فوائد في القواعد الفقهية والأصولية

(الأحكام الشَّرعيّة لاتَتغَيَّر بِتَغَيُّر الزَّمان والمَكان)

(الأحكام الشَّرعيّة لاتَتغَيَّر بِتَغَيُّر الزَّمان والمَكان) !
وَإنّما الذي يَتَغيّر (تحقيق المَناط) باختِلاف الأشخاص
والواقع والوَقائع وتنزيل الأحكام الشرعية علَيهم.

وقد نبّه على ذلك الإمام الزركشيّرحمه اللهفي
كتابه النّفيس: ((البحر المحيط)).
حيث قال :
((كُلّ حكمٍ ثبت لنا بقول الله أو بقول رسوله أو بإجماع أو قياس فهو دائِمٌ إلى يوم القيامة…

فلانَقول: إنّ الأحكام تَتَغيّر بتَغيُّر الزّمان ،بل باختِلاف الصُّورة الحادثة.

وقال الشَّيخ نجم الدين البالسيّ:
وكنتُ أنفر من هذا القول،وأعلّل فساده بأنّ صاحب الشّرع شرَع شرعاً مستمرّاً إلى قيام السّاعة مع علمه بفساد الأمر فيهم.
ثمّ رأيت في ((النهاية)) قد قرّر مافي نفسي ،فقال قدّس الله روحه:
لوكانت قضايا الشّرع تختلف باختلاف الناس وتناسخ العصور لانحلَّ رباط الشّرع…
وأفتى الشيخ عزّ الدين بالقيام للناس،وقال :
لوقيل بوُجوبه في هذه الأزمنة لماكان بعيداً
وكلّ ذلك فإنّما هو استنباطٌ من قواعد الشّرع لا أنّه خارجٌ عن الأحكام المشروعة.
فاعلم ذلك فإنَّه عجيب.)).(١٣٠/١).
دارالكتب العلمية.

فالحُكم لايتَغيّر بتغيّر الزمان وإنمابتَغيُّر الصورة الحادِثة
كماقال الإمام الزركشي

والفتوى هي التي تتَغير تبَعا لأحوال الأشخاص والوقائع
وتحقيق المناط في ذلك وليس الحُكم

وَالقاعِدَةُ الفقهيَّة:أَنَّ(الحُكم يَدور معَ عِلّته وُجوداً وَعدَماً)
وتحقيق المناط مرتبط بتحقَّق وجود العلّة الذي ارتبط بها الحكم
وليس كمايَظُنُّ البعض أنّ الحكم يتغيّر إذا تغيّر المناط وإنّمايكون هناك حكم آخَر بحسب الصورة الحادِثة
وَالفتوى هي التي تتغيّر بتغيّر المناط في الأشخاص والوقائع
وليس الحُكم
فالمفتي يُعطي الشخص والصورة الحادثة حُكماً يُناسب تحقيق المناط فيها ولايُغيّر أحكامَ الشّرع وهذا ملحظ دقيق يحتاج إلى تأمُّل .

والإمام الجويني له كلام رائع يُنكر فيه تغيُّرَ الأحكام بتغَيُّر المَكان والزّمان
حيث قال في كتابه ((البُرهان))
((وُجوهُ الرأي تختلف بالأصقاع والبِقاع والأوقات،ولو كان الحُكمُ ماتُرشِدُ إليه العقول في طُرُق الاستِصواب،ومَسالكه تختلف
للَزِم أَن تَختِلفَ الأحكام باختلاف الأسباب التي ذكَرناها)).

فالشّريعة ثابتة وأحكامها قد نزلت وثبتت في القرآن والسنّة
ولا تتغيّر الشريعة !وهي باقية إلى قيام السّاعة.

وإنّما الاختلاف والتَّغيُّر يَكون في تحقيق المناط وتنزيل النّصوص وأحكامها على الأشخاص وَالواقِع والوقائع .

السابق
الآثار التي اتكأت عليها المجسمة في استدلالاتهم الواهية (منقول)
التالي
الاستدلال على نفي الجسمية عن الله بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ علَى عَكْسِ ما تَزْعُمُ الْمُجَسِّمة/ منقول