“يا من استحوذ عليه إبليس، ومهر في التزوير والتلبيس، هل عندك دليل قطعي على أنك لم تعبد إلا الله، ولم تشكر غير الله، ومن عاداك عبد غير الله وشكر غير الله؟!
وأما هذا الجواب فلا نعلم أحدًا أجابك به، بل أنت تفتري الخطاب ثم ترتب عليه الجواب كما كان يفعل شيخك محمد بن عبد الوهاب؛ فإنه بعث خطابًا لأخيه سليمان بن عبد الوهاب وهو إذ ذاك في المجمعة، وذلك فيه: لو كان عشر معشار قلب خنيث ما بعثت لأهل الجنوب، وقلت: اعبدوا شمسان برًّا وبحرًا حيًّا وميتًا. ورأينا ذلك الخط وعرفنا أنه خط يده.
فتركه سليمان، فلما اجتمع به بعد مدة طويلة، قال له: سألتك بالله، هل تحققت أني بعثت لهم أقول لهم اعبدوا شمسان برًّا وبحرًا؟ قال: هو معنى كلامك، وإلا ما قلتَه صريحًا.
مع أن سليمان المذكور يتحرز من الشرك تحرزًا كليًّا.
وكثيرًا ما يقول: قال المويس: أهل حرمة، جر الربابة بأحمد وأفرغ الطار فالشيخ عبد الله يجرك من النار، فجميع ذلك تزوير وتشيين للمسلمين وتنفير.
فبالله عليك من أجاب بهذا الجواب حتى يتبين لك الخطأ من الصواب، بل الذين قالوا جواز التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين فهو صريح في كتب الفروع من كل مذهب، والحديث، والتفسير، وتقدم موضحًا.
وأما أنهم قالوا: إن الأمة مطبقة على جواز دعوة غير الله بما لا يقدر عليه إلا الله: فهذا بهتان عظيم، وصاحبه مخادع ليس مستقيم.
وأما كتب الفروع: فليست حجة عندك بل أنتم تسمونها برادع الحمير، ولا تقلدونها في كثير ولا يسير، وتلميذ طاغيتكم عيسى بن قاسم يقول للشيخ محمد بن سلوم: ما دام هذان الكلبان الأسودان عندك ما تهتدي، قال له: ما هما؟ قال: إقناعكم ومنتهاكم، أنا كنت مثلك غير مهتدي حتى سخرت بها النوى.
فما أدري أرجعتم بعد طاغيتكم إلى كتب الفروع، كما حللتم ذبائح أهل الزبير بعد ما حرمتموها؟!”.
العلامة ابن داود في الصواعق والرعود.
وانظر إلى قوله: (بل أنت تفتري الخطاب ثم ترتب عليه الجواب كما كان يفعل شيخك محمد بن عبد الوهاب).
وهذه شهادة مهمة، وملحوظة لا تخفى على متتبع لكتب القوم وردودهم على مخالفيهم إلى اليوم!
وقوله: (قال له: سألتك بالله، هل تحققت أني بعثت لهم أقول لهم اعبدوا شمسان برًّا وبحرًا؟ قال: هو معنى كلامك، وإلا ما قلتَه صريحًا).
فلماذا يا قوم بهت تشنعون على ابن داود لو سلمنا أنه لم ينقل عين كلامكم، وهو ينقل عنكم بالمعنى، ونقل مثله كثير ممن رد عليكم من المذاهب المختلفة، وكتبكم طافحة بمضمون ما نقله؟! لكن الهوى يعمي ويصم!
الرواق المنهجي والحنبلي( بإشراف الشيخ محمد عبد الواحد الأزهري الحنبلي).