نصوص المعية

(4) ابن تيمية وأتباعه بين آيات الاستواء والعلو … وبين آيات المعية ونحوها … منهج متسق أم مضطرب …. (الباب الأول، مناقشة من ادعى أن آيات المعية آيات محكمة)؟!!!!!! [1]

(4) ابن تيمية وأتباعه بين آيات الاستواء والعلو … وبين آيات المعية ونحوها … منهج متسق أم مضطرب …. (الباب الأول، مناقشة من ادعى أن آيات المعية آيات محكمة)؟!!!!!! [1]

https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/808619715872272/
فصل في معارضة ابن القيم في كلامه عن المعية
كما أشرنا سابقا أنه قد تابع ابن القيم شيخه ابن تيمية في تقرير أن “مع” لا تستلزم المخالطة والممازجة الحسية …. ونسوق كلامه هنا ثم نعارضه باقتباس كلامه وتعديله بما يناسب مذهبنا … كما فعلنا سابقا مع ابن تيمية …
يقول ابن القيم كما في مختصر الصواعق ص 478: “الوجه الرابع: إنه ليس ظاهر اللفظ ولا حقيقته أنه سبحانه مختلط بالمخلوقات ممتزج بها، ولا تدل لفظة (مع) على هذا بوجه من الوجوه فضلا أن يكون هو حقيقة اللفظ وموضوعه، فإن (مع) في كلامهم لصحبته اللائقة وهي تختلف باختلاف متعلقاتها ومصحوبها، فكون نفس الإنسان معه لون، وكون علمه وقدرته وقوته معه لون، وكون زوجته معه لون، وكون أميره ورئيسه معه لون، وكون ماله معه لون، فالمعية ثابتة في هذا كله مع تنوعها واختلافها، فيصح أن يقال: زوجته معه وبينهما شقة بعيدة وكذلك يقال مع فلان دار كذا وضيعته كذا، فتأمل نصوص المعية في القرآن كقوله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار} [الفتح: 29] وقوله: {ينادونهم ألم نكن معكم} [الحديد: 14] وقوله: {لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا} [التوبة: 83] وقوله: {{وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119] {واركعوا مع الراكعين} [البقرة: 43] {فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه} [البقرة: 249] {والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم} [التحريم: 8] {فاكتبنا مع الشاهدين} [آل عمران: 53] {فلتقم طائفة منهم معك} [النساء: 102] {ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين} [المائدة: 84] وأضعاف ذلك، هل يقتضي موضع واحد منها مخالطة في الذوات التصاقا وامتزاجا، فكيف تكون حقيقة المعية في حق الرب تعالى ذلك حتى يدعى أنها مجاز لا حقيقة، فليس في ذلك ما يدل على أن ذاته تعالى فيهم ولا ملاصقة لهم، ولا مخالطة ولا مجاورة بوجه من الوجوه، وغاية ما تدل عليه (مع) المصاحبة والموافقة والمقارنة في أمر من الأمور، وذا الاقتران في كل موضع بحسبه يلزمه لوازم بحسب متعلقه”.اهـ
قال وليد: نعارض كلام ابن القيم السابق بمثله في لفظ “العلو” ومشتقاته مما نسب إلى الله عز وجل، كما في قوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى:1] والذي استشهد به ابن القيم [2] ومن تبعه [3] على العلو الحسي، فنقول: إنه ليس ظاهر اللفظ ـ أي لفظ العلو ـ ولا حقيقته أنه سبحانه عال على المخلوقات علوا حسيا، ولا تدل لفظة (العلو) على هذا بوجه من الوجوه فضلا أن يكون هو حقيقة اللفظ وموضوعه، …. فتأمل نصوص العلو في القرآن كقوله تعالى:

  1. “فأوجس في نفسه خيفة موسى (67) قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى” [طه: 67، 68] قال الإمام الطبري في تفسيره جامع البيان ت شاكر (18/ 337): (لا تخف إنك أنت الأعلى) على هؤلاء السحرة، وعلى فرعون وجنده، والقاهر لهم. اهـ ففسر العلو هنا بالقهر كما ترى.
  2. وقوله تعالى {وله المثل الأعلى} [الروم: 27]
  3. ونحوه قوله تعالى: {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى} [النحل: 60]؛ قال الطبري في تفسيره (17/ 229): “ولله المثل الأعلى” وهو الأفضل والأطيب، والأحسن، والأجمل، وذلك التوحيد والإذعان له بأنه لا إله غيره. اهـ
  4. وقوله تعالى: “من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين” [الدخان: 31]، قال الطبري في تفسيره: (إنه كان عاليا من المسرفين) إنه كان جبارا مستعليا مستكبرا على ربه. اهـ
  5. وقوله تعالى: “وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا” [الإسراء: 7].
    قال البغوي في تفسيره (5/ 80): “وليتبروا” وليهلكوا “ما علوا” أي: ما غلبوا عليه من بلادكم “تتبيرا”.
  6. وقوله تعالى: “ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين (30) من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين” [الدخان: 30، 31]
    قال البغوي في تفسيره (5/ 80): “وليتبروا” وليهلكوا “ما علوا” أي: ما غلبوا عليه من بلادكم “تتبيرا”.
  7. وقوله تعالى: “ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين (30) من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين” [الدخان: 30، 31]
  8. وقوله: “وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا” [الإسراء: 4] قال البغوي في تفسيره (5/ 79): {ولتعلن} ولتستكبرن ولتظلمن الناس {علوا كبيرا}.اهـ
  9. وقوله: “وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا” [النمل: 14] قال الطبري في تفسيره (19/ 436) هنا: والعلو الكبر، كأنه قيل: اعتداء
  10. وقوله: {قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين} [ص: 75] قال البغوي في تفسيره (7/ 102): {أم كنت من العالين} المتكبرين. اهـ وقال الطبري في تفسيره (21/ 239): (أم كنت من العالين) يقول: أم كنت كذلك من قبل ذا علو وتكبر على ربك [4].اهـ
    وأضعاف ذلك [5]، فهل يقتضي العلو في موضع واحد منها أن يكون علوا حسيا؟ فكيف تكون كلمة العلو حقيقة في العلو الحسي في حق الرب تعالى ذلك حتى يدعى أنها مجاز لا حقيقة [6]، فليس في ذلك ما يدل على أن ذاته تعالى عالية على خلقه علوا حسيا بوجه من الوجوه، وغاية ما تدل عليه (العلو): الفوقية والسمو، وذا قد يكون حسيا، وقد يكون معنويا بحسب متعلقه، فإن كان العلو متعلقا بجسم كان علوا حسيا إلا إن جاءت قرينة صارفة إلى العلو المعنوي، وإن كان العلو متعلقا بالخالق عز وجل فهو علو معنوي قطعا. انتهت المعارضة المفترضة لكلام ابن القيم السابق.
    وهكذا يتبين أن ما قاله ابن القيم ومن قبله شيخه ابن تيمية كلام خطابي يمكن معارضته بمثله وبأقوى منه فينتج عكس مذهبهما تماما كما رأينا.
    وبعد أن انتهيت من الوجه الأول في الرد على ما زعمه ابن تيمية وتلميذه من أن “مع” لا تقتضي المخالطة، أنتقل إلى الوجه الثاني … انظر اللاحق: https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/811066428960934/.
    كتبه: وليد ابن الصلاح
    •———————————•
    [1] انظر السابق: https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/797876323613278/
    [2] انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية (1/ 118)
    [3] إثبات علو الله على خلقه للقصاص ص 73
    [4] أتينا هنا بعشر آيات فقط جاء فيها العلو بمعنى العلو المعنوي، تماما كما جاء ابن القيم بعشر آيات زعم أن المعية جاءت فيها بمعنى المعية المعنوية … وهو غير مسلم له بل كثير منها جاءت المعية فيها بمعنى المعية الحقيقية بالذوات كما في: {واركعوا مع الراكعين} [البقرة: 43] {فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه} [البقرة: 249] {والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم} [التحريم: 8] {فلتقم طائفة منهم معك} [النساء: 102] وهو ظاهر كما ترى.
    [5] انظر المزيد من هذه الشواهد على: https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/786459768088267/
    [6] أي أن العلو المنسوب إلى الله هو علو معنوي، وهو علو الشأن والمكانة والعظمة، وهو ـ أي علو الشأن ـ حقيقة معنى العلو لا مجازه، تماما كما يدعي ابن تيمية وابن القيم في آيات المعية أن حقيقتها هي معية معنوية بالعلم، وأن هذا المعنى هو حقيقة معنى المعية لا مجازه …. !!!!!!!
السابق
كانوا يتعلمون من الفقيه كل شيء حتى لباسه ونعليه.
التالي
نفي الحد عن الله عند السلف والخلف (منقول)