قال اليافعي «مرآة الجنان وعبرة اليقظان» (2/ 231):
ومن كلام الأستاذ المذكور في الذب عن الإمام شيخ السنة الناصر، ما ذكر الإمام الحافظ أبو القاسم ابن عساكر قال: دفع إلي عبد الواحد بن عبد الأحد بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن القشيري الصوفي النيسابوري بدمشق مكتوباً بخط جده الإمام أبي القاسم القشيري، وأنا أعرف الخط، فوجدت فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. اتفق أصحاب الحديث أن أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري كان إماماً من أئمة أصحاب الحديث، مذهبه ومذهب أصحاب الحديث، تكلم في أصول الديانات وعلى طريقة أهل السنة، ورد على المخالفين من أهل الزيغ والبدعة، وكان على المعتزلة والروافض والمبتدعين من أهل القبلة والخارجين عن الملة سيفاً مسلولاً، ومن طعن فيه أو قدح فيه أو لعنه أو سبه، فقد
بسط لسان السوء في جميع أهل السنة، بذلنا خطوطنا طائعين بذلك في هذا الكتاب، من ذي القعدة سنة ست وثلاثين وأربعمائة.
والأمر على هذه الجملة المذكورة في هذا الذكر كتبه عبد الكريم بن هوازن القشيري، وفيه: خط أبي عبد الله الخبازي المقرىء. كذلك يعرفه محمد بن علي الخبازي، وهذا خطه، وبخط الإمام أبي محمد الجويني. الأمر على هذه الجملة المذكورة فيه، وكتبه عبد الله بن يوسف وبخط أبي الفتح الشاشي، الأمر على الجملة التي ذكرت، وكتبه بضرب محمد بن الشاشي.
قلت: وذكر جماعة من الأئمة، قريباً من عشرين، منهم أبو الفتح الهروي، وأبو عثمان الصابوني، والشريف البكري، ومنهم: الشيخ أبو إسحاق الشيرازي. وهذا لفظه فيما نقله الإمام الحافظ ابن عساكر، الجواب: وبالله التوفيق، إن الأشعرية هم أعيان أهل السنة، وأنصار الشريعة، انتصبوا للرد على المبتدعة من القدرية والرافضية وغيرهم، فمن طعن فيهم فقد طعن عن أهل السنة، وإذا رفع أمر من يفعل ذلك إلى الناظر في أمر المسلمين، وجب عليه تأديبه بما يرتاع به كل أحد.
وكتب إبراهيم بن علي الفيروزابادي، وكذلك الإمام قاضي القضاة الدامغاني، والإمام أبو بكر محمد بن أحمد الشاشي، وغيرهم، وقال الإمام أبو القاسم المذكور، بعد أن ذكر خطوط الجميع: هذه الخطوط على من ذلك الدرج. ونقلها غيري من الفقهاء. قلت: فهذا ما أردت الإقتصار عليه في ترجمته، وهو قليل بالنسبة إلى جلالته، وإنما أرخيت العنان في ذلك إرخاء، لكوني رأيت بعض المؤرخين قد أعرض عن التعرض لذكره، وبعضهم ذكره بأوصاف يسيرة لا تليق بقدره، معرضاً عن ذكر فضائله ومرتبته العلية، لكونه رضي الله تعالى عنه منائياً بمذهبه الجامع بين المعقول والمنقول والحشوية، الواقفين مع ظواهر المنقول. وإن كان مستحيلاً في العقول، ومجانباً لعكسه أعيني مذاهب المبتدعة القائلين بالمعقول دون المنقول متوسطاً بين الطرفين المذمومين، سالكاً للنهج الأوسط المحمود، ومنبعه في كل صدور وورود رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ومن فضله الكريم في دار النعيم جازاه.اهـ
«الفتاوى الكبرى لابن تيمية» (6/ 602):
«وقد ذكر أبو القاسم بن عساكر فيما ذكره من أصحاب الأشعري جماعة كثيرة ليسوا منهم، بل منهم من هو مشهور بالمناقضة والمعارضة لهم، وذكر منهم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي، قال: وكان يظن به من لا يفهم أنه مخالف للأشعري لقوله في كتابه في أحوال الفقه، وقالت الأشعرية: إن الأمر لا صيغة له، وليس ذلك لأنه لا يعتقد اعتقاده، وإنما قال ذلك لأنه خالفه في هذه المسألة مما انفرد بها أبو الحسن.
قال: وقد ذكرنا في كتابنا هذا عند فتواه على من خالف الأشعرية واعتقد تبديعهم، وذلك أوفى دليل على أنه منهم، وقد ذكر هذه الفتوى ونسختها: ما قول السادة الحلية الأئمة الفقهاء أحسن الله توفيقهم ورضي عنهم في قوم اجتمعوا على لعن فرقة الأشعرية وتكفيرهم، ما الذي يجب عليهم في هذا القول؟ أفتونا في ذلك منعمين مثابين.
الجواب – وبالله التوفيق – أن كل من أقدم على لعن فرقة من المسلمين وتكفيرهم فقد ابتدع وارتكب ما لا يجوز الإقدام عليه، وعلى الناظر في الأمور أعز الله أنصاره الإنكار عليه وتأديبه بما يرتدع هو وأمثاله عن ارتكاب مثله
وكتب محمد بن علي الدامغاني: وبعده الجواب – وبالله التوفيق: أن الأشعرية أعيان أهل السنة وأنصار الشريعة انتصبوا للرد على المبتدعة من القدرية والرافضة وغيرهم، فمن طعن فيهم فقد طعن على أهل السنة، وإذا رفع أمر من يفعل ذلك إلى الناظر في أمر المسلمين وجب عليه تأديبه بما يرتدع به كل أحد.
وكتب إبراهيم بن علي الفيروزابادي بعده: جوابي مثله.
وكتب محمد بن أحمد الشاشي قال: فهذه أجوبة هؤلاء الأئمة الذين كانوا في عصرهم علماء الأئمة، فأما قاضي القضاة الحنفي الدامغاني فكان يقال له في عصره أبو حنيفة الثاني، وأما الشيخ الإمام أبو إسحاق فقد طبق ذكر فضله الآفاق، وأما الشيخ الإمام أبو بكر الشاشي فلا يخفى محله على منته في العلم ولا ناشئ.
قلت: هذه الفتيا كتبت هي وجوابها في فتنة ابن القشيري لما قدم بغداد، فإن ملك بغداد محمود بن سبكتكين كان قد أمر في مملكته بلعن أهل البدع على المنابر فلعنوا، وذكر فيهم الأشعرية، وكذلك جرى في أول مملكة السلاجقة الترك، وكان الذين سعوا في إدخالهم في اللعنة فيهم من سكان تلك البلاد من الحنفية الكرامية وغيرهم، ومن أهل الحديث طوائف، وجواب الدامغاني جواب مطلق فيه رضى هؤلاء وهؤلاء، فإنه أجاب بأنه من أقدم على لعنة فرقة من المسلمين وتكفيرهم فقد ابتدع وفعل ما لا يجوز، وهذا مما لا ينازع فيه أحد أنه من كان من المسلمين لا يجوز تكفيره، إذ المكفر لشخص أو طائفة لا يقول إنهم من المسلمين ويكفرهم، بل يقول: ليسوا بمسلمين
«التسعينية لابن تيمية» (3/ 887):
«وذكر منهم (1) الشيخ أبا إسحاق الشيرازي. قال: (وكان يظن به من لا يفهم (2) أنه مخالف للأشعري، لقوله في كتابه (3) في أصول الفقه: وقالت الأشعرية: إن الأمر لا صيغة له، وليس ذلك لأنه لا يعتقد اعتقاده، وإنما قال ذلك لأنه خالفه في هذه المسألة مما انفرد بها (4) أبو الحسن.
قال (5): وقد ذكرنا في كتابنا هذا (6) عنه (7) فتواه فيمن خالف الأشعرية واعتقد بتبديعهم (8)، وذلك أوفى (9) دليل على أنه منهم).
وقد ذكر هذه الفتوى (10) ونسختها: “ما قول السادة الجلة (11)، الأئمة الفقهاء، أحسن الله توفيقهم، ورضي عنهم، في قوم اجتمعوا على لعن فرقة الأشعرية (12) وتكفيرهم، ما الذي يجب عليهم في هذا
_
(1) في الأصل: لهم. والمثبت من: س، ط. وهو المناسب للكلام.
(2) في تبيين كذب المفتري: “يظن به بعض من لا يفهم”.
(3) لعله كتاب “اللمع” في أصول الفقه.
انظر: تبيين كذب المفتري- ص: 277.
(4) في تبيين كذب المفتري: “المسألة بعينها، كما خالفه غيره من الفقهاء فيها، فأراد أن يبين فيها أن هذه المسألة مما انفرد بها. . . “.
(5) القائل: أبو القاسم ابن عساكر.
(6) وهو كتاب تبيين كذب المفتري، ونص فتوى الشيرازي وغيره من الفقهاء فيمن خالف الأشعري، ستأتي بعد سطرين تقريبا.
(7) في ط: عند.
(8) في س: بدعتهم.
(9) قبل كلمة (أوفى) بياض في الأصل، س، بقدر كلمة لا يخل بالمعنى.
والكلام متصل في: ط، وتبيين كذب المفتري.
(10) ابن عساكر في تبيين كذب المفتري- ص: 332.
(11) في ط: الحلبة. وهو تصحيف.
(12) في تبيين كذب المفتري: الأشعري
القول؟ تفتونا (1) في ذلك منعمين مثابين (2).
الجواب -وبالله التوفيق-: أن كل من أقدم على لعن فرقة من المسلمين وتكفيرهم، فقد ابتدع وارتكب ما لا يجوز الإقدام عليه، وعلى الناظر في الأمور -أعز الله أنصاره- الإنكار عليه، وتأديبه بما يرتدع هو وأمثاله عن ارتكاب مثله. وكتب محمد بن علي الدامغاني (3)، وبعده الجواب وبالله التوفيق: أن الأشعرية أعيان أهل (4) السنة، وأنصار (5) الشريعة، انتصبوا للرد على المبتدعة -من القدرية والرافضة وغيرهم- فمن طعن فيهم فقد طعن على أهل السنة، وإذا رفع أمر من يفعل ذلك إلى الناظر في أمر المسلمين، وجب عليه تأديبه بما يرتدع به كل أحد، وكتب إبراهيم بن علي الفيروزآبادي (6) وبعده (7) جوابي مثله، وكتب محمد بن أحمد الشاشي (8).
_
(1) في تبيين كذب المفتري: يفتونا.
(2) في تبيين كذب المفتري: مثابين إن شاء الله.
(3) هو: أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الدامغاني الحنفي، شيخ زمانه، كان يلقب بقاضي القضاة، سكن بغداد ودرس بها فقه أبي حنيفة، وولي القضاء بها بعد موت ابن ماكولا، وبقي فيه نحو ثلاثين سنة. توفي سنة 478 هـ.
انظر: تاريخ بغداد -للخطيب- 3/ 109. والوافي بالوفيات -للصفدي- 4/ 139. والجواهر المضيئة -لأبي الوفاء القرشي- 3/ 269 – 271.
(4) أهل: ساقطة من: تبيين كذب المفتري.
(5) في تبيين كذب المفتري: ونصار.
(6) أبو إسحاق الشيرازي. وتقدم التعريف به.
(7) في ط: بعده. بدون واو.
(8) هو: أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر الشاشي، الفقيه الشافعي، يعرف بالمستظهري، الملقب بفخر الإسلام، ولي التدريس بالمدرسة النظامية.
توفي سنة 507 هـ.
يقول السبكي: كان إماما جليلا حافظا لمعاقد المذهب وشوارده.
انظر: المنتظم -لابن الجوزي- 9/ 179. ووفيات الأعيان -لابن خلكان
======
«مجموع الفتاوى» (3/ 256):
«فقلت: هذا من أظهر الكذب الذي يعلمه جميع الناس ما أنزلت من الكرسي قط ولا استتابني أحد قط عن شيء ولا استرجعني. وقلت قد وصل إليكم المحضر الذي فيه خطوط مشايخ الشام وسادات الإسلام – والكتاب الذي فيه كلام الحكام: الذين هم خصومي كجمال الدين المالكي، وجلال الدين الحنفي وما ذكروا فيه مما يناقض هذه المحاضر. وقول المالكي ما بلغني قط أنه استتيب ولا منع من فتيا ولا أنزل ولا كذا ولا كذا. ولا ثبت عليه عندي قط شيء يقدح في دينه وكذلك قول سائر العلماء والحكام في غيبتي»
»
»