تنزيه الله عن المكان والجهة والحيز

المتمسلفون يستدلّون لعقيدتهم، بطبائع البقر والحمير والدجاج !! (منقول) 2

المتمسلفون يستدلّون لعقيدتهم
بطبائع البقر والحمير والدجاج !!
من الأمور المضحكة جداً أن تجد هؤلاء المتمسلفين يستدلّون ببعض حركات الحيوانات على أن الله تعالى في السماء منساقين في ذلك وراء ما يهذي به بعض المبرسمين من العامة والغوغاء !! فمن ذلك قول ابن قيم الجوزية في كتابه (( إجتماع الجيوش الإسلامية )) ص (212) تحت عنوان (( أكرموا البقر )) :
[وذكر شيخ الإسلام الهروي بإسناده عن عبدالله بن وهب قال (( أكرموا البقر فإنها لم ترفع رأسها إلى السماء منذ عُبِدَ العِجْل حياء من الله عزْ وجلّ ))] .
ثم قال : [والمقصود أن هذه فطرة الله التي فطر عليها الحيوان حتى أبلد الحيوان الذي تضرب ببلادته المثل وهو البقر] . اهـ
فانظروا كيف يستدلّون على عقيدتهم الغراء !! بالبقر صراحةً !!
ويقول مؤلف كتاب (أين الله ؟) المتمسلف سليم الهلالي !! ص (79) :
[ومَنْ عَلَّمَ الدجاجة أن ترفع رأسها إلى السماء إذا قضت وطرها من الماء (!) أم مَن علّم الحيوانات أن ترفع رأسها إلى السماء زمان الجدب كأنها تستمطر ربها . قال ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص (212) : (( وفي هذا الباب قصة حُمُر الوحش التي ذكرها غير واحد أنها انتهت إلى الماء لترده فوجدت الناس حوله ، فتأخرت عنه ، فلمَّا جهدها العطش رفعت رأسها إلى السماء ، وجأرت إلى الله سبحانه بصوت واحد فأرسل الله سبحانه عليها السماء بالمطر حتى شربت وانصرفت )) ذاك العظيم في علاه ، مَنْ فطر الناس سواه ، ولذلك من زعم أن السماء قبلة الدعاء فقد خالف أقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلَّم ودرج على غير فهم السلف الصالح رضي الله عنهم ، وشوّه فطرة الله التي فطر الناس عليها] انتهى كلام المتمسلف .
فانظروا كيف يستدلّ أيضاً لعقيدته بحركات يرويها عن الدجاج والحمير والدواب والأنعام التي قال الله تعالى عنها في كتابه العزيز :{ إن شرّ الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون } وقد شَبَّهَ الله سبحانه وتعالى الكفّار الذين لا يعقلون بالدواب والأنعام التي لا تعقل ولا تفقه شيئاً فقال سبحانه : { أولئك كالأنعام بل هم أضل } !!
وأما قول هذا المتمسلف (( ولذلك من زعم أن السماء قبلة الدعاء فقد خالف أقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلَّم ودرج على غير فهم السلف الصالح .. وشوّه فطرة الله …)) فمما تضحك منه الثكالى !!
وعلى هذا يقال إنه يجب أن يعتقد هذا المتمسلف بأن الله تعالى حال في جوف الكعبة لأن الإنسان في صلاته ودعائه يتوجه إلى جهة الكعبة لا للسماء ، والإنسان أفضل من الحيوان لقوله تعالى : { ولقد كرّمنا بني آدم } فعقيدة الإنسان الموحّد الذي يتوجّه بوجهه وجسده ويديه إلى جهة الكعبة أحرى من عقيدة البقر والحمير والدجاج التي يعتقدها هذا المتمسلف ويدندن حولها !! لا سيما وأن تلك الدواب غير عاقلة !! وقد شبه الله تعالى الكافر في البلادة وعدم الفهم بها كما تقدّم في مثل قوله تعالى : { أولئك كالأنعام بل هم أضل } !!
وأما قوله بأن (( من زعم أن السماء قبلة الدعاء فقد خالف أقوال الرسول … )) الخ هرائه الذي تقدّم فمن أعجب العجب !!
وذلك لأن الذي يقول بأن السماء قبلة الدعاء هو الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه الذي كان يرفع يديه وكفيه في دعائه إلى جهة السماء !! مع قولنا بأنه لا يستنبط من ذلك أن الله في السماء كما لا يستنبط من توجهنا إلى الكعبة في الصلاة وقولنا سجدت لله أن الله تعالى موجود في الكعبة !!
وأئمة الإسلام وحفاظ وشُرَّاح حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كالإمام النووي والحافظ ابن حجر العسقلاني صرَّحوا بأنَّ السماء قبلة الدعاء ، وعلماء الإسلام الذين يُعْتَدُّ بهم يقولون بذلك ! وإليك بعض نصوصهم في ذلك :
قال الحافظ ابن حجر في (( الفتح )) (2/233) :
[قال ابن بَطّال : أجمعوا على كراهة رفع البصر في الصلاة واختلفوا فيه خارج الصلاة في الدعاء ؛ فكرهه شريح وطائفة ، وأجازه الأكثرون ؛ لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة] اهـ .
وقال الإمام الحافظ النووي في (( شرح صحيح مسلم )) (5/24) :
[لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلّين] اهـ .
وقال الإمام الغزالي والمحدّث الزبيدي كما في (( شرح الإحياء )) (2/104) :
[(فأما رفع الأيدي عند السؤال) والدعاء (إلى جهة السماء فهو لأنها قبلة الدعاء )] اهـ .
فهل يقول بعد هذا المؤلف المتمسلف !! بأن هؤلاء العلماء الذين يقولون بالدليل الصحيح الثابت عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم خالفوا أقوال الرسول ودرجوا على غير فهم السلف وشوّهوا فطرة الله التي فطر الناس عليها ؟!!
فإن كان الكاتب المتمسلف المسكين !! يقول بذلك فهذا الكلام لائق به هو ؛ وهو أحرى به !!

السابق
قال في السلطان يأمر رجلا بَقتل رجل ظلما : إن السلطان يُقتل ، ولا يُقتل المأمور
التالي
هل حقًّا عاقت نظريةُ (السَّبَبيَّة) عند الغزالي تَقَدُّمَ العلوم عند المسلمين؟! (محمد جمال عبد النور)