التأويل

الإمام الباقلاني المؤسس الثاني للمذهب الأشعري فهو على طريقة الأشاعرة المعروفة في الإضافات الموهمة للتشبيه إمّا التفويض وإمّا التأويل…(منقول)

الإمام الباقلاني المؤسس الثاني للمذهب الأشعري فهو على طريقة الأشاعرة المعروفة في الإضافات الموهمة للتشبيه إمّا التفويض وإمّا التأويل… لا على مذهب الحمل على المعنى اللغوي الظاهري كما يروّج له الوهابية في هذه القصاصة الموجودة تحت منشورنا….. وسنلخص مذهب الباقلاني في عجالة فنقول وبالله التوفيق:

• #أوّلاً: الإمام الباقلاني على طريقة الأشعري بإثبات الصفات الخبرية بقسميهما وتنزيه اللهﷻ بمنع حملها على معانيها اللغوية الظاهرة من ألفاظها وتفويض حقائقها الى اللهﷻ فقد جاء عنه في صفات الذات قوله:((وأخبر أنه ذو الوجه الباقي بعد تقضّي الماضيات كمال قال الله ﷻ((كل شيء هالك إلا وجهه)) واليدين اللتين نطق بإثباتهما له القرءان في قوله((بل يداه مبسوطتان)) وأنهماليستا بجارحتين
ولا ذوي صورة.. وهيئة.. وفي قوله((ولتصنع على عيني)) وأن عينه ليست بحاسة من الحواس ولا تشبه الجوارح والأجناس (الإنصاف: ٢٣)
فقوله ((وانهما ليسا بجارحتين ولاذوي صورة وهيئة)) وقوله((وأن عينه ليست بحاسة من الحواس… الخ)) هو موضع الاستدلال على ان الباقلاني يقول بتنزيه المولى عن الظاهر الذي تدل عليه الألفاظ… وهذا أحد مسلكي الأشاعرة الذي هو التفويض.

• #ثانيا: قال الباقلاني في صفات الفعل: أنه تعالى متقدس عن الإختصاص بالجهات والإتصاف بصفات المحدثات وكذالك لا يوصف بالتحول ولا بالإنتقال ولا بالقيام ولا بالقعود لقوله تعالى((ليس كمثله شيء)) وقوله ((ولم يم يكن له كفؤا أحد)) ولأن هذه الصفات تدل على الحدوث والله تعالى يتقدس عن ذلك فإن قيل أليس الله قال ((الرحمن على العرش إستوى)) قلنا بلى قد قال ذالك ونحن نطلق ذالك وأمثاله على ماجاء في الكتاب والسنة لكن ننفي عنه أمارة الحدوث ونقول: إستواؤه لا يشبه إستواء الخلق ولا نقول ان العرش له قرار ولا مكان فلما خلق الخلق لم يتغير عما كان(الإنصاف: ٣٩٤٠) وهذا تصريح منه على منع حمل آيات الصفات على المعاني اللغوية الظاهرة من ألفاظها… وهذا هو أحد مسلكي الأشاعرة #الإثبات مع التفويض والتنزيه.

• #ثالثا: لكن نجد في كلام آخر للباقلاني في مواضع أخرى من كتبه مايفيد قبوله للتأويل 🔴#الذي هو المسلك الثاني للأشاعرة.. فقد أول الوجه بالذات فقال في قوله((ويبقى وجه ربك)) يعني ذات ربك…(الإنصاف: ٣٢)..
وكذلك أورد إحتمالات لما يمكن أن يحمل عليه المجئ والإتيان في قوله((وجاء ربك والملك صفا صفا)) فقال: فالجواب عن هذا عند بعض الأمة: أنه يجئ ويأتي بغير زوال ولا انتقال ولا تكييف بل يجب تسليم ذلك على ما روي وجاء به القرءان والجواب الآخر أنه يفعل معنى يسميه مجيئا وإتيانا فيقال: جاء الله بمعنى أنه فعل فعلا كأنه جائيا كما يقال أحسن الله وأنعم وتفضل على أنه فعل فعلا استوجب بهذه الأشياء ويمكن أن يكون أراد بذالك إتيان أمره وحكمه والأهوال الشديدة التي توعدهم بها وحذرهم من نزولها ويكون ذالك نظيرا لقوله((وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ))
ولا خلاف في أن معنى هذه الآية ان أمره وحكمه اياهم وعقوبته…(الانتصار للقرءان للباقلاني: ٧٣٦_٧٧٦)
فقد ذكر كماترى ثلاث آراء لم يرفض اي منها: 🔴#والرأيان الأولان تنزيه عن الظاهر الذي يفيد النزول والانتقال والحركة مع تفويض المعنى الحقيقي الى الله🔴 #والثالث تأويل تفصيلي للآيتين بما يحدد المراد من الإتيان والمجيء بتقدير مضاف محذوف: اي إتيان أمره من العذاب ومجيئ أمر الله…. وهذا كله بعينه مذهب الأشاعرة..فتأمّل

•#رابعا: نختم بكلام الإمام السنوسي ليرى المتابع أن مذهب القدماء هو نفسه مذهب المتأخرين لا كما يروّج له الوهابية….

• قال الإمام محمد بن يوسف السَّنُوسي التوحيدي التِّلمساني: ((وَمُشْكَلَاتُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَقَدْ صَنَّفَ العُلَمَاءُ فِي جَمْعِهَا وَالكَلَامِ عَلَيْهَا تَصَانِيفَ، وَالضَّابِطُ الجُمْلِيُّ فِي جَمِيعِهَا أَنَّ كُلَّ مُشْكَلٍ مِنْهَا مُسْتَحِيلَ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فِيهِ:

(1) فَإِذَا كَانَ لاَ يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ إِلَّا مَعْنًى وَاحِداً وَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ﴾ [الحَدِيد:4]؛ فَإِنَّ الْمَعِيَّةَ بِالتَّحَيُّزِ وَالحُلُولِ بِالْمَكَانِ مُسْتَحِيلَةٌ عَلَى الْمَوْلَى – تَبَارَكَ وَتَعَالَى -؛ لِأَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الأَجْسَامِ، فَتَعَيَّنَ صَرْفُ الكَلَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَلاَ يَقْبَلُ هُنَا إِلَّا تَأْوِيلًا وَاحِدًا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، وَهُوَ الْمَعِيَّةُ بِالإِحَاطَةِ عِلْمًا وَسَمْعًا وَبَصَرًا.

(2) وَإِنْ كَانَ يَقْبَلُ مِنَ التَّأْوِيلِ أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ [القَمَر:14] وَقَوْلِهِ – جَلَّ وَعَلَا -: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص:75] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عَلَى الْعَرْشِ اِسْتَوَى﴾ [طه:5] وَنَحْوِهِ، فَقَدْ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

•👈🔴 #الْمَذْهَبُ الأَوَّلُ: وُجُوبُ تَفْويضِ مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى الله تَعَالَى، بَعْدَ القَطْعِ بِالتَّنْزِيهِ عَنِ الظَّاهِرِ الْمُسْتَحِيلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ. وَلِهَذَا لَمَّا سَأَلَ السَّائِلُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: ﴿عَلَى الْعَرْشِ اِسْتَوَى﴾ [طه:5]؟ قَالَ فِي جَوَابِهِ: “الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْ مِثْلِ هَذَا بِدْعَةٌ”، وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ السَّائِلِ. يَعْنِي -رَضِيَ الله عَنْهُ -: أَنَّ الِاسْتِوَاءَ مَعْلُومٌ مِنْ لُغَةِ العَرَبِ وَمَحَامِله المَجَازِيَّة الَّتِي تَصِحُّ فِي حَقِّ الله تَعَالَى، وَالْمُرَادُ فِي الآيَةِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِمَّا لَمْ نَعْلَمْهُ مَجْهُولٌ لَنَا، وَالسُّؤَالُ عَنْ تَعْيِينِ مَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ مِنَ الشَّرْعِ بِتَعْيِينِهِ بِدْعَةٌ، وَصَاحِبُ البِدْعَةِ رَجُلُ سُوءٍ تَجِبُ مُجَانَبَتُهُ وَإِخْرَاجُهُ مِنْ مَجَالِسِ العِلْمِ؛ لِئَلَّا يُدْخِلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِتْنَةً بِسَبَبِ إِظْهَارِ بِدْعَتِهِ.

•👈🔴 #الْمَذْهَبُ الثَّانِي: جَوَازُ تَعْيِينِ التَّأْوِيلِ لِلْمُشْكَلِ، وَيُرَجَّحُ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّا يَصِحُّ بِدِلَالَةِ السِّيَاقِ أَوْ بِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ العَرَبِ لِلَّفْظِ الْمُشْكَلِ فِيهِ، فَتُحْمَلُ العَيْنُ عَلَى العِلْمِ أَوْ البَصَرِ أَوْ الحِفْظِ، وَتُحْمَلُ اليَدُ عَلَى القُدْرَةِ أَوِ النِّعْمَةِ، وَيُحْمَلُ الِاسْتِوَاءُ عَلَى القَهْرِ وَالغَلَبَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ إِمَامِ الحَرَمَيْنِ وَجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ العُلَمَاءِ.

•👈 🔴#الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: حَمْلُ تِلْكَ الْمُشْكَلَاتِ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَاتٍ للهِ تَعَالَى تَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَجَمَالِهِ، لَا يُعْرَفُ كُنْهُهَا. وَهَذَا مَذْهَبُ شَيْخِ أَهْلِ السُّنَّةِ الشَّيْخِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ.

قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنِ اِحْتَاطَ وَعَبَّرَ فِيمَا يَذْكُرُهُ مِنْ تَأْوِيلٍ لِذَلِكَ الْمُشْكَلِ بِلَفْظِ الِاحْتِمَالِ، فَيَقُولُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الآيَةِ أَوْ الحَدِيثِ كَذَا، فَقَدْ سَلِمَ مِنَ التَّجَاسُرِ وَسُوءِ الأَدَبِ بِالجَزْمِ بِتَعْيِينِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ عَلَى تَعْيِينِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ))(1).


(1) شَرْحُ الْمُقَدِّمَاتِ (ص:120 إلى 123)، تأليف: الإمام أبي عبد الله بن يوسف السنوسي الحسني، تحقيق: نِزار حمَّادي، تقديم: الأستاذ سعيد عبد اللطيف فودة، الطبعة الأولى: 1430هـ – 2009م، مؤسسة المعارف: بيروت – لبنان.

https://m.facebook.com/groups/166287685309588/permalink/535411978397155/?mibextid=Nif5oz

السابق
هل حقًا قدماء الأشاعرة كإبن فورك وغيره يثبتون العلو في حق الله علو الجهة والمسافة كما يدّعي ابن تيمية.. أم المسألة فيها تفصيل؟؟ (منقول)
التالي
التوسل والتبرك عند المذاهب الأربعة/ المذاهب الأربعة عند الوهابية المتمسلفة قبوريون مشركون / ( محمد إبن عبد الوهاب النجدي والأمير الصنعاني و الشوكاني و صديق حسن خان القنوجي البخاري و السيد محمود الألوسي قبورين ومشركين عند الوهابية المتمسلفة التكفيرية)؟! (منقول)