المحكم والمتشابه

النحاة والوهابية متضادان/ ذكر ابن مالك في ألفيته أنه قد يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه ومثّل له الشراح ـ سوى الوهابية ـ بآية وجاء ربك أي أمره!

النحاة والوهابية متضادان / ذكر ابن مالك في ألفيته أنه قد يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه ومثّل له الشراح ـ سوى الوهابية ـ بآية وجاء ربك أي أمره!

وإليك نصوص النحاة في ذلك :

«شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك» (ص287):

«3 – ‌وما ‌يلي ‌المضاف يأتي خلفا … عنه في الإعراب إذا ما حذفا

كثيرًا ما يحذف المضاف لدلالة قرينه عليه، ويقام المضاف إليه مقامه في الإعراب؛ كقوله تعالى: (وأشربوا في قلوبهم العجل) [البقرة /93] أي: حب العجل، وقوله تعالى: (‌وجاء ‌ربك) [الفجر /22]، أي: أمر ربك.

وقد يضاف إلى مضاف فيحذف الأول والثاني، ويقام الثالث مقام الأول في الإعراب، كقوله تعالى: (فقبضت قبضةً من أثر الرسول) [طه /96] أي: من أثر حافر فرس الرسول، وقوله تعالى: (تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت) [الأحزاب /19] أي: كدور عين الذي يغشى عليه من الموت، وكقول كلحبة اليربوعي: [من الطويل]»

«شرح الأشمونى لألفية ابن مالك» (2/ 172):

«‌وما ‌يلي ‌المضاف يأتي خلفا … عنه في الإعراب إذا ما حذفا

“‌وما ‌يلي ‌المضاف” وهو المضاف إليه “يأتي خلفا عنه في الإعراب” غالبًا “إذا ما حذفا” لقيام قرينة تدل عليه، نحو: {‌وَجَاءَ ‌رَبُّكْ} 2، أي: أمر ربك، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَة} 3، أي: أهل القرية»

«البهجة الوفية بحجة الخلاصة الألفية» (1/ 389):

«4511 – وَيُحْذَفُ المُضَافُ حَيْثُ عُرِفَا … ‌وَمَا ‌يَلِي ‌المُضَافَ يَأْتِي خَلَفَا

4512 – عَنْهُ فِي الِاعْرَابِ وَغَيْرِهِ إِذَا … مَا حُذِفَا أَيِ المُضَافُ وَكَذَا

4513 – يَخْلُفُ عَنْهُ مَا يَلِي المُضَافَ لَهْ … فَافْهَمْ هُدِيتَ حُكْمَ هَذِي الأَمْثِلَه

4514 – كَـ”وَاسْأَلِ القَرْيَةَ” يَعْنِي “أَهْلَهَا” … “تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبًا” أَيْ “مِثْلَهَا”

4515 – “‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ” ايْ يُرِيدُ “أَمْرَهُ” … وَ”البِرَّ مَنْ آمَنَ” يَعْنِي “بِرَّهُ”»

«حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك» (2/ 410):

«قوله: “نحو ‌وجاء ‌ربك إلخ” نحو: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] ، {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} [البقرة: 189] ، أي حج أشهر معلومات وبر من اتقى وهذا أولى من تقدير المضاف»

«شرح ألفية ابن مالك المسمى تحرير الخصاصة في تيسير الخلاصة» (2/ 398):

«وكثيرا ما يحذف (3) المضاف لقرينة ويقام المضاف إليه مقامه في الإعراب، مثل: ‌وَجاءَ ‌رَبُّكَ (4) أي أمره (5)، وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ (1) أي حبّه. وقد يضاف إلى مضاف فيحذف الأول والثاني ويقام الثالث مقام الأول في الإعراب، مثل: مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ (2) أي من أثر حافر (3) فرسه، ومثله: كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ (4) أي: كدور عين الذي »

«شرح شذور الذهب لابن هشام» (ص551):

«لَوْلَا قَوْلك نَفسه لجوز السَّامع كَون الجائي خَبره أَو كِتَابه بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {‌وَجَاء ‌رَبك} أَي أمره»

«مغني اللبيب عن كتب الأعاريب» (ص811):

«حذف الاسم المضاف {‌وجاء ‌ربك} {فأتى الله بنيانهم} أي أمره لاستحالة الحقيقي فأما {ذهب الله بنورهم} فالباء للتعدية أي أذهب الله نورهم»

«أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك» (3/ 144):

«فإن كان المحذوف المضاف1؛ فالغالب أن يخلفه في إعرابه2 المضاف إليه؛ نحو: {‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ} 3؛ أي: أمر ربك، ونحو: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} 4؛ أي: أهل القرية»

حاشية يوسف البقاعي «أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك» (3/ 150):

«أ- أن يكون المضاف قبل الحذف فاعلا كما في قوله تعالى: {‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ} ، والتقدير: وجاء أمر ربك؛ لأن نسبة المجيء إلى الله تعالى لما تقتضيه من المكانية والانتقال مستحيلا»

«شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك» (3/ 76):

«يحذف المضاف لقيام قرينة تدل عليه ويقام المضاف إليه مقامه فيعرب بإعرابه كقوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} أي حب العجل وكقوله تعالى: {‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ} أي أمر ربك فحذف المضاف وهو حب وأمر وأعرب المضاف إليه وهو العجل وربك بإعرابه»

«شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو» (1/ 727):

«وهو إما فاعل “نحو: {‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ} ” [الفجر: 22] “أي: أمر ربك”»

«شرح الفارضي على ألفية ابن مالك» (2/ 510):

«ومنه: {‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ}؛ أي: (أمر ربك)، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}؛ أي: (أهل القرية)، {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}؛ أي: (كراهة أن تضلوا) وهو للزجاج»

قال محمد عبد العزيز النجار في «ضياء السالك إلى أوضح المسالك» (2/ 368):

«فصل: يجوز أن يحذف ما علم من مضاف ومضاف إليه2. فإن كان المحذوف المضاف؛ فالغالب أن يخلفه في إعرابه3 المضاف إليه4؛ نحو: {‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ} أي: أمر ربك، ونحو: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ؛ أي: أهل القرية1 »

قال الشيخ عبد الغني الدقر في «معجم القواعد العربية» (1/ 57 بترقيم الشاملة آليا):

«-12 حَذْفُ المضافِ أو المضاف إليه: يَجُوزُ حَذْفُ ما عُلِمَ مِن المضاف أو المُضَافِ إليه، فإنْ كانَ المحذوفُ “المضافَ” فالغالبُ أن يَخْلُفَه في إعْرابِهِ المُضَافُ إليه نحو {‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ} (الآية “22” من سورة الفجر “89”) أي أمرُ ربك ونحو {واسْألِ القَرْيَة} (الآية “82” من سورة يوسف “12”) أي أهل القرية»

قال محمد علي طه الدرة  في «فتح الكبير المتعال إعراب المعلقات العشر الطوال» (2/ 200):

«7 – هلا سالت الخيل، يا ابنة مالك … إن كنت جاهلة بما لم تعلمي

المفردات. الخيل: المراد أصحاب الخيل، إذ الخيل لا تسأل، فحذف المفعول به، وهو المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، وهذا الحذف كثير شائع في القرآن الكريم، وغيره من الكلام العربي، قال تعالى: {واسأل القرية} أي واسأل أهل القرية، وقال جل ذكره: {‌وجاء ‌ربك} أي وجاء أمر ربك، والخيل اسم جمع لا واحد له من لفظه. ابنة مالك: ابنة عمه عبلة عشيقته. جاهلة: انظر البيت رقم -111 – من معلقة طرفة. بما لم: الباء بمعنى عن كما في قوله تعالى: {فاسأل به خبيرًا} أي عنه، وانظر الإعراب »

قال بهجت عبد الواحد صالح في «الإعراب المفصل لكتاب الله المرتل» (12/ 434):

«• ‌وَجاءَ ‌رَبُّكَ: الواو عاطفة. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. ربك:

فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. اي وجاء امر ربك اي وظهرت آيات اقتداره وآثار اقتداره وسلطانه وحذف المضاف الفاعل لدلالة قرينة عليه فقام المضاف اليه مقامه في اعرابه رفعا»

قول الوهابية في شروحهم النحوية

«شرح ألفية ابن مالك للعثيمين» (43/ 13 بترقيم الشاملة آليا):

«قال المؤلف رحمه الله تعالى: [‌وما ‌يلي ‌المضاف يأتي خلفا عنه في الاعراب إذا ما حذفا] هو المضاف إليه.

فالمعنى: أن المضاف إليه يأتي خلفاً عن المضاف في الإعراب إذا ما حذف.

وقوله: (إذا ما حذف) ما زائدة، يعني: إذا حذف.

ومعنى البيت: أنه ربما يحذف المضاف ويقوم المضاف إليه مقامه.

ومثل في الشرح بقوله تعالى: {‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر:22]، فقال: إن الأصل: وجاء أمر ربك والملك صفاً صفاً، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

وهذا لا شك أنه خطأ، فإن هذا مذهب أهل التحريف الذين يحرفون الكلم عن مواضعه في أسماء الله وصفاته، فما الذي أدراهم أن المعنى: وجاء أمر ربك؟ وليس عندهم دليل؛ ولهذا المحرفون لآيات الصفات يقولون على الله بلا علم من وجهين: الوجه الأول: أنهم قالوا: ما أراد الله كذا»

«شرح ألفية ابن مالك للحازمي» (75/ 29 بترقيم الشاملة آليا):

«‌وَمَا ‌يَلِي ‌الْمُضَافَ يَأْتِي خَلَفَا … عَنْهُ في الاِعْرَابِ إِذَا مَا حُذِفَا

يعني: إذا حذف.

قال الشارح: يحذف المضاف لقيام قرينة تدلّ عليه، ويُقام المضاف إليه مقامَه فيُعرب بإعرابه نصباً أو رفعاً أو خفضاً، كقوله تعالى: ((وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ)) [البقرة:93] أي: حبّ العجل؛ لأن هنا لا يُقال العجل، أُشربوا العجل نفسَ العجل ذات العجل! لا، ليسَ هذا المراد، فيتعيّنُ حينئذٍ حذف مضاف، وكقوله تعالى: ((‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ)) [الفجر:22] أي: أمرُ ربك، هذا باطل، هذا يذكرونه كثيراً، فحُذف المضاف وهو حبّ وأمر، وأُعرِب المضاف إليه وهو العجل وربك بإعرابه.

(‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ) هذا ممتنعٌ عندهم أن يتصف الربُّ بالمجيء، فتعيّنَ القول بالمجاز وهو حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وهنا إذا كان هذا باطلٌ ما يلزم أن نقول: بأنه في اللغة لا يُحذَف المضاف ويُقام المضاف إليه مقامَه، فإذا استُخدمت هذه اللغة في أمر باطل فاسد .. تأويل وتحريف آيات الصفات، هل نرجع إلى القاعدة فنبطلُها لأنهم استعملوه في باطل؟ الجواب: لا، وإنما نقولُ هنا: (‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ) ليسَ على حذف مضاف، القول باطل، لدليل خارجي وهو أن الربّ جل وعلا مُتصف بصفات، سواء كانت الصفات ذاتية أم فعلية، اختيارية أم لا .. فحينئذٍ لا يمنعُ أن نقول بالقاعدة مع إبطال هذا القول، ولو قالوا بأنه مجازٌ نقول: هنا المجاز لا يُستعمل، لماذا؟ لأنهم عدلوا -هذه انتبه لها فإنه يغلطُ فيها بعض الطلاب: إنكارُ المجاز لا يكون ردّاً على الأشاعرة في باطلهم ولا المعتزلة ولا الجهمية .. إنكارُ المجاز لا يكون ردّاً عليهم، وإذا جعلت السلاح في إبطال معتقد الأشاعرة هو المجاز أنت ضعيف، لماذا؟ لأن المجازَ استُعمِل سلاحاً ثانوياً لا أولياً، كيف؟ الأول: (‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ) أول ما قرؤوا فهِموا من (‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ) المجيءُ تمشي برجلين، لا بدّ أن يحويك شيء علوي وأرض تقلّك، إذا زالت عنك سقطت! لم يفهموا من هذا النصّ إلا هذه المعاني، هذا أولاً إذن: ظاهر النص التشبيه، لم يفهموا من المجيء (وجاء ربك) جاء فعل، وربك فاعل، مثل: (جاء زيد)، مجيء زيد الثابت برجلين إلى آخره .. هو الذي أثبت هنا في هذا الظاهر، حينئذ هذا ممتنع، إذن لا بد من تأويله، هم يقولون: تأويل، ونحن نقول: تحريف، لا بد من تأويهل فعدلوا إلى القول بالمجاز، إذن المجاز متى جاء؟ ليس ابتداء من قوله: وجاء ربك، ليست سذاجة هي، (وجاء ربك) ابتداء أنه مجاز، ما قالوا بهذا لا أشعري ولا ماتريدي ولا جهمي ولا معتزلي، إنما قالوا: ظاهر هذا النص التشبيه، وقد قال تعالى: ((ليس كمثله شيء)) [الشورى:11] إذن إذا أردت أن تنسف المجاز ردا على ما هو ظاهره التشبيه أخطأت، وإنما تقف معهم وقفة أولية تقول: ليس ظاهر النصوص التشبيه، فالذي فهمته (وجاء ربك) كجاء زيد! هذه حماقة، لا يمكن أن يوصف المجيء المثبت للرب جل وعلا وهو الخالق كالمثبت للمخلوق، يعني إذا قلت: (وجاء ربك) .. جاء الذباب؟ هل تفهم منه المجيء الذي ثبت لزيد؟ هو نفسه المحرف، إذا قال: وجاء ربك لم أفهم منه إلا مجيء زيد، نقول: وجاء السحاب، وجاء الذباب وجاء النمل .. إذن لكل فاعل من هذه الفاعلين نقول: له مجيء يختص به، فلا يفهم من قوله: (وجاء ربك) أن المجيء هو المجيء الذي ثبت لزيد، حينئذ لا ينكر حذف المضاف وهو مجاز على القول به؛ لا ينكر من أجل هذا دفعا له! لا، وإنما قد تنكره لأنه لم يثبت عندك في لسان العرب أو كذا، أما من أجل دفع بدعة الأشاعرة والمعتزلة هذا ضعيف ليس بصحيح، ولا نجعله طاغوتا ونرده إلى آخره، نقول: هذا ليس له وجه، وإنما يرد الأصل الذي اعتمدوا عليه وهو: أن ظاهر النصوص التشبيه .. مماثلة، نقول: هذا مردود بقوله: ((ليس كمثله شيء)) [الشورى:11] والاشتراك إنما يكون في المعنى الكلي الذي يكون في الذهن فحسب، فالمجيء من حيث هو مجيء هذا مشترك، يدخل فيه مجيء الرب جل وعلا ومجيء المخلوق سواء كان عاقلا أو لا يعقل، ثم إذا أضيف .. نسب إلى معين، إن كان خالقا فاختص به المجيء، لا يشبهه مجيء المخلوقين، وإذا أضفته إلى مخلوق يعقل اختص به، إذا أضفته إلى مخلوق لا يعقل اختص به.

فالاختصاص حاصل متى؟ بعد الإضافة، وأما قبل الإضافة فهو قدر كلي وجوده وجود ذهني، وجاء ربك هنا يقولون: أي أمر ربك! يقال له أنه فاسد، ليس ظاهر النص هو ما ذكروه.

نقف على هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين … !!!» »

قال أحمد الحازمي في «فتح رب البرية في شرح نظم الآجرومية» (ص472):

«(‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ)، أي جاء أمر ربك، نقول: هذا التأويل فاسد، لأن الأصل في إطلاق الأفعال التي هي أوصاف في المعنى لفاعليها الحقيقة، وإذا حصل نوع تجوز فإنما يكون فيما يصح التجوز فيه، وأما هذه الألفاظ نفسه وعينه في مقام لا يصح فيه التجوز، لا نقول به، وهذا من باب المغالطات؛ لأنه يمثلون بهذه الآية: (‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ) أي جاء أمر ربك، لأنها مثل: جاء الأمير، فإذا سلَّمت بأنَّ جاء الأمير محتمل للمجاز فحينئذٍ اللغة واحدة، فمثله ‌وجاء ‌ربك محتمل للمجاز، نقول: لا، ‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ قام الدليل الشرعي على أنه لا احتمال، فحينئذٍ إذا قيل: جاء الأمير، يحتمل هذا فيما بيننا نحن البشر، والناس يتجوزون في مثل هذا، وأما إذا جاء تطبيقه فيما لا يصح تنزيل هذه القواعد، والاحتمالات عليها كنصوص الشرع، نقول: لا، قف (‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ) لا يحتمل إلا مجيئه بذاته – عز وجل – ثم ننفي المشابهة أو إدراك تلك الحقيقة، إذاً النفس والعين هذان لفظان مؤكِدان، والتوكيد بهما معنوي، والفائدة رفع المجاز عن الذات فيما يقبل المجاز، وأما ما لا يقبل المجاز كقوله: (‌وَجَاءَ ‌رَبُّكَ) فحينئذٍ لا يصح اعتماد هذه القاعدة في ذاك، أو إن شئت قل: ما يرفع توهم مضاف إلى المؤكد، (جاء الأمير) يحتمل أن ثَم مضافاً محذوفاً، وهو جاء خطاب الأمير، أو رسول الأمير.

إذاً عرفنا أنه يؤكَد بالنفس والعين، وإذا أُكد بهما فلا بد من اتصالهما بضمير يعود على المؤكَد، وهذا هو السر في كونهما معرفة، وأنه لا يجوز أن يؤكد بهما النكرة؛ لأنها معارف، وهذا الضمير»

السابق
هل الابانة آخر ما كتبه الإمام أبو الحسن الأشعري/ منقول /

اترك تعليقاً