قال الحافظ المفسر الإمام القرطبي رحمه الله
في كتابه ( التذكار في فضل الأذكار ) عند كلامه عن المتشابه :
( ثم متبعو المتشابه لا يخلو :
1-أن يتبعوه ويجمعوه طلبا للتشكيك في القرآن وإضلال العوام كما فعلته الزنادقة والقرامطة والطاعنون في القرآن ،
2- أو طلبا لاعتقاد ظواهر المتشابه كما فعلته المجسمة الذين جمعوا ما في الكتاب والسنة مما يوهم ظاهره الجسمية حتى اعتقدوا أن الباري تعالى جسم مجسم وصورة مصورة وذات وجه وغير ذلك من يد وعين وجنب وإصبع تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا،
3-أو تتبعوه على جهة إبداء تأويلها أو إيضاح معانيها ،
4-أو كما فعل صبيغ حين أكثر على عمر فيه السؤال ، فهذه أربعة أقسام :
الأول : لا شك في كفرهم وأن حكم الله فيهم القتل من غير استتابة .
الثاني : الصحيح القول بتكفيرهم ، إذ لا فرق بينهم وبين عباد الأصنام والصور ، ويستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كما يفعل بمن ارتد .
الثالث : اختلف في جواز ذلك بناء على الاختلاف في جواز تأويلاتها ، وقد عرف أن مذهب السلف ترك التعرض لتأويلاتها مع قطعهم باستحالة ظواهرها فيقولون أمروها كما جاءت ، وذهب بعضهم إلى إبداء تأويلاتها ، وحملها على ما يصح حمله في اللسان عليها من غير قطع بتعيين محتمل منها .
الرابع : الحكم فيه الأدب البليغ كما فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصبيغ ) انتهى
==================
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (4/ 13):
«السادسة- قوله تعالى: (فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) قال شيخنا أبو العباس رحمة الله عليه: متبعو المتشابه لا يخلو أن يتبعوه ويجمعوه طلبا للتشكيك في القرآن وإضلال العوام، كما فعلته الزنادقة والقرامطة «1» الطاعنون في القرآن، أو طلبا لاعتقاد ظواهر المتشابه، كما فعلته المجسمة الذين جمعوا ما في الكتاب والسنة مما ظاهره الجسمية حتى اعتقدوا أن البارئ تعالى جسم مجسم وصورة مصورة ذات وجه وعين وئد وجنب ورجل وأصبع، تعالى الله عن ذلك، أو يتبعوه على جهة إبداء تأويلاتها وإيضاح معانيها، أو كما فعل صبيغ «2» حين أكثر على عمر فيه السؤال.
فهذه أربعة أقسام: الأول- لا شك في كفرهم، وأن حكم الله فيهم القتل من غير استتابة.
الثاني-[الصحيح] «3» القول بتكفيرهم، إذ لا فرق بينهم وبين عباد الأصنام والصور، ويستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كما يفعل بمن ارتد.
الثالث- اختلفوا في جواز ذلك بناء على الخلاف في جواز تأويلها. وقد عرف، أن مذهب السلف ترك التعرض لتأويلها مع قطعهم باستحالة ظواهرها، فيقولون أمروها كما جاءت. وذهب بعضهم إلى إبداء تأويلاتها وحملها على ما يصح حمله في اللسان عليها من غير قطع بتعيين مجمل منها.
الرابع- الحكم فيه الأدب البليغ، كما فعله عمر بصبيغ. وقال أبو بكر الأنباري: وقد كان الأئمة من السلف يعاقبون من يسأل عن تفسير الحروف المشكلات في القرآن، لأن السائل إن كان يبغي بسؤاله تخليد البدعة وإثارة الفتنة فهو حقيق بالنكير وأعظم التعزير، وإن لم يكن ذلك مقصده فقد استحق العتب بما اجترم من الذنب، إذ أوجد للمنافقين الملحدين في ذلك الوقت سبيلا إلى أن يقصدوا ضعفة المسلمين بالتشكيك والتضليل في تحريف القرآن عن مناهج التنزيل وحقائق التأويل. فمن ذلك ما حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي أنبأنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن صبيغ بن عسل قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن وعن أشياء، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فبعث إليه عمر فأحضره وقد أعد له عراجين من عراجين النخل. فلما حضر قال له عمر: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ. فقال عمر رضي الله عنه: وأنا عبد الله عمر، ثم قام إليه فضرب رأسه بعرجون فشجه، ثم تابع ضربه حتى سال دمه على وجهه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين فقد والله ذهب ما كنت أجد في رأسي. وقد اختلفت الروايات في أدبه، وسيأتي ذكرها في” الذاريات”. ثم إن الله تعالى ألهمه التوبة وقذفها في قلبه فتاب وحسنت توبته.
_
(1). القرامطة: فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادشت ومزدك وماني، وكانوا يبيحون المحترمات. ((راجع عقد الجمان للعيني؟ في حوادث سن
(2). (278) صبيغ (وزان أمير) بن شريك بن المنذر بن قطن بن قشع بن عسل (بكسر العين) بن عمرو بن يربوع التميمي، وقد ينسب إلى جده الأعلى فيقال: صبيغ بن عمل. راجع القاموس وشرحة مادة” صبغ وعسل”.
(3). الزيادة من نسخ: ب، ز، د»
ونص القرطبي نقله عدد من الشراح في كتبهم من ذلك:
«إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل» (ص61):
«الثاني الصحيح القول بتكفيرهم إذ لا فرق بينهم وبين عبادة الأصنام والصور ويستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كما يفعل بمن ارتد»
الكتاب: إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل
المؤلف: أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الشافعي، بدر الدين (ت ٧٣٣هـ)
المحقق: وهبي سليمان غاوجي الألباني
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر – مصر
الطبعة: الأولى، ١٤١٠هـ – ١٩٩٠م
«فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب» (2/ 153):
«الثاني الصحيح: القول بتكفيرهم إذ لا فرق بينهم وبين عباد الأصنام والصور، ويستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كما يفعل بمن ارتد»
الكتاب: فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب للإمام المنذري (ت ٦٥٦ هـ)
المؤلف: أبو محمد حسن بن علي بن سليمان البدر الفيومي القاهري (٨٠٤ – ٨٧٠ هـ)
قدم له: فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان
دراسة وتحقيق وتخريج: أ. د. محمد إسحاق محمد آل إبراهيم
الناشر: المُحقِّق
الطبعة: الأولى، ١٤٣٩ هـ – ٢٠١٨ م
=======
«مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه» (2/ 100):
«(الثاني): الصحيح القول بتكفيرهم؛ إذ لا فرق بينهم وبين عُبّاد الأصنام والصور، ويستتابون، فإن تابوا، وإلا قتلوا، كما يُفعل بمن ارتد»
«البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج» (41/ 579):
«(الثاني): الصحيح القول بتكفيرهم؛ إذ لا فرق بينهم وبين عُبّاد الأصنام
والصور، ويستتابون، فإن تابوا، وإلا قُتلوا، كما يُفعل بمن ارتد»
كلا الكتابين للشيخ محمد بن علي بن آدم بن موسى الإتيوبي الولوي
====
«الوقف القرآني وأثره في الترجيح عند الحنفية» (ص68):
«حكمهم: الصحيح القول بتكفيرهم. إذ لا فرق بينهم وبين عباد الأصنام والصور ويستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كما يفعل بمن ارتد»
الكتاب: الوقف القرآني وأثره في الترجيح عند الحنفية
المؤلف: عزت شحاته كرار محمد
الناشر: موسسة المختار – القاهرة
الطبعة: الأولى، ١٤٢٤ هـ – ٢٠٠٣ م