مقالات في العقيدة وعلم الكلام

[2] (( تحقيق ما اتُهم به ورُمي ، عثمان بن سعيد الدارمي ))

“ونختم هذه الرسالة بتلخيص النتيجة التي توصلت إليها منذ مدة ، وهي أن الدارمي عثمان بن سعيد لا يجوز لنا أن نحمله تبعة ما ورد في كتاب النقض من تجسيم ومن ثم إسقاط رواياته الورادة في كتب أمثال الحاكم والبيهقي وغيرهما، وذلك لأن التهمة الموجهة إليه فرع عن ثبوت نسبة كتاب النقض إليه، بينما لا نرى بعد البحث والنظر أن هذا الكتاب تصح نسبته للدارمي أصلا لأن النسخ التي بين أيدينا ترجع إلى أصل واحد ناسخه مجهول وسنده ينتهي بغير واحد من المجهولين، وتبين لنا من خلال تناقض بعض العبارات أن الكتاب لم يسلم من أصابع كرامية عابثة في الكل أو البعض، وتبين لنا أن مجرد ورود اسم الكتاب في مصنفات الدارمي عند من ترجمه لا يعطي أي حجة على صحة نسبة الكتاب إليه ، ومن ثم لا نجوز وصف الدارمي بالتجسيم مطلقا حتى يقيد ذلك بفرض ثبوت الكتاب له ، وهذا ما لا نراه والله أعلم.”

[2] (( تحقيق ما اتُهم به ورُمي ، عثمان بن سعيد الدارمي ))

(مقال لأحد الإخوة في موقع الأصلين)

قال وليد بن الصلاح : ما تقدم أعلاه هو خاتمة ومحصلة لمقال لأحد الإخوة في موقع الأصلين يشكك فيه بثبوت كتاب نقض الدارمي على المريسي؛ والمقال خضع لمناقشة مفيدة وأخذ ورد بين صاحب المقال وبين الشيخ سعيد فودة، ولكم أن ترجعوا إليها بتمامها في الموقع لما فيها من فوائد….وقد أوردت الجزء الأول من أصل المقال في مكان آخر*، وهنا أسرد الجزء الثاني منها:

‘‘‘‘‘‘هذا وحتى لا يزداد الموضوع طولا فأنا أثبت هنا بعض الحقائق التي وقفت عليها بعد البحث والتنقيب :

1 ـ إن من نسب الكتاب للدارمي ينقسمون على قسمين، قسم اطلع على نسخة الكتاب ورأى مخطوطته وعليها الطبقات والسماعات وشاهد إسنادها ينتهي إلى أبي سعيد الدارمي فحكم بأن كتاب النقض هو للدارمي ، وهذا حال الذهبي وابن تيمية وابن القيم والحافظ ابن حجر وغيرهم، والقسم الثاني لم يطلع على الكتاب وإنما عزاه للدارمي تقليدا لغيره من المترجمين وهذا حال التاج السبكي والسخاوي وغيرهم فيما بدا لي، ومن جاء بعد هؤلاء إلى أيامنا هذه لم يخرج عن هذين القسمين، فأما المقلدون فلا حجة في كلامهم لأنهم لا يصدرون عن حجة وبرهان وإنما اعتمدوا على غيرهم، وأما الذين وقفوا على النسخة الخطية وشاهدوا سندها فلنا أن نشاهد السند كما شاهدوه لنتوصل إلى التالي :

2 ـ إن النسخة الخطية التي توجد بأيدينا اليوم هي فرع عن النسخة التي اطلع عليها من اطلع من المؤرخين ، والدليل على هذا أن طبقات السماع المثبتة هي هي ، والسند المثبت على النسخة هو هو ، وبعد مراجعة الفهارس والمعاجم التي خرجت هذا الكتاب كمعجم الحافظ ابن حجر نجد أن السند الذي يروون به هو هو السند المثبت على النسخة الخطية التي بأيدينا لا يخرجون عنه ، والذي اكتشفته أنا الفقير إلى الله أن السند للكتابين معا فيه مجاهيل لا يعرفون ـ أو هكذا الحال عندي ـ كمحمد بن أحمد بن الفضل وأبي روح الأزدي ومحمد بن إسحق القرشي ومحمد بن إبراهيم الصرام وغيرهم، فكيف تصح نسبة هذا الكتاب إليه على قواعد أهل الحديث ؟؟!! حتى بعض الروايات التي وجدناها مخرجة من كتاب النقض في كتب أخرى كبعض مؤلفات أبي إسماعيل الهروي لم تسلم كذلك من بعض هؤلاء المجهولين!! فكيف يتفرد المجهولون برواية هذين الكتابين ثم يتحمل الدارمي تبعة كل ما فيهما ؟؟!! لا شك أنني غير ملزم بالطعن في الدارمي بل ولست ملزما بكونه صاحب ( مبالغة ) على حد تعبير الذهبي ، ولا بكونه صاحب ( مغالاة ) كما قال الألباني فضلا عن التجسيم والتشبيه الذي يراه الأستاذ الكوثري، لأن هذا كله فرع عن صحة ذلك عن الدارمي وليس بين أيدينا سوى نسخة تحمل سندا ينتهي إلى مجاهيل لا ندري لعلهم من أتباع أبي عبدالله بن كرام المجسم الذي طرده الدارمي من هراة.

3 ـ ومما لفت نظري في كتاب النقض وجود مواطن تثير الارتياب كعبارتين متناقضتين مما يدل على حصول دس في صلب المتن فلاحظوا هذه العبارة :

(( قيل له : لا نسلم أن مطلق المفعولات مخلوقة ، وقد أجمعنا على أن الحركة والنزول والمشي والهرولة والاستواء على العرش وإلى السماء قديم ، والرضى والفرح والغضب والحب والمقت كلها أفعال في الذات للذات وهي قديمة …. )) اهـ .

فهذه العبارة فيها من التراكيب الكلامية ما لا يوجد جنسه في ذلك العصر لا سيما على لسان محدث كالدارمي .

ثم نجد العبارة التالية التي تحمل نقيض معنى الأولى :

(( والمفعولات كلها مخلوقة لا شك فيه )) !!!

فانظر هنا إلى قوله : المفعولات كلها مخلوقة ، ثم انظر إلى قوله السابق : لا نسلم أن مطلق المفعولات مخلوقة !!!!!! فمن المهم جدا هنا أن نسجل أن هاتين العبارتين متناقضتان وقد وردتا كلتاهما على أنهما من صلب المتن ، وتشتمل العبارة الأولى على لغة كلامية معقدة بعيدة عن طبيعة الدارمي كمحدث، ومن الملفت للنظر أن العبارة الأولى تتناسب ما أفكار الكرامية الذين قام الدارمي بطرد شيخهم المجسم من هراة !!! ولئن سلمنا أن إحدى العبارتين ليست من المتن ـ كما تفيده نسخة ـ بل هي تعليق من الناسخ فهذا يدل ثانية على أن هناك تصرفا في الكتاب لصالح المذهب الكرامي بلا ريب بل لعله أقوى دلالة من الصورة الأولى !! .

4 ـ ثم إنه لا ريب في احتواء كتاب النقض على عبارات غاية في البشاعة والشناعة لا عندي، ولا عند أمثال الأستاذ الكوثري فحسب، بل حتى عند أمثال الألباني وغيره من المنصفين، عبارات من مثل :

(( خبر خلق الملائكة من شعر الذراعين والصدر !! والاستلقاء على العرش!! ووضع رجل على أخرى !!! ومس الركبة !!! وأن الله تعالى يزول من مكان إلى مكان !! وأنه لو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته !!! وأن رأس المنارة أقرب إلى الله من أسفله !!! وأنه يحب ويبغض ويرضى ويسخط حالا بعد حال في نفسه !!!! وأن العرش يحمله تعالى ويقله !!! .. )) إلخ .

وهذه العبارات تسقط قائلها أيا كان بلا شك، ولكن من أين لنا بعد ما قدمنا أن هذه العبارات المشينة هي من أصل الكتاب على فرض أنه له ؟؟!! فإن الكتاب لو جاز أن يكون له فلا يمتنع أن يدس عليه فيه من العبارات التي تسقطه بقصد الانتقام منه لطرده شيخ الكرامية، ما المانع من هذا لا سيما بعد أن رأينا المجاهيل في إسناد الكتاب، وشممنا رائحة أتباع أبي عبدالله بن كرام فيه ؟؟ فكم دس الحاقدون على العلماء ما ليس من كلامهم ولا من تصانيفهم، والحاصل أن الدارمي مع هذا لم يوجه له جرح ولا نقد ولا تهمة بتشبيه ولا تجسيم ولم يشر إليه أحد ممن الف في الفرق الضالة ممن جاء بعده كالإمام أبي الحسن الأشعري وغيره مع ما ترى في هذا الكتاب المنسوب إليه من عبارات التجسيم، بينما وجهت لمن صدرت منهم عبارات هي أخف بمراحل من عبارات كتاب النقض هذا !! ولهذا كله لا نرى من الإنصاف تحميل الدارمي تبعة ما يحتويه كتاب النقض وأخوه الرد على الجـهـمـيـة.

[ الخاتمة ]

ونختم هذه الرسالة بتلخيص النتيجة التي توصلت إليها منذ مدة ، وهي أن الدارمي عثمان بن سعيد لا يجوز لنا أن نحمله تبعة ما ورد في كتاب النقض من تجسيم ومن ثم إسقاط رواياته الورادة في كتب أمثال الحاكم والبيهقي وغيرهما، وذلك لأن التهمة الموجهة إليه فرع عن ثبوت نسبة كتاب النقض إليه، بينما لا نرى بعد البحث والنظر أن هذا الكتاب تصح نسبته للدارمي أصلا لأن النسخ التي بين أيدينا ترجع إلى أصل واحد ناسخه مجهول وسنده ينتهي بغير واحد من المجهولين، وتبين لنا من خلال تناقض بعض العبارات أن الكتاب لم يسلم من أصابع كرامية عابثة في الكل أو البعض، وتبين لنا أن مجرد ورود اسم الكتاب في مصنفات الدارمي عند من ترجمه لا يعطي أي حجة على صحة نسبة الكتاب إليه ، ومن ثم لا نجوز وصف الدارمي بالتجسيم مطلقا حتى يقيد ذلك بفرض ثبوت الكتاب له ، وهذا ما لا نراه والله أعلم.’’’’

كذا في:http://www.aslein.net/showthread.php?t=97

ــــــــــــــــــــــــــــ

*انظره على:https://www.facebook.com/SfhtMhbwAldktwrWlydAlzyrHfzhAllh/posts/384225491725265

السابق
الإسلام كفيل أن يضبط حياتك ويحقق لك حياة السعداء
التالي
رابط تنزيل وتفعيل مجاني للبرنامج العملاق لاستعادة الملفات المحذوفة على الحاسوب والأقراص الصلبة الخارجية (الهارد ديسك) واسمه “EaseUS Data Recovery Wizard”