ابن تيمية حكما على الأمة

آراء العلماء في ابن تيمية وشذوذاته (2/الرسالة الذهبية/منقول)

جاء في رسالة الذهبي إلى ابن تيمية (.. إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك؟ إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذم العلماء وتتبع عورات الناس مع علمك بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا تذكروا موتاكم إلا بخير فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا”، بلى أعرفُ إنك تقول لي لتنصُرَ نفسك: إنما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شمّوا رائحة الإسلام ولا عرفوا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو جهاد، بلى والله عرفوا خيرًا مما إذا عمل به العبد فقد فاز، وجهلوا شيئًا كثيرًا مما لا يعنيهم و “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”. يا رجل بالله عليك كُفَّ عنَّا فإنك مِحجاجٌ عليم اللسان لا تقرّ ولا تنام، إياكم والأغلوطات في الدين، كره نبيك صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال “إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان”، وكثرة الكلام بغير دليل تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام فكيف إذا كان في العبارات اليونسية والفلاسفة وتلك الكفريات التي تعمي القلوب؟ والله قد صرنا ضحكة في الوجود، فإلى كم تنبشُ دقائق الكفريات الفلسفية لنردَّ عليها بعقولنا، يا رجل قد بلعتَ سموم الفلاسفة ومصنفاتهم مرات، وبكثرة استعمال السموم يُدمن عليها الجسم وتكمن والله في البدن. واشوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبر، وخشية بتذكر، وصمت بتفكر، واهًا لمجلس يُذكرُ فيه الأبرار فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، لا عند ذكر الصالحين يُذكرون بالازدراء واللعنة، كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخَيتَهما، بالله خلُّونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب، وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها رأسًا من الضلال قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد، ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار، ومن لم يكفّر فهو أكفر من فرعون، وتعد النصارى مثلنا، والله في القلوب شكوك إن سَلِمَ لكَ إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد. يا خيبة من اتبعك فإنه مُعَرَّضٌ للزندقة والانحلال، ولا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليًّا شهوانيًّا لكنه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه وفي الباطن عدو لك بحاله وقلبه، فهل معظم أتباعك إلا قعيدٌ مربوط خفيف العقل، أو عامي كذّاب بليد الذهن، أو غريب واجم قوي المكر، أو ناشف صالح عديم الفهم، فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل. يا مسلم أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار؟ إلى كم تصدقها وتزدري بالأبرار، إلى كم تعظمها وتصغر العباد، إلى متى تُخاللها وتمقت الزهاد، إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح بها والله أحاديث الصحيحين، يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك بل في كل وقت تُغيرُ عليها بالتضعيف والإهدار، أو بالتأويل والإنكار. أما ءان لك أن ترعوي؟ أما حان لك أن تتوب وتنيب، أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل. بلى والله ما أذكر أنك تذكر الموت بل تزدري بمن يذكر الموت، فما أظنك تقبل على قولي ولا تُصغي إلى وعظي بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات وتقطع لي أذناب الكلام، ولا تزال تنتصر حتى أقول لكَ: والبتة سكتت. فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحبُّ الواد، فكيف يكون حالك عند أعدائك، وأعداؤك والله فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر. قد رضيتُ منك بأن تسبني علانية وتنتفع بمقالتي سرًّا :”رحم الله امرءًا أهدى إلي عيوبي”، فإني كثير العيوب غزير الذنوب، الويل لي إن أنا لا أتوب، ووافضيحتي من علاّم الغيوب، ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى ءاله وصحبه أجمعين” انتهت رسالة الذهبي التي استهلها بقوله: “الحمد لله على ذلتي، يا رب ارحمني وأقلني عثرتي، واحفظ عليَّ إيماني، واحزناه على قلة حزني، واأسفاه على السنة وذهاب أهلها، واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على البكاء، واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات، ءاه على وجود درهم حلال وأخ مؤنس. طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وتَبًّا لمن شغله عيوب الناس عن عيبه..” و قد نقلها بتمامها الحافظ السخاوي في كتابه الإعلان بالتوبيخ أ.ه‍ قلت (و إذا كان هذا حال الذهبي المتعصب للحنابلة و المعادي الأشاعرة، نفهم أن انتقاد ابن تيمية لم يكن عداوة و بغضا بل قال به المقربون منه و الموالون له.وشدوا في الإنكار عليه)

وانظر السابق: https://drwaleedbinalsalah.com/آراء-العلماء-ـ-السبكي،-الهيتمي،-ابن-طو/

السابق
آراء العلماء ـ السبكي، الهيتمي، ابن طولون، ابن مخلوف ـ في ابن تيمية وشذوذاته (منقول)
التالي
الرد على فتوى الوهابية في تحريم السبحة (منقول)