فضيحة جديدة لشيخ الإسلام عثمان المكي بعد أن توارى عن الأنظار بعد الفضيحة الأخيرة في رواية “فلما ماتوا عكفوا على قبورهم” …
وها هو الأخ عثمان صدّق كلامي ولم يكذبه حين أتانا برواية ” وقد كانت لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها “، أي أن العكوف كان على أصنام وليس على قبور… فأشكره شكرا جزيلا على هذا التعاون والتصديق منه لي هههه.
#كيف_تطحن_وهابيا
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/5535219813258662/
بعد أن غاب الأخ عثمان لأيام بعد أن تحديناه أن يأتينا بالرواية التي أتى بها ابن تيمية “فلما ماتوا عكفوا على قبورهم” وزعم مرارا أنها في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما.
فغاب عثمان ليبحث عنها على ما يبدو في كتب الإنس والجن وفي كتب الموضوعات، بل ربما في كتب اليهود والنصارى والدهريين والشياطين ههههه .. جاءنا مزهوا ظانا أنه عثر على ما يحفظ به ماء وجهه ووجه ابن تيمية رحمه الله.
ولذا قطع الأخ Osman Al Makki عدّته التي اعتد كان يعتد فيها وأماط اللثام عن وجهه وبرز ليتحدانا من جديد قائلا ” رضي الله عن شيخ الإسلام الدقيق في عباراته، إجمع كلام البخاري مع ما في كتب السير وقصص الأنبياء، وستكون النتيجة ما يكوي كبدك ويحرق قلبك” اهـ
كذا قال وبكل ثقة .. فتعالوا لنرى من أين أتى بكل هذه الثقة .. أو بالأحرى؟! ما الذي وجده حتى يتبختر ويزهو علينا ؟!
وجد الأخ عثمان في “السيرة النبوية لابن هشام :وَقَدْ كَانَتْ لِقَوْمِ نُوحٍ أَصْنَامٌ قَدْ عَكَفُوا عَلَيْهَا، قَصَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَبَرَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «وَقالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ، وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً، وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً ” ومثل ذلك في الروض الأنف.
قال وليد ـ أيده الله وإياكم ـ : هذا ما أتانا به العلامة عثمان المكي !!! وكأنه أتانا بالذئب من ذيله .. !! فأين في هذا الذي اتيت به انهم “عكفوا على قبورهم” ؟ اين كلمة “قبور” هنا وهي محل النزاع ؟ انت اتيت بانهم عكفوا على اصنامهم .. وهذا ليس جديدا اذ هذا تفيده رواية ابن عباس عند البخاري “..أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا “.
وقد قلنا أن هذه الرواية إنما (إنما تتكلم عن الأنصاب ونصب التماثيل، … لأن ذلك ورد النهي عنه صريحا في القرآن قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]).
وهذا بيناه في المنشور السابق الذي تحديناه فيه[1]، والذي علّق عليه الأخ عثمان مزهوا برواية سيرة ابن هشام هذه.
ولكن ما أتى به هنا هو أولا : خارج عن محل النزاع إذ هي تتكلم عن العكوف على الأنصاب والتماثيل والأصنام متفق على حرمته وقد يصل إلى الشرك.
ونحن نتكلم عن العكوف على القبور والتي جعلها ابن تيمية أصل الشرك وسببه محتجا بالرواية المكذوبة “فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ” وادعى مرارا أنها في صحيح البخاري عن ابن عباس !!!
وهو ما لا يوجد لا عن ابن عباس ولا عن غيره، ليس في البخاري فقط وإنما في كل كتب الاسلام !!! فليس موجودا فيها رواية “فلما ماتوا عكفوا على قبورهم” حسب بحثي الحثيث لسنوات … وها هو الأخ عثمان صدّق كلامي ولم يكذبه حين أتانا برواية ” وقد كانت لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها “، أي أن العكوف كان على أصنام وليس على قبور… فأشكره شكرا جزيلا على هذا التعاون والتصديق منه لي هههه.
والطريف أن ما جاء عن ابن عباس بعشرة أسانيد في تأويل الساق أنتم أنكرتموه، فانظر ما قاله شيخك دمشقية: وأما ما يروى عن ابن عباس من تأويل الساق بالكرب والشدة فمروي من طرق ضعيفة تابعها واحدة بواحدة فضيلة الشيخ سليم الهلالي في كتابه العظيم (المنهل الرقراق في تخريج ما روي عن الصحابة والتابعين في تفسير {يوم يكشف عن ساق}[2].اهـ
مع أن هذا التأويل صح عن ابن عباس باعتراف الحاشدي الوهابي في تحقيقه للأسماء والصفات، أي أن ما يصح عن ابن عباس تنكرونه وما لا أثر له عنه تثبتونه وتنسبونه إلى البخاري!!!
وكذا فعلتم مع سعيد بن جبير حيث رفضتم تأويله الذي صح عنه في تأويل الكرسي بالعلم، واحتججم بما لم يثبت عنه وهو قوله ” لأن يصحب ابني فاسقا شاطرا يعني يقطع الطريق سنيا أحب إلي من أن يصحب عابدا مبتدعا ” واحتججتم بها على قراءة القرآن في المولد أشد إثما من الزنا وشرب الخمر والقتل واللواط !!! وقد سبق الرد على هذا الهذيان الذي هو أقرب إلى الكفر[3].
ثانيا: لو فرضنا أنك وجدت بما تحلم به في سيرة ابن هشام وهو لفظ ابن تيمية وهو “فلما ماتوا عكفوا على قبورهم” فهل هذا يسوغ نسبته إلى صحيح البخاري كما فعل ابن تيمية مرارا وتكررارا كما سبق إثباته من كتبه ؟!
أنتم أقمتم الدنيا على من ينسب الأحاديث إلى غير مخرجيها أو حتى أنكرتم عليه مجرد رواية الضعيف في فضائل الأعمال والمناقب، فضلا عن أنكم اتهمتم الأشاعرة والصوفية بالجهل بالسنة[4]، وإليك نماذج من ذلك:
أولا: أنكر الذهبي على إمام الحرمين لأنه قال عن حديث معاذ “اجتهد رأيي” أنه مدون في الصحاح متفق على صحته، واعتبر ذلك دليلا على أنه لا يدري الحديث، مع أن الحديث موجود في سنن الترمذي وأبي داود فما بالك وهذا أصلا من الكتب الستة التي أحيانا يقال عنها تجوزا الصحاح الستة على اعتبار أنها أصح كتب السنة كما أشار إلى ذلك الإمام السبكي رحمه الله[5].
فما بالك لو أن الجويني أتى بحديث من كيسه وقال مرارا إنه في صحيح البخاري ثم بنى عليها أحكاما في الشرك والتكفير كما فعل ابن تيمية ، فماذا ستقولون عنه حينها !!
ثانيا: أنكر ابن تيمية على من أورد أو احتج برواية “كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان”[6]، مع أن هذه العبارة يذكرها المتكلمون وغيرهم ليست على أنها حديث أو أثر حتى ينسبوها إلى البخاري أومسلم ، وإنما يذكرونها على أنها عبارة متداولة صحيحىة عند العقلاء، كما بينت ذلك في منشورات سابقة رددت فيها على دمشقية الذي زعم أن هذه العبارة هي من “التنزيهات الشيعية”[7].
ثالثا: أنكر ابن تيمية[8]على ابن عساكر لأنه روى حديث ” الذي أين الأين لا يقال له: أين”، مع أن ابن عساكر رواه بسنده دون أن يعزوه إلى البخاري أو مسلم.
رابعا: شيخك الشموسة (محمد بن شمس الدين) أقام الدنيا على من نسب أثر تخفيف العذاب عن أبي لهب لأنه أعتق مولاته ثويبه حينما بشرته بولادة المصطفى عليه الصلاة والسلام، إلى البخاري، وقال الشموسة ما حاصله: إن هذا كذب على البخاري. وعمل تسجيلا في ذلك، وراح يشنع على بعض الأشاعرة والصوفية المعاصرين لأنهم استدلوا بهذا الأثر على مشروعية المولد ونسبوه إلى البخاري.
وقد رددت عليه في عدة تسجيلات[9] وبينت أن هذا الأثر له أصلا في البخاري وهو أنه فعلا يخفف عنه العذاب لإعتاقه ثويبة[10]، ولكن ليس فيه أعتقها لأنها بشرته بولادة المصطفى وإنما هذا ذكره الشراح منهم الحافظ ابن حجر، وأصحاب السير، ومنهم ـ وهذا لحسن الحظ ـ صاحب الروض الأنف الذي أنت أحلتنا إليه في أثر ” وقد كانت لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها” الذي ابتهجت به لتنجي ابن تيمية من ورطة كذبه على البخاري، وأنا أسألك هل ترضى أنت ـ وكذا شيخك الشموسة ـ بأن نحيلك إلى نفس المرجع وهو الروض الأنف للسهيلي[11] ونقول لك إن هذا عوضا عن البخاري؟!!
فضلا عن أن أثر ثويبة هذا غاية ما نستدل به على جواز المولد، وليس لنرمي من لا يقوم بالمولد بالضلال والشرك مستدلين به بأثر ثويبة هذا كما فعل ابن تيمية ورمى الناس بالضلال والشرك اعتمادا على أثر لا وجود له أصلا وهو “فلما ماتوا عكفوا على قبورهم”!!
خامسا: أنكر عائض القرني على حجة الإسلام الغزالي وعلى أبي طالب المكي رحمها الله، لأنهما رويا الأحاديث الضعيفة في كتابي الإحياء وقوت القلوب، فما بالك لو قاما بعزوها إلى البخاري أو مسلم، فما بالك لو بنوا عليها أحكاما خطيرا وكفروا الناس بها[12]؟!!
وإنما غاية ما في أحاديث الإحياء للغزالي أحاديث في الفضائل والترغيب والترهيب والمناقب ونحوها مما يتساهل فيها أصلا، ولذا قال ابن مهدي: «إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال، تساهلنا في الأسانيد والرجال، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام تشددنا في الرجال»[13]، بل كان أبو داود “يخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره؛ لأنه أقوى عنده من رأي الرجال “[14]
ولذا قال العراقي في ألفيته
«77. كَانَ أَبُو دَاوُدَ أَقْوَى مَا وُجِدْ … يَرْوِيهِ، وَالضَّعِيفَ حَيْثُ لَا يَجِدْ
78. فِي الْبَابِ غَيْرَهُ؛ فَذَاكَ عِنْدَهْ … مِنْ رَأْيٍ اقْوَى؛ قَالَهُ ابْنُ مَنْدَهْ»[15].
ومع ذلك جاء الحافظ العراقي رحمه الله وألف الكتاب الجليل وهو “المغني عن حمل الأسفار” وخرّج تلك الأحاديث والآثار التي في الإحياء.
وبعد فهذه بعض النماذج التي كنتم تنكرون فيها على الأشاعرة والصوفية مجرد الخطأ في نسبة أحاديث موجودة إلى غير مخرجيها أو مجرد رواية الأحاديث الضعيفة، فما بالك بالإتيان بأحاديث لا وجود لها أصلا ثم ُتنسب مرارا إلى أصح كتاب بعد القرآن وهو صحيح البخاري، ثم الاحتجاج بها للحكم على الناس بالشرك الأصغر أو الأكبر كما فعل ابن تيمية حينما احتج برواية “فلما ماتوا عكفوا على قبورهم”.
فأيُّ دقةٍ كنت تحدثنا عنها عندما قلتَ ” رضي الله عن شيخ الإسلام الدقيق في عباراته ..” يا أخ عثمان المكي يا علامة يا إمام .. فخذ هذا الصاروخ الصلاحي الدقيق … هنيئا مرئيا هههههه…. { يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [النور: 17] .
========
[1] انظر:
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/5527832087330768/
[2] موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية (ص: 551)
[3] انظر:
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/5532751730172137/
[4] جاء في موقف ابن تيمية من الأشاعرة (2/ 792): كثيراً ما يحكم شيخ الإسلام ابن تيمية على أهل الكلام من الأشاعرة وغيرهم بأن معرفتهم بالسنة وأحاديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – قليلة .. وكان شيخ الإسلام قبل هذا كله على دراية بأحكام الكتاب والسنة، واطلاع واسع على حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – مع تمييز صحيحه من ضعيفه.اهـ
[5] قال الذهبي في ترجمة إمام الحرمين الجويني :«سير أعلام النبلاء – ط الرسالة» (18/ 471): «كان هذا الإمام مع فرط ذكائه وإمامته في الفروع وأصول المذهب وقوة مناظرته لا يدري الحديث كما يليق به لا متنا ولا إسنادا . ذكر في كتاب (البرهان) حديث معاذ في القياس فقال: هو مدون في الصحاح، متفق على صحته قلت: بل مداره على الحارث بن عمرو، وفيه جهالة، عن رجال من أهل حمص، عن معاذ. فإسناده صالح»[5]
وتعقبه السبكي فقال في «طبقات الشافعية الكبرى » (5/ 187):«فأما قوله كان لا يدري الحديث فإساءة على مثل هذا الإمام لا تنبغي وقد تقدم في كلام عبد الغافر اعتماده الأحاديث في مسائل الخلاف وذكره الجرح والتعديل فيها وعبد الغافر أعرف بشيخه من الذهبي ومن يكون بهذه المثابة كيف يقال عنه لا يدري الحديث وهب أنه زل في حديث أو حديثين أو أكثر فلا يوجب ذلك أن يقول لا يدري الفن وما هذا الحديث وحده ادعى الإمام صحته وليس بصحيح بل قد ادعى ذلك في أحاديث غيره ولم يوجب ذلك عندنا الغض منه ولا إنزاله عن مرتبته الصاعدة فوق آفاق السماء ثم الحديث رواه أبو داود والترمذي وهما من دواوين الإسلام والفقهاء لا يتحاشون من إطلاق لفظ الصحاح عليهما لا سيما سنن أبي داود فليس هذا كبير أمر»
[6] جاء في موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية (ص: 700): ما زال الجهمية ومن وافقهم يضربون نصوص علو الله فوق خلقه بهذه الرواية “كان الله ولا مكان” “وهو الآن على ما عليه كان” وقد أنكر ابن تيمية الجزء الثاني من الرواية (وهو الآن على ما عليه كان) وأكد أنها مختلقة مكذوبة ولا أصل لها. وابن تيمية غير مصدق عند هؤلاء لكن الله قيد له من يصدقه من الأئمة الحفاظ المعتبرين. فقد قال الحافظ ابن حجر: “تنبيه: وقع في بعض الكتب في هذا الحديث [كان الله ولا مكان] [وهو الآن على ما عليه كان] وهي زيادة ليست في شيء من كتب الحديث، نبه على ذلك العلامة تقي الدين ابن تيمية، وهو مسلم في قوله [وهو الآن] إلى آخره” فقد أيد ابن تيمية في أن الجزء الثاني من الرواية موضوع.اهـ
[7] انظر: الرد على دمشقية في قوله بأن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة بحجة أنهم تأثروا في التنزيه بعقائد الشيعة!!! عبارة “كان الله ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان” ؟!!
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/3044553585658643/
[8] «درء تعارض العقل والنقل» (5/ 225): «والحديث الذي يحتجون به في نفي العلو، كالحديث الذي رواه ابن عساكر فيما أملاه في نفي الجهة عن شيخه ـ والصواب: شيحة ـ ابن عبد الله العوسجي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الذي أين الأين فلا يقال له: أين، وعرض به حديث ابن اسحق الذي رواه أبو داود وغيره، الذي قال فيه: يستشفع بك على الله ويستشفع بالله عليك وأكثر فيه في القدح في ابن اسحق مع احتجاجه بحديث أجمع العلماء على أنه من أكذب الحديث، وغاية ما قالوا فيه: إنه غريب»
[9] انظر:
ما حقيقة إعتاق أبي لهب لجاريته ثويبة لأنها بشرته بولادة المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ ج1
ما حقيقة إعتاق أبي لهب لجاريته ثويبة لأنها بشرته بولادة المصطفى؟ ج2
[10] جاء في «صحيح البخاري» (5/ 1961 ت البغا): «قال عروة: وثويبة مولاة لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشرحيبة، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة»
[11] قال السهيلي «الروض الأنف ت الوكيل» (5/ 191): «وفي غير البخاري أن الذي رآه من أهله هو أخوه العباس، قال: مكثت حولا بعد موت أبي لهب لا أراه في نوم، ثم رأيته في شر حال، فقال: ما لقيت بعدكم راحة إلا أن العذاب يخفف عنى كل يوم اثنين، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين، وكانت ثويبة قد بشرته بمولده، فقالت له: أشعرت أن آمنة ولدت غلاما لأخيك عبد الله؟ فقال لها: اذهبى، فأنت حرة، فنفعه ذلك، وهو فى النار كما نفع أخاه أبا طالب ذبه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فهو أهون أهل النار عذابا»
[12] قال القرني في كتابه لا تحزن (ص: 419): فكتابُ «إحياء عِلوم الدينِ» للغزاليِّ، دعوةٌ صارخةٌ للتجويعِ والعُرْيش (والبهذلة) ، والآصالِ والأغلالِ التيِ أتى رسولُنا – صلى الله عليه وسلم – لوضْعِها عنِ العالمين. فهو يجمعُ من الأحاديثِ، المتردِّية والنطِيحة وما أكل السَّبُعُ، وغالبُها ضعيفةٌ أو موضوعةٌ، ثم يبني عليها أُصُولاً يظنُّها منْ أعظمِ ما يُوصِّلُ العبدُ إلى ربِّه.
وقارنتُ بين إحياءِ علومِ الدين وبينِ الصحيحين للبخاري ومسلم، فبان البونُ وظهر الفرْقُ، فذاك عَنَتٌ ومشقَّةٌ وتكلُّفٌ، وهذه يُسْرُ وسماحةٌ وسهولةٌ، فأدركتُ قول البري: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} .
والكتابُ الثاني: «قُوتُ القلوبِ» لأبي طالب المكَّيَّ، وهو طلبٌ مُلِحٌّ منه لترْكِ الحياة الدنيا والانزواء عنها، وتعطيل السَّعْيِ والكسْبِ، وهجْرِ الطَّيَّباتِ، والتَّسابُقِ في طرقِ الضَنْكِ والضَّنى والشِّدَّة.
والمؤلِّفان: أبو حامدٍ الغزاليُّ، وأبو طالبٍ المكيُّ، أرادا الخَبْرَ، لكنْ كانت بضاعتُهما في السُّنّةِ والحديثِ مُزْجاةً، فمنْ هنا وقع الخَلَلُ، ولابُدَّ للدليل أن يكون ماهراً في الطريق خِرِّيتاً في معرفة المسالكِ {وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} .اهـ
[13] «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي» (2/ 91)
[14] «مقدمة ابن الصلاح = معرفة أنواع علوم الحديث – ت عتر» (ص37):
[15] «ألفية العراقي التبصرة والتذكرة» (ص111 ت القاسم):