(1)”الصواريخ الصلاحية في أن أحمد التركستاني وشيعته نبتـة فرعونيـة”
بحول الله وكما وعدت قناتي على التلغرام سأبدأ بسلسلة مقالات بعنوان ” الصواريخ الصلاحية لنسف بدع التكفيري أحمد التركستاني الغوية” ، والرشـقة الأولى من تلك الصواريخ سأشرع فيها هذا المساء بحول الله وهي بعنوان: “الصواريخ الصلاحية في أن أحمد التركستاني وشيعته نبتة فرعونية”… فترحموا على أخيكم ..
توكلنا على الله
نسرد أولا كلام التركستاني حيث يقول كما في الصور أدناه :
(((قال مكذب الله ورُسلِه وليد بن الطلاح:
(قلنا: كَذبتُم على مُوسَى، ما قالها قَطُّ، ومن يُوصِلكم إليه؟ إنّما أنتم أتباع فِرْعَون الّذين اعتقدوا أنّ البارئ تعالى في جِهَةٍ، فأراد أنّ يَرْقَى إليه بِسُلَّمٍ، فيهنئكم أنّكم أتباع فرعون وأنَّه إمامكم)اهـ
قلت أنا السلفي أبوماجدأحمدتركستاني:
أولا:
فرعون أنكر أن الله في السماء!؛ لأنه قال لهامان عن موسى عليه السلام: وإني لأظنه كاذبا، ففرعون كذب موسى وأنكر عليه أن الله مستوٍ على عرشه، فقال الله تعالى في سورة غافر: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ}
ثانيا:
هكذا قال فرعون: {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً}، فقول فرعون: فأطلع إلى إله موسى، فمن هو إله موسى، هل هم الملائكة، أكيد لا!، فلم يقل إله موسى إلا لأن موسى أخبر أن إلهه في السماء، فلهذا قال فرعون: إني أظن أن موسى كاذبٌ
ثالثا:
فرعون كان يقول أنه لا يعلم إله غير نفسه، وموسى كان يقول له: إن إلهه الذي أرسله فوق خلقه، أي في السماء
رابعا:
فرعون لم يقل لهامان إلا ليثبت -ولن يستطيع- أنه ليس هناك إله في السماء كما أخبره موسى، وإلا فلماذا زعم بأنه يريد أن يطلع إلى إله موسى عليه السلام في السماء تحديداً
الجواب على السؤال أعلاه: لأن فرعون لم يصدق أن الله في السماء
خامسا:
إذن قد عرفنا سلف الجهمية وأحفادهم؛ إنه فرعون الذي أنكر علو الله على خلقه
ومن أحفاد الجهمية هذا الدعي وليد بن الطلاح))) اهـ
قال وليد: الجواب وبالله التوفيق:
أولا: قولك : “قال مكذّب الله ورُسلِه”
فهذا شتم وتكفير وبهتان وما أكثره عندك!! حتى إنك استهللت به كلامك بدل البسملة والحمدلة!! وكل ذلك ـ أي الشتم والتكفيروالبهتان ـ محظور شرعا، أما الأول فقد جاء في حديث مسلم ـ الذي جاء فيه حديث الجارية ـ: عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»[1]وأنتم اقترفتم لكليهما.
وأما الثاني وهو التكفير فقد جاء في حديث البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء به أحدهما»[2]
وأما البهتان منك فقد جاء تحريمه في عدة آيات منها قوله تعالى { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58] ، وقال: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94].
ويشهد الله أني مؤمن بالله ورسله ولكني مكذّب لفهمك السقيم لقول الله ورسله عليهم السلام!! فلا تخلط بين قول الله ورسله وبين فهمك العقيم لقولهم! فأنت لست الله ولا رسله إلا إذا قلت بالحلول والاتحاد!!
ثانيا: قولك: “وليد بن الطلاح” فهذه شتيمة لأبي رحمه الله، فأنت فضلا عن أنك خالفت حديث مسلم السابق “سباب المسلم فسوق ..” خالفتَ أيضا حديث البخاري «عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)»[3]
فها أنت أتيت لتثبت أني مخالف لآية غافر ” فأطلع إلى إله موسى” فارتكبت في ديباجة كلامك فقط مخالفة لثلاثة أحاديث صحيحة فضلا عن الآيات التي تحرم البهتان والشتم والتكفير!!
طبعا أنا أعلم أنك في الغالب لن تأبه بهذه المخالفة بل سوف تزداد شتما لي وتكفيرا وبهتانا ضاربا بكل هذا الأحاديث والآيات عرض الحائط ، وفي أحسن الأحوال ستؤولها !!
فأقول لك إن كنت لا تأبه أن تخالف هذه الآيات الأحاديث وتؤولها فهل أنا سآبه لمخالفتي لفهمك لآية غافر، والتي إمامك في فهمها هو فرعون كما سيأتي!!
وأقول لك أيضا إن كنت لا تبالي أن تؤول هذه الآيات والأحاديث المحكمة التي تحرم الشتائم والتكفير والبهتان، فأنى تنكر علينا أننا تأولنا آيات وأحاديث في الصفات هي عندنا متشابهة أصلا!
أنك أنت وشيعتك لا تبالون بمخالفة النصوص المحكمة في تحريم أعراض المسلمين وأموالهم ودمائهم، وتتأولونها !! فكيف تنكر علينا أننا نتأول المتشابه من نصوص الصفات الذي لا يترتب عليه عمل أصلا؟!!
والحاصل : أنتم لا تعملون بالمحكمات وإنما تتبعون المتشابهات التي لا يترتب عليها عمل.. فنعوذ بالله من الخذلان!!
ثانيا: قولك : قال مكذب الله ورُسلِه وليد بن الطلاح: (قلنا: كَذبتُم على مُوسَى…) اهـ
قلت: هذا الذي بين قوسين ليس قولي، وإنما هو قول القاضي أبي بكر ابن العربي في كتابه المسالك[4]، وإنما أنا ناقل لقوله !! فلا تخلط بين القائل والناقل كما خلطت بين الكتاب والسنة وبين فهمك للكتاب والسنة.
ثالثا: قولك “فرعون أنكر أن الله في السماء!” قلنا: فرعون أنكر وجود الله أصلا! وزعم أنه هو ـ أي فرعون ـ هو الرب الأعلى كما قال تعالى عنه : {فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى(24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} [النازعات: 23 – 25] .
بل كما قال في نفس الأيات التي تستدل بها وفيها: “ما علمت لكم من إله غيري”[5]. فهو ينكر وجود الله وليس فقط ينكر كونه في السماء ، وقد أقر ابن تيمية بأن فرعون منكر لوجود الله، حيث قال : لكن فرعون لم يكن مقرا بالله([6]).اهـ بل أنت نفسك أقررت به حيث قلت : “فرعون كان يقول أنه لا يعلم إله غير نفسه “.
رابعا: قولك ” لأنه قال لهامان عن موسى عليه السلام: وإني لأظنه كاذبا: هذا مسلّم.
خامسا: قولك “ففرعون كذب موسى وأنكر عليه أن الله مستوٍ على عرشه”: غير مسلّم بل هذا كيسك!! فمن أين أتيت بأن موسى قال لفرعون الله مستو على عرشه ؟!! هات الدليل الصريح على ذلك من الكتاب والسنة الصحيحة.
طبعا لا يوجد آية في القرآن تدل على ذلك على الرغم من أن قصة موسى وفرعون تككرت فيه كثيرا!! وإنما الذي في القرآن { قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء: 23 – 29]
فهنا سأله فرعون: وما رب العالمين ، وليس أين رب العالمين!!!! فأجابه سيدنا موسى عليه السلام بأنه تعالى رب السماوات والأرض، ولم يقل له هو في السماء أو في السماوات أو على العرش!!!
وأيضا قال تعالى: { قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى } [طه: 49 – 51] فهنا أيضا سأله فرعون : من ربكما؟ ولم يقل له أين ربكما ، فأجابه موسى: ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى …
فأين في هذا كله أن موسى قال لفرعون أن الله في السماء أو على العرش؟!
فإن قلت: ليس هذا من كيسي، وإنما هذا قاله الطبري حيث جاء في تفسيره: وقوله: {لعلي أطلع إلى إله موسى} يقول: انظر إلى معبود موسى، الذي يعبده، ويدعو إلى عبادته {وإني لأظنه} فيما يقول من أن له معبودا يعبده في السماء، وأنه هو الذي يؤيده وينصره، وهو الذي أرسله إلينا[7].اهـ
قلنا: وما دليل الطبري على ذلك؟ ألستم أنتم القائلين باتباع الدليل ونبذ التقليد وتحتجون بقول السلف “لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا؛ ما لم يعلم من أين أخذناه”[8]؟!
ثم ما قاله الطبري معارض بما قاله غيره حتى من المفسرين بالمأثور مثل السمعاني والبغوي وابن كثير[9].
بل الطبري نفسه قال ذلك في صدر كلامه[10]، حيث قال: {يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري} [القصص: 38] فتعبدوه، وتصدِّقوا قولَ موسى فيما جاءكم به من أن لكم وله ربا غيري ومعبودا سواي.اهـ فجاءت عبارته هنا خالية من لفظ “في السماء” .
هذا ولي بحث خاص بهذه الآية وقد نشرت منه بعض المنشورات ، بينت فيها أن هذا هو ـ أي أنه كذبه في أن له إلها غيره ـ هو الراجح بدليل آيات سورتي الشعراء وطه[11].
سادسا: قولك: (( هكذا قال فرعون: {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً}، فقول فرعون: فأطلع إلى إله موسى، فمن هو إله موسى، هل هم الملائكة، أكيد لا!، فلم يقل إله موسى إلا لأن موسى أخبر أن إلهه في السماء، فلهذا قال فرعون: إني أظن أن موسى كاذبٌ)).
قلنا: غير مسلّم قولك ” فلم يقل إله موسى إلا لأن موسى أخبر أن إلهه في السماء ” إذ هذا غير متعين فقد يكون هذا من افتراء فرعون على موسى عليه السلام، كما افترى فرعون حينما قال أنا ربكم الأعلى!! وافترى حينما قال ما علمت لكم من إله غيري!! فرجل افترى على الله وادعى الربوبية والألوهية ألا يفتري على موسى عليه السلام؟!! والأعجب من هذا أن تتخذوا فرعون قدوتكم هنا!!!
فلا جرم أن القاضي ابن العربي قال (قلنا: كَذبتُم على مُوسَى، ما قالها قَطُّ، ومن يُوصِلكم إليه؟ إنّما أنتم أتباع فِرْعَون الّذين اعتقدوا أنّ البارئ تعالى في جِهَةٍ، فأراد أنّ يَرْقَى إليه بِسُلَّمٍ، فيهنئكم أنّكم أتباع فرعون وأنَّه إمامكم).
وفي أحسن الأحوال يكون هذا ـ أي كون تعالى في السماء ـ هو من سوء فهم فرعون لكلام موسى السابق في سورتي الشعراء وطه، وقد بينا أن كليهما ليس فيهما ولا في غيرهما أن موسى قال لفرعون ربي في السماء أو على العرش، وإنما قال له : ربنا الذي أعطى كل شيء ثم هدى. وقال: رب السماوات والأرض، فربما فهم منها أنه ساكنهما، كما تقول رب الدار أي مالكها، فنظر في الأرض فلم يجد أحدا يدعي الألوهية سواه، فظن أنه في السماء فأرد أن يتحقق من ذلك فأمر هامان ببناء الصرح، هذا كل ما في الأمر!
فإذن قول فرعون هنا “فأطلع إلى إله موسى” يدور بين كونه افتراء أو سوء فهم منه اللهم إلا إن جعلتم فرعون معصوما عن الكذب وسوء الفهم معا!! مع أن الله ذمه في آخر آيات الباب نفسه فقال “وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ” ومع ذلك أنتم تصرون على التمسك بقوله فلا تلوموا القاضي أبي بكر بن العربي حين جعل فرعون إمامكم!!!
ولا تلوموا الرازي حين قال : ” وأما قوله وإني لأظنه كاذبا فنقول لعله لما سمع موسى عليه السلام قال: رب السماوات والأرض ظن أنه عنى به أنه رب السموات، كما يقال للواحد منا إنه رب الدار بمعنى كونه ساكنا فيه، فلما غلب على ظنه ذلك حكى عنه، وهذا ليس بمستبعد فإن فرعون كان بلغ في الجهل والحماقة إلى حيث لا يبعد نسبة هذا الخيال إليه، فإن استبعد الخصم نسبة هذا الخيال إليه كان ذلك لائقا بهم، لأنهم لما كانوا على دين فرعون وجب عليهم تعظيمه[12]”.اهـ
سابعا: قولك “فرعون كان يقول أنه لا يعلم إله غير نفسه”. هذا مسلّم ولكن هذا بحد ذاته يرد عليك، لأن هذا يعني أنه ينكر وجود الله نفسه ولا ينكر فقط أن الله في السماء، كما زعمت أنت!!!
ثامنا: قولك ((وموسى كان يقول له: إن إلهه الذي أرسله فوق خلقه، أي في السماء)) قلنا: هذا من كيسك كما سبق.
تاسعا: قوله “فرعون لم يقل لهامان إلا ليثبت -ولن يستطيع- أنه ليس هناك إله في السماء كما أخبره موسى” قلنا: لم يخبره موسى بذلك بل هذه دعوى منك!! سندك فيها هو أن فرعون نقل ذلك عن موسى … فهنيئا لك بسند فيه فرعون!!
ولذا قال الرازي: هؤلاء الجهال يكفيهم في كمال الخزي والضلال أن جعلوا قول فرعون اللعين حجة لهم على صحة دينهم، وأما موسى عليه السلام فإنه لم يزد في تعريف إله العالم على ذكر صفة الخلّاقية[13].اهـ
عاشرا: قولك “وإلا فلماذا زعم بأنه يريد أن يطلع إلى إله موسى عليه السلام في السماء تحديداً، الجواب على السؤال أعلاه: لأن فرعون لم يصدق أن الله في السماء”.
قلنا: هذا من جديد تعويل منك على ما نقله أو فهمه فرعون !! أي أنت تؤكد أن إمامك فرعون ، لا موسى عليه السلام ، فقد نقلنا لك جواب سيدنا موسى لفرعون حينما سأله عن رب العالمين في سورة طه والشعراء فضربت بقول موسى عرض الحائط وأخذت بما فهمه أو نقله فرعون عن موسى عليه السلام!! فيا بختك وأنت إمامك فرعون فهو سلفك!!!
ويحسن هنا أن أسوق ما قال العلامة ابن جهبل ردا على الحموية لابن تيمية: “وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى حِكَايَة عَن فِرْعَوْن {يَا هامان ابْن لي صرحا لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب أَسبَاب السَّمَاوَات فَأطلع إِلَى إِلَه مُوسَى} فليت شعري كَيفَ فهم من كَلَام فِرْعَوْن أَن الله تَعَالَى فَوق السَّمَوَات وَفَوق الْعَرْش يطلع إِلَى إِلَه مُوسَى؟!!! أمّا أَن إِلَه مُوسَى فِي السَّمَوَات فَمَا ذكره، وعَلى تَقْدِير فهِم ذَلِك من كَلَام فِرْعَوْن فَكيف يسْتَدلّ بِظَنّ فِرْعَوْن وفهمه مَعَ إِخْبَار الله تَعَالَى عَنهُ أَنه زين لَهُ سوء علمه وَأَنه حاد عَن سَبِيل الله عز وَجل وَأَن كَيده فِي ضلال[14]. ثم ساق آيات طه والشعراء السابقة وأطال في ذلك.
حادي عشر: قولك “إذن قد عرفنا سلف الجهمية وأحفادهم؛ إنه فرعون الذي أنكر علو الله على خلقه، ومن أحفاد الجهمية هذا الدعي وليد بن الطلاح“
فالجواب أنه وضح الآن أن سلفك أنت هو فرعون الذي راح يبحث عن معبود ـ على فرض وجوده عند فرعون ـ موسى في السماء!! بينما أنا سلفي موسى الذي أخبر فرعون أن الله رب السماء كما قال تعالى { قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِوَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24)} [الشعراء: 23، 24]!!!
ثاني عشر: لو سلمنا جدلا على أكبر تنزل أن موسى فرعون بأن الله في السماء ـ ودونه خرط القتاد طبعا ـ وأنه لذلك راح يبحث فرعون عنه في السماء، فحينها نقول: هل هو تعالى في السماء بغير مكان أم بمكان؟ أما الأول فمسلّم، أما الثاني فهل هو في مكان مخلوق أم غير مخلوق؟ أما الأول فباطل عندنا وعندكم.
وأما الثاني وهو أنه في مكان غير مخلوق، فنقول هل ذاك المكان المخلوق موجود أم معدوم؟ فإن كان الأول فهو خلاف قولكم أنه جهة ومكان عدميين!! وأما الثاني وهو أنه في مكان معدوم فهذا ينسف قولكم أنه في العلو الحسي، فكيف هو حسي وكيف معدوم؟! فهل المعدوم يكون حسيا؟! فضلا عن أنه لا فرق بين قولنا الله لا في مكان ، وبين قولكم هو مكان معدوم.
ثم هل فهِم فرعون من أن الله في السماء أنه في جهة عدمية؟! لو كان كذلك لما أمر ببناء صرح ليبحث عنه في السماء إذ كيف سيبحث عنه وهو في العدم ؟!!
ثالث عشر: قد يقال: سلمنا أن موسى لم يخبر فرعون بأن الله في السماء، ولكن في القرآن يوجد أأمنتم من في السماء وقوله الرحمن على العرش استوى. فكيف قلتم إن إمامنا فرعون في القول بأن الله في السماء أو على العرش؟
قلنا: نعم يوجد في القرآن آيات في العلو والاستواء ولكنها معارضة بآيات المعية كقوله وهو معكم أينما كنتم، وقوله وهو الله في السماوات وفي الأرض. وغير ذلك كثير وما هو جوابكم عنها هو جوابنا عن آيات العلو والاستواء كما بسطناه في سلسلة مطولة[15]. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: ما دام أنه يوجد آيات في العلو والاستواء في القرآن فلم تركتموها ولحقتم قولا نقله الله عن فرعون فهمتم منه أن موسى أخبر فرعون أن الله في السماء؟ وليس الأمر كذلك كما بينا!!
يعني لماذا لم تستدلوا بتلك الآيات الأخرى الدالة على العلو والاستواء؟ هل لتكثير أدلتكم مثلا؟ هل تلجئون من أجل هذا إلى اتخاذ فرعون سندا وإماما في عقيدة تزعمون أنه دلت عليها ألفين من الآيات ؟!!! أنتم بذلك تعلنون إفلاسكم أصلا وإلا لما استدللتم بهكذا دليل.
رابع عشر: قد يقال ولكن بعض العلماء استدلوا بآية “فأطلع إلى إله موسى” مثل عثمان الدارمي[16] والأشعري في الإبانة[17] وابن عبد البر في التمهيد[18] و ابن تيمية[19] وابن القيم[20] والذهبي[21] وغيرهم ، فهل هؤلاء نبتة فرعونية أيضا عندكم ؟!
قلنا: لا نقول هذا وإنما نقول أخطؤوا ، أو على الأقل هذا فهمهم وليس بالضرورة أن يكون صحيحا أو ملزما لنا، لاسيما وأنه خالفهم غيرهم ممن سبق كما رأينا، وأنتم من أصولكم أنه لا يستدل بالعلماء ولكن يستدل لهم قال ابن تيمية: «وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية لا يحتج بها على الأدلة الشرعية»[22].
وبالتالي فلا تحتجوا بهؤلاء العلماء وإنما احتجوا لهم وبينوا لنا الدليل على صحة فهمهم هذا !! لا أن تتوركوا عليهم!! لأنهم ربما أخطؤوا في فهمهم حتى ولو كانوا من السلف أليس ابن تيمية يقول : «وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها»[23].
فإذا كان مجتهدون من السلف وقعوا في خطأ في الفهم فما بالك بمن ذكرتم فليس واحد منهم من السلف؟!!
وبذلك أكون قد انتهيت من الرد على التركستاني في احتجاجه بفرعون على العلو الحسي العدمي، لأنتقل إلى الرد عليه في جوابه المضحك على أسئلتي الأربعين. وبالله التوفيق .. فانتظرونا.
=============================
[1] صحيح مسلم (1/ 81)
[2] صحيح البخاري (8/ 26)
[3] «صحيح البخاري» (5/ 2388 ت البغا)
[4] «المسالك في شرح موطأ مالك» (3/ 451)
[5] { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [القصص: 38]
([6]) مجموع الفتاوى – (2 / 241)
[7] جامع البيان ط هجر (18/ 255)
[8] أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني (1/ 24)
[9] قال ابن كثير في تفسيره/ ت سلامة (7/ 144) في سورة غافر: {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ كَاذِبًا} ، وَهَذَا مِنْ كُفْرِهِ وَتَمَرُّدِهِ، أَنَّهُ كَذَّبَ مُوسَى فِي أَنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ.اهـ وجاء في تفسير أبي المظفر السمعاني (4/ 141): وَقَوله: {وَإِنِّي لأظنه من الْكَاذِبين} أَي: لأظنه من الْكَاذِبين فِي زَعمه أَن للْأَرْض والخلق إِلَهًا غَيْرِي.اهـ وقال السمعاني في موضع آخر من تفسيره (5/ 21):وَقَوله: {فَأطلع إِلَى إِلَه مُوسَى} أَي: أنظر إِلَى إِلَه مُوسَى. وَقَوله: {وَإِنِّي لأظنه كَاذِبًا} فِي دَعْوَاهُ أَن لَهُ إِلَهًا.اهـ وقال القرطبي في تفسيره (15/ 315):” وإني لأظنه كاذبا” أي وإني لأظن موسى كاذبا في ادعائه إلها دوني.اهـ وقال البغوي في تفسيره (7/ 149):{وإني لأظنه} يعني موسى، {كاذبا} فيما يقول إن له ربا غيري، {وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل}.اهـ
[10] جامع البيان ط هجر (18/ 254)
[11] انظر مقالاتي: [2] هل ثمة دلالة على العلو “الحسي” في قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ } [غافر: 36، 37]
[12] التفسير الكبير (27/ 515)
[13] مفاتيح الغيب (27/ 514)
[14] طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (9/ 50)
[15] وهي بعنوان: ابن تيمية وأتباعه بين آيات الاستواء والعلو … وبين آيات المعية ونحوها … منهج متسق أم مضطرب …. (الباب الأول، مناقشة من ادعى أن آيات المعية آيات محكمة)؟
انظر أحدها على:
[16] «الرد على الجهمية للدارمي – ت البدر» (ص45)
[17] «الإبانة عن أصول الديانة» (ص407 ت العصيمي)
[18] «التمهيد – ابن عبد البر» (7/ 133 ط المغربية)
[19] «بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية» (1/ 118)
[20] «نونية ابن القيم الكافية الشافية – ط عطاءات العلم» (2/ 413)، «تهذيب سنن أبي داود – ط عطاءات العلم» (3/ 263)
[21] «العلو للعلي الغفار» (ص12)
[22] «مجموع الفتاوى» (26/ 202)
[23] «مجموع الفتاوى» (19/ 191)