مناظرات وردود على الوهابية

تعليقات على مناظرة الأخ محمد بن شمس الدين مع الدكتور احمد كريمة (الشيخ محمد أبو هزيم)

تعليقات على مناظرة الأخ محمد بن شمس الدين مع الدكتور احمد كريمة

التعليق الأول:

إن قول الإمام الباجوري بأن الإمام الأشعري والماتريدي حيث قال ( اماما التوحيد ) فلا يعتي به بأن الأمة لم يكن بها موحد قبلهما بل معنى كلامه مأخوذ من نفس كتابه حيث قال في بداية الكتاب عند كلامه عن مبادي العلوم العشرة ما نصه ( وواضعه ابو الحسن الأشعري ومن تبعه وابو منصور الماتريدي ومن تبعه، بمعنى انهم دونوا كتبه وردوا الشبه التي اوردتها المعتزلة، وإلا فالتوحيد جاء به كل نبي من لدن آدم إلى يوم القيامة، واسمه علم التوحيد، لأن مبحث الوحدانية أشهر مباحثه) انتهى بلفظه ( حاشية الباجوري على الجوهرة ض ١٨ طبعة المكتبة الأزهرية للتراث.

فكما ترى الإمام يتكلم عن كونهما من صنفا كتبا مستقله في هذا العلم، فهو يتكلم عن كون الأشعري امام علم التوحيد وكذا الماتريدي، اي أنهما دوناه وردا الشبه الواردة فيه، ولا يعني ما فهمه الأخ… والله المستعان….

====

التعليق الثاني:

سأل الأخ محمد بن شمس الدين عن ورود الكلام النفسي في القرآن الكريم…

قلت وبالله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد: الكلام النفسي هو ما ليس بحرف ولا صوت، فهل تسأل عن الدليل على وجود الكلام النفسي في القرآن الكريم ام تسأل عن تصريح القرآن الكريم بأن كلام الله سبحانه وتعالى هو كلام نفسي؟
إن كان سؤالك عن الثاني فليس في ما نعلم ورود لفظ ( إن كلام الله سبحانه وتعالى ليس بحرف ولا صوت أو هو كلام نفسي ) لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية الشريفة، بل غاية ما ورد هو إثبات صفة الكلام لله سبحانه وتعالى….

لكن هل هناك كلام نفسي وراء الكلام الذي هو بحرف وصوت؟ هذا معلوم بالضرورة فكل منا يجد في نفسه كلاما قبل أن يتكلم به، وقد ورد في القرآن الكريم قوله سبحانه وتعالى ^ ويقولون في أنفسهم ^ وورد في الأثر عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه < زورت في نفسي كلاما > فإطلاق لفظ الكلام على ما في النفس قد ورد….

لكن لا يُظن عليه بأن ليس مراد الأشاعرة بأن كلام الله سبحانه وتعالى ككلام البشر النفسي إنما قالوا ذلك لبيان بأن الكلام كما يطلق على الحرف والصوت فكذلك يطلق على ما في أنفسنا، اما كلام الله سبحانه وتعالى فالمراد به انه معنى قائم بنفسه سبحانه وتعالى ليس بحرف ولا صوت وهو واحد لا كثرة فيه وهو دالا على ما لا يتناهى من المدلولات، فلم يرد صريحا في القرآن والسنة سوى إثبات صفة الكلام لله سبحانه وتعالى، اما كون هذا الكلام الذي ثبت لله سبحانه وتعالى بحرف وصوت او ليس بحرف وصوت فهذا مبحث آخر تماما ودليل الأشاعرة فيه عقلي لامتناع قيام الحوادث بذاته تعالى عندهم الذي يقتضيه الكلام بحرف فإن فيه تعاقب، والإمام العضد الايجي خالف ذلك وناقشته الإمام السعد في شرح النسفية فارجع اليه….

فمن زعم بأن كلام الله سبحانه وتعالى بحرف وصوت، سألناه عن الدليل، فإن قال ورد في الحديث قلنا له احضر حديثا او اية في ذلك، وعندما يحضرها نقول له راجع كلام أهل الحديث في هذه الروايات….
فلم يبق له إلا أن يستدل عقلا على ذلك…. والله الموفق

Red Heart

8

———

التعليق الثالث:

يقول الأخ محمد بن شمس الدين بأنه يؤمن بالله سبحانه وتعالى الذي يتكلم…

قلت وبالله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد: يريد الأخ محمد ان يقول بأن الأشاعرة عندهم الله سبحانه وتعالى لا يتكلم، ليس انه ينكر ان الأشاعرة لا يثبتون صفة هي الكلام، بل هو يريد أن يقول بأن لازم قولكم بأن الله سبحانه وتعالى لا يتكلم، لعله ظن بأن الكلام النفسي عند الأشاعرة يساوي الخرس، فلعله ظن ان الأشاعرة يثبتون الخرس لله سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا…..
وانت تعلم بأن هذا الظن ليس بصواب، فإن الأشاعرة يقولون، ليس من الضروري حتى يكون الله سبحانه وتعالى متكلما ليس من الضروري أن يكون متكلما بحرف وصوت، بل قد قامت الدلائل على استحالة كون كلام الله سبحانه وتعالى متكلم بصوت وحرف، ومع ذلك فإن كلام الله سبحانه وتعالى مسموع، وكوننا لا نسمع الآن الا ما هو بحرف وصوت فهذا إنما هو من باب العادة، ولا يوجد في العقل ما يقول باستحالة كلام ليس بحرف وصوت ولا يوجد في العقل ما بقول باستحالة ان يسمع كلام ليس بحرف ولا صوت، فإن اثبت انت استحالة كلام ليس بحرف وصوت وأثبت عقلا استحالة ان يسمع ما ليس بحرف ولا صوت، وقتها لزم الأشاعرة القول بأن الله سبحانه وتعالى ليس متكلما حاشاه ….. والله المستعان

========

التعليق الرابع:

قال الأخ محمد بن شمس الدين بأن كلام الله سبحانه وتعالى بصوت كما ذكر الإمام البخاري في خلق أفعال العباد، وقال الإمام البخاري هذا دليل على أن صوته سبحانه وتعالى ليس كاصوات المخلوقين بدليل انه يسمعه من في بعد كما يسمعه من في قرب…

قلت وبالله سبحانه وتعالى التوفيق: وان سلمنا ثبوت الصوت لكنا نقول نؤمن به على مراد الله جل جلاله لا على المعنى الذي هو ثابت للبشر، وقول الإمام البخاري وهذا دليل على أن صوته سبحانه وتعالى ليس كاصواتنا… واضح وضوح الشمس على التفويض للمعنى الذي أنت لا تقول به اصلا…
واشهد علي اني اؤمن بما جاء عن الله وعن رسول الله على مراد الله جل جلاله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال امام أهل السنة والجماعة الشافعي رضي الله عنه وكما ذكر الإمام الطحاوي وغيره من علماء أهل السنة والجماعة، وسوف يكون هناك رد منفصل في ما يتعلق بصفات الله سبحانه وتعالى..

وانقل عن الإمام الحافظ البيهقي كلاما في هذا الباب ( لكن لعل الإمام البيهقي لا يؤخذ  بكلامه في الحديث وسنده عند القوم لأنه اشعري):

قال الإمام الحافظ البيهقي في كتابه الاسماء والصفات الجزء الثاني الصفحة ٢٩ :

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو العباس المحبوبي، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا يزيد بن هارون، أنا همام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، عن عبد الله بن أنيس، رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المظالم قال:” يحشر الله تعالى العباد ـ أو قال الناس ـ عراة غرلا بهما ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان «. وهذا حديث تفرد به القاسم بن عبد الواحد عن ابن عقيل؛ وابن عقيل، والقاسم بن عبد الواحد بن أيمن المكي لم يحتج بهما الشيخان أبو عبد الله البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، ولم يخرجا هذا الحديث في الصحيح بإسناده، وإنما أشار البخاري إليه في ترجمة الباب واختلف الحفاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه، ولم تثبت صفة الصوت في كلام الله عز وجل أو في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديثه، وليس بنا ضرورة إلى إثباته. وقد يجوز أن يكون الصوت فيه إن كان ثابتا راجعا إلى غيره كما روينا عن عبد الله بن مسعود موقوفا ومرفوعا» إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا “. وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان» . ففي هذين الحديثين الصحيحين دلالة على أنهم يسمعون عند الوحي صوتا لكن للسماء، ولأجنحة الملائكة، تعالى الله عن شبه المخلوقين علوا كبيرا. وأما الحديث الذي ذكره البخاري عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يقول الله: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فينادي بصوت: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار “. فهذا لفظ تفرد به حفص بن غياث، وخالفه وكيع وجرير وغيرهما من أصحاب الأعمش فلم يذكروا فيه لفظ الصوت، وقد سئل أحمد بن حنبل عن حفص، فقال: كان يخلط في حديثه، ثم إن كان حفظه ففيه ما دل على أن هذا القول لآدم يكون على لسان ملك يناديه بصوت: «إن الله تبارك وتعالى يأمرك» . فيكون قوله: «فينادي بصوت» . يعني والله أعلم: يناديه ملك بصوت. وهذا ظاهر في الخبر وبالله التوفيق.

========

التعليق الخامس:

قال الأخ محمد بن شمس الدين بأن الإمام الغزالي قدس سره قال في الالجام: فإن قلت: لماذا لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله سبحانه وتعالى ليس بجسم ولا عرض ولا داخل العالم ولا خارجه… الخ، قلنا: لأنه لو قال ذلك لنفر الناس عن الدين وقالوا هذا هو عين المحال… انتهى
ثم قال الأخ نعم مذهبكم محال…

قلت وبالله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد: كلام الإمام الغزالي قال قريب منه غير واحد من العلماء وينبغي ان يحمل على مرادهم….
اقول: العلماء – وليس العوام – يتكلمون في الحكمة من عدم تصريح النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، توصلوا إلى أن الحكمة هي ما ذكروه وهو ان مثل هذه الأمور صعبه على بعض الناس ودركها يحتاج جهد، فسيكون مخاطبتهم بها تنفير لهم من الدين، خصوصا ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث في بيئة وثتية، فإن قلت لأحدهم الله سبحانه وتعالى لا داخل العالم ولا خارجه فإنه سوف يستحيل ذلك وسبب هذا ان عامة الخلق انسوا المحسوسات وان كل ذات فلا بد انها في جهة… إلى غير ذلك….
هذه الحكمة من عدم تصريح النبي صلى الله عليه وسلم..

قلت: هذا بحث عن عدم الحكمة في التصريح بهذه العقائد وهذا ما رأوه…. لكن لقائل ان يقول: بل كان للنبي صلى الله عليه وسلم ان يصرح بهذه العقائد وليس على الخلق إلا تصديقه صلى الله عليه وسلم بعد أن قامت الأدلة على صدقه صلى الله عليه وسلم بكل ما يخبر، فاثبات النبوة ليس متوقف على معرفة كون الله سبحانه وتعالى ليس في جهة، فبعد ان يؤمنوا بالدين يخبرهم بذلك ولا يسعهم الا التصديق….

ولعل الحكمة في عدم تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك: إما لعلمه صلى الله عليه وسلم بأن هذه وظيفة العلماء بعده عليه الصلاة والسلام، أو تقول لعل الله سبحانه وتعالى ام يكلفه بأن يبلغ الناس ذلك….

وقد يجتهد آخر فيجد حكمة أخرى…

على انا نقول بأن الله سبحانه وتعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم قد أشارا لهذه العقائد. فمن القرآن الكريم قوله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ومن السنة ان المشبهة عندما اتوا النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه كيف ذراع ربك…. الخ تعالى الله جل جلاله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم واحمر وجهه، فنزل سيدنا جبريل عليه السلام بقول الله سبحانه وتعالى وما قدروا الله حق قدره… الآية القصة مذكورة في التفاسير كتفسير الطبري في سورة الإخلاص….
العلماء لا ينكرون وجود هذه الإشارات بل يتكلمون عن الحكمة في عدم التفصيل والبيان، ولك أن تبحث عن حكمة أخرى لا اشكال.

ولا ادري كيف ظهر للأخ محمد بن شمس الدين بأن قول الإمام الغزالي يهدم مذهب الأشاعرة؟ لعل الأخ محمد ظن ان قول الإمام الغزالي ( لقال الناس هذا محال) لعل الاخ ظن ان الإمام الغزالي يقول بأن ما يعتقده محال..!! وهو فعلا ظن ذلك لأنه قال آخر المقطع (( عقيدة الأشاعرة باعتراف الغزالي لا توافق فطرة المسلمين)) مع ان الإمام الغزالي لم يقل ذلك… الله المستعان.

السابق
مؤلفات وكتب وفوائد وترجمة لشيخ المفسرين أ.د إبراهيم عبد الرحمن خليفة رحمه الله (منقول)
التالي
الرد على قصيدة نونية منسوبة الى قحطاني…