مقالات في الصفات

القول الجميل في تحقيق ما نُسب في الاستواء إلى الفراهيدي خليل

تحقيق القول في الاستواء….

المرصد الثالث: الجواب عن الادعاء الثالث: أن الخليل أنكر أن يأتي الاستواء بمعنى الاستيلاء.

(1)القول الجميل في تحقيق ما نُسب في الاستواء إلى الفراهيدي خليل

انتهينا سابقا بحمد الله من المرصدين الأول والثاني في الباب، وهما:

المرصد الأول: الجواب عن الادعاء الأول: أنه لم يثبت أن لفظ استوى يأتي بمعنى استولى[1].

المرصد الثاني: الجواب عن الادعاء الثاني: أن من قال بذلك اعتمد على بيت مصنوع أنكره أهل اللغة.[2]

نأتي إلى المرصد الثالث لنجيب عما ادعاه ابن تيمية من أن الخليل بن أحمد الفراهيدي أنكر أن يأتي الاستواء في اللغة بمعنى الاستيلاء.

نسوق أولا نصَ ابنِ تيمية فهو يقول ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى (5/ 146) وهو يسوق أوجه بطلان تفسير آية الاستواء بالاستيلاء: “وذُكر عن الخليل كما ذكره أبو المظفر في كتابه ” الإفصاح ” قال : سئل الخليل هل وجدت في اللغة استوى بمعنى استولى ؟ فقال : هذا ما لا تعرفه العرب ؛ ولا هو جائز في لغتها؛ وهو إمام في اللغة على ما عرف من حاله فحينئذ حمله على ما لا يعرف حمل باطل.” اهـ

قال وليد ابن الصلاح عفا الله عنه: كذا قال ابن تيمية، والرد عليه من وجوه:

أولا : نطالب بتصحيح هذا النقل عن الخليل ـ رحمه الله ـ أو بذِكْر السندِ إليه على الأقل، وإلا فمجرد عزوه إلى كتابٍ ما دون ذكر السند إليه فغير كافٍ للاستشهاد به لا سيما في مثل هذه المسائل الخطيرة التي يُضلِّل ابنُ تيمية وأتباعه الناسَ من أجلها.

وهذا هو منهج ابن تيمية نفسه في رده على الحلي الشيعي في منهاج السنة حين يسوق الحليُّ أحاديثَ محتجا بها على الإمامة، فكان أول كلمة يقولها ابن تيمية ردا على الحلي: والجواب من وجوه…أحدها: المطالبة بتصحيح النقل ….. إلخ. انظر : منهاج السنة النبوية (7/ 260)، و (7/ 285)، و(7/ 283)و (7/ 263).

وفي أحد المواضع ذَكر ابن تيمية سبب المطالبة بالسند، فقال في منهاج السنة النبوية (7/ 256): و الجواب: أولا: المطالبة بتصحيح النقل فإنه لم يعز هذا الحديث إلى كتاب أصلا كما عادته يعزو وإن كان عادته يعزو إلى كتب لا تقوم بها الحجة وهنا أرسله إرسالا على عادة أسلافه شيوخ الرافضة يكذبون ويروون الكذب بلا إسناد وقد قال ابن المبارك: الإسناد من الدين لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء فإذا سئل وقف وتحير.اهـ

فمن حقنا إذن أن نطالبه بالسند هنا…..وإلا، فكيف نَترك نصوصا موثقة لأكثر من عشرينَ عالِمًا من كبار أئمة أهل اللغة، وكلّهم نصوا على “استوى” يأتي بمعنوى “استولى” كما سبق في المرصد الأول أن بسطنا ذلك عنهم … كيف نتركها لنصٍ غريب لا يُعرف أصلُه من فصله، وليس له خِطام ولا زمام….. ولا يعرفه أحدٌ إلا رجلٌ في القرن السادس أو السابع، سواء كان هذا الرجل أبا المظفر أو ابنَ تيمية ….!!!!

والطريف أن ابن تيمية في الموضع نفسه الذي استشهد بكلام الخليل دون أن يسوق له إسناد … هو نفسه كان قبل ذلك بسطر واحد يطالبنا بإسناد لبيت الأخطل: استوى بِشر على العراق …..!!!!!

فابن تيمية يقول في مجموع الفتاوى (5/ 146): وقد عُلم أنه لو احتج بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحتاج إلى صحته فكيف ببيت من الشعر لا يُعرف إسناده وقد طَعن فيه أئمة اللغة ؛ وذكر عن الخليل كما ذكره أبو المظفر في كتابه ” الإفصاح…..إلخ.اهـ

قال وليد: وأنا لا أدري ما الجامع بين الحديث والشِّعر حتى يُطالِب ابن تيمية بإسناد لكل منهما، بل يجعل إسنادَ الشعر أولى ….. فهل الشعرُ أهمُّ من الحديث حتى يطالِب ابنُ تيمية بإسناد الشعر من باب أولى؟!!!

فغنيٌّ عن البيان أنه ثمة فرق كبير بين الشعر والحديث: فإن الحديث حجة في الشرع إذا توافرت فيه شروط معينة …. وأما الشعر فليس بحجة في الشرع، وإنما هو حجة في اللغة وفق شروط معينة تختلف عن شروط الحديث، فالحديث لا بد له من إسناد حتى يُنظر في رجاله واتصاله ونحو ذلك، وأما الشِّعر فلا يحتاج إلى إسناد بالضرورة، وإنما له ضوابط أخرى لا مجال للخوض فيها هنا*؛ وهذا سيبويه احتج في كتابه بخمسين بيتا لا يُعرف لها قائل فضلا عن أن يكون لها إسناد، قال الجَرمي: ” نظرتُ في كتاب سيبويه فإذا فيه ألف وخمسون بيتاً، فأما الألف فقد عرفت أسماء قائليها فأثبتها، وأما الخمسون فلم أعرف أسماء قائليها [3]”.اهـ

وهذا ابن هشام يقول عن بيت ” عَسى الغوير أبؤساً ….”: طَعن فِي هَذَا الْبَيْت عبد الْوَاحِد الطراح فِي كِتَابه بغية الآمل ومنية السَّائِل. فَقَالَ: هُوَ بَيت مَجْهُول لم ينْسبهُ الشُّرَّاح إِلَى أحد فَسقط الِاحْتِجَاج بِهِ.

وَلَو صَحَّ مَا قَالَه لسقط الِاحْتِجَاج بِخَمْسِينَ بَيْتا من كتاب سِيبَوَيْهٍ فَإِن فِيهِ ألف بَيت قد عرف قائلوها وَخمسين بَيْتا مَجْهُولَة الْقَائِلين. انْتهى.[4]

نعم ذهب بعضُ أهلِ اللغة مثل أبي البركات الأنباري (577 هـ) إلى أنه لا يجوز الاحتجاج بشعر أو نثر لا يُعرف قائله أو تتمته ما لم يكن قد صدر من ثقة يعتمد عليه؛ مخافة أن يكون مصنوعاً أو لمن لا يوثق بكلامه[5].اهـ

وهذه مسألة فيها تفصيل وخلاف بين أهل اللغة لا مجال لبسطها في هذا المقام، ولكن نقتصر على القول بأن قياس ابن تيمية للشعر على الحديث ومطالبته بإسناد لكل منها قياس غير سليم.

ثم إن بيت الأخطل كان مشهورا في العصور المتقدمة، ودوّنه العديد من أهلِ اللغة في معاجمهم[6] واعتمدوا عليه في بيان أن “استوى” يأتي بمعنى “استولى” بل فسّر بعضُهم به آية الاستواء، كما بسطنا ذلك في المرصد الأول، ومن أوائل من ذَكر بيتَ الأخطلِ هذا الإمام أبو بكر محمد بن عزيز السجستاني (ت 330هـ) في كتابه غريب القرآن (ص: 114)، والجوهري ( ت 393هـ ) في كتابه “الصحاح”، وقد ذَكرتُ نصوصَهما أيضا في المرصد الأول.

وهذا ابن كثير الذي أنكر حمْلَ آيةِ الاستواء الاستيلاء يُسلّم بثبوت بيت الأخطل، بل يذكر سَبَبَه، فيقول في البداية والنهاية 9\290:وَكَانَ الْأَخْطَلُ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ الْمُتَنَصِّرَةِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ وَأَبْعَدَ مثواه، وهو الذي أنشد بشرَ بن مروان قصيدته التي يقول فيها:

قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ * مِنْ غَيْرِ سيف ودم مهراق)[7].اهـ

حتى لو لم يثبت بيتُ الأخطل فهذا فلا يؤثر في هذا المقام، إذ بطلان الدليل لا يستلزم بطلان المدلول كما هو معلوم، وبيان ذلك هنا من وجهين:

الأول: أنه يوجد ثلاثة أبيات أخرى من الشعر مماثلة لبيت الأخطل، حيث استُخدم فيها استوى بمعنى استولى، وهذا فصّلته في المرصد الثاني.

الثاني: أن كثيرا من أهل اللغة من المتقدمين والمتأخرين ذكروا أن استوى يأتي بمعنى استولى دون أن يستدلوا ببيت الأخطل أو أن يدوِّنوه، وممن ذَكر هذا الإمامُ أبو عبدِ الرحمنِ عبدُ اللهِ بنُ يحيى بنِ المبارَك اليزيدي (توفي سنة 237هـ)، والإمام ابن جرير الطبري (ت 310هـ) في تفسيره، والزجّاج(311هـ)، والزجاجي (340هـ)، وأبو إبراهيم الفاربي (350هـ)، وابن القوطية (367هـ) وغيرهم؛ وقد ذكرتُ نصوصهم موثقة في المرصد الأول.

فهؤلاء لم يَذكروا بيتَ الأخطل أصلا، مع إثباتهم أن استوى يأتي بمعنى استولى، فليس بالضرورة أن تثبت معاني كل كلمة ببيت من الشعر، وإنما يكفي نقْل أهل اللغة بأن هذه الكلمة تأتي لهذا المعنى، كما هو معلوم لمن يطالع المعاجم اللغوية.

فكيف يستقيم بعد كل هذا أن يُنكر ابنُ تيمية بيتَ الأخطل مع اشتهاره في العصور المتقدمة وتدوين أهل اللغة له …. ويُنكر أيضا مجيء استوى بمعنى استولى، مع أن هذا المعنى أثبته كبار العلماء من أهل اللغة من المتقدمين والمتأخرين الذين زاد عددهم على العشرين كما سبق، وكل هذا ثابت عنهم في كتبهم المشهورة ثبوت الجبال…. ثم يريد منا ابنُ تيمية وأتباعه أن نُعرِض عن كل هذه الإثباتات من أجل نقلٍ غريبٍ عن الخليل ليس له سندٌ ولا يَعرفه إلا ابنُ تيمية الذي جاء بعد الخليل بأربعة قرون……؟!!!!!!!

إن ابن تيمية وأتباعه لا يَقنعون بأن الفعل استوى يأتي بمعنى استولى وإنْ أتيناهم بأربعة أبيات من الشعر تَشهد لذلك…. فضلا عن نصوصٍ ثابتة في الباب لأكثر من عشرين عالما لغويا ….. ولكنهم يَقنعون بنصٍ مُرسَلٍ معلّقٍ مُطلق منقطع غريب معضلٍ شاذٍ مُنكر……. فهذا من أعجب العجب….!!!!!!!

نعم يوجد نص آخر مسند عن ابن الأعرابي مماثل لنص الخليل هذا، ولكن لم يستشهد به ابن تيمية، وسنأتي عليه بالتفصيل وسنعرف لماذا لم يستشهد به ابن تيمية هنا.

ثانيا: عَزى ابنُ تيمية هذا النقلَ عن الخليل إلى كتاب الإفصاح لأبي المظفر، وكتاب الإفصاح هذا هو كتاب: الإفصاح عن معاني الصحاح؛ للإمام: يحيى بن محمد بن هُبَيْرَة الذهلي الشيبانيّ، أبي المظفر، عون الدين الوزير العادل (المتوفى: 560هـ).

وكتابه هذا كتاب ضخم يضم تسعة عشرة كتابا، وقد شَرح فيه مؤلفه كتابَ الجمع بين الصحيحين للحميدي؛ ومخطوطات الكتاب ـ أي كتاب الإفصاح ـ متناثرة في مكتبات العالم؛ وقد طُبع مؤخرا قسم كبير من هذا الكتاب في السعودية في ثمانية مجلدات بتحقيق : فؤاد عبد المنعم أحمد، ونشرته: دار الوطن.

ولحسن الحظ أن الكتاب أُلحق بالمكتبة الشاملة أثناء كتابتي لهذا البحث، فقمتُ مباشرة بالبحث عن نص الخليل هذا في هذا الكتاب فلم أجد له أثرا……!!!!

ولكن كما قلنا إن المطبوع ليس الكتاب بكامله وإنما هو قسم كبير منه، يُقدَّر بأكثر من النصف، لأن المجلد الثامن الأخير من المطبوع فيه شرْح ابن هبيرة لمسند أبي هريرة ومسند جابر رضي الله عنهما، وهذا أكثر من نصف كتاب الحميدي.

وكان قد طبع قديما جزء من كتاب الإفصاح هذا بعنوان “اختلاف الأئمة العلماء” [8] وأيضا قد بحثت فيه على الشاملة فأيضا لم أجد النص الذي نقله ابن تيمية فيه…. لسبب بسيط وهو أن هذا الجزء إنما هو في المسائل الفقهية وليس في مسائل العقيدة….!!!

ثالثا: إن القسم المطبوع من الإفصاح وهو ثمانية مجلدات كما ذكرنا، لا يوجد فيه أصلا أيُّ نقلٍ عن الخليل في مسائل لغوية، نعم ذكره ابنُ هبيرة في موضع واحدا[9] مقرونا بسيبويه حين كان يضرب أمثلة على أئمة اللغة….!!!

وأما في كتاب “اختلاف الأئمة العلماء” فذكره أيضا مرة واحدة مقرونا بغيره في مسألة الخلاف في تفسير الشفق[10].

وعليه فإنَّ ابنَ هبيرة لم يكن من عادته النقل عن الخليل في مسائل اللغة إلا نادرا جدا، وفي مسألة فقهية واحدة كما سبق، هذا مع كثرة علم الخليل ـ فهو شيخ سيبويه ـ وانتشاره وتناقله بين علماء الفقه والحديث والتفسير، فكيف يُعرِض ابنُ هبيرة عن الخليل وآرائه المشهورة المستفيضة ثم يَنقل عنه نقلا غريبا لا يعرفه أحد سواه، وفي مسائل عَقدية معقدة ليس من منهج ابن هبيرة الخوضُ فيها كما سنعلم، ولا كانت هذه المسائل شائعة أصلا قبل موت الخليل بن أحمد وإنما شاعت وذاعت بعد وفاته وبعد اعتلاء المأمون سُدة الحكم كما سيأتي …؟!!!!

رابعا: لم يكن ابن هبيرة من تلامذة الخليل حتى يقال إنه حفظ عنه ما لم يحفظه غيره أو ليقال إن الخليل خصه بما لم يخص غيره؛ بل بينهما أربعة قرون؛ إذ الخليل توفي سنة 170هـ، وابن هبيرة توفي سنة 560هـ.

خامسا: لو افترضنا جدلا أن ابن هبيرة نقل عن الخليل ما ذكره ابن تيمية، فإن ابن هبيرة حتما لم يَذكر سندَه إلى الخليل الفراهيدي؛ لأن ابنَ هبيرة لم ينقل عن الخليل آراءه أصلا لا بسند ولا بغير سند، اللهم إلا مرة واحدة في مسألة الشفق وبدون ذكر إسناد كما سبق.

سادسا: لم يكن من منهج ابن هبيرة ذِكر أسانيده فيما ينقله في كتابه أو فيما يرويه، سواء كان ما يرويه مِن أحاديث أو آراء لمن سبقه، وهذا بخلاف منهج المحدثين الكبار أمثال البيهقي والخطيب البغدادي وابن عساكر وغيرهم، فكل ما يذكرونه يقيّدونه بأسانيدهم إلا ما ندر، كما يُعرف ذلك من كتبهم.

نعم ذَكر ابنُ هبيرة في أولِ كتاب الإفصاح أسانيدَه إلى البخاري ومسلم الذي يشرح كتابهما عن طريق كتاب الحميدي الذي جمع بينهما؛ ثم لم يَذكر ابنُ هبيرة إسنادا له في سائر الكتاب إلا مرة واحدة حين روى حديثا في النسب الشريف[11].

سابعا: كان من منهج ابن هبيرة في كتاب الإفصاح إذا مر بـأخبار الصفات…. انتظره

كتبه

وليد ابن الصلاح

وانظر اللاحق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/648053431975349/

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] انظره في منشورات متتابعة هذا أولها : https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/426741547439873/

وفيه إحالات على الذي بعده

[2] انظره على هذا الرابط وفيه إحالة على ما بعده: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/490261857754508/

*انظر: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/658144500966242/

[3] انظر: خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (1/ 17)، وهذه الأبيات الخمسين فيها كلام كثير، انظره على:

http://www.startimes.com/f.aspx?t=33493728

وعلى: http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=42738

ثم وقعت على رسالة ماجستير في جامعة عدن باليمن بعنوان “الشواهد الشعرية مجهولة القائل وأثرها في بناء القواعد النحوية” للباحث: محمد بن علي ضيف الله الزهراني؛ في جامعة عدن. قال الباحث في مقدمتها: وقد امتلأت بها كتب النحاة ولا أبالغ حين أقول : أنها تعدل ما استشهد به النحاة مما سمي قائله فلا تكاد تخلو صفحات كتبهم من عبارة ( لم أعثر على قائله ، أو هو مجهول القائل ، أو وهذا البيت مع شهرته وكثرة الاستشهاد به لم يعرف قائله ، والشواهد النحوية هي النحو كله بل هي اللغة جمعاء ، فإذا طعن فيها طعن في القاعدة ، وإن صحت القاعدة فهي أدلة النحويين على ما يدعونه وحجتهم فيما يرونه ….. ثم قال في النتائج والتوصيات: لم يعبأ سيبويه بمسألة الزمن إذ كانت جل مسائله النحوية مبنية على شعر شعراء الذين عاصرهم ، فلم يرد مما استشهد به من شعر المعلقات إلا النزر القليل . وأن الشواهد مجهولة القائل في كتابه تزيد عن ضعف ما قرره البغدادي الذي استوحى هذه التسمية ( الخمسين ) من خبر الجرمي من غير دليل علمي واضح .اهـ انظر ذلك على:http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php…

[4] وقد نقل هذا البغداديُّ في خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (9/ 317) ثم تعقبه: “أَقُول: الشَّاهِد الَّذِي جهل قَائِله إِن أنْشدهُ ثِقَة كسيبويه وَابْن السراج والمبرد وَنَحْوهم فَهُوَ مقبل يعْتَمد عَلَيْهِ وَلَا يضر جهل قَائِله فَإِن الثِّقَة لَو لم يعلم أَنه من شعر من يَصح الِاسْتِدْلَال بِكَلَامِهِ لما أنْشدهُ”.اهـ

وَمُرَاد عبد الْوَاحِد أَنه لم ينْسبهُ الشُّرَّاح إِلَى أحد مِمَّن أنْشدهُ من الثِّقَات أَو إِلَى قَائِل معِين يحْتَج بِكَلَامِهِ.

[5] انظر: ((الإنصاف)) للأنباري 2/ 583 ، و((الاقتراح)) للسيوطي 71. وانظر:

[6] انظر: تاج العروس من جواهر القاموس – (38 / 331)، صحاح العربية للجوهري – (8 / 301)، لسان العرب لابن منظور – (3 / 2163).

[7] ثم قال ابن كثير: وهذا البيت تستدل به الجهمية على أن الاستواء على العرش بمعنى: الاستيلاء وهذا من تحريف الكلم عن مواضعه، وليس في بيت هذا النصراني حجة ولا دليل على ذلك…. إلخ .

قال وليد: هكذا وقع في عدة مخطوطات من البداية والنهاية، وفي بعضها الآخر لم يَذكر ابنُ كثير بيتَ الأخطل أصلا فضلا عن أن يتعقبه، وإنما قال فقط: كَانَ الْأَخْطَلُ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ الْمُتَنَصِّرَةِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ وَأَبْعَدَ مثواه.اهـ كما بيّن ذلك محققو طبعة هجر للبداية والنهاية 13/44؛ هذا كله وقع في ترجمة ابن كثير للشاعر جرير وما حصل بينه وبين الأخطل والفرزدق من مساجلات شعرية؛ وأما في ترجمة ابن كثير لبشر بن مروان فاتفقت النسخ على قول ابن كثير في هذا الموضع من البداية والنهاية ط هجر (12/ 241): وقد امتدحه الفرزدق، والأخطل.

والجهمية تستدل على الاستواء على العرش بأنه الاستيلاء ببيت الأخطل، فيما مدح به بشر بن مروان، وهو قوله:

قد استوى بشر على العراق … من غير سيف ودم مهراق

وليس فيه دليل ; فإن هذا استدلال باطل من وجوه كثيرة، وقد كان الأخطل نصرانيا. اهـ

[8] قال ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة : صنّف الوزير أبو المظفر كتاب ” الإفصاح عن معاني الصحاح ” في عدة مجلدات، وهو شرح صحيحي البخاري ومسلم، ولما بلغ فيه إلى حديث ” من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين ” شرح الحديث، وتكلم على معنى الفقه، وآل به الكلام إلى أن ذكر مسائل الفقه المتفق عليها، والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة المشهورين.

وقد أفرده الناس من الكتاب، وجعلوه مجلدة مفردة، وسموه بكتاب ” الإفصاح ” وهو قطعة منه، وهذا الكتاب صنّفه في ولايته الوزارة، واعتنى به وجمع عليه أئمة المذاهب، وأوفدهم من البلدان إليه لأجله، بحيث إنه أنفق على ذلك مائة ألف دينار، وثلاثة عشر ألف دينار، وحدّث به، واجتمع الخلق العظيم لسماعه عليه. كتب به نسخة لخزانة المستنجد. وبعث ملوك الأطراف ووزراؤها وعلماؤها، واستنسخوا لهم به نسخًا، ونقلوها إليهم، حتى السلطان نور الدين الشهيد. واشتغل به الفقهاء في ذلك الزمان على اختلاف مذاهبهم، يدرسون منه في المدارس والمساجد، ويعيده المعيدون، ويحفظ منه الفقهاء.اهـ

[9]وفي ذلك يقول ابن هبيرة في سياق كلامه عن مناقب العباس رضي الله عنه، وعن ذريته التي أقامت الخلافة العباسية، يقول في الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 400): وينبغي للمسلمين أن يعرفوا قَدْر هذه الدولة المباركة، فإن الله سبحانه أصلح بها الأرض بعد فسادها.

فالقراءات السبع كان استبيانها وتمامها في أيامها، وهي قراءات الأمصار الخمسة: فبمكة ابن كثير، وبالمدينة نافع، وبالشام ابن عامر، وبالبصرة أبو عمرو، وبالكوفة حمزة والكسائي وعاصم رضي الله عنهم أجمعين، وكذلك المذاهب الأربعة: وهي مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد رضي الله عنهم أجمعين، وكذلك علوم النحو وعلماؤه كالخليل وسيبوبه وغيرهما.

وكذلك ما عمل الإمامان الكبيران صاحبا هذا الكتاب: البخاري ومسلم، اللذان أسندا الصحيح، فإنهما في هذه الدولة المباركة دوناه، وعلى ذلك فجمهور مصنفات الشريعة في هذه الدولة تمهدت، فكان حب العلماء من الإيمان.اهـ

[10] وفي ذلك يقول ابن هبيرة في اختلاف الأئمة العلماء (1/ 85): وَاخْتلفُوا فِي الشَّفق الَّذِي يدْخل وَقت الْعشَاء بغيبوبته.

فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: هُوَ الْحمرَة.

وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هُوَ الْبيَاض.

وَأهل اللُّغَة على القَوْل الأول، وَقَالَ الْخَلِيل وَالْفراء وَابْن دُرَيْد: الشَّفق الْحمرَة.اهـ

[11] قال ابن هبيرة في الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 13): وقد نسب نفسه – صلى الله عليه وسلم – كذلك فيما أخبرناه أبو غالب أحمد بن الحسين بن البناء كتابة أن أبا محمد بن الحسن علي المقنعي أنبأهم……إن الله اختار العرب على الناس…. الحديث.

https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/763646887036222/

السابق
هذه نقولات واعترافات نادرة تبين شدة خلافات الوهابية فيما بينهم وتبديعهم وتضليلهم وتكفيرهم وفضحهم لبعضهم بعضا وتأليفهم كتبا كثيرة في ذلك، بعد أن شبعوا من تضليل وتكفير غيرهم فذاقوا ما أذاقوا غيرهم!!
التالي
[2] “القول الشافي فيما روي في الاستواء عن ابن الأعرابي”