شبهات حول التصوف

الرابطة الصوفية عند السادة النقشبندية، تعريفها، وحكمها وأدلتها من الكتاب والسنة وأقوال علماء الشريعة والطريقة (منقول)

الرابطة
تعريف الرابطة لغة واصطلاحا
لغة: الرابطة في اللغة هي الصلة والعلاقة الوثيقة. وأصل كلمة الرابطة تأتي من ربط. يربط ربطا، رابطة: صلة، علاقة.ربط: أوثق، شد. ربط: وصل. فيقال ربط بين الشيئين: وصل بينهما وشد وأوثق. فالرابطة بين الشيئين هي الصلة والعلاقة بينهما. فالرابطة بين الشيخ والمريد: الصلة والعلاقة بينهما
إ صطلاحا: لقد ورد ذكر الرابطة عند الكثير من علماء التصوف في المراجع والكتب الصوفية: وكلهم ينصب كلامهم في معنى واحد وهو تصور الشيخ واستحضار صورته والاستمداد بهمته
يقول محقق كتاب مكتوبات العارف بالله الشيخ خالد النقشبندي في مقدمته على كتاب المكتوبات ما نصه: (الإنسان لا يخلو من رابطة ما. فمن مرابط لماله ومن مرابط لحرفته ومن مرابط للنساء ومن مرابط لأصحابه وأخدانه إلى غير ذلك، فالرابطة في إصطلاح الصوفية ليست إلا عبارة عن نفي هذه الروابط عن القلب وصرفه عنها وربطه بالشيخ وتخيله كأنه معه ومن المقرر أن إعمال الفكر في أمر من الأمور ربطه به على سبيل المحبة لاسيما إذا استولت هذه الخطرة على القلب يعمل في نفس الإنسان عمل مزاولة ذلك الأمر فإعماله في الأمور المحمودة محمود وفي الأمور المذمومة مذموم … ). فهذه هي الرابطة عند معاشر النقشبندية والصوفية بشكل عام هي نفي جميع هذه الروابط والعلائق عن القلب وصرفه عنها وجمعه على رابطة الشيخ وتخيله كأنه معه ثم بعد ذلك ينفي هذه الرابطة ويجعل قلبه معلقا بالله شاعرا شعور الرائي بأنه يراه بعد أن صار أهلا وجديرا بذلك.
وهل لو شعر الإنسان قلبيا بأن عليه حافظين كراما كاتبين في كل لحظة يكون قد أشرك؟! وهل ما يخطر على بال العبد من صور الملائكة والجن والعرش والتماثيل والأشخاص وغيرها في الصلاة ومختلف العبادات يعتبر شركا؟! خصوصا إذا جاء ذكرها فيما يتلوه من القرآن؟!
ومما يدل على وقوع استحضار الصورة التي هي أمر ضروري بلا شك ما أخرحه البخاري عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة نزل في علو المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف قال فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ثم أرسل إلى ملإ بني النجار قال فجاءوا متقلدي سيوفهم قال وكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وأبو بكر ردفه وملأ بني النجار حوله حتى ألقى بفناء أبي أيوب قال فكان يصلي حيث أدركته الصلاة
ومنه ما أخرجه مسلم عن عمرو بن حريث عن أبيه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه.
والرواية عند النسائي: كأني أنظر الساعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذه كلها أدلة تفيد حدوث صورة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وعدم تحرجهم من ذلك
. والرابطة بمعناها العام تشير الى أمر يربط العبد بالله ورسوله وهي بهذا المعنى العام لاتعدو أن تكون وسيلة من الوسائل التي تذكر العبد بالله أو تقربه الى الله سواء كانت فعلا أو قولا أو حالا، ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد بلفظ قال رجل يا رسول الله من أولياء الله؟ قال: الذين إذا رؤوا ذكر الله وفي رواية إن من الناس مفاتيح لذكر الله إذا رؤوا ذكر الله ووراه أبو يعلى (2437) والطبراني في الكبير (10476) وابن المبارك في الزهد بإسناد صحيح (218) بلفظ [قيل يا رسول الله: أي جلسائنا خير؟ قال: من ذكركم الله رؤيته وزاد في علمكم منطقة وذكركم بالاخرة عمله]. ومن الصورة الواضحة لمصداقية الرابطة الشريفة الطاهرة ما حصل مع سيدنا بلال الحبشي عند سكرات الموت عندما كانت تقول له زوجته واكرباه واحزناه وهو يقول: وا فرحتاه وا طرباه غدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه فهل نقول أن سيدنا بلالا أشرك لأنه نسي الله في هذا المقام إنه لشيء عجاب!!
وبمعناها الخاص هي استحضار صورة ذهنية للشيخ يأخذ بهمة المريد الى الله أو ينهض بحاله الى الله أو يحقق أمرا قلبيا يريده الشيخ في طريق الوصول الى الله
فالرابطة اذا لها حكم الوسيلة .. والتقرب الى الله تعالى بالوسائل أمر لاينكر بل هو أمر مطلوب مندوب اليه بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة) والوسيلة في الآية لفظ عام يشمل كل ما يقرب العبد الى الله تعالى ولايشترط فيه أن يكون أمرا قد فعله الرسول وصحبه الكرام لاختلاف الوسائل باختلاف العصور والأحوال والعمل لا يقف على ورود أمر فيه بل يقف على نهي عنه
فمثلا الأنترنت والتلفاز ووسائل الاعلام في عصرنا قد تكون وسيلة تقرب الى الله تعالى ان أحسن توجيهها على مايرضي الله مع أنها أمر مستحدث كذا المهرجانات الدعوية وكليات العلوم الشرعية والجمعيات الخيرية وغير ذلك كثير كثير
والوسائل لها حكم مقاصدها والرابطة ان كانت وسيلة تقرب المريد الى الله تعالى وتنهض بحاله الى الله أخذت حكم هذا المقصد.
واستحضار صورة العارف أو الشيخ له أثره المجرب في تنشيط همة المريد والرقي بحاله الى الله تعالى وله سره الخاص عند أهل الطريق فهي اذا وسيلة ان غلب على الظن أنها تحقق مايرجى منها فيكون حكمها حكم المندوب من وسائل الخير التي تدعو الى الله وتقرب المريد الى الله.
روى الإمام البخاري في صحيحه في باب الخشوع في الصلاة حديثين هما:-
699 – حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرةأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هل ترون قبلتي ها هنا والله ما يخفى علي ركوعكم ولا خشوعكم وإني لأراكم وراء ظهري.
700 – حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة قال سمعت قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقيموا الركوع والسجود فوالله إني لأراكم من بعدي وربما قال من بعد ظهري إذا ركعتم وسجدتم.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح:2/ 180 أثناء شرح الحديثين:-
وقد سئل عن الحكمة في تحذيرهم من النقص في الصلاة برؤيته إياهم دون تحذيرهم برؤية الله تعالى لهم، وهو مقام الإحسان المبين في سؤال جبريل كما تقدم في كتاب الإيمان “ اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ” فأجيب بأن في التعليل برؤيته – صلى الله عليه وسلم – تنبيها على رؤية الله تعالى لهم، فإنهم إذا أحسنوا الصلاة لكون النبي – صلى الله عليه وسلم – يراهم أيقظهم ذلك إلى مراقبة الله تعالى مع ما تضمنه الحديث من المعجزة له – صلى الله عليه وسلم – بذلك، ولكونه يبعث شهيدا عليهم يوم القيامة فإذا علموا أنه يراهم تحفظوا في عبادتهم ليشهد لهم بحسن عبادتهم.
ويعتقد الوهابية أن الرابطة النقشبندية التي يفعلها السادة النقشبندية شرك، لكن الشرك هو عبادة غير الله، ولا يعني استحضار الكعبة عند ذكر الله أنك تعبد الكعبة، أو عندما تستحضر الموت أو مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكر الله، لا يعني استحضار هذه الأشياء للاستعانة بها على الحضور والخشوع لا يعني أنك تعبدها.
وبعد هذا البيان المتواضع يأتي إمام المدرسة الوهابية ابن تيمية ليبرر لنا أنها ليست شرك، لكن أتباعه الوهابية يخالفونه ويعدون من يقولها شرك، يعني حتى إمامهم ابن تيمية لم يسلم من لسانهم!!!!
يقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله في فتاواه:
ومما يحقق هذه الأمور أن المحب يجذب والمحبوب يجذب. فمن أحب شيئا جذبه إليه بحسب قوته ومن أحب صورة جذبته تلك الصورة إلى المحبوب الموجود في الخارج بحسب قوته فإن المحب علته فاعلية والمحبوب علته غائية وكل منهما له تأثير في وجود المعلول والمحب إنما يجذب المحبوب بما في قلب المحب من صورته التي يتمثلها؛ فتلك الصورة تجذبه بمعنى انجذابه إليها، لا أنها هي في نفسها قصد وفعل؛ فإن في المحبوب من المعنى المناسب ما يقتضي انجذاب المحب إليه كما ينجذب الإنسان إلى الطعام ليأكله وإلى امرأة ليباشرها وإلى صديقه ليعاشره وكما تنجذب قلوب المحبين لله ورسوله إلى الله ورسوله والصالحين من عباده لما اتصف به سبحانه من الصفات التي يستحق لأجلها أن يحب ويعبد. بل لا يجوز أن يحب شيء من الموجودات لذاته إلا هو سبحانه وبحمده فكل محبوب في العالم إنما يجوز أن يحب لغيره لا لذاته والرب تعالى هو الذي يجب أن يحب لنفسه وهذا من معاني إلهيته و {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} فإن محبة الشيء لذاته شرك فلا يحب لذاته إلا الله، فإن ذلك من خصائص إلهيته فلا يستحق ذلك إلا الله وحده وكل محبوب سواه إن لم يحب لأجله أو لما يحب لأجله فمحبته فاسدة. والله تعالى خلق في النفوس حب الغذاء وحب النساء لما في ذلك من حفظ الأبدان، وبقاء الإنسان؛ فإنه لولا حب الغذاء لما أكل الناس ففسدت أبدانهم ولولا حب النساء لما تزوجوا فانقطع النسل. والمقصود بوجود ذلك بقاء كل منهم ليعبدوا الله وحده ويكون هو المحبوب المعبود لذاته الذي لا يستحق ذلك غيره. وإنما تحب الأنبياء والصالحون تبعا لمحبته فإن من تمام حبه حب ما يحبه وهو يحب الأنبياء والصالحين ويحب الأعمال الصالحة، فحبها لله هو من تمام حبه وأما الحب معه فهو حب المشركين الذين يحبون أندادهم كحب الله، فالمخلوق إذا أحب لله كان حبه جاذبا إلى حب الله وإذا تحاب الرجلان في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه؛ كان كل منهما جاذبا للآخر إلى حب الله كما قال تعالى: {حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتجالسين في وحقت محبتي للمتباذلين في وإن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بقربهم من الله وهم قوم تحابوا بروح الله على غير أموال يتباذلونها ولا أرحام يتواصلون بها إن لوجوههم لنورا وإنهم لعلى كراس من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس} فإنك إذا أحببت الشخص لله كان الله هو المحبوب لذاته فكلما تصورته في قلبك تصورت محبوب الحق فأحببته فازداد حبك لله. كما إذا ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله والمرسلين وأصحابهم الصالحين وتصورتهم في قلبك فإن ذلك يجذب قلبك إلى محبة الله المنعم عليهم وبهم إذا كنت تحبهم لله فالمحبوب لله يجذب إلى محبة الله والمحب لله إذا أحب شخصا لله فإن الله هو محبوبه فهو يحب أن يجذبه إلى الله تعالى وكل من المحب لله والمحبوب لله يجذب إلى الله.
[مجموع فتاوى ابن تيمية المجلد العاشر]
ورد في كتاب فيض القدير شرح الجامع الصغير المؤلف: عبد الرؤوف المناوي.
حديث
(أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك) قال ابن جرير: هذا أبلغ موعظة وأبين دلالة بأوجز إيجاز وأوضح بيان إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح وذوي الهيئات والفضل أن يراه وهو فاعله والله مطلع على جميع أفعال خلقه فالعبد إذا استحى من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه تجنب جميع المعاصي الظاهرة والباطنة فيا لها من وصية ما أبلغها وموعظة ما أجمعها. <تنبيه> قال الراغب: حق الإنسان إذا هم بقبيح أن يتصور أحدا من نفسه كأنه يراه فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ولذلك لا يستحي من الحيوان ولا من الأطفال ولا من الذين لا يميزون ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة: البشر ثم نفسه ثم الله تعالى ومن استحى من الناس ولم يستحي من نفسه فنفسه عنده أخس من غيره ومن استحى منها ولم يستح من الله فلعدم معرفته بالله ففي ضمن الحديث حث على معرفة الله تعالى (الحسن بن سفيان) في جزئه (طب هب) كلهم (عن سعيد بن يزيد بن الأزور) الأزدي قال الذهبي: روى عنه أبو الخير اليزني وزعم أن له صحبة اه. قال: قلت للنبي صلى الله عليه و سلم: أوصني فذكره قال الهيثمي: رجاله وثقوا على ضعف فيهم 0
حديث قال أبو هريرة كيف الحياء من الله قال تستحي منه كما تستحي من الرجل الصالح من قومك أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في الشعب من حديث سعيد بن زيد مرسلا بنحوه وأرسله البيهقي بزيادة ابن عمر في السند وفي العلل الدارقطني عن ابن عمر له وقال إنه أشبه شيء بالصواب لوروده من حديث سعيد بن زيد أحد العشرة // وروي من
ورد في تفسير روح المعاني للألوسي قال في سورة الجمعة عند قول الله تعالى وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين (11)
وذكر بعضهم أن قوله تعالى: {ويزكيهم} بعد قوله سبحانه: {يتلو عليهم ءاياته} إشارة إلى الإفاضة القلبية بعد الإشارة إلى الإفادة القالية اللسانية، وقال بحصولها للأولياء المرشدين: فيزكون مريديهم بإفاضة الأنوار على قلوبهم حتى تخلص قلوبهم وتزكو نفوسهم، وهو سر ما يقال له التوجه عند السادة النقشبندية، وقالوا: بالرابطة ليتهيأ ببركتها القلب لما يفاض عليه، ولا أعلم لثبوت ذلك دليلا يعول عليه عن الشارع الأعظم صلى الله عليه وسلم، ولا عن خلفائه رضي الله تعالى عنهم، وكل ما يذكرونه في هذه المسألة ويعدونه دليلا لا يخلو عن قادح بل أكثر تمسكاتهم فيها تشبه التمسك بحبال القمر، ولولا خوف الأطناب لذكرتها مع ما فيها، ومع هذا لا أنكر بركة كل من الأمرين: التوجه. والرابطة، وقد شاهدت ذلك من فضل الله عز وجل، وأيضا لا أدعى الجزم بعدم دليل في نفس الأمر، وفوق كل ذي علم عليم، ولعل أول من أرشد إليهما من السادة وجد فيهما ما يعول عليه، أو يقال: يكفي للعمل بمثل ذلك نحو ما تمسك به بعض أجلة متأخريهم وإن كان للبحث فيه مجال ولأرباب القال في أمره مقال.
وقد جاء في كتاب (رشحات عين الحياة) أيضا في معنى قوله تعالى ?وكونوا مع الصادقين? ([4]) إن للكينونة معهم معنيين: كينونة بحسب الصورة وهي التزام مجالسة أهل الصدق ومصاحبتهم حتى ينور باطنه بأنوار صفاتهم وأخلاقهم بسبب دوام الصحبة معهم وكينونة بحسب المعنى وهو أن يلتزم طريق الرابطة بحسب الباطن بطائفة يستحقون الوساطة ولا تنحصر الصحبة في المجالسة الصورية والنظر بالعين بل ينبغي أن يجعل الصحبة دائمة وأن يتجاوز عن الصورة إلى المعنى حتى تكون الواسطة في نظره دائما ويكون المقصود الأصلي حاصلا حقيقة بتلك الواسطة.
وقال العارفون: (كن مع الله فإن لم تستطع فكن مع من كان مع الله).
وقال الشيخ خالد النقشبندي: الرابطة هي من أعظم أسباب الوصول بعد التمسك التام بالكتاب العزيز وسنة الرسول (
من الممكن أن يخطر ببال الإنسان أسئلة مختلفة مثل أ لا تكفى آية ? ألا بذكر الله تطمئن القلوب?. “
نعم يا سيدي، ولكن هل كل القلوب سواء، ترى قلب الغافل المتعلق بمراداته هل يطمئن على وجه الكمال بذكر الله تعالى، بل ولا حتى على وجه النقص عند الذائقين! فقد يكون وجود المريد في بيئة الذكر والذاكرين وفي صحبة شيخ يتأثر به ويحبه، أفضل له مرات ومرات من كونه يجلس مجلسا يريد أن يذكر فيه لكنه لا يجد كل ما يجده هناك، مع أن عمله هذا من السلوك المطلوب.
وقال من الأئمة الشافعية الإمام الغزالي في الإحياء وفي باب تفصيل ما ينبغي أن يحضر في القلب عند كل ركن من الصلوات ما نصه: ” واحضر في قلبك النبي وشخصه الكريم، وقل السلام عليك أيها النبي، وليصدق أملك في أن يبلغه ويرد عليك ما هو أوفى منه
“وقال منهم [أي من أئمة الشافعية] العلامة الشهاب ابن حجر المكي []، شيخ الشهاب الخفاجي [] في شرح العباب، في بيان معاني كلمات التشهد، ما نصه:
وخوطب كأنه إشارة إلى أنه تعالى يكشف له عن المصلين من أمته، حتى يكون كالحاضر معهم، ليشهد لهم بأفضل أعمالهم وليكون تذكر حضوره سببا لمزيد الخشوع والخضوع
وقال الإمام الغزالي [] في كتابه (إحياء علوم الدين) في باب تفصيل ما ينبغي أن يحضر في القلب عند كل ركن وشرط من أعمال الصلاة):
“فاعلم أنه كما لا يتوجه الوجه إلى جهة البيت إلا بالإنصراف عن غيرها، فلا ينصرف القلب إلى الله عز وجل إلا بالتفرغ عمن سواه. وأما الإعتدال قائما فإنما هو مثول بالشخص والقلب بين يدي الله عز وجل، فليكن رأسك الذي هو أرفع أعضائك مطرقا مطأطئا منتكسا، وليكن وضع الرأس عن إرتفاعه تنبيها على إلزام القلب التواضع والتذلل والتبري عن الترؤس والتكبر، وليكن على ذكرك ههنا خطر القيام بين يدي الله عز وجل في هول المطلع عند العرض للسؤال: واعلم في الحال أنك قائم بين يدي الله عز وجل، وهو مطلع عليك، فقم بين يدي بعض ملوك الزمان، إن كنت تعجز عن معرفة كنه جلاله، بل قدر في دوام قيامك في صلاتك أنك ملحوظ ومرقوب بعين كالئة من رجل صالح من أهلك، أو ممن ترغب في أن يعرفك بالصلاح، فإنه تهدأ عند ذلك أطرافك وتخشع جوارحك، وتسكن جميع أجزائك خيفة أن ينسبك ذلك العاجز المسكين إلى قلة الخشوع، وإذا أحسست من نفسك بالتماسك عند ملاحظة عبد مسكين فعاتب نفسك وقل لها: إنك تدعين معرفة الله وحبه، الا تستحين من استجرائك عليه؟ مع توقيرك عبدا من عباده، أو تخشين الناس ولا تخشينه وهو أحق أن يخشى؟ ولذلك لما قال أبو هريرة [] كيف الحياء من الله؟ قال: (تستحي منه كما تستحي من الرجل الصالح من قومك) – أخرجه الخرائطي والبيهقي في الشعب (العراقي على إحياء علوم الدين: 1/ 166).”
من السفر الأسنى في الرابطة الحسنى
اعلم أن الرابطة في اصطلاح النقشبندية عبارة عن ثلاثة أمور عظيمة مقبولة مطلوبة شرعا وهي رابطة الحضور رابطة الموت رابطة المرشد
أما رابطة الحضور فهي عبارة عن ربط قلب المريد بالله تعالى على طريق المحبة الكاملة وتفكره معيته تعالى وكونه حاضرا وناظرا إليه تعالى وسميعا عليما بصيرا على مقتفى كأنك تراه وهو معكم أينما كنتم عاملا مضمون الحديث أفضل الأعمال أن تعلم أن الله تعالى معك حينما كنت فهذه أشرف الرابطات الثلاث وأعلاها بل هي المقصود الأصلي وأما الأخريان فهما وسيلتان لتحصيل هذه الرابطة كما سيجيء تفصيلها
وأما رابطة الموت فهي عبارة عن ربط القلب بالموت والقبر والقيامة وتفكر أهوالها وأحوال نفسه على مقتفى موتوا قبل أن تموتوا وحاسبوا قبل أن تحاسبوا وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك من أهل القبور وأما رابطة المرشد التي اتخذها ï ? بعض العلماء الذين لا حظ لهم من فيوضات أهل الله المكملين وأكثر الجهلة المقلدين المعترضين هدفا لاعتراضهم بغير دليل مبين فهي عبارة عن ربط قلب المريد بكمال المحبة والإخلاص على نبي من أنبياء الله تعالى أو ولي من أولياء الله تعالى أو على جميعهم أو على السلسلة المنسوبة المتصلة إليه أو سيدنا ورسولنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم بلا واسطة إن كان من أهلها أو شيخه أو مرشده الكامل الفاني في الله أو على من له حسن ظنه بلا تردد فهذه الربطة الحبية ملزوم وأما لازمها فالاستفاضة والاستمداد منهم.
خمس من العبادة النظر فى المصحف، والنظر إلى الكعبة، والنظر إلى الوالدين، والنظر فى زمزم وهى تحط الخطايا، والنظر فى وجه العالم (الدارقطنى، والديلمى) جامع الأحاديث للسيوطي
(خمس من العبادة النظر إلى المصحف) للقراءة فيه (والنظر إلى الكعبة والنظر إلى الوالدين) أي الأصلين مع الاجتماع أو الافتراق (والنظر في زمزم) أي بئر زمزم أو إلى مائها (وهي) أي زمزم (تحط الخطايا) أي يكون النظر إلى ذلك مكفرا للذنوب (والنظر في وجه العالم) العامل بما علم والمراد العلم الشرعي قال الحرالي: ويقصد الناظر التقرب إلى الله برؤيته فإن في التقرب إلى الله برؤية العلماء الأعيان وعباد الرحمن سر من أسرار العيان
(قط ن عن) كذا في نسخة المصنف بخطه وبيض للصحابي … فيض القدير
تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك للسيوطي
وقد ذكر عن بعض الصحابة أظنه ابن عباس رضي الله عنهما أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فتذكر هذا الحديث وبقي يفكر فيه ثم دخل على بعض أزواج النبي أظنها ميمونة فقص عليها قصته فقامت وأخرجت له مرآته صلى الله عليه وسلم قال رضي الله عنه فنظرت في المرآة فرأيت صورة النبي صلى الله عليه وسلم ولم أر لنفسي
ذكر البخاري أن سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه شكى للنبي صلى الله عليه وسلم عدم انفكاك خيال وصورة المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى في بيت الخلاء فسكت صلى الله عليه وسلم وأمره بذلك وكان سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأخذه الحياء من ذلك وهذا عند الصوفية يسمى الفناء في الطريقة … مقدمة بغية الواجد
المرابطة من كتاب الكلمات القدسية للسادات النقشية صفحة 204
اعلم أن المرابطة من باب المفاعلة يدل على المشاركة أي كما ان المريد يربط قلبه بالاستاذ بطريق المحبة او الاستمداد او غيرهما
صراحة كذلل يعلق الاستاذ قلبه بالمريد تلطفا وشفقة ضمنا فالمرابطة حقيقة هي تعلق القلب بالاستاذ والفناء فيه وقصر النظر عليه والافتقار اليه والافتخار به والاستغناء عما سواه دنيا ودينا 0000
وفائدته تصفية القلب عن الكدورات البشرية
إن المرابطة للمريد كالزجاج البلور لإهل الرصد أي كما أ ن أهل الرصد يرون الفلك البعيد فيه قريبا كذلك المرابط يرى الحقيقة البعيدة فيها قريبة انتهى أي أن المريد إذا رابط الإستاذ ودام على تخيله وتحقق لديه أنه] مجاز [على الحقيقة ينتقل خياله منه فيه الى الحقيقة} ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه {.} وهذا كما قال محمد بن واسع ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه
وقال غيره ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله
التعرف لمذهب اهل التصوف
المدهش ابن الجوزي
مجموع فتاوى ابن تيمية
ومن خرق الله سمعه سمع تأويب الجبال والطير وعلم منطق الطير. فإذا فسر ظهوره وتجليه بهذا المعنى: فهذا صحيح ولكن لفظ الظهور والتجلي فيه إجمال كما سنبينه إن شاء الله تعالى. وإذا قال القائل: ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله لأنه ربه والرب متقدم على العبد أو رأيت الله بعده؛ لأنه آيته ودليله وشاهده؛ والعلم بالمدلول بعد الدليل أو رأيت الله فيه بمعنى ظهور آثار الصانع في صنعته فهذا صحيح. بل القرآن كله يبين هذا ويدل عليه وهو دين المرسلين وسبيل الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وهو اعتقاد المسلمين أهل السنة والجماعة ومن يدخل فيهم من أهل العلم والإيمان ذوي المعرفة واليقين أولياء الله المتقين.
وقال كثيرا في مجلس الصحبة أن الرابطة سبب تخرج وقت مجيئه الحقيقة إنتهى.الكلمات القدسيبة
}} والمنكرون للرابطة لاينظرون من هذه الزاوية التي شرع أهل الطريق الرابطة من أجلها بل ينظرون الى أنها توجه للمريد الى ذات الشيخ لذاته وليس لأمر آخر وكذلك ينظرون الى أنها تؤدي الى وقوع المريد في عبادة الشيخ وهذا أمر لايخطر على بال المريد أصلا {{
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

السابق
مناقشة الحبيب علي الجفري في قوله بوجوب تهنئة النصارى بأعيادهم وأن من يقول بحظر ذلك متشدد (العلامة أحمد زاهر سالم)
التالي
تصحيح الأحاديث بالكشف عند السادة الصوفية (منقول)