قال البخاري في الأدب المفرد([25]) حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد عن عبد الرحمن بن سعد قال خدرت رجل بن عمر فقال له رجل اذكر أحب الناس إليك فقال يا محمد، زاد ابن السني: فكأنما نُشِطَ من عِقَال([26]).
ففيه أن ابن عمر استغاث بالنبي عندما خدرت رجله، ليذهب الخدر والألم عنهما، لا يقال هذا لا حجة فيه، لأنه فعل موقوف على ابن عمر، وليس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. لأننا نقول: نحن لا نحتج بالأثر لنثبت به حكما شرعيا كاستحباب قول يا محمد عند خدر الرجل، وإنما أوردناه لنثبت أن الاستغاثة بالنبي ليست شركا، لأن هذا الصحابي الجليل من سادة السلف وقد استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان هذا شركا لما فعل ذلك، ثم احتجاجنا به للرد على الخصم الذي ادعى أن الاستغاثة بالنبي بعد موته لم يفعلها أحد من السلف وإنما هي من بدع القبورية والصوفية. فهذا الأثر يبطل ذلك، ونقل ابن السني([27]) عن إبراهيم بن المنذر الحزامي أنه قال: أهل المدينة يعجبون من حسن بيت أبي العتاهية:
وتخدر في بعض الأحايين رجله فإن لم يقل يا عتب لم يذهب الخدر
ثم نقل ابن السني عن ابن سيرين نحو ما نقل عن ابن عمر. فإذًا ابن عمر وابن سيرين وأهل المدينة والعلماء الذين نقلوا هذه الآثار لم يروا بذلك بأسا مثل الحربي([28]) والبخاري وابن السني وابن الأثير([29]) والقاضي عياض في الشفا([30]) والنووي([31]) وابن الجزري في الحصن الحصين، والمناوي في فيض القدير([32]) والصالحي([33])، حتى ابن تيمية([34]) وابن القيم([35]) والشوكاني([36])، فكلهم أوردوه مقرين به غير مستشكلين له أو مشككين به، إلا أن الوهابية استشكلوه وأنكروه، بل إن الألباني استقبح مجرد إيراد هؤلاء العلماء له([37])، وقد جهد الألباني وأتباعه لرد هذا الأثر وتأويله لأنه يعارض مذهبهم من حرمة الاستغاثة بالأموات، وهذا بيان لما أوردوه والرد عليه.
أولا: طعنهم في السند: ولهم في ذلك عدة طعون:
الطعن الأول: ما ذكره الألباني ـ وتابعه على ذلك مقلدوه ـ أن أثر ابن عمر في سنده أبو إسحاق السبيعي، وهو مدلس ولم يصرح بالسماع، كما أنه اختلط بأخرة، فلذلك اضطرب في إسناده فتارة يرويه عن أبي سعيد، وتارة عن عبد الرحمن بن سعد، وتارة عن الهيثم بن حبيش، وهذا اضطراب يُرد به الحديث([38]).
والجواب: إن أبا إسحاق السبيعي ثقة من رجال الشيخين، وثقه النسائي وابن معين([39]) وأبو حاتم وأحمد، وقد شُبِّه بالزهري في كثرة حديثه، بل قال شعبة عنه: كان أحسن حديثًا من مجاهد ومن الحسن وابن سيرين([40]). وأما أنه مدلس وقد عنعنه، فهذا صحيح، فالسبيعي تدليسه من أصحاب الطبقة الثالثة كما صنفه الحافظ([41])، وهم الذين لم يقبل الأئمة ما رووه إلا إن صرحوا بالسماع لكثرة تدليسهم([42]). إلا أن الألباني قد صحح حديثا لقتادة وقد عنعنه، وقتادة من أصحاب الطبقة الثالثة من المدلسين([43]). كما أن البخاري ومسلم رويا عن السبيعي أحاديث كثيرة لم يصرح فيها بالسماع من طريق كثير من الرواة عنه ومنهم الثوري نفسه الذي روى هذا الأثر عنه.
فإن قيل: أحاديث المدلسين التي لم يصرحوا فيها بالسماع والتي رواها عنهم الشيخان محمولة على السماع، لأنه وُجد التصريح فيها بالسماع من طرق أخرى أو رويت من غير طريق المدلسين. فالجواب: أن هذا ليس مطردا، قال المزي: فيهما (أي في الصحيحين) أحاديث من رواية المدلسين ما توجد من غير تلك الطريق التي في الصحيح” ([44]).
ثم إن شعبة روى هذا الحديث عن السبيعي، وقد قيل إنه ما روى عنه إلا ما صرح بسماعه، لذلك صحح الألباني له حديث رواه عنه شعبة ولم يصرح فيه السبيعي بالسماع لهذا السبب([45])، وسيأتي الكلام على هذه الرواية.
وأما أنه اختلط بأخرة، فالجواب من وجوه؛ أولا: قد أنكر الذهبي ذلك فقال عن السبيعي: شاخ ونسي إلا أنه لم يختلط([46])، وعلى التسليم باختلاطه فلا يضره ذلك، لأن البخاري رواه من طريق سفيان الثوري عن السبيعي، والثوري روى عنه قبل الاختلاط لذلك أخرج البخاري في صحيحه عن الثوري عن السبيعي أحاديث كثيرة([47])، والألباني تجاهل ذلك هنا، مع علمه وإقراره بذلك في موضع آخر([48]).
وأما أنه اضطرب في إسناده، فغير مسلم؛ لأن الاضطراب يصار إليه عند عدم الترجيح كما قال ابن الصلاح([49])، والترجيح هنا ممكن بل متعين، فالأثر روي من وجوه عن السبيعي: فرواه ابن السني([50]) من طريق محمد بن مصعب عن إسرائيل عن السبيعي عن الهيثم بن حنش عن ابن عمر. ومحمد بن مصعب ضعفه النسائي وأبو حاتم وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال الخطيب: كان كثير الغلط لتحديثه من حفظه وقال: الحافظ صدوق كثير الغلط([51]). ورواه ابن سعد([52]) من طريق زهير وسفيان الثوري عن السبيعي عن عبد الرحمن بن سعد عن ابن عمر . ورواه ابن السني وإبراهيم الحربي وابن الجعد من طريق زهير عن السبيعي عن عبد الرحمن بن سعد عن ابن عمر([53]). ورواه البخاري في الأدب المفرد والدارقطني في العلل([54]) عن سفيان عن السبيعي عن ابن سعد به، ورواه ابن السني([55]) عن محمد بن خداش عن أبي بكر ابن عياش عن السبيعي عن أبي شعبة عن ابن عمر. ومحمد بن خداش لم أجد من ترجمه إلا أن ابن عساكر أورد في تاريخه([56]) ترجمة لمحمد بن خداش الأذرعي ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ورواه الحربي في غريبه عن شعبة عن السبيعي عمن سمع ابن عمر([57]).
فإذا ألغينا الطرق الضعيفة التي بيّناها سابقا، لم يبق إلا ما رواه الثوري وزهير عن السبيعي عن ابن سعد، وما رواه شعبة عن السبيعي عمن سمع ابن عمر، ولا تنافي بينهما، بل رواية الثوري تفسر الرجل المبهم في رواية شعبة. فتُرجح ([58])رواية الثوري لأن الثوري أثبت الناس في السبيعي وهذا باعتراف الألباني([59])، ولم يبق لدعوى الاضطراب وجه.
والواقع أن حكم الألباني على هذا الأثر بالاضطراب فيه تحكم وهوى، فقد صحح حديث معاوية “نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا”، وأقام الدنيا ولم يقعدها من أجل هذا الحديث، مع أن هذا فيه من الاضطراب أضعاف ما في أثر ابن عمر على التسليم باضطرابه، فقد ساق النسائي لحديث معاوية خمسة وثلاثين طريقا له، موضحا الاختلاف والاضطراب الذي فيه، وقد صرح المزي وغيره من الحفاظ باضطرابه، كما أن الاضطراب واقع في متنه وسنده، فالاضطراب في سنده يضعف ثبوته، والاضطراب في متنه يضعف دلالته([60])، إذ في بعض طرق الحديث ما لا دلالة فيه أصلا على حرمة الذهب محلقا كما سبق، فكيف يضعف الألباني أثر ابن عمر بحجة أنه مضطرب، ثم يصحح الألباني حديث معاوية مع شدة اضطرابه؟! فتأمل ماذا يفعل الهوى بصاحبه!
الطعن الثاني: طعنوا في سنده من جهة جهالة ابن سعد راوي الأثر عن ابن عمر، فزعموا أنه مجهول، واحتجوا بأن ابن معين سُئل عنه فلم يعرفه([61]). والجواب: أولاً: إن عبد الرحمن بن سعد هو القرشي مولى ابن عمر كما قال ذلك المزي وابن حجر([62])، وقد وثقه النسائي كما قال الحافظ([63])، وأما أن ابن معين لم يعرفه فلا حجة فيه، لأنه قد عرفه غيره ومن عرف حجة على من لم يعرف.
ثانيا: تأويلهم للمتن؛ فقالوا هذا ليس من الاستغاثة، وإنما جرى على عادة العرب حيث إن الرجل منهم إذا خدرت رجله نادى من يحبه فيذهب الخدر، وهذا كان معروفا عند الجاهليين قبل الإسلام جُرِّب فنفع([64]).
قلنا: نقضتم أصل دعواكم مرة أخرى، إذ أصل دعواكم أن من أصابه ضر يجب أن يتوجه إلى الله وحده ولا يستغيث بأحد، اللهم إلا أن يأخذ بالأسباب العادية، والخدَرُ ألم وضُرٌّ يصيب الإنسان في رجله، فلا يجوز أن يستغيث بغير الله على مذهبكم، والآن نقضتم دعواكم إذ لا ترون حرجا بعد أثر ابن عمر أن يدعو الإنسانصلى الله عليه وسلم فلم كفّرتم من استغاث بالنبي أو بالبدوي إذاً؟
أم أن الخدر مستثنى من عموم الضر الذي جاء في الآية { إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل : 53]، وهل هذا إلا كاستثنائكم الملائكة في جواز دعائهم عند انفلات الدابة في الفلاة على ما سبق بيانه، واستثنى الألباني أيضا التبركَ بآثار النبي للاستشفاء وإصابة الخير العاجل في الدنيا([65])، واستثنى ابن تيمية أثر مالك الدار السابق، فهلا أجزتم لغيركم أن يستثني حالات أخرى من الاستغاثة، وهل علينا من حرج علينا إن استثنينا مثلكم فقلنا: إن التوسل والاستغاثة محظوران ويستثنى منهما ما إذا لم يقترنا باعتقاد الضر والنفع في المتوسل به؟! فماذا بقي لكم إذاً بعد هذا؟!!
واعترضوا أيضا فقالوا: إن ابنَ عمر لم يدع النبيَ، بل إنما ذكر اسم النبي فقط كما جاء في بعض الروايات، والشائع عند العرب استعمال “يا النداء” في تذكر الحبيب؛ ليكون أكثر استحضارا في ذهن الخادرة رجله، فتنطلق. وابن عمر عَدل عن الاستعمال الشائع هو “يا محمد” إلى “محمد” من دون النداء؛ لما في الشائع من المحذور وهو دعاء غير الله.
قلنا: “يا” أداة النداء ثابتة في الروايات ولا مجال لإنكارها([66])، ثم على التسليم بأنها لم تذكر فهي مقدرة إعرابا؛ وقولكم إن ابن عمر ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم مجردا جريا على عادة العرب!! فمما لا تحسدون عليه لأنه يُبطل أصل إنكاركم على خصومكم في تجويزهم للاستغاثة والتوسل، أليس الاستغاثة والتوسل بغير الله مما جرت به عادة العرب في الجاهلية؟! فهل شفع ذلك لخصومكم، أم أنكم كفرتم خصومكم لمجرد مشابهة استغاثتهم بالنبي باستغاثة مشركين العرب بأصنامهم؛ والآن تستشهدون بفعل العرب في دعاء غير الله عند الخدر، إذاً صارت عادة العرب في الجاهلية حجة عندكم، فلم لا يكون استغاثتهم وتوسلهم حجة أيضا؟! ولم جعلتموهم وخصومكم سواء في الشرك؟! فانظر إلى هذا الاضطراب الهائل؟!!
وقالوا: ما فعله العرب ليس فيه استغاثة بالمحبوب ليزيل الخدر، غاية ما هنالك أنهم كانوا يذكرون المحبوب عند الخدر كما جاء ذلك في أشعارهم، ومجرد ذكر الحبيب لا يسمى توسلا ولو كان هذا توسلا لزم منه أن يكون الله قد قبِل توسل هؤلاء المشركين العرب فأزال عنهم الخدر ومعلوم بطلان ذلك؛ كما أن هذا ليس استغاثة وإنما الاستغاثة تكون لو طلبوا من المحبوب إزالة ضر الخدر؛ وقد قيل: إن ذكرهم للمحبوب عند الخدر يجعل الحرارة الغريزية تتحرك في بدنه، فيجري الدم في عروقه، فتتحرك أعصاب الرجل، فيذهب الخدر([67]).
قلنا: لا نسلم أن العرب كانت تذكر اسم المحبوب فقط عند الخدر وأنها ما كانت تنادي المحبوب؛ بل العرب كانت تنادي المحبوب عند الخدر، بل نصوا على ذلك في أشعارهم:
قال الشاعر([68]):
وإن مذلت([69]) رجلي دعوتك أشتفي …بذكراك من مذل بها فيهون
وقال جميل بثينة([70]):
إذا خَدِرتْ رجلي وقيل شفاؤها … دعاءُ حبيبٍ كنتِ أنتِ دُعَائيا
وقالت امرأة([71]):
إذا خدرت رجلي دعوت ابن مصعب … فإن قلت: عبد الله([72]) أجلى فتورها
وقال آخر([73]):
صب محب إذا ما رجله خدرت نادى كبيشة حتى يذهب الخدر
فقولهم في هذه الأشعار ” دعوت “، ” كنت دُعَائيا “، ” دعوتك “؛ كل ذلك نص منهم على أنهم كانوا يدعون الحبيب عند الخدر ليشفيهم من الخدر ويذهب ما بهم من الضر. وحتى مَنْ يَذكر حبيبَه ذِكْرا مجردا عند الخدر فإنه يقصد من ذلك أن يذهب الخدر عنه؛ كما قال أحدهم([74]):
والله ما خدرت رجلي وما عثرت إلا ذكرتك حتى يذهب الخدر.
فالحاصل أن العرب كانت تنادي الحبيب وتذكره من أجل أن يشفيهم من الخدر، وهذا أشد مما تنكرونه على خصومكم، إذ هم حين يستغيثون بالنبي حين المرض فيشفون؛ يعتقدون جازمين أن الشفاء جاء من الله كما قال تعالى على لسان إبراهيم الخليل: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } [الشعراء: ٨٠] وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك من الأمر شيئا بل إن الأمر كله لله، فالعجب منكم أن لا تروا بأسا في فعل مشركي العرب مع ما فيه من الشرك المتفق عليه، ثم تنكرون على خصومكم ما هو أخف منه بكثير.
ثم لو سلمنا أن العرب لم تصرح بأن ذكرهم للمحبوب هو من أجل الشفاء من الخدر، فإن القرينة وهي الخدر تدل على أن ذكرهم للمحبوب عندها يراد منه زوال الخدر، ولولا هذه القرينة لما كان ذكر الحبيب بمجرده توسلا ولا استغاثة، وإنما يكون ذكره شوقا إليه؛ ونحن نسألكم هل يجوز لمن أصيب بالخدر أن ينادي البدوي أو الجيلاني أو أن يذكر مجرد اسم أحد الأولياء أو الأنبياء؟ فإن قلتم لا، فقد بطل اعتراضكم السابق، وإن قلتم نعم، بطل مذهبكم في شرك من يستغيث بغير الله، والمتداول في كتبكم([75]) تضليل وتبديع والحكم بشرك من ينادي نداء فقط فيقول: يا محمد أو يا بدوي نداء، ثم الآن بعد أن أتيناكم بأثر ابن عمر صرتم تهونون من ذلك؛ فما هذا التناقض؟!!
وقولكم إن هذا جُرب فنفع: عجيب؛ وحقا كما قالوا حبكم للشيء يعمي ويصم، وأنتم وصلتم إلى درجة أكبر إذ نسيتم ما قلتم أنتم أنفسكم في أثر ابن عباس السابق وهو: “إذا انفلتت دابة أحدكم”، ألم يرد الألباني ومن تابعه على الطبراني والنووي وشيوخه حين قالوا في هذا الأثر: إنه مجرب، فقال الألباني: “العبادات لا تؤخذ من التجارب”([76]).
والخلاصة أن الأثر إسناده جيد، وكل ما قيل فيه من العلل لا تثبت اللهم إلا علة التدليس وقد أوردنا ما يخفف من وطئها، وأما دلالته فهي تدل على أن ابن عمر استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم عندما خدرت رجله ولو كان شركا لما فعله. والله الموفق
([25]) الأدب المفرد ص221، مؤسسة الكتب الثقافية
([26]) عمل اليوم والليلة ص89، للحافظ أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري، المعروف بابن السني (364هـ)، تحقيق بشير محمد عيون، مكتبة دار البيان بدمشق.
([27]) عمل اليوم والليلة لابن السني ص90.
([28]) غريب الحديث 2/673، مركز البحث العلمي بجدة.
([29]) النهاية في غريب الحديث 2/13.
([30]) 2/23، ط/دار الفكر.
([31]) الأذكار ص305/ ط/دار الفكر، تحت باب/ ما يقوله إذا خدرت رجله.
([32]) 1/512، ط/العلمية.
([33]) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 11/431، ط/العلمية.
([34]) الكلم الطيب لابن تيمية بتحقيق الألباني، تحت عنوان: فصل في الرجل إذا خدرت ص172.
([35]) الوابل الصيب لابن القيم ص365
([36]) تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين للشوكاني ص239، فهو يقول تعقيبا على أثر ابن عمر: وليس في هذا ما يفيد أن لذلك حكم الرفع فقد يكون مرجع مثل هذا التجريب، والمحبوب الأعظم لكل مسلم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي ذكره عند ذلك كما ورد ما يفيد ذلك في كتاب الله سبحانه وتعالى مثل قوله قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.اهـ ولكن الألباني لم يعجبه كلام الشوكاني فبتر منه كلمتين وهما “عند ذلك” وصار النص بعد بتر الألباني كما في تخريج الكلم الطيب للألباني ص173: “فينبغي ذكره كما ورد ما يفيد”، فتأمل على أمانة الألباني في النقل!!
([37]) فقد أورد ابن تيمية في كتابه الكلم الطيب أثرين في الباب؛ أثر ابن عمر الذي معنا ثم أورد أثر ابن عباس ـ ولكني لم أورده لضعفه ـ فقال الألباني ـ بعد أثر ابن عباس ـ تعقيبا على إيراد ابن تيمية له: “بل لم أستحسن إيراده للأثر الذي قبله (أثر ابن عمر)، وإن كان سنده أحسن حالا من هذا لأنه موقوف، ولا هو في حكم المرفوع لما يأتي، فلا يحتج به ولو صح، ولاسيما وبعض المبتدعة يستدلون به على جواز الاستغاثة بغير الله.اهـ انظر تخريج الكلم الطيب للألباني ص173، نقلا عن حاشية عمل اليوم والليلة لابن السني ص88، تحقيق بشير محمد عيون. إذن لا يُحتج بأثر ابن عمر وإن صح، لئلا يحتج به خصوم الألباني! هكذا صار منهج الاحتجاج بالصحابة والسلف والسنة عنده! فإذا روي عنهم ما هو في صالحه احتج الألباني به ورفع من شأنه وأنكر على من خالفه كما في أثر الدارمي عن ابن مسعود الذي أورده في البدعة كما سبق، وأما إذا لم يكن في صالحه، ضرب الألباني به عرض الحائط كما في أثر ابن عمر الذي معنا. فتأمل هذا التناقض الصارخ!!
([38]) انظر: تخريج الكلم الطيب للألباني ص173.
([39]) انظر ترجمته رقم [149].
([40]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1/148، تهذيب الكمال 22/112.
([41]) طبقات المدلسين أو تعريف أهل التقديس لابن حجر ص42، ط/ مكتبة المنارالأردن.
([42]) طبقات المدلسين أو تعريف أهل التقديس ص 13.
([43]) انظر السلسلة الصحيحة 7/1053
([44]) النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (2/64)
([45]) فقد قال الألباني في السلسلة الصحيحة 6/586: ….إن أبا إسحاق كان مدلسا، و قد ذكروا أن شعبة كان لا يروي عنه ما دلسه و عليه فالإسناد من هذا الوجه صحيح.اهـ
([46]) انظر: ميزان الاعتدال 2/270. لذلك تعقب العراقي ابنَ الصلاح لجعله السبيعي ممن اختلط، انظر: التقييد والإيضاح للعراقي ص455، الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط ص 279، للبرهان الحلبي، ط/ دار الحديث بالقاهرة.
([47]) التقييد والإيضاح للعراقي ص455
([48]) فقد قال الألباني في التوسل ص102، ط/المعارف: وفيه علة أخرى وهي اختلاط أبي إسحاق وعنعنته فإنه كان مدلسا إلا أن سفيان سمع منه قبل الاختلاط.
([49]) حيث قال في مقدمته ص93/ بتحقيق د.العتر: المضطرب من الحديث: وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى .. فالحكم للراجحة.اهـ وأقره الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح(2/773) .
([50]) عمل اليوم والليلة ص89
([51]) تهذيب الكمال (26/462)، تقريب التهذيب 897
([52]) الطبقات الكبرى (4/154)، ط/دار صادر.
([53]) عمل اليوم والليلة ص90، مسند ابن الجعد (1/369)، للحافظ أبي الحسن علي بن الجعد بن عبيد الجوهري البغدادي (230هـ)، تحقيق: عامر أحمد حيدر، مؤسسة نادر – بيروت، ط1/ 1990م. غريب الحديث(2/674)، للإمام أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي (285هـ)، تحقيق: د. سليمان إبراهيم محمد العايد، جامعة أم القرى – مكة المكرمة، ط1/ 1405هـ.
([54]) العلل للدارقطني (13/242)
([55]) عمل اليوم والليلة ص88
([56]) تاريخ دمشق (52/392)
([57]) غريب الحديث للحربي 2/673.
([58]) وقد رجح أبو إسحاق الحويني طريق الثوري وقواه. انظر الفتاوى الحديثية للحويني (1/126)، كتاب منشور على موقع: http: //www.shamela.ws.
([59]) قال الألباني في إرواء الغليل (4/303): والثوري أثبت الناس في أبي إسحاق كما في (التهذيب) والله أعلم.
([60]) انظر المؤنق في إباحة تحلي النساء بالذهب المحلق وغير المحلق ص44
([61]) انظر حاشية عبد الرحمن قائد على الوابل الصيب ص365.
([62]) تهذيب الكمال (17/142)، تقريب التهذيب 580، وقد روى المزي بسنده رواية تؤكد أن ابن سعد هذا هو مولى ابن عمر لا غيره، ونصها: عن عبد الرحمن بن سعد قال كنت عند عبد الله بن عمر فخدرت رجله فقلت له…. انظر: تهذيب الكمال (17/142)
([63]) تقريب التهذيب 580، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/168)، دار الفكر، ط1/1984م.
([64]) هذه مفاهيمنا 35، لصالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ.
([65]) التوسل للألباني ص142.
([66]) أنكر السلفية وجود حرف النداء في أثر ابن عمر، وقالوا ورد الأثر في بعض الروايات من دون حرف النداء، كما هي رواية الثوري التي أخرجها البخاري في الأدب المفرد، وأما زيادتها في الروايات الأخرى فهو إما خطأ مطبعي أو زيدت عن هوى أو هو من تدليس الصوفية. انظر: موقع ملتقى أهل الحديث، مقال بعنوان: “أثر (ذكر الرجل من يحب عند خدر رجله) هذه مصادره فهل يصح شيء من أسانيدها”.
والجواب: أنني تتبعت الروايات لهذا الأثر فكلها فيها حرف النداء بما في ذلك رواية الثوري التي أخرجها البخاري في الأدب المفرد: فرواية الثوري بإثبات حرف النداء وردت كذلك في تاريخ دمشق لابن عساكر (31/177)، وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (4/154)، وفي الأدب المفرد المطبوع في مؤسسة الكتب الثقافية. ووردت أيضا بإثباتها في الطرق الأخرى كما في كتاب الأذكار وفي كتاب عمل اليوم والليلة وكتاب الكلم الطيب والوابل الصيب كما سبق. ولم ترد من دون حرف النداء إلا عند اثنين من السلفية، الأول هو: الألباني في ضعيف الأدب المفرد (87)، مكتبة الدليل، ط4/1998م. والثاني هو فؤاد عبد الباقي في طبعته للأدب المفرد للبخاري ص335، دار البشائر الإسلامية – بيروت، ط3/ 1989م. فأي الاحتمالين أولى، أن تكون أضفيت ياء النداء أم حذفت؟! ومن هو الذي يُتهم بذلك؟!
([67]) هذه مفاهيمنا صالح آل الشيخ ص37
([68]) تاج العروس (30/401)، وأورده الراغب بلفظ:
إذا مذلت رجلي دعوتك أشتفي بذكراك من مذل بها فيهون .
انظر: محاضرات الأدباء ج2/ص66، لأبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (502هـ)، دار القلم، 1999م.
([69]) جاء في تاج العروس (30/400): مَذِلت رجلُه مذْلا ومذَلا: خدِرت.
([70]) الأغاني (8/134)، لأبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني (356هـ)، تحقيق: سمير جابر، دار الفكر – بيروت، الطبعة الثانية.
([71]) الأغاني (24/199)
([72]) هو ابن مصعب نفسه المذكور في الشطر الأول، انظر: الأغاني (24/198)
([73]) شرح نهج البلاغة 19/400
([74]) شرح نهج البلاغة 19/400، لأبي حامد عبد الحميد بن هبة الله، المعروف بابن أبي الحديد (656هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، مؤسسة إسماعيليان.
([75]) مظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية ص1033، إدريس محمود إدريس، مكتبة الرشد، ط2/2005.
([76]) سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/109)