قال الإمام السيوطي في المزهر في علوم اللغة وأنواعها (1/ 480):
في فتيا فقيه العرب
وذلك أيضا ضربٌ من الألغاز وقد ألَّف فيه ابن فارس تأليفا لطيفا في كراسة سماه بهذا الاسم رأيته قديماوليس هو الآن عندي فنذكر ما وقع من ذلك في مقامات الحريري ثم إن ظَفِرت بكتاب ابن فارس ألحقتُ ما فيه:
قال الحريري في المقامة الثانية والثلاثين: قال الحارث بن همام: أَجْمَعْتُ حين قضيتُ مَناسِكَ الحج وأقمت وظائف العَجِّ والثَّجِّ أن أقصدَ طَيْبَة مع رُفْقَةٍ من بني شَيْبَة لأزورَ قبرَ النبيِّ المُصْطفى وأخْرُج من قبيل مَن حجَّ وجَفا فَأُرْجِفَ بأنَّ المسالِك شاغِرَة وعرَبَ الحرَمَيْن متشاجرة فحرت إشْفاقٍ يُثَبِّطُني وأََشواق
تُنَشِّطُني إلى أنْ أُلْقي في رُوعي الاسْتِسْلاَم وتغليبُ زيارةِ قبرِ النبي عليه السلام فأَعْتَمْتُ القُعْدَة وأعْدَدْتُ العُدَّة وسِرْت والرُّفْقَةَ لا نَلْوي على عُرْجَة ولاَنني في تأْويب ولا دُلْجَة حتى وافينا بني حَرْب وقد آبُوا من حَرْب فأَزْمَعْنا أنْ نُقَضِّيَ ظلَّ اليوم في حلة القوم وبينما نحن نتخير المناخ ونرد الوِرْدَ النُّقَاخ إذ رأيناهم يَركُضُون كأنهم إلى نصب يوفضون فرابنا انثيالهم وسألنا ما بالهمفقيل: قد حضَر نادِيَهم فقيهُ العرب فإهْرَاعُهم لهذا السبب.
فقلت لرُفْقَتي: ألا نشهَدُ مَجمَعَ الحيِّ لنتبين الرشد من الغيفقالوا: لقد أسْمَعْتَ إذْ دعوتَ ونصحت وما ألَوْتَ.
ثم نهضنا نَتَّبع الهادي ونَؤُمُّ النَّادي حتى إذا أظْلَلْنا عليه واستَشْرَفْنا الفقيهَ المَنْهودَ إليه ألفيته أيا زَيْدٍ ذا الشُّقَر والبُقَر والفَواقِر والفِقَر وقد اعتم الفقداء واستمل الصماءوقعد القرفصاءوأعيان الحيِّ به مُحْتَفون وأَخْلاَطُهُم عليهم مُلتَفّون وهو يقول: سَلوني عن المُعْضِلات واستوضحوا مني المُشْكِلات فو الذي فطر السماءوعلم آدم الأسماء إن لفقيهُ العرب العَرْباء وأعلمُ مَن تحت الجَرْباء فصََمدَ له فتى فَتيقُ اللسان جَرِيُّ الجَنان فقال: إني حاضَرْتُ فقهاء الدُّنيا حتى انْتَخَلْتُ منهم مائة فُتْيا فإن كنتَ ممن يَرْغَبُ عن بنات غير ويرغب منا في ميرفاستمع وأجب لتُقابَل بما يجب. فقال: اللَّه أكبر سَيبينُ المَخْبَر وينكشف المُضْمَر فاصدعْ بما تُؤْمَر فقال ما تقول فيمن توضأثم لمس ظهر نعلهقال: انتقضَ وُضوؤه من فِعلِه.
قال: فإن تَوضَّأ ثم أتكأه البردقال: يجدد الوضوء من بعد (البرد: النوم) قال: أيمسح المتوضئ أنثييهقال: قد نُدِبَ إليه ولم يجب عليه.
(الأنثييان: الأذنان) .
قال: أيجوز الوضوء مما يقذفه الثعبانقال: وهل ماء أنظف منه للعُرْبان.
قال: أيستباح ماء الضريرقال: نعم.
ويُجْتنَب ماءُ البَصير
قال: أيحل التطوف في الربيعقال: يكره ذلك للحدث الشنيع.
قال: أيجبُ الغُسْل على من أمنى قال: لاولو ثَنّى.
قال: فهل يجب على الرجل غسل فروتهقال: أجل وغسل إبْرَته قال: أيجب عليه غَسْل صحيفتهقال: نعم (كغسل شفته) .
قال: فإن أخلَّ بغَسْل فأسهقال: هو كما لو ألغى غَسْل رأسه.
(قال: أيجوزُ الغُسْلُ في الجِراب قال: هو كالغُسْل في الجِباب قال فما تقول فيمن تيمم ثم رأى رَوْضاً قال بَطَل تَيَمُّمه فليتوضأ.
قال: أيجوزُ أن يسجدَ الرجل في العَذِرة قال: نعم.
ولْيُجانِب القَذِرة.
قال: فهل له السجود على الخلافقال: لاولا على أحد الأطرَاف.
قال: فإن سَجَد على شِماله قال لاَ بأْس بِفعاله قال أَيُصَلَّى على رأس الكَلْب قال نعم كسائر الهَضْب.
قال: فهل يجوز السجود على الكراعقال: نعم دون الذِّراع.
قال: أيجوزُ للدارس حِملُ المصاحفقال: لاولا حملُها في الملاحف) .
قال: ما تقولُ فيمن صَلى وعانَتُه بارزَة. قال: فصلاته جائزة.
قال: فإن صلى وعليه صومٌ. قال: يُعيد ولو صلى مائة يوم.
قال: فإن حَمل جِرْواً وصلَّى قال: هو كما حَمل باقِلَّى.
قال: أتصح صلاة حامل القروة قال: لاولو صلَّى فوق المَرْوَة.
قال: فإن قَطَر
على ثوب المصلي نجوقال: يَمضي في صلاته ولا غَرْو.
قال: أيجوزُ أن يؤم الرجال مقنعقال: نعم (ويؤمُّهم) مُدَرَّع.
قال: فإن أمَّهم مَنْ في يده وقفقال: يُعيدون ولو أنهم أَلْف.
قال: فإن أَمَّهم مَن فَخذُه بادية قال: فَصَلاته وصلاتُهم ماضيَة. قال فإن أمهم الثور الأجمقال: صَلِّ وخلاك ذم.
قال: أيدخلُ القَصرُ في صلاة الشاهدقال: لا والغائبِ الشاهد.
قال: أيجوزُ للمََعذور أن يفطر في شهر رمضانقال: ما رُخِّصَ فيه إلا للصِّبيان.
قال: فهل للمعرس أن يأكل فيهقال: نعم بملء فيهقال: فإن أفْطَر فيه العُرَاة قال: لا تُنكِر عليهم الوُلاة.
قال:: فإن أكل الصائِم بعدما أصبحقال: هو أحْوط له وأصْلح.
قال: فإن عَمَد لأن أكل ليلاقال: يُشَمِّر للقضاء ذَيْلاً.
قال: فإنْ أكل قبل أن تتوارى البيضاءقال: يلزمه واللَّه القَضاء.
قال: فإن اسْتثار الصائمُ الكيدقال: أفطر ومَن أحَلَّ الصيد.
قال: فهل يفطر بإلحاح الطابخقال: نعم لا بِطاهي المطابخ.
قال: فإن ضَحِكت المرأة في صومهاقال: بطلَ صومُ يومها.
قال: فإن ظهر الجُدَريّ على ضَرَّتها قال: تُفْطر إن آذن بمَضَرَّتها.
قال: ما يجب في مائة مصباح
قال: حِقّتان يا صاح.
قال: فإن مَلَك عشر خناجرقال: يُخْرج شاتين ولا يُشَاجر.
قال: فإنْ سَمح للساعي بحميمتهقال: يا بُشرَِى له يوم قيامته.
قال: أيَسْتَحِقّ حملة الأوزار من الزكاة جزاقال: نعم إذا كانوا غُزّى.
قال: فهل يجوزُ للحاج أن يعتمرقال: لاولا أن يَخْتمِر.
قال: فهل له ان يقتل الشجاعقال: نعم كما يَقتُل السِّباع.
قال فإن قتل زمارة في الحرمقال عليه بَدَنة من النَّعم.
قال: فإن رَمى ساق حر فجدلهقال: يُخْرِج شاة بَدَله.
قال: فإنْ قتل أم عوف بعد الإحرامقال: يتصدَّق بقُبضَةٍ من الطعام.
قال أيجبُ على الحاج استصحاب القاربقال: نعم ليسُوقَهم إلى المشَارب.
قال: ما تقول في الحرام بعد السبتقال: قد حلَّ في ذلك الوقت.
قال: ما تقول في بيع الكميتقال: حرامٌ كبيع المَيْتِ.
قال: أيجوزُ بيع الخل بلحم الجملقال: لاولا بلحم الحمل.
قال: أيجوزُ بيع الهدية قال: لا ولا بيع السبية.
قال: ما تقول في بيع العَقيقة قال: مكروه على الحقيقة.
قال: أيجوز بيع الداعي على الراعيقال: لا ولا على الساعي.
قال: أيُباع الصّقْر بالتمرقال: لا ومالكِ الخلق والأمر.
قال: أيشتري المُسْلم سلب المسلماتقال: نعم ويُورَث عنه إذا مات.
قال: فهل يجوز أن يبتاع الشافعقال: نعم ما لِجَوازه من دافِع.
قال: أيُباع الإبريق على بني الأصفرقال: يُكره كبيع المِغْفر.
قال: ما تقولُ في ميتة الكافرقال: حِلٌّ للمقيم والمسافر.
قال: أيجوزُ أن يضحَّى بالحولقال: هو أجدر بالقبول.
قال: فهل يضحى بالطالققال: نعم ويُقْرَى منها الطَّارق.
قال: فإن ضَحّى قبل ظهور الغَزَالة قال: شاةُ لحمٍ لا محالة.
قال: أيحل التكسب بالطرققال: هو كالقِمار بلا فَرْق.
قال: أيسلِّم القائمُ على القاعدقال: محظور على الأباعد.
قال: أينامُ العاقلُ تحت الرقيعقال: أحْبِب به في البَقيع.
قال: أيُمنع الذمي من قتل العجوزقال: معارَضتُه في العجوز لا تجوز.
قال: أيجوزُ أن ينتقل الرجل عن عمارة أبيهقال: ما جُوِّزَ لخاملٍ ولا نبيه.
قال: ما تقول في التهودقال: هو مِفْتاح التزهد.
قال: ما تقولُ في صَبْر البَليّة قال: أعْظِم به من خَطِيّة.
قال: أيحل ضرب السفيرقال: نعم.
والحَمْلُ على المُسْتَشِير.
قال: أيجوزُ أن يبيعَ الرجلُ صَيْفِيّه قال: لا ولكنْ لِيَبِعْ صفِيّه.
قال: فإن اشترى عَبْداً فَبَان بأُمِّه جراحقال: ما في رَدِّه من جُناح.
قال: أتثبتُ الشفعة للشريك في الصحراءقال: لا ولا للشريك في الصفراء.
قال: أيحل أن يحمى ماء البئر والخلاقال: إن كان في الفَلاَ فَلاَ.
قال: أيُعَزِّرُ الرجل أباهقال: يفعله البَرُّ ولا يأباه.
قال ما تقولُ فيمن أفقر أخاهقال: حبذا ما توخاه.
قال: فإن أعرى ولدهقال: يا حسن ما اعتمده.
قال: فإن أصلى مملوكه النارقال: لا إثم عليه ولا عار.
قال: أيجوز للمرأة أن تصرم بعلهاقال: ما حظَر أحدٌ فِعْلَها.
قال: أتؤدَّبُ المرأةُ على الخجلقال: أجَل.
قال: ما تقولُ فيمن نَحَت أَثْلة أخيهقال: أثِم ولو أذِن له فيه.
قال: أيَحجر الحاكم على صاحب الثورقال: نعم ليَأْمن غائلة الجَوْر.
قال: فهل له أن يضرب على يد اليتيمقال: نعم إلى أن يستقيم.
قال: فهل يجوزُ أن يتخذ له ربضاقال: لاولو كان له رِضاً.
قال: فمتى يبيعُ بدَنَ السفيهقال: حين يرى الحظ له فيه.
قال: فهل يجوز أن يبتاع له حشاقال: نعم إذا لم يكن مُغَشّى.
قال: أيجوزُ أن يكون الحاكم ظالماقال: نعم إذا كان عالما.
قال: أيُسْتَقْضَى من ليست له بصيرة قال: نعم إذا حَسُنت منه السيرة.
قال: فإن تعرى من العقلقال: ذاك عُنوان الفَضْل.
قال: فإن كان له زهو جبارقال: لا إنكار عليه ولا إكبار.
قال: أيجوزُ أن يكون الشاهد مريباقال: نعم إذا كان أَريباً.
قال: فإن بان أنه لاطقال: هو كما لو خاط.
قال: فإن عُثر على أنه غربلقال: تُردّ شَهادَته ولا تُقْبل.
قال: فإن وَضح أنه مائنقال: هو وصفٌ له زَائن.
قال: ما يجبُ على عابد الحققال: يحلفُ بإلَه الخلْق.
قال: ما تقولُ فيمن فقأ عين بلبل عامداقال: تُفقأَ عينُه قولا واحدا.
قال: فإن جَرَحَ قطاة امرأة فماتتقال: النفسُ بالنفس إذا فاتتْ. قال فإن ألقَت المرأة حشيشا من ضَرْبه قال ليكفِّرْ بالاعتاق عن ذَنْبه
قال: ما يجب على المختَفي في الشرعقال: القَطْعُ لإقامة الرَّدْع.
قال: ما يُصنَع بمن سرق أساود الدارقال: يُقْطع إن ساوَِيْنَ رُبْع دينار.
قال: فإنْ سرق ثمينا من ذهبقال: لا قَطْع كما لو غَصَب.
قال: فإن بان على المرأة السرققال: لا حرَج عليها ولا فرَق.
قال: أينعقدُ نكاح لم تشهده القواريقال: لا والخالق الباري.
(القواري: الشهود لأنهم يقرون الأشياء أي يتتبَّعونها والقواري: اسم طيور خُضْر تتشاءمُ بها العرب) .
قال: فما تقول في عروس باتت بليلة حُرّة ثم ردت في حافرتها بسُحْرة قال: يجبُ لها نِصْفُ الصداق ولا يجب عليها عدَّة الطلاق.
(يقال: باتت العروس بليلة حرة: إذا لم يفتضها زوجها فإن افتضها قيل: باتت بليلة شيباء) .
وفي فتاوى فقيه العرب: سُئل عن بِرّ سقطت في هِلال.
قال: نجس. (البِرّ: الفأْرة والهِلال: بقيّةُ الماء في الحوض) .