https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/922166534564036
ولقد أحصيت وتتبعت الآراءَ التي رويت بالسند إلى الجهم بن صفوان فلم تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في كل رسالة ياسر القاضي المشار إليها والبالغة ألف صحيفة تقريبا كما تقدم، وحتى هذه الآراء المسندة يوجد في أسانيدها علل تمنع من صحتها كما سيأتي مفصلا وبالأدلة والبراهين….. فما سرّ كل هذا الضجيج المفتعل ـ في معظمه ـ والمثار حول الجهم لا سيما من قِبل ابن تيمية وأتباعه؟!!!!!
(2) هل الأشاعرة جهمية كما يشيع ابن تيمية وأتباعه؟[1]
نبدأ بالمبحث الأول: من هي الجهمية؟
الجهمية هم ـ أو هي ـ فرقةٌ تُنسب إلى شخص اسمه: جهم[2] بن صفوان[3] ، ويُكنى أبو مُحرز[4]، ونسبته الراسِبيّ مولاهم، فهو أعجمي وولاؤه لقبيلة بني راسِب الأزدية، وقيل القحطانية، وولاؤه لهم بالعتق أي لأنهم أعتقوه، وقيل ولاؤه لهم بالإسلام أي أسلم على أيديهم[5].
وأما بلده الذي وُلد ونشأ فيه، فاختُلف فيه؛ فقد نسبه الذهبي وابن حجر وغيرهما إلى سمرقند ـ وهي حاليا في أوزبكستان ـ، فقالوا عنه “السمرقندي”، ونسبه الفخر الرازي والمقريزي وغيرهما إلى ترمذ ـ وهي حاليا في أوزبكستان أيضا على حدود أفغانستان ـ، لذلك قيل عنه الترمذي[6]، ونسبه السمعاني إلى بَلْخ ـ وهي في أفغانستان حاليا ـ، ونُسب إلى الكوفة، وإلى مرو، وإلى حران[7]، ورجّح الباحث ياسر القاضي أنه وُلد في سمرقندي ونشأ أو نُفي إلى ترمذ[8].
وأما وفاته فقد ذَكر الحافظ ابن حجر أنه قد قتله بعضُ ولاة هشام بن عبد الملك الأموي سنة 128 هـ، واختلف في سبب مقتله فقيل لبدعته، وقيل لخروجه على الأمويين[9]، ولنا عودة لتحقيق هذه المسألة إن شاء الله.
وبعدُ… فهذه أهم المعلومات عن الجهم بن صفوان[10] و”لم تذكر لنا كتب التاريخ معلومات عن نشأته”[11]، والحافظ الذهبي اقتصر في ترجمته في الميزان على سطرين فقط[12]، ولا يهمنا نحن من سيرته أكثر مما سبق بقدر ما يهمنا أقواله وآراؤه في العقيدة التي رويت عنه أو نُسبت إليه، والتي تزخر بها كتب الفِرق[13] وكتب التاريخ[14] وكتب العقيدة كما سيأتي، والتي سنأتي عليها ـ أي على أقوال جهم في العقيدة ـ بعد قليل بالتفصيل الممل إن شاء الله.
ولكن قبل الشروع في ذلك يجدر بي أن أذكر أمرا هاما للغاية، وهو أنني بعد تصفحي لرسالة “مقالات الجهم بن صفوان وأثرها في الفرق الإسلامية” وتتبعي للآراء التي نسبها الباحثُ ياسر القاضي في رسالته هذه إلى الجهم بن صفوان فقد وجدت أن أغلبها وبنسبة 90% تقريبا ليس له إسناد أصلا إلى الجهم، وإنما اعتمد الباحث ياسر على كتب الفِرق والتاريخ والعقائد ـ لاسيما كتب ابن تيمية ـ ونحو ذلك، والتي غالبا كانت تنسب إلى الجهم أراءا وأقوالا دون سند، وغالبا ما يكون بينها وبين وفاة جهم عشرات بل مئات السنين، بل إن معظم الآراء التي نسبها الباحث ياسر إلى الجهم اعتَمد فيها على كتب ابن تيمية وأتباعه مع العلم أن بين ابن تيمية وبين الجهم أكثر من ستة قرون …..!!!!!!!
ولقد أحصيت الآراءَ التي رويت بالسند إلى الجهم فلم تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في كل رسالة ياسر القاضي المشار إليها والبالغة ألف صحيفة تقريبا كما تقدم، وحتى هذه الآراء المسندة يوجد في أسانيدها علل تمنع من صحتها كما سيأتي مفصلا وبالأدلة والبراهين.
فتكون المحصلة أن الجهم بن صفوان على الرغم من كل هذا الضجيج المفتعل في معظمه، و المثار حول الجهم لا سيما من قِبل ابن تيمية ـ وأتباعه طبعا ـ، والذي كرّر كلمةَ الجهم أو الجهمية : 1925 مرة، هذا فقط في ثلاثة عشر كتابا من كتب ابن تيمية، وذلك بعد الاستعانة بالحاسوب …..!!!
أقول: إن هذا الضجيج كله حول الجهم وآرائه ليس له معنى قط طالما أن تلك الآراء المنسوبة إلى جهم لا تثبت من جهة الإسناد كما سنرى بالدليل والبرهان والتوثيق؛ نعم يبقى البحث في تلك الآراء المنسوبة إلى الجهم ووزنها بميزان الشرع هل هي صحيحة شرعا وعقيدة أم لا؟ وذلك بغض النظر عن مدى صحة نسبتها إلى الجهم، وهذا أيضا سنبسطه إن شاء الله.
وتعالوا بنا الآن لنبدأ بالخبر الأول حول الجهم بن صفوان، والذي أورده ياسر القاضي تحت عنوان:”شيخه وسلسلة إسناد مقالاته”[15]، وهو ما جاء في خلق أفعال العباد للبخاري (ص: 30): قال أبو عبد الله قال قتيبة : بلغني أن جهما كان يأخذ الكلام من الجعد بن درهم.اهـ
فأقول وبالله التوفيق: ….. #انتظره_لاحقا
—————————————–
[1] انظر السابق: https://www.facebook.com/…/permalink/921984621248894/
[2] هكذا بغير ال التعريف كما هو عند الطبري وابن كثير في تاريخيهما والصفدي في الوافي بالوفيات والذهبي في الميزان، وقيل “الجهم” كما في تاريخ الإسلام للذهبي، وانظر: مقالات الجهم بن صفوان وأثرها في الفرق الإسلامية، للباحث ياسر القاضي ص68
[3] وقيل هو الجهم بن الجعد بن درهم، وهذا قول شاذ اعتُمد فيه على قول أحد السلف وهو يوسف بن موسى القطان (ت253هـ) أنه قال: (أتعرف الجعد؟ هو أبو الجهم أو جدّه)، ويُحمل ـ إن صح ـ على الأبوة المجازية بمعنى أن الجهم أخذ علمه أو بدعته عن الجعد بن درهم، كما رجح ذلك الباحث ياسر القاضي في مقالات الجهم بن صفوان وأثرها في الفرق الإسلامية ص68، 69.
[4] مقالات الجهم بن صفوان ص 68
[5] مقالات الجهم بن صفوان ص 70
[6] مقالات الجهم بن صفوان ص 70
[7] مقالات الجهم بن صفوان ص 72
[8] مقالات الجهم بن صفوان ص 72، 73
[9] انظر: لسان الميزان ت أبي غدة (2/ 500)، مقالات الجهم بن صفوان ص 109
[10] سير أعلام النبلاء ط الرسالة (6/ 26)، لسان الميزان ت أبي غدة (2/ 500)، الأعلام للزركلي (2/ 141)
[11] مقالات الجهم بن صفوان ص 75
[12] جاء في ميزان الاعتدال (1/ 426): جهم بن صفوان، أبو محرز السمرقندى الضال المبتدع، رأس الجهمية.هلك في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئا، لكنه زرع شرا عظيما.اهـ
وقال الذهبي في ديوان الضعفاء (ص: 67): الجهم بن صفوان: رأس الضلال، لم يرو شيئاً.اهـ
[13] قال الإمام أبو منصور البغدادي في الفرق بين الفرق (ص: 199): الفصل السادس من فصول هذا الباب في ذكر الجهمية والبكرية والضرارية وبيان مذاهبها: الجهمية اتباع جهم بن صفوان الذى قال بالاجبار والاضطرار الى الاعمال وانكر الاستطاعات كلها وزعم ان الجنة والنار تبيدان وتفنيان وزعم أيضا ان الايمان هو المعرفة بالله تعالى فقط وان الكفر هو الجهل به فقط وقال لا فعل ولا عمل لاحد غير الله تعالى وانما تنسب الاعمال الى المخلوقين على المجاز كما يقال زالت الشمس ودارت الرحى من غير أن يكونا فاعلين او مستطيعين لما وصفتا به وزعم ايضا أن علم الله تعالى حادث وامتنع من وصف الله تعالى بأنه شىء او حى او عالم أو مريد وقال لا أصفه يجوز اطلاقه على غيره كشىء موجود وحى وعالم ومريد ونحو ذلك ووصفه بانه قادر وموجود وفاعل وخالق ومحيى ومميت لان هذه الاوصاف مختصة به وحده وقال بحدوث كلام الله تعالى كما قالته القدرية ولم يسم الله تعالى متكلما به واكفره أصحابنا فى جميع ضلالاته.اهـ
[14] انظر تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (8/ 65)
وانظر: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/921916741255682/
[15] مقالات الجهم بن صفوان ص 76