«الانتصار للقرآن للباقلاني» (2/ 626):
«فأمَّا قولُه: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) ، فإنه غير منافٍ
لقوله: (مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ، لأنه أحوال وتارات، فتارة منه
تُقدر بألفِ سنة، وتارة بخمسين ألفَ سنة، ويمكن أن يكونَ أرادَ أن الملكَ
يعرجُ من الأرضِ إلى حيثُ يخرجُ من السمواتِ ما مقدارهُ من سنّي غيرِه ألفَ
سنةٍ من أيامِ الدنيا، فلا تناقُضَ إذاً في هذا»
الكتاب: الانتصار للقرآن
المؤلف: محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (ت ٤٠٣هـ)
تحقيق: د. محمد عصام القضاة
الناشر: دار الفتح – عَمَّان، دار ابن حزم – بيروت
الطبعة: الأولى ١٤٢٢ هـ – ٢٠٠١ م
—————————————–
«القرآن ونقض مطاعن الرهبان» (1/ 536):
«- إنهم توهموا تناقضاً بين قوله تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) (12) . وبين قوله تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) (13) . وفى عبارة شديدة الإيجاز نرد على هذه الشبهة الفرعية، التى تصيدوها من اختلاف زمن العروج إلى السماء، فهو فى آية السجدة ألف سنة وهو فى آية المعارج خمسون ألف سنة، ومع هذا الفارق العظيم فإن الآيتين خاليتان من التناقض. ولماذا؟ لأنهما عروجان لا عروج واحد، وعارجان لا عارج واحد.
فالعارج فى آية السجدة الأمر، والعروج عروج الأمر، والعارج فى آية المعارج هم الملائكة والعروج هو عروج الملائكة.
اختلف العارج والعروج فى الآيتين. فاختلف الزمن فيهما قصراً أو طولاً. وشرط التناقض – لو كانوا يعلمون – هو اتحاد المقام»
«القرآن ونقض مطاعن الرهبان» (1/ 540):
«(تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) .
لا تتحدثُ الآيتانِ عن يومٍ واحد، حتى يُظَنَّ التناقضُ بينَهما وإِنما
تتحدثانِ عن يومينِ مختلفَيْنِ في المقدار: اليومُ الأولىُ مقدارُه أَلْفُ سنة مما
نَعُدُّهُ نحن البَشَر.
واليومُ الثاني مقدارُه خمسونَ أَلْفَ سنة.
وحتى نفهمَ التفاوتَ بين ذَيْنِكَ اليومَيْن، نتذكَّرُ تفاوُتَ أَيامِنا في الدنيا،
فمن المعلومِ أَنَّ النهارَ في الشتاءِ يكونُ قصيراً، ما بينَ شروقِ الشمسِ
وغروبها، لكنَّ هذا النهارَ في الصيفِ يكونُ طويلاً قد يزيدُ سبعَ ساعاتٍ على
نهارِ الشتاء.
فإِذا كانَتْ أَيامُنا القصيرةُ متفاوتةً في الطول والمقدار، أَفلا تكونُ
الأَيامُ عندَ الله متفاوتةً في ذلك؟.
الذي يَعْرُجُ إِلى الله هو الأَمْرُ الذي يُدَبِّرهُ الله، ويُنزلُه على الأَرض،
ويكونُ عروجهُ إِليه في يومٍ مقدارُه أَلْف سنةَ، مما يَعُدُّهُ البشرُ من السنوات.
أَمّا عُروجُ الملائكةِ والروحِ إِلى الله، فإِنه يكونُ في يومٍ مقدارُه خمسونَ
أَلْفَ سنة، ليستْ مما نَعُدُّ من السنواتَ.
ولذلك لم تَقُلْ آيةُ سورةِ المعارج: في يومٍ كان مقدارُه خمسينَ أَلْفَ سنةٍ مما تَعُدّون.
كما قالَتْ آيةُ سورةِ السجدة!.
إِنهما يومانِ مُختلفان، مُتفاوتانِ في المقدار، وفي كل منهما عروجٌ
يختلفُ عن العروجِ في اليومِ الآخَر، فعُروجُ الأَمْرِ إِلى الله يومُه أَقْصَرُ من يومِ
عُروجِ الملائكة، ولذلك ذُكِرَ عَدُّ سَنَواتِ البشرِ في اليومِ الأَقْصَر، ولم يُذْكَرْ
في اليومِ الأَطول»
الكتاب: القرآن ونقض مطاعن الرهبان
المؤلف: د صلاح عبد الفتاح الخالدي
دار النشر: دار القلم – دمشق
الطبعة الأولى: ١٤٢٨ هـ – ٢٠٠٧ م
—————————————————–
«القرآن وإعجازه العلمي» (ص119):
«النظرة العلمية: ذكر الله تبارك وتعالى كلمة اليوم والايام في عدة آيات منها: (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) سورة الحج آية – 47.
(يدبر الامر من السماء إلى الارض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف
سنة مما تعدون) سورة السجدة آية – 5.
(تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) سورة المعارج آية – 4 يقول علماء الفلك إن وحدات الزمن التى يستخدمها الناس لتقدير الوقت في دنيانا مرتبطة بالارض ودورانها حول محورها مرة كل 24 ساعة، وحول محورها كل سنة، فإذا ما غادر أحد الارض إلى أي جرم سماوي آخر اختلفت الوحدات الزمنية طولا وقصرا، والآيات الكريمة السابقة تشير إلى هذه الحقيقة العلمية وإلى أن الزمن مختلف في مقداره، وأن هناك سنوات فلكية نسبية يمكن التفرقة بينها، فالسنة الشمسية على الارض تحسب بمقدار الزمن الذى تقطع فيه الارض دروة كاملة حول الشمس في 365 يوما شمسيا على حين أن السيارات القريبة من الشمس مثل عطارد فإنه يقطع دورته حول الشمس في 88 يوما على حين أن بلوتو وهو أبعد الكواكب السيارة من الشمس وأبطؤها حركة يتم دورته حولها في 250 سنة من سنواتنا، فالايام في ملك الله مختلفة طولا وعددا»
الكتاب: القرآن وإعجازه العلمي
المؤلف: محمد إسماعيل إبراهيم
الناشر: دار الفكر العربي – دار الثقافة العربية للطباعة
—————————————-
«دعاوى الطاعنين في القرآن الكريم = الطعن في القرآن الكريم والرد على الطاعنين» (ص289):
«4- السجدة آية 5 – تناقض المعارج آية (4) :
وآية السجدة هي: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون} [السجدة:4] ، وآية المعارج هي: {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} [المعارج:4] ، يعني أن ألف سنة في الآية تناقض خمسين ألف سنة في الآية الأخرى (1) .
الجواب (2) :
إن الآية تصف يوم القيامة بالطول، وأنه في طوله يعدل ألف سنة مما يعدل الناس، ولا يراد منها إفادة التكثير، كما تقول لصاحبك كتبت لك خمسين خطابا، وترددت على بيتك عشرين مرة، واللغويون يقولون دائما: العدد لا مفهوم له.
فإذا وَصَفَت الآية الثانية هذا اليوم بأن مقداره خمسين ألف سنة فلا تناقض لأن كلا منهما تصفه بالطول، وقيل: وهذا اليوم يختلف مع الناس باختلاف مواقفهم وما يعانيه كل منهم، فقد يطول اليوم على شخص لشدة مشقته، ويقصر على آخر لعدم المشقة.
قلت: إن الآيتين ليستا على مورد واحد، بل الأولى تتحدث عن أمر لا تتحدث عنه الأخرى،
_____
(1) انظر رد مفتريات على الإسلام (ص:37) .
(2) انظر رد مفتريات على الإسلام (ص:69)»
=======
فالآية الأولى تتحدث عن مدة يوم معراج الأوامر ومدته ألف سنة (1) ، والثانية تتحدث عن يوم القيامة ومدته خمسين ألف سنة، كما هو ظاهر من السياق: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ () لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ () مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ () تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ () فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا () إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا () وَنَرَاهُ قَرِيبًا () يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ () وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (*) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا ( [المعارج:1-10] ، وهو القول الراجح فقد ذكر ابن كثير أربعة أقوال في المراد من اليوم ومال إلى أن المراد به يوم القيامة (2) ، وهو الراجح بدليل ما أخرجه مسلم عن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ ،كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ … » (3) .
وقد ذكر العلماء أجوبة كثيرة وغالبها وجيه، وقد سُئل ابنُ عباس عن هذه الآية وأجاب عنها (4) ، ومع هذا لا زال هذا الإشكال يكرر إلى يومنا هذا.
_____
(1) فقد ذكر ابن كثير عن كثير من السلف أنهم قالوا: إن بين السماء والأرض مسافة خمسمائة عام، فنزول الملك وعروجه بالأمر مجموعه ألف سنة (3/457) .
(2) تفسير ابن كثير (4/418-420) .
(3) أخرجه مسلم (كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، رقم:987) .
(4) انظر تفسير ابن كثير (4/420)
الكتاب: دعاوى الطاعنين في القرآن الكريم في القرن الرابع عشر الهجري والرد عليها
المؤلف: عبد المحسن بن زبن بن متعب المطيري
أصل الكتاب: رسالة دكتوراة – جامعة القاهرة – كلية دار العلوم، قسم الشريعة الإسلامية
الناشر: دار البشائر الإسلامية، بيروت – لبنان
الطبعة: الأولى، ١٤٢٧ هـ – ٢٠٠٦ م
——————————
«الموسوعة القرآنية خصائص السور» (7/ 71):
المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «السجدة» «1»
إن قيل: لم قال تعالى هنا: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) وقال تعالى، في سورة المعارج: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) [المعارج] ؟
قلنا: المراد بالأوّل، مسافة عروج الملائكة من الأرض إلى السطح الأعلى من سماء الدنيا وذلك ألف سنة، خمسمائة سنة مسافة ما بين السماء والأرض، وخمسمائة سنة مسافة سمك سماء الدنيا والمراد بالثاني مسافة عروج الملائكة من الأرض إلى العرش. الثاني: أنّ المراد به في الآيتين يوم القيامة، ومقداره ألف سنة من حساب أهل الدنيا، لقوله تعالى: وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [الحج: 47] ومعنى قوله تعالى: خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ أي:
لو تولّى فيه حساب الخلق غير الله تعالى. الثالث: أنه كألف سنة في حقّ عوام المؤمنين، والخمسين ألف سنة في حقّ الكافرين، لشدّة ما يكابدون فيه من الأهوال والمحن وكساعة من أيّام الدنيا في حقّ خواصّ المؤمنين.
ويؤيّده ما روي أنّه قيل «يا رسول الله يوم مقداره خمسون ألف سنة ما أطوله، فقال: والّذي نفسي بيده ليخفّف على المؤمن، حتّى يكون عليه
_____
(1) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ
الكتاب: الموسوعة القرآنية، خصائص السور
المؤلف: جعفر شرف الدين
المحقق: عبد العزيز بن عثمان التويجزي
الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية – بيروت
الطبعة: الأولى – ١٤٢٠ هـ