صفة الحد لله

(2)التحقيق المبارك فيما رُوي في الحَدِّ عن ابن المبارك ـ رحمه الله ـ[1]

(2)التحقيق المبارك فيما رُوي في الحَدِّ عن ابن المبارك ـ رحمه الله ـ[1]

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/792594584187899/
فإن قيل : زيادة الثقة مقبولة، والحسن بن الصباح البزار ثقة، فتكون زيادته مقبولة لاسيما وأنها غير مخالفة لرواية الآخرين.
قلنا: الحسن بن الصباح البزار: متكلَّمٌ فيه فلا يحتمل التفرد بزيادة لم يزدها رواة الأثر وهم الأكثر وعددهم أربعة على الأقل كما سبق، وبيان ذلك أن الحسن بن الصباح البزار هذا وإن وثقه الإمام أحمد، وقال أبو حاتم: صدوق، وأثنوا عليه، وأخرج له البخاري في صحيحه إلا أنه لم يكثر عنه كما قال الحافظ في هدي الساري[2]، وقال النسائي عنه: ليس بالقوي، ومرة قال: صالح، لذلك أورده الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال (1/ 499)، وقال عنه الحافظ في التقريب: صدوق يهم.[3]اهـ فلعل زيادة الحد من أوهام البزار هذا… ومما يؤكد ذلك أن عثمان الدارمي روى أثرَ ابن المبارك من طريق البزار هذا في موضعين من كتابه الرد على الجهمية، أحدهما بزيادة لفظ الحد[4]، والثاني دون زيادة لفظ الحد[5]…. وكلاهما عن الحسن بن الصباح عن ابن شقيق عن ابن المبارك…. وهذا يؤكد أن الحسن بن الصباح كان مرة يُحدِّث بأثر ابنِ المبارك على الجادة دون زيادة الحد كما رواه الأكثرون ، وأحيانا يُحدِّث به فَيَهِم ويذكر زيادة الحد.
فإن قيل: لعل الدارمي لم يذكر زيادةَ الحد من طريق البزار في أحد الموضعين اختصارا.
قلنا: هذا محتمل، ولكن يحتمل أيضا أن الدارمي سمعه من البزار مرة هكذا (أي بزيادة لفظ الحد) ومرة هكذا (أي دون زيادة الحد)… ويؤكد هذا أن الدارمي رواه في الموضعين بلفظين، فلفظ الزيادة يبدأ بقوله: ” عن ابن المبارك ، أنه سئل : بم نعرف ربنا ؟ “، واللفظ الآخر بدون الزيادة يبدأ بقوله ” عن ابن المبارك ، قال : قيل له : كيف نعرف ربنا ؟ “، فهذان اللفظان وإن كانا بنفس المعنى، إلا أن ذلك قد يكون قرينة على أن الدارمي سمعه مرتين من البزار، مرة بزيادة الحد ولفظه ” عن ابن المبارك ، أنه سئل… “، ومرة سمعها منه من غير زيادة الحد ولفظه ” عن ابن المبارك ، قال : قيل له “.
ويؤكد هذا أن البيهقي روى لفظ الزياة من طريق محمد بن نعيم عن الحسن بن الصباح البزاز عن ابن شقيق بلفظ “سألتُ عبد الله بن المبارك قلت : كيف نعرف ربنا…”…فنلاحظ أن الدارمي يروي لفظ الزيادة سماعا من البزار عن ابن شقيق بلفظ ” عن ابن المبارك ، أنه سئل “، ويرويه الدارمي أيضا بدون الزيادة بلفظ : ” عن ابن المبارك ، قال : قيل له “، فالسائل لابن المبارك في كلا اللفظين لم يحدده ابنُ شقيق بل أبهمه، وأما البيهقي فيرويه بلفظ مغاير لكلا اللفظين وهو أن ابن شقيق هو نفسه سأل ابنَ المبارك فقال له: “كيف نعرف ربنا”….هذا مع أن البيهقي والدارمي يروون الزيادة من طريق البزار ولكن بألفاظ مختلفة كما سبق، وهذا قد يدل على أن البزار لم يضبط الأثر لذلك كان يرويه بألفاظ مختلفة فمرة يزيد لفظ الحد، ومرة لا يزيده ويوافق رواية الآخرين الذين رووا نفس الأثر دون زيادة لفظ الحد.
فإن قيل: لعل البزار رواه أحيانا بلا زيادة الحد اختصارا أو لم تنشط همته لروايته مع الزيادة ، وأحيانا كانت تنشط همته ويرويه كاملا مع الزيادة.
قلنا: هذا محتمل وربما يتعين لولا أن الأكثر رووا الأثر من دون الزيادة كما سبق ، وبذلك تكون رواية الأكثر قرينة على أن ما وقع من البزار هو من قبيل الوهم لا من قبيل الاختصار ونحوه.
فإن قيل: قد تابع الحسنَ البزارَ على الزيادة عبدُ العزيز بن حاتم عند البيهقي، وابن شبويه عند عبد الله بن أحمد في السنة كما سبق …
قلنا: عبد العزيز مجهول كما سبق بيانه، وأما متابعة ابن شبويه فقد قلنا إن البيهقي روى الأثر من طريق ابن شبويه من غير الزيادة، فضلا عن أن محقق كتاب السنة علّق بأن لفظ الحد الذي وقع في كتاب السنة لم يجده إلا في كتاب الرد على الجهمية للدارمي.
والحاصل أن أثر ابن المبارك بزيادة لفظ الحد لم يثبت من طريق صحيح بل إن الأكثرون رووه من غير هذه الزيادة . والله أعلم.

وعلى التسليم بثبوت هذه الزيادة فلا دلالة فيها على … وانظر اللاحق:

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/802273743219983/

———————————

[1] انظر السابق:
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/791181734329184/
[2] جاء في هدي الساري مقدمة فتح الباري لابن حجر (1/ 397): الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّار أَبُو عَليّ الوَاسِطِيّ وَثَّقَهُ أَحْمد وَأَبُو حَاتِم وَقَالَ النَّسَائِيّ صَالح وَقَالَ فِي الكنى لَيْسَ بِالْقَوِيّ، قلت هَذَا تليين هَين وَقد روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَصْحَاب السّنَن إِلَّا بن ماجة وَلم يكثر عَنهُ البُخَارِيّ.اهـ
وجاء في تهذيب الكمال (6/ 194) في ترجمة البزار: وقال أبو حاتم صدوق وكانت له جلالة عجيبة ببغداد كان أحمد بن حنبل يرفع من قدره ويجله وقال أبو قريش محمد بن جمعة الحافظ حدثنا الحسن بن الصباح وكان أحد الصالحين وذكره النسائي في كتاب الكنى وقال ليس بالقوي وذكره في أسماء شيوخه وقال بغدادي صالح وذكره أبو حاتم بن حبان في كتاب الثقات .اهـ
[3] جاء في تقريب التهذيب لابن حجر (ص: 239): 1251 – الحسن بن الصباح البزار آخره راء أبو علي الواسطي نزيل بغداد صدوق يهم وكان عابدا فاضلا من العاشرة مات سنة تسع وأربعين خ ت س.اهـ
[4] جاء في الرد على الجهمية للدارمي(ص: 83) بتحقيق البدر : 162 – حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أَنَّهُ سُئِلَ: بِمَ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: «بِأَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى الْعَرْشِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ» قَالَ: قُلْتُ: بِحَدٍّ؟ قَالَ: «فَبِأَيِّ شَيْءٍ؟».
[5] جاء في الرد على الجهمية للدارمي (ص: 39،40): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: كَيْفَ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: «بِأَنَّهُ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى الْعَرْشِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ» (انظر الصور،7، 8، 9)

السابق
توفي في هذه الليلةالمباركة الشيخ الحنفي البغدادي الشيخ العلامة ا.د محمد محروس الاعظمي رحمه الله تعالى (منقول)
التالي
المسائل التي رجحها الشافعية من المذهب القديم للإمام الشافعي (منقول)