اختلاف الوهابية فيما بينهم وردودهم وتبديعهم لبعضهم

مفاجأة .. 49 آية صريحة خالفها وتأولها ابنُ تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب في قولهم بفناء النار مقابل أربعة آثار بها معظمها في غاية الضعيف تمسك بها ابن القيم بالإضافة إلى سفسطة دهرية عوّل عليها …!! تابعوا هذه المناظرة الشيقة بين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي مع مفتي السعودية محمد بن إبراهيم وأخيه، وحينما أُنكر عليه ذلك قال: مَنْ أخبرك أن الرَّسولَ الذي أُرسِلَ إلي، ووَجَبَ علي الإيمان بما جاء به اسمه محمَّد بن عبد الوهاب؟!

«مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي» (ص50):
«‌‌ومَجلسٌ في إدارة المعاهد والكليَّات بالرِّياض
لقد استدعى المسؤولون الشَّيخين: شيخَنا الشيخ محمَّد الأمين الشنقيطي، والشَّيخ عبد الرحمن الإفريقي رحمة اللَّه على الجميع، استُدْعيا للتَّدريس بالمعاهد والكليات، وأُنزلا بدار الضيافة، واستقبلهما المسؤولون بحفاوةٍ وتكريم.
وحدَّثني شيخي: أَنَّ يومًا من الأيام حضرتْ جماعةٌ من الأساتذة المصريين للسَّلام عليهما، ودارَ بحثٌ في المنطق بين هؤلاء وفضيلة الشَّيخ محمَّد الأمين يسألونه عن الفصل بالنسبة للإنسان؛ فكان يقول:
إذا قلنا: “الإنسان حيوان”، شاركه في هذا التعريف كلُّ حيوان.
وإذا قلنا: هو حيوان منتصبُ القامة يمشي على قدمين عاري الجسد، كان بإمكان صاحب سفسطة أَنْ يأخذَ دجاجًا، وينتف ريشَهُ حتَّى يكون عاري الجسد، ويقول: هذا منتصبُ القامة يمشي على قدمين، وإذا قلنا: هو الحيوان الضاحك، شاركه القرد في ذلك، لكن إذا قلنا: هو الحيوان الناطق، اختصَّ»

الإنسانُ بهذا الوصف، فهو الفصل بالنّسبة إليه.
كلُّ ذلك البحث والشَّيخ عبد الرحمن ينتظر على مائدة الإفطار! فقال لشيخنا: “أليس يا شيخ بإمكاننا أنْ نقول: الإنسان حيوان يأكل”، فضحك الجميع والتحقوا به -رحمه الله- ما ألطفَ نكتته هذه!!
ولقد أقبل المسؤولون على فضيلة الشيخ محمَّد الأمين بغاية التَّقدير والاحترام، وكان هناك مصريٌّ حَضَري أزهري من أصحاب الشهادات المبروزة، وكان قبل قدوم الشيخ يُعتبر كأنه كبيرُ المدرسين ولما رأى حفاوة المشايخ بفضيلة الشَّيخ دونه لعل ذلك أخذ بخاطره -ولا أظن إلا خيرًا-، فصار يتحين الفرص له.
أخبرني شيخي عليه رحمةُ اللَّه، قال: عندما كنتُ خارجًا من فصلٍ كنتُ فيه في درس تفسير، ودخلتُ غرفة استراحة المدرِّسين، وكان الشيخان: سماحة الشيخ محمَّد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ وأخوه الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم، كانا موجودَينْ في غرفة استراحة المدرسين، الأول مفتي الدَّيار السعودية، والثاني المدير العام للمعاهد والكليات، فعندما دخلتُ غرفة الاستراحة، إذا ذلك المصري يقول: يا شنقيطي سمعتك تُقرِّر في الدَّرس أنَّ النَارَ أبدية، وعذابها لا ينقطع؟ قلتُ: نعم

فقال: كيف تسمح لنفسك يا شنقيطي! أنْ تعلِّم أولاد المسلمين أن النار أبدية، وعذابها لا ينقطع، وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية والمجدِّد محمَّد بن عبد الوهاب يُقرِّران أنها تخبو وينبت في قعرها الجرجير؟؟
قال الشَّيخ: وكنتُ آنذاك حديثَ عَهْدِ بالصَّحراءِ أغضبُ إذا استُغضِبتُ، فقلتُ له: يا مصري! مَنْ أخبرك أن الرَّسولَ الذي أُرسِلَ إلي، ووَجَبَ علي الإيمان بما جاء به اسمه محمَّد بن عبد الوهاب؟ إن الرسول الذي أُرسلَ إلي ووجبَ علي الإيمان بما جاء به اسمه محمَّد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم -، وُلِدَ بمكة ولم يولد بحريملا، ودُفِنَ بالمدينة ولم يدفن بالدِّرعية، وجاء بكتابٍ اسمه القرآن، والقرآن أحمله بين جَنْبَي، وهو الذي يجب علي الإيمانُ بما جاءَ به؛ ولمَّا تَأمَّلتُ آياته وجدتها مطبقةَ على أنَّ النارَ أبدية، وأنَّ عذابها لا ينقطع، عَلَّمتُ ذلك لأولاد المسلمين لَمّا ائتمنني وليُّ أمر المسلمين على تعليمهم، أسمعتَ يا مصري؟؟
قال: فقال سماحة الشَّيخ محمَّد بن إبراهيم: “سَم؟! ” وهي بلهجة أهل نجد من مدلولها “ما تقول”؟
قال الشَّيخ الأمين: فقلتُ لهُ: ذاكَ إنسان يَعي ما يقول!!. قال

وكان (1) رجلًا عاقلًا، وقد علم أني مُحْتَدٌّ.
فقال سماحته: أطالَ اللهُ عمرك، منك نستفيد -يعني أَفِدنا-.
قال الشَّيخ الأمين: إني قلتُ ما قلت بعد أنْ اطَّلعتُ على ما استدل به ابن القيِّم تقريرًا لمذهب شيخه.
لقد استدلَّ بآية النَّبأ: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} [النبأ: 23 – 25]، وبآية هود: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} الآية [هود: 107].
واستدل بأربعة أحاديث ثلاثة منها في غاية الضَّعف، ولا يمكن الاحتجاج بها، والرَّابع حديث طاووس عن عبد الله: “يأتي على النار زمانٌ تخفق أبوابها، وينبت في قعرها الجرجير”، وهو حسن السند صالح للاحتجاج به.
واستدل ببيتِ شعرٍ هو قول الشاعر:
لَمُخلفُ إيعادي ومنجزُ مَوعدي … . . . . . . . .
‌‌_
(1) أي: الشيخ ابن إبراهيم -رحمه الله-

======

قال: لا مانع من أنْ يكون ما يجمل عند العرب كله موجودٌ في القرآن، والعرب يجمل عندهم إخلاف الوعيد وإنجاز الوعد، فلا مانع إذًا من إخلافه وعيده لأهل النَّار بالخلود.
قال: وذكر ابن القيم سفسطةً للدَّهريين هي قولهم: إن الله أعدل من أنْ يعصيه العبد حقبًا من الزمن فيعاقبه بالعذاب الأبدي، قالوا: إن الإنصاف أَنْ يعذبه قدر المدَّة التي عصاه فيها.
وأنا أُجِلُّ ابنَ القَيم عن أنْ يكون ذكر هذه السفسطة للاحتجاج بها، وإنما ذكرها استطرادًا، فقال سماحته: أفدنا أطال اللَّهُ في عمرك.
قال شيخنا: فقلتُ له: إنِّي أصبحتُ وإياكَ على طرفي نقيض، أنتم تمثلونَ طائفة من المسلمين تقول بفناء النارِ وانقطاعِ عذابها، وأنا أمثلُ طائفة أخرى منهم تقول النَّار أبدية وعذابها لا ينقطع، والله تعالى يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} إلى قوله تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].
فقد أصبحنا يا سماحة الشَّيخ بمثابة المتناظرين، ولابد للمتناظرين من حَكَمٍ يُحَكِّمانِهِ بينهما يرجعان إليه لئلا يَتَّسِعَ الخلاف

قال سماحته: فماذا ترى أنْ نُحَكِّمَ بيننا؟
قال شيخنا: أرى أنْ نُحَكِّمَ بيننا كتابَ الله تلاوةً لا تأويلًا، معناه أنَّه لا يقبل من أحدنا الاستدلال إلا بآيةٍ يشهد له منطوقها بدلالة المطابقة.
قال سماحة الشَّيخ مُحَمَّد: فقد حَكَّمْنا بيننا كتابَ الله تلاوةً لا تأويلًا.

فقال الشَّيخ الأمين: إذا شاء سماحتكم بحَثْنا هذه المسألة بالدَّليل الجَدَلي المعروف بالسَّبر والتقسيم، والذي أتى به صاحب مراقي السعود -المسلك الرابع من مسالك العلة- حيث يقول:
والسَّبرُ والتَّقسيمُ قِسْمٌ رابعُ … أَنْ يحصُرَ الأوصافَ فيهِ جامِعُ
ويبطلَ الذي لها لا يصلحُ … فما بقي تعيينهُ مُتَّضحُ
ومعنى البيتين: أنْ يجمع المتناظران أو المتناظرون الأوصاف التي يحتمل أنْ تكون مسألة النزاع متصفة بها، فإنْ اتَّفقا أو اتَّفقوا أنَّ أوصاف المسألة محصورةٌ فيما جمعوا، شرعوا في سبرها، أي: في اختبارها، أي: بعرضها واحدة بعد واحدة على المحكم، فما ردّ منها المحْكَم وجب رده، وما بقي يتعيَّن الأخذ به

فقال سماحة الشَّيخ محمد: وافقنا على بحث المسألة بالسَّبر والتقسيم.
قال شيخنا: قَيدوا ما تتفقون عليه من احتمالات للمسألة لتتمكنوا من عرضها على المحْكَم واحدة بعد الأخرى؛ فمثلًا:
يحتمل: أن النار تخبو.
ويحتمل: أنَّها تأكل من أُلقي فيها حتى لا يبقى من أهلِها شيء.
ويحتمل: أنَّهم يخرجون منها فرارًا منها.
ويحتمل: أنَّهم يموتون فيها، والميِّت لا يحسُّ ولا يتألم.
ويحتمل: أنهم يتعوَّدون حَرَّها فلا يبق يؤلمهم.
ويحتمل: أنه لا يقع شيء من ذلك كله، وأنها أبدية وعذابها لا ينقطع.

ولما اتفق الحضور على أنّه لا يوجد احتمالٌ بعد هذه الاحتمالات الستة المقيدة، ابتَدؤوا بعرض الاحتمالات على المحكم.
قالوا: يحتمل أنها تخبو، فإذا المحْكَم يقول: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} الآية [الإسراء: 97]. ومعلوم أن “كلما” أداة من

أدوات التكرار بلا خلاف، فلو قلت لغلامك: كُلَّما جاءك زيدٌ أعطه كذا من مالي، فإذا مَنَعَه مرة ظَلَمَه بلا خلاف.
وقالوا: يحتمل أنَّها تأكلهم حتى لم يبق منهم شيء، فإذا المحْكَم يقول: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} الآية [النساء: 56]؛ فلم يبق لهذا الاحتمال نصيبٌ بموجب هذه الآية.
وقالوا: يحتمل أنَّهم يخرجون منها هاربين، فإذا المحكَم يقول: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} الآية [السجدة: 20]؛ ويقول: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} الآية [الحجر: 48]، فلم يبق لهذا الاحتمال أيضًا نصيبٌ من الاعتبار.
وقالوا: يحتمل أنَّهم يموتون فيها والميت لا يحس ولا يتألم، فإذا المحْكَم يقول: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} الآية [طه: 74]، ويقول: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} الآية [إبراهيم: 17]، فلم يبق إذا لهذا الاحتمال نصيبٌ من الاعتبار.
وقالوا: يحتمل أنَّهم يتعوَّدون حَرَّها فلم يبق يؤلمهم لتعؤُدِهِم عليه، فإذا المحْكَم يقول: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} الآية [النبأ: 30] ويقول: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65]

والغرام: الملازم، ومنه جاء تسمية الغريم، ويقول المحْكَم: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} الآية [الفرقان: 77]، فلم يبق لهذا الاحتمال أيضًا نصيبٌ من الاعتبار.
قال شيخنا: فلم يبق إلّا الاحتمال السادس، وهو أنَّها أبديَّةٌ وعذابها لا ينقطع، وقد جاء ذلك مبينًا في كتاب الله العزيز في خمسين موضعًا منه.
فسَرَدَها لهم مرتبةَ بحسب ترتيب مصحفِ عثمانَ – رضي الله عنه -، وكأنها جاءت مسرودةً في صفحة واحدة.
وعند ذلك قال سماحة الشَّيخ محمَد بن إبراهيم مفتي الدِّيار السعودية، قال: آمَنَّا بالله وصدَّقنا بما جاءَ في كتاب الله.
فقال شيخنا عليه رحمة الله: وعلينا أنْ نجيب عن أدلة ابن القَيِّم، وإلا تركنا المسلمين في حيرة، ولنجيبن عليها بالكتاب تلاوةً لا تأويلًا، فنقول:
أما آية النبأ، فلا دليل فيها لِمَا يريد الاستدلال بها عليه؛ إذْ غاية ما تفيده آية النبأ هذه، هو: أن أهل النار يمكثون أحقابًا من الزمن في نوع من العذاب هو الحميم والغَسَّاق، ثم ينتقلون منه إلى آخر بدليل

قوله تعالى في “ص”: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص: 57 – 58]؛ ومعلومٌ أن عذاب أهل النار أنواع، وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
وأما استدلاله ببيت الشعر فإن ما قاله يمكن اعتباره لولا أننا سمعنا الله تعالى يقول في كتابه: إن وعيده لأهل النار لا يُخلَف، قال في “ق”: {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: 28 – 29]، وقال أيضًا في نفس السورة: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} الآية [ق: 14].
وأما سفسطةُ الدَّهريين التي ذكرها استطرادًا، فقد تولى الله تعالى الجواب عنها في محكم تنزيله، وهو الذي يعلم المعدوم لو وجد كيف يكون، وقد عَلِمَ في سابق علمه أَنَّ الخُبث قد تأصَّل في أرومة هؤلاء الخبثاء بحيث إنَّهم لو عذبوا القدر من الزمن الذي عصوا الله فيه، ثم عادوا إلى الدنيا لعادوا لما يستوجبون به العذاب، لا يستطيعون غير ذلك، قال تعالى في سورة الأنعام: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 27 – 28]

فيبقى لدينا من أدلّة ابن القيِّم آيةُ هود، وهي قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107]، وحديث أبي داود وهو قوله – صلى الله عليه وسلم -: “يأتي على النار زمان تخفق أبوابها وينبت في قعرها الجرجير”، أو كما قال – صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّهما دليلان صالحان للاحتجاج بهما، فيجب علينا البحث والتنقيب عن وجه يمكن به الجمع بين الأدلة؛ لأنَّ إعمال الدَّليلين أولى من طرح أحدهما كما هو مقرَّر في فنِّ الأصول، قال في مراقي السُّعود:
والجَمْعُ واجبٌ متى ما أَمكنا … إلا فَلِلأَخيرِ نَسْخٌ بيِّنا
إن عندنا أدلةَ على أنَّ النَّار أبديةٌ ولا ينقطع عذابها، وهذه الآية التي من سورة هود وهذا الحديث الحسن دليلان يفيدان أنَّ النَارَ تفنى، فما العمل؟
والجواب: أنَّنا نرى إمكان الجمع بين هذه الأدلة، بحمل آية هود وحديث أبي داود على الدَّرك من النَّار المخصَّص لتطهير عصاة المسلمين؛ فإنَّه يخرج منه آخر مَنْ بقلبه مثقالُ ذرةٍ من إيمان، ويخبو وتخفق أبوابه وينبت في قعره الجرجير، أما دركات النَّار المعدة سجنًا وعذابًا للكفار فهي أبدية وعذابها لا ينقطع

وهنا تنسجم الأدلة الشَّرعية في بوتقة واحدة لا تعارض بينها، ولا يكذب بعضها بعضًا، وبالله تعالى التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فقال سماحة المفتي الشَّيخ محمَّد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشَّيخ: “يا عبد اللطيف -يعني أخاه المدير العام للمعاهد والكليَّات- الرجوعُ إلى الحقِّ أولى من التمادي في الباطل، من الآن قَرِّرُوا أنَّ النَّارَ أبدية، وأنَّ عذابَها لا ينقطع، وأن تلك الأدلة المراد بها الدَّرك من النَّار المخصَّص لتَطْهير عصاة المسلمين” وبالله تعالى التوفيق.
تنبيهٌ:
وحيث إن سماحة المرحوم -بإذن الله- العلَّامة الشَّيخ محمَّد ابن إبراهيم آل عبد اللطيف آل الشيخ هو المرجع الأول للعلم ورعايته، وإنَّه اقتنع بعد هذا المجلس بخلود عذاب أهل النَّار المشركين بالله، وأمَرَ بتقرير ذلك في البرامج التعليمية، فما كان يدور بخَلَدي أنَّه بقي مَنْ يتشبَّث بهذا القول؛ لأنَّ المثل يقول: “لا عطر بعد عروس”.
وقد لفت نظري بحثٌ بيدِ طالب في هذا الموضوع، فتاقت نفسي إلى إيراد هذه الآيات التي ذكر الشيخ أنَّها في خمسين موضعًا، وقد

رجعتُ إلى كتاب الله فتتبعتُ هذه الآيات فوجدتها كما يلي:
في “سورة البقرة”:
1 – قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الآية [39].
2 – وقوله تعالى: {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} الآيتان. [85 – 86].
3 – وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} الآيتان [: 161 – 162].
4 – وقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} الآية [167].
5 – وقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} الآية [175].
6 – وقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ

فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الآية [البقرة: 217].
7 – وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الآية [257].
8 – وقوله تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} من الآية [275].
ومن “سورة آل عمران”:
9 – قوله تعالى: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} الآيتان. [87 – 88].
10 – وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الآية [116].
ومن “سورة النساء”:
11 – قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ

يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِين} الآية [14].
12 – وقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} الآية [93].
13 – وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} الآيتان. [168 – 169].
ومن “سورة المائدة”:
14 – قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} الآية [37].
ومن “سورة الأنعام”:
15 – قوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} الآية [128].
ومن “سورة الأعراف”:
16 – قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الآية [36]

ومن “سورة التوبة”:
17 – قوله تعالى: {أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} الآية [17].
18 – وقوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيم} الآية [63].
19 – وقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} الآية [68].
ومن “سورة يونس”:
20 – قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الآية [27].
21 – وقوله تعالى: {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} الآية [52].
ومن “سورة هود”:
22 – قوله تعالى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} الآية [39]

23 – وقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} الآيتان. [هود: 106 – 107].
ومن “سورة الرعد”:
24 – قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الآية [5].
ومن “سورة إبراهيم”:
25 – قوله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} الآيات. [إبراهيم: 15 – 17].
ومن “سورة النحل”:
26 – قوله تعالى: {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} الآية [29].
ومن “سورة الإسراء”:
27 – قوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا

وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} الآية [97].
ومن “سورة طه”:
28 – قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} الآية [74].
29 – وقوله تعالى: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا} الآيات. [99 – 101].
30 – وقوله تعالى: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} من الآية: [127].
ومن “سورة الأنبياء”:
31 – قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ} الآيات. [98 – 100].
ومن “سورة الحج”:
32 – قوله تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ

مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} الآيات. [19 – 22].
33 – وقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} الآية [55].
ومن “سورة المؤمنون”:
34 – قوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} الآيتان. [103 – 104].
ومن “سورة الأحزاب”:
35 – قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} الآيتان. [64 – 65].
ومن “سورة فاطر”:
36 – قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ

أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} الآيات. [36 – 37].
ومن “سورة غافر”:
37 – قوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} الآيات. [70 – 76].
ومن “سورة فصلت”:
38 – قوله تعالى: {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} الآية [24].
39 – وقوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} الآية [28]

ومن “سورة الشورى”:
40 – قوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ} الآيتان. [44 – 45].
ومن “سورة الزخرف”:
41 – قوله تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ. . .} الآيات. [74 – 77].
ومن “سورة الجاثية”:
42 – قوله تعالى: {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} الآيتان. [34 – 35].
ومن “سورة محمد”:
43 – قوله تعالى: {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ

أَمْعَاءَهُمْ} الآية [15].
ومن “سورة المجادلة”:
44 – قوله تعالى: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الآية [17]
ومن “سورة التغابن”:
45 – قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} الآية [10].
ومن “سورة النبأ”:
46 – قوله تعالى: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} الآية [30].
ومن “سورة الانفطار”:
47 – قوله تعالى: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} الآيات. [14 – 16].
ومن “سورة البينة”:
48 – قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ

جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} الآية [6].
ومن “سورة الهمزة”:
49 – وقوله تعالى: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} الآيات. [6 – 9].
قلت: واللَّه حسبي ونعم الوكيل: لعل المحل الموفي عددَ خمسين؛ هو الآية الأخيرة من سورة الفرقان -تجاوزت محلَّها خطأً- وهي قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} الآية [77].
هذا؛ وظنِّي حَسَنٌ بطالب العلم المنصف غير المتعصِّب، والذي لا يطلب إلّا الحق، أنَّه بعدما يقف على هذا الوحي المتكرِّر النزول بمكة والمدينة، ويقف على أن الجمع بين الأدلة -التي استجلبها كلُّ طرف- ممكنٌ بحمل أدلة الفناء على الدرك المخصَّص لتطهير عصاة المؤمنين دون دركات النار المعدَّة سجنًا وعذابًا للمشركين؛ فإنَّ ظنِّي حَسَنٌ بأنَّه سوف يقتنع، والتَّوفيق بيد اللَّه يعطيه من شاء فضلًا ويمنعه من شاء عدلًا، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

الكتاب: مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي – رحمه الله تعالى –

المؤلف: أحمد بن محمد الأمين بن أحمد بن المختار المحضريّ، ثم الإبراهيمي، ثم الجكنيّ الشنقيطي (ت ١٤٣٤ هـ)

الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت

الطبعة: الأولى، ١٤٢٨ هـ – ٢٠٠٧ م

السابق
كيف أفحمت عجوزٌ أحدَ الوهابية الذي ينكر الاستغاثة برسول الله عليه الصلاة والسلام .. زاعما أن عصاه تنفع أكثر .. فجاءه الجواب الصاعق منها .. إنه إيمان العجائز!! (منقول)
التالي
مناظرة الشنقيطي للوهابية في نجاة الوالدين .. وقوله: وما كُنْتُ لأرُدَّ نصًّا قطعيَّ المتنِ قطعيَّ الدلالة بنصٍّ ظَنيِّ المتن وظني الدلالة عند التَّرجيح بينهما؛ فهذا الحديث خبر آحاد ـ أي حديث: “إنَّ أبي وأباك في النار” ـ ومثله حديث أبي هريرة عند مسلم: “استأذنت ربي أنْ أزور أمي فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي”.