جاء في «طبقات الشافعية الكبرى للسبكي» (3/ 357):
مناظرة بَينهمَا فى أَن أَسمَاء الله هَل هى توقيفية
دخل رجل على الجبائى فَقَالَ هَل يجوز أَن يُسمى الله تَعَالَى عَاقِلا
فَقَالَ الجبائى لَا لِأَن الْعقل مُشْتَقّ من العقال وَهُوَ الْمَانِع وَالْمَنْع فى حق الله محَال فَامْتنعَ الْإِطْلَاق
قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن فَقلت لَهُ فعلى قياسك لَا يُسمى الله سُبْحَانَهُ حكيما لِأَن هَذَا الِاسْم مُشْتَقّ من حِكْمَة اللجام وهى الحديدة الْمَانِعَة للدابة عَن الْخُرُوج وَيشْهد لذَلِك قَول حسان بن ثَابت رضى الله عَنهُ»
(فنحكم بالقوافى من هجانا … ونضرب حِين تختلط الدِّمَاء)
وَقَول الآخر
(أبنى حنيفَة حكمُوا سفهاءكم … إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم أَن أغضبا)
أى نمْنَع بالقوافى من هجانا وامنعوا سفهاءكم
فَإِذا كَانَ اللَّفْظ مشتقا من الْمَنْع وَالْمَنْع على الله محَال لزمك أَن تمنع إِطْلَاق حَكِيم عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
قَالَ فَلم يحر جَوَابا إِلَّا أَنه قَالَ لى فَلم منعت أَنْت أَن يُسمى الله سُبْحَانَهُ عَاقِلا وأجزت أَن يُسمى حكيما
قَالَ فَقلت لَهُ لِأَن طريقى فى مَأْخَذ أَسمَاء الله الْإِذْن الشرعى دون الْقيَاس اللغوى فأطلقت حكيما لِأَن الشَّرْع أطلقهُ ومنعت عَاقِلا لَان الشَّرْع مَنعه وَلَو أطلقهُ الشَّرْع لأطلقته
قلت كَذَا وَقع فى هَذِه المناظرة فى إنشاد الْبَيْت حكمُوا بِالْكَاف وَهُوَ الْمَشْهُور فى رِوَايَته وَكنت أجوز أَن يكون حلموا بِاللَّامِ لمقابلته بالسفهاء ثمَّ رَأَيْت فى كتاب الْكَامِل للمبرد رَحمَه الله تَعَالَى
(أبنى حنيفَة نهنهوا سفهاءكم … إنى أَخَاف عَلَيْكُم أَن أغضبا)
(أبنى حنيفَة إننى إِن أهجكم … أدع الْيَمَامَة لَا توارى أرنبا)
وهما لجرير.اهـ
وهي أيضا في «العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد» (ص247)، المؤلف: عبد الباسط بن موسى بن محمد بن إسماعيل العلموي ثم الموقت الدمشقي الشافعيّ (ت ٩٨١هـ)
وقال د. عبد الرحمن المحمود بعد أن أوردها(1) في «موقف ابن تيمية من الأشاعرة» (1/ 375):
«والمناظرات بين الأشعري والجبائي كثيرة، وواضح أن بعضها كان بعد رجوع الأشعري (1) ، وقد تكون من عوامل عدم ثقته بمذهب الاعتزال».اهـ
وانظر أيضا:
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=2073700612797284&id=100004720954224
(1) وأورد أيضا المناظرة الشهيرة ، فقال في «موقف ابن تيمية من الأشاعرة» (1/ 373):
«2- النوع الثاني من الأسباب: مناظراته لشيخه الجبائي، وأشهر هذه المناظرات: مناظرته حول الصلاح والأصلح فقد أوردها ابن خلكان في ترجمة الجبائي فقال:” وعنه أخذ الشيخ أبو الحسن الأشعري شيخ السنة وعلم الكلام، وله معه مناظرة روتها العلماء، فيقال: إن أبا الحسن المذكور سأل أستاذه أبا على الجبائي عن ثلاثة إخوة: أحدهم كان مؤمنا برا تقيا، والثاني كان كافرا فاسقا شقيا، والثالث كان صغيرا، فماتوا، فكيف حالهم؟ فقال الجبائي: أما الزاهد ففي الدرجات، وأما الكافر ففي الدركات، وأما الصغير فمن أهل السلامة، فقال الأشعري: ان أراد الصغير أن يذهب الى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ فقال الجبائي: لا، لأنه يقال له: إن أخاك إنما وصل إلى هذه الدرجات بسبب طاعاته الكثيرة، وليس لك تلك الطاعات، فقال الأشعري: فإن قال ذلك الصغير: التقصير ليس مني، فإنك ما أبقيتني ولا أقدرتني على الطاعة، فقال الجبائي: يقول البارى جل وعلا: كنت أعلم أنك لو بقيت لعصيت وصرت مستحقا للعذاب الأليم، فراعيت مصلحتك، فقال الأشعري: فلو قال الأخ الكافر: يا اله العالمين، كما علمت حاله فقد علمت حالى، فلم راعيت مصلحته» دوني؟ ” [وفي بعض نسخ الوفيات الخطية] : فقال الجبائي للأشعرى: إنك مجنون، فقال: لا، بل وقف حمار الشيخ في العقبة” ، وبسبب انقطاع الجبائي رجع الأشعري عن الاعتزال ، وهناك مناظرة أخرى حول هل يسمي الله عاقلا فقد ” دخل رجل على الجبائي…اهـ