذلك: أن يعجب الله ملائكته ويضحكهم من صنيعهما، وهذا يتخرج على المجاز، ومثله في الكلام يكثر .. قلت: ويدل على أن المراد بالضحك الإقبال بالرضا؛ تعديته بـ (إلى) تقول: ضحك فلان إلى فلان؛ إذا توجه إليه طلق الوجه مظهراً للرضا عنه”اهـ (الفتح 6/40)
وقال: “قوله: (فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب) حمله بعض الأئمة على مجاز الحذف؛ أي يأمر من ينادي. واستبعده بعض من أثبت الصوت؛ بأن في قوله: (يسمعه من بعد) إشارة إلى أنه ليس من المخلوقات؛ لأنه لم يعهد مثل هذا فيهم، وبأن الملائكة إذا سمعوه صعقوا؛ كما سيأتي في الكلام على الحديث الذي بعده، وإذا سمع بعضهم بعضاً لم يصعقوا؛ قال: فعلى هذا؛ فصوته صفة من صفات ذاته لا تشبه صوت غيره إذ ليس يوجد شيء من صفاته من صفات المخلوقين؛ هكذا قرره المصنف في كتاب خلق أفعال العباد. وقال غيره: معنى (يناديهم) يقول، وقوله بصوت؛ أي مخلوق غير قائم بذاته، والحكمة في كونه خارقاً لعادة الأصوات المخلوقة المعتادة التي يظهر التفاوت في سماعها بين البعيد والقريب؛ هي أن يعلم أن المسموع كلام الله؛ كما أن موسى لما كلمه الله؛ كان يسمعه من جميع الجهات. وقال البيهقي: الكلام ما ينطق به المتكلم وهو مستقر في نفسه؛ كما جاء في حديث عمر يعني في قصة السقيفة، وقد تقدم سياقه في كتاب الحدود، وفيه: وكنت زورت في نفسي مقالة، وفي رواية: هيأت في نفسي كلاماً. قال: فسماه كلاماً قبل التكلم به. قال: فإن كان المتكلم ذا مخارج؛ سمع كلامه ذا حروف وأصوات، وإن كان غير ذي مخارج؛ فهو بخلاف ذلك، والباري عز وجل ليس بذي مخارج؛ فلا يكون كلامه بحروف وأصوات؛ فإذا فهمه السامع تلاه بحروف، وأصوات”اهـ (الفتح 13/457-458)
ونقل عن البيهقي قوله: (اختلف الحفاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه، ولم يثبت لفظ الصوت في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديثه؛ فإن كان ثابتاً فإنه يرجع إلى غيره؛ كما في حديث ابن مسعود يعني الذي قبله، وفي حديث أبي هريرة؛ يعني الذي بعده؛ أن الملائكة يسمعون عند حصول الوحي صوتاً؛ فيحتمل أن يكون الصوت للسماء، أو للملك الآتي بالوحي، أو لأجنحة الملائكة، وإذا احتمل ذلك لم يكن نصاً في المسألة. وأشار في موضع آخر أن الراوي أراد: فينادي نداء؛ فعبر عنه بقوله: بصوت) ثم قال: وهذا حاصل كلام من ينفي الصوت من الأئمة، ويلزم منه أن الله لم يسمع أحداً من ملائكته ورسله كلامه بل ألهمهم إياه، وحاصل الاحتجاج للنفي الرجوع إلى القياس على أصوات المخلوقين لأنها التي عهد أنها ذات مخارج، ولا يخفى ما فيه؛ إذ الصوت قد يكون من غير مخارج؛ كما أن الرؤية قد تكون من غير اتصال أشعة كما سبق؛ سلمنا؛ لكن نمنع القياس المذكور، وصفات الخالق لا تقاس على صفة المخلوق، وإذا ثبت ذكر الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة؛ وجب الإيمان به؛ ثم إما التفويض، وإما التأويل، وبالله التوفيق”اهـ (الفتح 13/458)
وقال: “وقال ابن المنير: وجه الاستدلال على إثبات العين لله من حديث الدجال؛ من قوله: (إن الله ليس بأعور) من جهة أن العور عرفاً؛ عدم العين، وضد العور ثبوت العين؛ فلما نزعت هذه النقيصة لزم ثبوت الكمال بضدها، وهو وجود العين، وهو على سبيل التمثيل والتقريب للفهم؛ لا على معنى إثبات الجارحة. قال: ولأهل الكلام في هذه الصفات كالعين والوجه واليد؛ ثلاثة أقوال: أحدها: أنها صفات ذات أثبتها السمع، ولا يهتدي إليها العقل. والثاني: أن العين كناية عن صفة البصر، واليد كناية عن صفة القدرة، والوجه كناية عن صفة الوجود. والثالث: إمرارها على ما جاءت مفوضاً معناها إلى الله تعالى”اهـ (الفتح 13/390)
وقال: “وقد سئلت: هل يجوز لقارئ هذا الحديث؛ أن يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأجبت وبالله التوفيق: إنه إن حضر عنده من يوافقه على معتقده، وكان يعتقد تنزيه الله تعالى عن صفات الحدوث، وأراد التأسي محضاً؛ جاز، والأولى به الترك خشية أن يدخل على من يراه شبهة التشبيه تعالى الله عن ذلك، ولم أر في كلام أحد من الشراح في حمل هذا الحديث على معنى خطر لي فيه إثبات التنزيه، وحسم مادة التشبيه عنه، وهو أن الإشارة إلى عينه صلى الله عليه وسلم إنما هي بالنسبة إلى عين الدجال؛ فإنها كانت صحيحة مثل هذه؛ ثم طرأ عليها العور لزيادة كذبه في دعوى الإلهية، وهو أنه كان صحيح العين مثل هذه؛ فطرأ عليها النقص، ولم يستطع دفع ذلك عن نفسه”اهـ (الفتح 13/390)
وقال: “قال ابن العربي: أنكر قوم سجودها، وهو صحيح ممكن، وتأوله قوم على ما هي عليه من التسخير الدائم، ولا مانع أن تخرج عن مجراها فتسجد ثم ترجع. قلت: إن أراد بالخروج الوقوف فواضح،
وإلا فلا دليل على الخروج، ويحتمل أن يكون المراد بالسجود؛ سجود من هو موكل بها من الملائكة، أو تسجد بصورة الحال؛ فيكون عبارة عن الزيادة في الانقياد والخضوع في ذلك الحين”اهـ (الفتح 6/299)
وقال: “قال ابن بطال: غرضه في هذا الباب؛ أن تحريك اللسان والشفتين بقراءة القرآن عمل له يؤجر عليه، وقوله: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} فيه: إضافة الفعل إلى الله تعالى، والفاعل له من يأمره بفعله؛ فإن القارئ لكلامه تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم؛ هو جبريل؛ ففيه بيان لكل ما أشكل من كل فعل ينسب إلى الله تعالى مما لا يليق به فعله؛ من المجيء، والنزول، ونحو ذلك”اهـ (الفتح 13/500)
وقال: “وإسناد الاطمئنان إلى الله من مجاز المشاكلة، والمراد به لازمه من إيصال الخير”اهـ (الفتح 8/3077)