مقالات في الرد على نظرية تقسيم التوحيد وما بني عليها

بفقرة واحدة لابن تيمية في إحدى كتبه أبطلَ معظم أصول نظريته في تقسيم التوحيد التي رددها في كتبه كافة بل قبل صفحتين من نفس كتاب تلك الفقرة!! فكحّلوا أنظاركم بها في الصور أدناه وقد عثرت عليها مؤخرا بفضل الله.

بفقرة واحدة لابن تيمية في إحدى كتبه أبطلَ معظم أصول نظريته في تقسيم التوحيد التي رددها في كتبه كافة بل قبل صفحتين من نفس كتاب تلك الفقرة!! فكحّلوا أنظاركم بها في الصور أدناه وقد عثرت عليها مؤخرا بفضل الله.

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/2976883969092272/

وهو قوله شرح الأصبهانية (ص: 134): فإن هؤلاء ونحوهم يثبتون أمورا محدثة بدون إحداث الله تعالى إياها؛ فهم مشركون في بعض الربوبية، وكثير من مشركي العرب وغيرهم قد يظن في آلهته شيئا من هذا، وأنها تنفعه وتضره، بدون أن يخلق الله ذلك.فلما كان هذا الشرك في الربوبية موجودا في الناس، بين القرآن بطلانه كما في قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: 91].اهـ

فهذا أولا: يبطل الأصل الأصيل لنظريته وهو التباين بين الرب والإله، وهنا أقر بأن الإله هو الرب الخالق في هذه الآية التي اعتبرها في إثبات توحيد الربوبية، وكما أقر أتباعه أيضا بأن الرب يأتي بمعنى الإله حيث قالوا : أن المراد من ((الرب)) في مثل هذا السياق هو ((الإله)) لا الخالق الرازق المدبر لهذا الكون[1]. وقالوا: “فالربوبية في هذا هي الألوهية ليست قسيمة له “[2]،بعد أن كانوا يقولون بأن بل “أم الطامات” هو اعتقاد “أن الألوهية بعينها هي الربوبية”[3]، بل هذا “تحريف واضح وتخريف فاضح”([4])، وقالوا “ولا أظنك شاكاً في أن مفهوم الرب ومفهوم الإله متغايران، وإن كان مصداقهما في نفس الأمر” [5].

ثانيا: أنه يبطل الأصل القائل في هذه النظرية أن القرآن ليس فيه إثبات لتوحيد الربوبية وإنما فيه إثبات توحيد الألوهية حيث يقول ابن تيمية: “تواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه أول ما دعا الخلق إلى شهادة أن لا إله إلا الله وقال {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله .. }[6]. و”لم يقل حتى يقولوا إن لهم ربا، إذ هم عارفون بذلك، وإنما أمرتهم الرسل أن يصلوا معرفة التوحيد بمعرفة الربوبية والوحدانية فأبوا”([7]).”فتوحيد الربوبية كان يعتقده المشركون ، ولذلك لم يدعهم إليه الرسل لعِلْمهم أن الله فطرهم عليه .. وإنما كانت أول دعوتهم إلى :توحيد الألوهية[8]. وأنه لذلك لم يَرد عن أحد من أهل السنة والجماعة “أنه قال بوجوب معرفة الله تعالى، وذلك لأنهم يرون أنها فطرية بدهية، ولأن القرآن الكريم لم ينشغل بإقامة الأدلة على وجود الله…إذ المسـألة كما قلنا ضرورية وأن الناس وكل الكائنات قد فُطروا على معرفة الله والإقرار بوجوده”[9].اهـ فهذا كله ينقضه قول ابن تيمية أعلاه: “فلما كان هذا الشرك في الربوبية موجودا في الناس، بين القرآن بطلانه “

ثالثا: فيه إبطال للقول بأن المشركين من كل الأمم كانوا موحدين في الربوبية حيث قال شكري الألوسي: (أن المشركين من كل أمة في كل قرن ما قصدوا من معبوداتهم التي عبدوها مع الله تعالى إلا التسبب والتوسل والتشفع؛ ليس إلا؛ ولم يدعوا الاستقلال والتصرف لأحد من دون الله…ولم يريدوا منهم تدبيرا ولا تأثيرا ولا شركة ولا استقلالا)[10].

فهذا ينقضه نص ابن تيمية أعلاه، هذا فضلا عن أن الأفغاني الذي أورد نص الألوسي هذا مرارا هو نفسه أقر بخلاف ذلك حيث قال: أن المشركين كانوا معترفين بأن الله هو الخالق لهذا الكون المدبر للأمور العظام والرازق وحده. ولم يعتقدوا في آلهتهم أنها تنفع وتضر استقلالا، وإنما كانوا يعتقدون أن الله تعالى فوض إليهم تدبير أمورهم وجعلهم متصرفين في بعض الأمور الخاصة والجزئية في غير الأمور العظام[11].اهـ

وقد شرحت هذا كله في تسجيل نشرت بالأمس على قناتي على اليوتيوب وهذا مضمونه:

إثبات أن المشركين أرادوا من آلهتهم أمورا عظيمة لا يقدر عليها إلا الله كالنصر والعزة، وذِكر مِلل وفِرق زعموا أنّ خلق العالم وتدبيره فوّضه اللهُ لغيره؛ وذلك مثل الفلاسفة الذي زعموا أن الله فّوض خلق العالم وتدبيره إلى العقول العشرة، والصابئة الذي زعموا أن الله فوض ذلك إلى الكواكب، والغرابيّة من فرق غلاة الرافضة الذين زعموا أن الله فوض ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى علي رضي الله عنه، وكالخابطية من المعتزلة الذين زعموا أن الله فوّض ذلك إلى إله حادث، وأن هذا كله ينقض زعمكم بأن المشركين من كل الأمم وفي كل قرن لم يسندوا الخلق والتدبير إلى غيره تعالى لا شركة ولا استقلالا، وإقرار ابن تيمية بوقوع الشرك في الربوبية في الأمم حتى في مشركي العرب!!

وبيان أن أهل الجاهلية كانوا أشد جهلا من كل هؤلاء الملل والنحل والفرق فلا يستبعد منهم القول بتفويض الخلق والتدبير إلى الأصنام أو غيرها من دون الله، وبيان حال أهل الجاهلية الحالك من كلام ابن تيمية في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 74) حيث قال: بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الخلق على فترة من الرسل وقد مقت أهل الأرض… والناس إذ ذاك أحد رجلين: إما كتابي معتصم بكتاب: إما مبدل، وإما مبدل منسوخ ودين دارس، بعضه مجهول، وبعضه متروك، وإما أمي من عربي وعجمي، مقبل على عبادة ما استحسنه، وظن أنه ينفعه: من نجم، أو وثن، أو قبر، أو تمثال، أو غير ذلك. والناس في جاهلية جهلاء، من مقالات يظنونها علما وهي جهل، وأعمال يحسبونها صلاحا وهي فساد.اهـ

وهذا رابطه:

HTTPS://WWW.YOUTUBE.COM/WATCH?V=DCK5IAJXKE4
يتبع إثبات أن المشركين كانوا يعتقدون أن ذلك الضر والنفع والشفاعة يقع من الأصنام من غير إذن الله.
——————————

[1] جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية لابن قيصر الأفغاني (1/ 275)

[2] الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/72، 73).

[3] جهود علماء الحنفية (1/ 178)

([4]) عداء الماتريدية للعقيدة السلفية لابن قيصر الأفغاني 3/185. باختصار.

[5] صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان (ص: 439)

[6] مجموع الفتاوى (20/ 456)

([7]) درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية – (8 / 510).

[8] موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية (ص: 95)

[9] منهج المتكلمين الفلاسفة المنتسبين للإسلام في الاستدلال على وجود الله تعالى، ج2، ص829، وآليا ص344، رسالة دكتوراة بجامعة أم القرى ليوسف الأحمد.

[10] جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (1/ 204) و (1/ 303) و (2/ 1034) و نقلا عن شكري الألوسي في فتح المنان.

[11] جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (1/ 276) وانظر (1/ 281)

السابق
كيف تغيرت حال ابن تيمية وانحرف عن ما كان عليه والده وأقوال العلماء فيه وتوبته (منقول)
التالي
هل كان ابن تيمية مُجسماُ أم أنه كان يُدافعُ عن مذهب التجسيم ؟ (مجرد سؤال) (منقول)