تاريخ وتراجم وأعلام

مشاهد مع سيدنا الشيخ أحمد طه ريان، رحمه الله (منقول من قناة أحمد الدمنهوري على التلغرام)


– حضرت له فى مسجده الذي تحت بيته بعض شرحه لكتاب (نيل الأوطار) ، وكنا بعد الانتهاء من الدرس ندخل بيته الذي يقع في منطقة المطرية حيث مكتبته التى فى الدور الأول ليشرح لنا (متن الرحبية) فى المواريث مع مجموعة من الدكاترة وطلبة العلم .. كنت حينها تخرجت حديثا من الكلية وعينت بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.. كان الانطباع الأول أنه رجل هادئ متواضع مشتغل بالعلم ، وظننت للحظات أنه سلفي نظرا لهيئته من لحية طويلة وثوب قصير وعدبة .. ثم علمت بعد ذلك أنه خلوتي الطريقة وربما يقيم حضرة فى بيته ، لكن هذا لا يعلمه إلا خواص طلابه.. وفي إحدى الزيارات طلبنا منه العهد لكنه قال بكل تواضع : إن شيخي لم يأذن لي اذهبوا اليه في الصعيد!
.
– عملت معه باحثا لثلاث سنوات تقريبا حين كان رئيسا للجنة موسوعة الفقه الإسلامي بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية .. وكان الشيخ على جمعة عضوا فيها قبل توليه الإفتاء بقليل، ورأيته يقبل يد الشيخ ريان ويقول شيخنا أكثر من مرة .. كنا نلتقي أسبوعيا لنقرأ عليه أبحاثنا أو تلخيصاتنا للمواد الفقهية ليقرها فتنشر فى الموسوعة .. نصلى الظهر جماعة يؤمنا ويصلي معنا السادة أعضاء اللجنة.. رأيت منه عندها العلم والإحساس بالمسؤولية والبذل والعطاء ، فكان لا يتخلف عن موعده وإن لم يحضر أحد من أعضاء اللجنة .. وظل على هذا سنوات حتى بعد تركي للجنة نظرا لسفري بالخارج سنة 2004م
.
– حضرت بعض درسه فى مسجد سيدي الدردير بجوار الجامع الأزهر رغم أنني شافعي لا مالكي ، ورأيته يسلم على الشيخ الدردير قبل الدرس وبعده ويقف بجوار القبر خاشعا متواضعا متأدبا .. كأنه يستأذن الشيخ قبل الدرس وبعده.
.
– حكى لنا بعض عجيب حكاياته والذي أذكره منها ..

أنه عرض عليه منصب المفتي 3 مرات وكان يتعلل بأولاده العشرة وانشغاله ، وفى مرة منها أثناء رجوعه للبيت بعد المقابلة مع جهة سيادية ، وكان الشارع الذي فيه بيته مظلما ، ظهر له رجل وقال له أخرج ما فى محفظتك .. ظن الشيخ أنه سارق ، فأعطاه المحفظة وكانت ممتلئة بالمال إذ كان فى أول الشهر .. أخذ الرجل منه المحفظة ثم قلب فيها ، وأخذ نصف ماله ويزيد قليلا ، ثم أعطاه الباقي ، أخذ الشيخ محفظته ثم نظر فلم يره أمامه أحد .. أوَّل الشيخ ذلك بأنه لو قبل المنصب فإنه سيؤخذ من دينه كما أخذ من ماله .. لم يكن الرجل سارقا ، إذ لو كان كذلك لأخذ المال كله!
.
= حكى لنا حكايته وتعبه فى طلب العلم ، حيث كان يعمل أثناء دراسته فى الكلية فى مخبز لينفق على نفسه وكيف كان مع ذلك ينجح بتفوق .. حتى وصل إلى عميد كلية الشرعية فى مصر وخارجها ، وعضوا لهيئة كبار العلماء.. وله مواقف كثيرة مشرفة!
.
= زار أوزباكستان وحكى لنا زيارته لقبر الإمام البخاري فى سمرقند ، وطلبه ممن كان يرافقه أن يذهب لزيارته رغم كون المكان بعيدا عن مكان إقامته 200 كيلو تقريبا، شاعرا أنه ليس من الأدب أن يكون قريبا من الإمام ولا يزوره!
.
– ما فرحت بشيء مثل فرحي بإهدائي بعض كتبه كاتبا عليها بخط يده إلى الأخ الأستاذ أحمد سعد .. وأنا من دور أحفاده .. أذكر منها كتابه (سنن الفطرة) و(الرخصة والترخص) .. وكنا نستغل فرصة لقائنا معه كل يوم ثلاثاء فى لجنة موسوعة الفقه لنتعلم منه ونسأله فيما نريد .. جزاه الله عنا خيرا..
.
– لا أزعم أنني من أخص طلابه ، بل كنت أعرف أخباره ويزداد حبي له من أخي الشيخ مصطفى عبد ربه ، فهو من أخص تلامذة الشيخ ولازمه لسنوات .. وهو أشبه الناس به سمتا وخلقا ووراثة لعلمه إن شاء الله!
.
لم يكن الشيخ من أهل الدنيا ولا الساعين لشيء ، حين تزوره فى بيته يقدم واجب الضيافة المعتاد: الشاي ، حتى إن كنت طالبا تقرأ عليه .. وبيته مثل بيوتنا جميعا روحا وشكلا ..
.
– كتبت هذا لأذكر بعض مآثر الشيخ التى ينبغي ذكرها ، وليعلم الناس أن الأمة ما زال فيها رجال من أهل العلم والتقوى والفتوة ، فالخير لا ينقطع إن شاء الله!
.
رحم الله الراحل الكريم وجمعنا وإياه على خيري الدنيا والآخرة…

كذا من قناة أحمد الدمنهوري على التلغرام

Image result for أحمد طه الريان
السابق
بحث قيم حول صفة العين لله
التالي
ترجمة شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله