حديث: ” ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ” متفق عليه. جوابه: كل ما ورد فيه لفظ ” من في السماء ” فالمراد به في لغة العرب التي نزل بها القرآن معنى مجازي وهو العظمة والرفعة والكبرياء والعلوالمعنوي لا الحسي ومن ذلك قول أحد شعراء العرب:
علونا السماء مجدنا وجدودنا * وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا
وظاهر وواضح أنه لم يرد إلا علو الشأن، وهذا المراد بكل نص ورد فيه لفظ ” من في السماء ” لو ثبت، وذلك لأن القواعد الثابتة في الكتاب والسنة تثبت تنزيه الله عز وجل عن السماء وعن الأرض وعن أن يكون فوق السماء أو فوق الأرض.
على أن هذا الحديث قد تصرف الرواة في متنه وقد ثبت أيضا في الصحيحين في مواضع وليس فيه لفظ ” من في السماء ” ففي صحيح البخاري (فتح 13 / 416) جاء هذا الحديث بلفظ: (فمن يطيع الله إذا عصيته فيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني ” فتأمل وقارنه بما في البخاري (الفتح 8 / 67) وقد قال الحافظ هناك ص (68): ” وسيأتي الكلام على قوله ” من في السماء ” في كتاب التوحيد “. ا ه قلت: ذكر الكلام عليه في الفتح (13 / 412) فقال: ” قال الكرماني: قوله (في السماء) ظاهره غير مراد، إذ الله منزه عن الحلول في المكان، لكن لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضافها إليه إشارة إلى علو الذات والصفات، وبنحو هذا أجاب غيره عن الألفاظ الواردة في الفوقية ونحوها ” ا ه. قلت: ومن تدبر ما قلناه ووعاه تماما لم يستطع جميع المجسمين والحشوية المشبهين أن يتلاعبوا بعد ذلك بعقله، ويحمد الله تعالى أنه قد حفظه من فاسد عقيدتهم.