نصوص صريحة من السلف تدل على أن السلف يقصدون بالقرآن المدلول لا الدال ، والمعاني لا المباني،
💢النص الأول
عن البخاري في كتاب أفعال العباد (فأما الإمداد والرق ونحوه فإنه خلق كما أنك تكتب الله فالله في ذاته هو الخالق، وخطك واكتسابك من فعلك )
وكذا قال (ومن الدليل عليه أن الناس يكتبون الله ويحفظونه ويدعونه فالدعاء والحفظ والكتابة من الناس مخلوق ولا شك فيه والخالق الله بصفته )
💢النص الثاني
قال الإمام البخاري في خلق أفعال العباد: قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: وَذُكِرَ لَهُ أَنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَقَالَ: ” كَيْفَ تَصْنَعُونَ بِـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} كَيْفَ تَصْنَعُونَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا}
يحيى بن سعيد إمام من أئمة السلف ولكن لا يتفطن أحد لكلامه إلا من قال بقدم المدلول لا الدال
فهو قد قيل أن فلانا يقول أن القرآن مخلوق فاستغرب ذلك وجعل يسأل أنه ثمة آيات في القرآن مدلولاتها قديمة بشكل واضح مثل (قل هو الله أحد) فأحدية الله قديمة (إني أنا الله لا إله إلا أنا) ووحدانية الله قديمة
ولو حملنا كلامه على أنه يقصد الألفاظ، لكان استغرابا ساذجا، إذ يصير محمل الكلام حينئذ أن فلانا من الناس يقول ألفاظ القرآن كلها مخلوقة فيسأل الإمام يحيى بن سعيد كيف كلها مخلوقة والله يقول (الله أحد) (إنني أنا الله لا إله إلا أنا) كيف يصنعون بهذه الآيات كيف يخرجون من هذه الورطة
ألا ترى أخي القارئ مدى سذاجة هذا الاستغراب، وأنه لا ترتفع هذه السذاجة في الاستغراب إلا إذا حملناه على أنه يريد بالآيات المدلول
نكمل مع نص أصرح من الذي سبقه
💢 النص الثالث
قال البخاري في كتاب خلق أفعال العباد: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ يُوسُفَ الزِّمِّيَّ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا تَقُولُ فِي قَوْمٍ يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ فَقَالَ: «أَمِنَ الْيَهُودِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَمِنَ النَّصَارَى؟» قَالَ: لَا،وفي قَالَ: «فَمِنَ الْمَجُوسِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَمِمَنْ. . . .؟» قَالَ: مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، قَالَ: ” لَيْسَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، هَؤُلَاءِ الزَّنَادِقَةُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ مَخْلُوقٌ، يَقُولُ اللَّهُ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ، فَاللَّهُ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، وَالرَّحْمَنُ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، وَالرَّحِيمُ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، وَهَذَا أَصْلُ الزَّنَادِقَةِ، مَنْ قَالَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، لَا تُجَالِسُوهُمْ وَلَا تُنَاكِحُوهُمْ “
انظر رعاك الله إلى الإمام عبد الله بن إدريس حيث يقول : من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن اللَّه مخلوق
تأمل هذا الإلزام كيف ألزم من يقول بخلق القرآن بأن الله مخلوق
ثم انظر وتأمل كيف بين وجه الملازمة
يقول اللَّه: {بسم اللَّه الرحمن الرحيم} ، فاللَّه لا يكون مخلوقا، وَالرحمن لا يكون مخلوقا، والرحيم لا يكون مخلوقا
فالله بمعنى المدلول لا يكون مخلوقا والرحمن بمعنى المدلول لا يكون مخلوقا والرحيم بمعنى المدلول لا يكون مخلوقا
قلت ما أشد السذاجة لو حمل كلام الإمام أنه يقصد بالله لفظ الجلالة والرحيم اللفظ والرحمن اللفظ
لأنه لا وجه لإثبات الملازمة عندئذ
فعلم أن الإمام عبد الله بن إدريس ينفي عدم مخلوقية القرآن بمعنى المدلول لا الدال
💢نص رابع لعالم أهل بغداد هشيم بن بشير
نقل الإمام الذهبي بسند حسن بكتابه العلو حيث قال: قال أبو حاتم الرازي حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سمينة قال جاء رجل إِلى هشيم فقال إِن لنا إماما يقول القرآن مخلوق فقال اقرأ عليه آخر الحشر فإن زعم أَنه مخلوق فقدرت أن تضرب عنقه فاضرب عنقه
قلت تأمل قوله كيف ألزم من يقول بمخلوقية القرآن بآخر سورة الحشر لأن مدلولاتها قديمة بوضوح
وما أسذج هذا الإلزام إن كان يقصد بآخر سورة الحشر مجرد الألفاظ فالذي أمامك يقول من الأساس أن الألفاظ مخلوقة فمن البدهي أنه يلتزم أن آخر سورة الحشر مخلوق ولا داعي لإلزامه بها
إلا أن تكون تحمل كلام الخصم أن مدلولات الكتاب مخلوقة فما أجمل أن تلزمه بآخر سورة الحشر إذ لا ينازع أحد في كونها ليست مخلوقة على أصول أهل السنة
💢قلت ثم إن البخاري دائما عندما ينقل عن السلف تجد السلف يستشهدون بآيات ليكفروا القائل بخلقها
فها هو ذا ينقل عن ابن المبارك: من قال: لا إِله إِلا هو مخلوق، فهو كافر
وعن عفان: من قال: {قل هو اللَّه أحد} مخلوق فهو كافر
فالغريب أنهم دائما يستشهدون بآيات التوحيد التي يتفق الجميع على قدم مدلولاتها
قلت ومعلوم كم اجتهد الأشاعرة في جعل جميع مدلولات الآيات قديمة غير مخلوقة كما في قوله تعالى ( إنا أرسلنا نوحا إلى قومه)
ونقل الإمام علي بن أحمد المنجور عن الإمام السنوسي رضي الله عنه ما نصه: وإذا عرفت مذهب أهل الحق في كلام الله تعالى عرفت أنّ إطلاق السلف على كلام الله عزّ وجلّ أنّه محفوظ في الصدور مقروء بالألسنة مكتوب في المصاحف، وكذا إطلاقهم على هذه الأشياء أنّها كلام الله لا يحمل ذلك على الحلول الذي تبيّن استحالته لكل عاقل، بل لـمّا كانت هذه الأشياء دالة على كلامه عزّ وجل أطلق عليها كلامه من باب إطلاق اسم المدلول على الدال وعكسه، وكذا يطلق على كلامه تعالى أنّه موجود في هذه الأشياء بمعنى أنّه موجود فيها فهما وعلما، لا حلولا، انتهى
https://www.facebook.com/groups/462643500945385/posts/1170581366818258/