جاء في تاريخ الإسلام للإمام الذهبي (19/ 310): محمد بن كرّام بن عراق…. الشيخ الضال المجسم أبو عبد الله السجستاني، شيخ الكراميين.
حدث عن: إبراهيم بن يوسف البلخي…وأحمد بن عبد الله الجويباري، وجماعة.
وعنه محمد بن اسماعيل بن اسحاق … وعبد الله القيراطي ….
قال الحاكم: ولد بقرية من قرى زرنج بسجستان، ثم دخل خراسان وأكثر الاختلاف إلى أحمد بن حرب الزاهد.
…..وقد أثنى عليه، فيما بلغني، ابن خزيمة*، واجتمع به غير مرة.
….سمعت عثمان الدارمي يقول: حضرت مجلس أمير سجستان إبراهيم بن الحصين يوم أخرج محمد بن كرام من سجستان، وحضر عثمان بن عفان السجستاني وأهل العلم، فدعي محمد كرام، فقال له الأمير: ما هذا العلم الذي جئت به ممن تعلمت ومن جالست قال: إلحام ألحمنيه الله تعالى، بالحاء.
فقال له: هل تحسن التشهد قال: نعم، الطلوات لله بالطاء، حتى بلغ إلى قوله: السلام عليك أيها النبي. فأشار إلى إبراهيم بن الحصين، فقال له: قطع الله يدك. وأمر به فصفع وأخرج.
وقال ابن حبان: محمد بن كرام كان قد خُذل حتى التقط من المذاهب أردأها، ومن الأحاديث أوهاها. ثم جالس الجويباري، ومحمد بن تميم السعدي، ولعلهما قد وضعا على النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين مائة ألف حديث. ثم جالس أحمد بن حرب، وأخذ عنه التقشف. ولم يكن يحسن العلم. وأكثر كتبه المصنفة صنفها له مأمون بن أحمد السلمي.
وحدثني محمد بن المنذر، سمع عثمان بن سعيد الدارمي يقول: كنت عند إبراهيم بن الحصين، إذ دخل علينا رجل طوال عليه رقاع، فقيل: هذا ابن كرام.
فقال له إبراهيم: هل اختلفت إلى أحد العلماء قال: لا.
قال: لقيت عثمان بن عفان السجستاني قال: لا.
قال: فهذا العلم الذي تقوله، من أين لك
قال: هذا نور جعله الله في بطني.
قال: تحسن التشهد قال: نعم، التهيات له والصلوات والتيبات. السلام ألينا وألى إباد الله الصالحين، أشحد أن لا إله إلا الله وأشحد أن مهمداً أبدك ورسولك. قال: قم، لعنك الله. ونفاه من سجستان.
قال ابن حبان: هذا حاله في ابتداء أمره، ثم لما أخذ في العلم أحب أن ينشئ مذاهب لتعرف به. جعل الإيمان قولاً بلا معرفة قلب، فلزمه أن المنافقين لعنهم الله مؤمنون.
قال: وكان يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن حجة الله على خلقه إن الحجة لا تندرس ولا تموت. وكان يزعم أن الاستطاعة قبل الفعل. وكان يجسم الرب جل وعلا، وكان داعية إلى البدع يجب ترك حديثه فكيف إذا اجتمع إلى بدعته القدح في السنن والطعن في منتحليها.
قلت: ونظيره في زهده وضلاله عمرو بن عبيد. نسأل الله السلامة
قالوا: وتوفي ببيت المقدس من الليل. فحمل بالغد، ولم يعلم بموته إلا خاصته، ودفن في مقابر الأنبياء بقرب زكريا ويحيى عليهما السلام. قال: وتوفي وأصحابه ببيت المقدس نحو عشرين ألفاً.
قال الحسن بن إبراهيم الجوزقاني الهمذاني في كتاب الموضوعات له: كان ابن كرام يتعبد ويتقشف، وأكثر ظهور أصحابه بنيسابور وأعمالها، وبيت المقدس. ومنهم طائفة قد عكفوا على قبره، مال إليهم كثير من العامة لاجتهادهم وظلف عيشهم.
وكان يقول: الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وهو قول باللسان مجرد عن عقد القلب، وعمل الأركان. فمن أقر بلسانه كلمة التوحيد فهو مؤمن حقاً، وإن اعتقد الكفر بقلبه، والتثليث، وأتى كل فاحشة وكبيرة، إلا أنه مقر بلسانه، فهو موحد ولي الله من أهل الجنة لا تضره سيئة. فلزمهم من هذا القول أن المنافقين مؤمنون حقاً.
قال الجوزقاني: وطائفة منهم (أي من الكرامية) تسمى المهاجرية، تقول بأن الله تعالى جسم لا كالأجسام، وأن الأنبياء تجوز منهم الكبائر إلا الكذب في البلاغ. وقد نفاه صاحب سجستان وهاب قتله لما رآه زاهداً بزي العباد، فقدم نيسابور، وافتتن به خلق كثير من أهلها، فنفاه متولي نيسابور، فخرج معه خلق كثير من أعيان الناس. وامتد على حاله إلى بيت المقدس، فسكن هناك.اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*قال وليد: ومن هنا ندرك أن ابن خزيمة تأثر بابن كرام في قضية التجسيم، وكذا عثمان الدارمي المجسم فيما سيأتي، وابن خزيمة والدارمي ومقاتل بن سليمان ـ الذي جاء بالتجسيم من أهل الكتاب وفسّر به القرآن كما سبق بيانه في حالة مستقلة ـ هم سلف ابن تيمية الأوائل في التجسيم وإن زاد هو عليهم أضعافا مضاعفة، لذلك يرى ابن تيمية ـ وأتباعه ـ أن الكرامية أقرب إلى الحق من الأشاعرة ومن وافقهم؛ وهذا أمر طبيعي طالما أن ابن تيمية اقتفى أثر الكرامية بل إن ابن تيمية ينقل ويستشهد بكلام وكتب ابن الهيصم المجسم من أئمة الكرامية يستشهد ابن تيمية به في الصفات في كتابه درء تعارض العقل والنقل 2/47، ولكن للمفارقة فإن الكرامية مرجئة و”قبورية” أيضا لما سبق من قوله ” ومنهم طائفة قد عكفوا على قبره”، والإرجاء و”القبورية” هما من الضلال المبين عند ابن تيمية وأتباعه، ولم يتركوا شتيمة وإلا وقذفوا بها مخالفيهم من المسلمين بهما، فكيف أثنوا على الكرامية مع أنهم مرجئة و”قبورية”؟!! أم أن كونهم مجسمة يَجبُّ ما سواه؟!!! انظر: مجموع الفتاوى 6/55، مقالة التشبيه، د.جابر أمير 1/305.