صفة الحد لله

التحقيق المبارك فيما روي في الحد عن ابن المبارك ـ رحمه الله ـ

(1) التحقيق المبارك فيما روي في الحد عن ابن المبارك ـ رحمه الله ـ


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه …. وبعد فقد روى غير واحد من الحفاظ من طريق على بن الحسن بن شقيق أنه قال لابن المبارك: كيف نعرف ربنا؟ قال: ” فوق السماء السابعة، على عرشه، ولا نقول: هاهنا، كما تقول الجهمية “.
وزاد بعض الرواة عن ابن شقيق قوله:”. قلت: بحد؟ قال: إي والله بحد.”
وفيما يلي الكلام على هذا الأثر رواية ودراية.
أولا: الكلام عليه رواية، ويتضمن تخريج الأثر مع تخريج زيادته والحكم عليها.
فأقول وبالله التوفيق: روى الأثر بزيادة لفظ الحد عن ابن المبارك عثمان الدارمي في الرد على الجهمية فقال: حدثنا الحسن بن الصباح البزار البغدادي، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك، أنه سئل … إلخ [1]، ورواه أيضا البيهقي [2] من طريق محمد بن نعيم عن الحسن بن الصباح عن ابن شقيق، ولكن محمد بن نعيم هو إما الجرمي أو البخاري، وكلاهما ذكرا دون جرح أو تعديل كما ذكر ذلك الحاشدي في حاشيته على الأسماء والصفات (انظر الصورة رقم 1،2).
وروى الزيادة أيضا عبد الله بن أحمد في السنة من طريق آخر عن ابن شقيق فجاء في السنة لعبد الله بن أحمد (1/ 174): 216 – حدثني عبدالله بن أحمد بن شبويه [3] أبو عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسن يعني ابن شقيق يقول سمعت عبدالله يقول الايمان قول وعمل يزيد وينقص … قال: وسمعت عبدالله يقول نعرف ربنا عز و جل فوق سبع سموات على العرش بائن من خلقه بحد ولا نقول كما قالت الجهمية ها هنا وأشار بيده إلى الأرض. اهـ
ولكن علق محقق كتاب السنة د. القحطاني على عبارة “خلقه بحد” فذكر أن هذه العبارة لم يجدها في الكتب إلا عند الدارمي في الرد على الجهمية …. (انظر الصورة رقم 3،4،5).
وفضلا عن ذلك فإن البيهقي رواه في الأسماء والصفات [4] من طريق ابن شبويه دون لفظ الحد.
ورواها بزيادة الحد أيضا ابن بطة [5] والذهبي [6] عن الإمام أحمد عن ابن المبارك ولكن بصيغة التمريض “ويحكى”، والإمام أحمد لم يسمع من ابن المبارك وإنما يروى عنه في المسند بواسطة عبد الرحمن بن المهدي والقطان وعارم وغيرهم.
على أن ابن قدامة [7] والذهبي [8] روايا ذلك عن الإمام أحمد عن ابن المبارك ولكن دون ذكر الحد.
وروى الزيادة أيضا البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عبد العزيز بن حاتم عن ابن شقيق [9]، ولكن عبد العزيز بن حاتم ليس له ترجمة أصلا كما أقر بذلك الحاشدي محقق الأسماء والصفات. (انظر الصورة رقم 5)
فهذه جملة من روى أثر ابن المبارك بزيادة لفظ الحد.
وروى الأثر نفسه من دون ذكر الحد كل من البيهقي من طريق عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي، وقد سبق، والدارمي من طريق الحسن بن الصباح البزار [10]، وابن بطة من طريق محمد بن إسحاق [11]، وعبد الله في السنة [12] والذهبي في العلو كلاهما من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي [13]، وابن قدامة من طريق الأثرم عن القيسي عن أحمد قال يحكى عن ابن المبارك [14]، وابن المقرئ من طريق أحمد بن خليل [15]، كلهم عن ابن شقيق عن ابن المبارك به دون ذكر الحد.
فتحصل لنا أن أثر ابن المبارك مروي من طريق علي بن الحسن بن شقيق، واختلف عليه فرواه الأكثرون من دون ذكر الحد، وهم:
1) أحمد بن خليل عند ابن المقرئ في معجمه
2) الأثرم عن القيسي عن أحمد عند ابن قدامة في إثبات صفة العلو
3) أحمد بن إبراهيم الدورقي عند عبد الله في السنة والذهبي في العلو.
4) محمد بن إسحاق عند ابن بطة في الإبانة
5) عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي عند البيهقي في الأسماء والصفات.
6) الحسن بن الصباح البزار عند الدارمي في الرد على الجهمية كما سبق.
ورواه عن ابن شقيق بزيادة الحد كل من:

  1. الحسن بن الصباح البزار، وقد رواه عنه مباشرة عثمان الدارمي، ولكن رواه الدارمي في موضع آخر عن البزار هذا دون ذكر الحد كما سبق، ورواه البيهقي من طريق محمد بن نعيم عن الحسن بن الصباح، ومحمد بن نعيم ليس فيه جرح ولا تعديل.
  2. وابن شبويه عند عبد الله في السنة، ولكن رواه البيهقي عن ابن شبويه دون ذكر الحد كما سبق.
  3. والأثرم في الإبانة لابن بطة والخلال كما في العرش للذهبي كلاهما عن القيس عن الإمام أحمد بن حنبل عن ابن المبارك تعليقا بصيغة التمريض “يحكى”، ولكن رواه أيضا ابن قدامة في العلو والذهبي في العلو عن الإمام أحمد بصيغة التمريض ولكن دون زيادة لفظ الحد كما سبق.
  4. والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عبد العزيز بن حاتم عن ابن شقيق، ولكن عبد العزيز بن حاتم ليس له ترجمة أصلا كما سبق.
    فتحصل لنا أن من روى الزيادة هم الحسن بن الصباح وابن شبويه، وعبد العزيز بن حاتم، والإمام أحمد تعليقا بصيغة التمريض. وهؤلاء الأربعة كلهم رووا الأثر بالزيادة ورووه أيضا بعدمها سوى عبد العزيز بن حاتم وهو مجهول كما سبق.
    يبقى لنا أن من روى الأثر بدون الزيادة دون خلاف أو تردد هم ثلاثة :
    1) أحمد بن خليل عند ابن المقرئ في معجمه
    2) أحمد بن إبراهيم الدورقي عند عبد الله في السنة والذهبي في العلو.
    3) محمد بن إسحاق عند ابن بطة في الإبانة.
    فهؤلاء الثلاثة رووا ـ دون تردد أو خلاف ـ عن ابن شقيق عن ابن المبارك الأثر دون زيادة الحد، في مقابل عبد العزيز بن حاتم الذي روى الأثر ـ دون تردد أو خلاف ـ عن ابن المبارك بزيادة الحد.
    وأما من سوى ذلك ممن روى الأثر بزيادة الحد وهم: الحسن البزار، والإمام أحمد تعليقا بصيغة التمريض، وابن شبويه، فقد رووه مرة بالزيادة ومرة بعدمها، فإذا أسقطنا رواية هؤلاء الثلاثة وذلك لأنهم هم أنفسهم رووا الأثر من غير زيادة لفظ الحد …. فيبقى لدينا ثلاثة رووها بدون الزياة جزما، وواحد رواها بالزيادة جزما … ولا شك أن رواية الثلاثة مقدمة على رواية الواحد ولاسيما أن هذا الواحد وهو عبد العزيز بن حاتم مجهول كما سبق، وبالتالي فإن أثر ابن المبارك دون زيادة الحد هي الراجحة. والله أعلم
    فإن قيل: زيادة الثقة مقبولة، والحسن بن الصباح البزار ثقة، فتكون زيادته مقبولة لاسيما وأنها غير مخالفة لرواية الآخرين.
    قلنا: ….. انظر اللاحق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/792594584187899/

كتبه وليد ابن الصلاح

[1] جاء في الرد على الجهمية للدارمي (ص: 98) – باب نزول الله لأهل الجنة: 162 – حدثنا الحسن بن الصباح البزار البغدادي، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك، أنه سئل: بم نعرف ربنا؟ قال: «بأنه فوق العرش، فوق السماء السابعة على العرش، بائن من خلقه» قال: قلت: بحد؟ قال: «فبأي شيء؟».
[2] جاء في الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 335) – باب قول الله عز وجل لعيسى عليه السلام: إني متوفيك، حديث:862: فأخبرنا بها أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد البخاري بنيسابور، ثنا عبد العزيز بن حاتم، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، ح. وأخبرنا أبو عبد الله، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ، يقول: سمعت محمد بن نعيم، يقول: سمعت الحسن بن الصباح البزاز، يقول: سمعت علي بن الحسن، يقول: سألت عبد الله بن المبارك قلت: كيف نعرف ربنا؟ قال: في السماء السابعة على عرشه. قلت: فإن الجهمية تقول: هو هذا. قال: إنا لا نقول كما قالت الجهمية، نقول: هو هو. قلت: بحد؟ قال: إي والله بحد. لفظ حديث محمد بن صالح. قال الشيخ أحمد بن الحسين البيهقي: إنما أراد عبد الله بالحد حد السمع، وهو أن خبر الصادق ورد بأنه على العرش استوى، فهو على عرشه كما أخبر، وقصد بذلك تكذيب الجهمية فيما زعموا أنه بكل مكان، وحكايته الأخرى تدل على مراده والله أعلم.اهـ
[3] انظر ترجمته على: http://www.ahlalhdeeth.com/ … /index.php/t-125804.html
[4] قال البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 336): 903 – أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن داود الزاهد، حدثنا محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي، قال: سمعت علي بن الحسن بن شقيق، يقول: سمعت عبد الله بن المبارك، يقول: نعرف ربنا فوق سبع سماوات، على العرش استوى، بائن من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية بأنه ههنا. وأشار إلى الأرض.
قال الحاشدي محقق الأسماء والصفات: إسناده صحيح. (انظر الصورة رقم 6)
[5] الإبانة الكبرى لابن بطة (7/ 156) – باب ذكر مناظرات الممتحنين بين أيدي الملوك الجبارين الذين دعوا الناس – باب الإيمان بأن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه: 113 – حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن شهاب قال: ثنا أبي أحمد بن عبد الله، قال: ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم، قال: حدثني محمد بن إبراهيم القيسي، قال: قلت لأحمد بن حنبل: يحكى عن ابن المبارك، قيل له: كيف نعرف ربنا تعالى؟، قال: في السماء السابعة على عرشه بحد، قال أحمد: هكذا هو عندنا. اهـ
[6] جاء في العرش للذهبي (1/ 252): ومن الآثار الواردة في ذلك ما رواه الخلال بسنده عن محمد بن إبراهيم القيسي، قال: “قلت لأحمد بن حنبل: يحكى عن ابن المبارك -وقيل له: كيف نعرف ربنا؟ – قال: في السماء السابعة على عرشه بحد. فقال أحمد: هكذا هو عندنا”.
[7] قال ابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص: 118): قال ابو بكر الأثرم وحدثني محمد بن ابراهيم القيسي قال قلت لأحمد ابن حنبل يحكى عن ابن المبارك انه قيل له كيف نعرف ربنا قال في السماء السابعة على عرشه قال احمد هكذا هو عندنا. (انظر الصورة 9، 10)
[8] قال الحافظ الذهبي في العلو للعلي الغفار (ص: 149): …. صح عن علي بن الحسن بن شقيق قال قلت لعبد الله بن المبارك كيف نعرف ربنا عزوجل قال في السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية أنه هاهنا في الأرض. فقيل هذا لأحمد بن حنبل فقال هكذا هو عندنا.
[9] قال البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 335): فأخبرنا بها أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد البخاري بنيسابور، حدثنا عبد العزيز بن حاتم، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق (ح). وأخبرنا أبو عبد الله، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ، يقول: سمعت محمد بن نعيم، يقول: سمعت الحسن بن الصباح البزاز، يقول: سمعت علي بن الحسن، يقول: سألت عبد الله بن المبارك قلت: كيف نعرف ربنا؟ قال: في السماء السابعة على عرشه. قلت: فإن الجهمية تقول: هو هذا. قال: إنا لا نقول كما قالت الجهمية، نقول: هو هو. قلت: بحد؟ قال: إي والله بحد. لفظ حديث محمد بن صالح.اهـ
[10] جاء في الرد على الجهمية للدارمي (ص: 47): حدثنا الحسن بن الصباح البزار، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك، قال: قيل له: كيف نعرف ربنا؟ قال: «بأنه فوق السماء السابعة على العرش، بائن من خلقه»
[11] جاء في الإبانة الكبرى لابن بطة (7/ 155): 112 – حدثنا جعفر القافلائي، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: سألت ابن المبارك كيف نعرف ربنا؟ [ص:156] قال: على السماء السابعة على عرشه، لا نقول كما تقول الجهمية: إن إلهنا في الأرض.اهـ
[12] جاء في السنة لعبد الله بن أحمد (1/ 111): 22 – حدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال سألت عبدالله بن المبارك كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عز و جل قال على السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية أنه ها هنا في الأرض // قال محقق الكتاب: إسناده صحيح (انظر الصورة رقم، 7، ??
وجاء أيضا في السنة لعبد الله بن أحمد (1/ 307): 598 – حدثني أحمد بن إبراهيم نا علي بن الحسن قال سألت عبدالله بن المبارك كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عز و جل قال على السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية أنه ها هنا في الأرض // قال المحقق: إسناده صحيح.
[13] قال الذهبي في العلو للعلي الغفار (ص: 149): وأخبرنا يحيى بن الصيرفي الفقيه كتابة أنبأنا عبد القادر الحافظ أنبأنا محمد بن أبي نصير بأصبهان أخبرنا الحسين بن عبد الملك أنبأنا عبد الله بن شبيب أنبأنا أبو عمرو السلمي أنبأنا أبو الحسن اللبناني حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد الحافظ حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا علي بن الحسن سألت ابن المبارك كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عزوجل قال على السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية أنه هاهنا في الأرض. اهـ
[14] قال ابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص: 117): اخبرنا الإمام ابو الحسن علي بن عساكر بن المرحب البطائحي المقرئ قال أنبأنا الأمين ابو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر اليوسفي قال أنبأنا ابو اسحاق ابراهيم بن عمر البرمكي أنبأ ابو بكر محمد بن عبد الله بن بخيت قال أنبأ ابو حفص عمر بن محمد بن عيسى الجوهري قال ثنا ابو بكر احمد بن محمد بن هانئ الطائي الأثرم قال حدثني علي بن الحسن بن شقيق قال قلت لابن المبارك كيف نعرف ربنا قال في السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية انه ههنا وههنا.
قال ابو بكر الأثرم وحدثني محمد بن ابراهيم القيسي قال قلت لأحمد ابن حنبل يحكى عن ابن المبارك انه قيل له كيف نعرف ربنا قال في السماء السابعة على عرشه قال احمد هكذا هو عندنا. اهـ
[15] جاء في معجم ابن المقرئ (ص: 112): 291 – حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن الخليل، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق قال: قلت لابن المبارك: كيف نعرف ربنا؟ قال: ” فوق السماء السابعة، على عرشه، ولا نقول: هاهنا، كما تقول الجهمية “، وأومأ عبد الله بيده لا تقل: هاهنا “.اهـ

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/791181734329184/

السابق
التأويل مذهب سلفى وعربى أصيل يستخدموه في كلامهم (منقول)
التالي
أحكي لك حكاية خواجه زاده (٨٩٣هـ) العالم العامل والفاضل الكامل المولى مصلح الدين