صفة الاستواء

(7)”القول الشافي فيما روي في الاستواء عن ابن الأعرابي”

(7)”القول الشافي فيما روي في الاستواء عن ابن الأعرابي”[1]

https://www.facebook.com/groups/202140309853552/posts/812063308861246

ثالثا: ترجمة نفطويه (ابن عرفة)…..

قال الذهبي في ميزان الاعتدال (1/ 64):

إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي نفطويه.

مشهور، له تصانيف.

بقى إلى حدود العشرين وثلاثمائة.

قال الدارقطني: ليس بقوى. ومرة: لا بأس به.

وقال الخطيب: كان صدوقا.اهـ

وفي موسوعة أقوال أبي الحسن الدارقطني في رجال الحديث وعلله (1/ 46):116 – إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان، أبو عبد الله العتكي، نفطويه.

• قال السهمي: سألت الدَّارَقُطْنِيّ عن نفطويه؟ فقال: لم يكن بالقوي في الحديث.

• وقال السلمي: سألت الدَّارَقُطْنِيّ عن إبراهيم بن محمد بن عرفة، فقال: شيخ إخباري لا بأس به .اهـ

ونقل الحافظ ابن حجر في لسان الميزان، ت/ أبي غدة (1/ 361) عن المرزباني قوله في نفطويه: وكان فقيها عالما بمذهب داود رأسا فيه وكان مُسندا في الحديث، ثقة صدوقا لا يُتعلق عليه بشيء مما رواه.اهـ [2]

ولكن توثيق المَرزُباني لنفطويه قد لا يغني شيئا لأن المرزباني نفسه مقدوح فيه، قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء ط الرسالة (16/ 448): قال الأزهري: كان المرزباني يضع المحبرة وقنينة النبيذ، يكتب ويشرب، وكان معتزليا، صنف كتابا في أخبار المعتزلة، وما كان ثقة.

قال الخطيب: ليس حاله عندنا الكذب، وأكثر ما عيب عليه مذهبه وتدليسه للإجازة.

وقال العتيقي: كان معتزليا، ثقة، مات في شوال، سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، عن ثمان وثمانين سنة.[3] اهـ

والخلاصة أن نفطويه اختَلف فيه قولُ الدارقطني؛ فمرة قال لا بأس به، ومرة قال: لم يكن بالقوي في الحديث.

وأن المَرزُبانيُّ وثّقه إلا أن توثيق الأخير فيه ما فيه لما سبق.

ثم وجدتُ أبا البركات ابن الأنباري وثّقَ نفطويه هذا، وذلك في كتابه نزهة الألباء في طبقات الأدباء (ص: 195)؛ ولكن قد يقال: إن هذا التوثيق لا يغني شيئا، لأن ابن الأنباري هذا عالمٌ بالعربية[4]، وليس من المحدثين النُّقاد الذين يُأخذ بقولهم في الجرح والتعديل.

وحاصل الكلام على هذه الرواية الثانية عن ابن الأعرابي؛ هو أنها رُويتْ عن نفطويه مِن طريقين:

الأول: عن محمد بن جعفر النحوي ابن النجار عن نفطويه، والنحوي وثّقه العَتيقيُّ.

والثاني:عن محمد بن العباس البغدادي ابن الفرات عن نفطويه؛ ومحمد بن العباس ثقة أيضا كما سبق، ولكن روايته عن نفطويه فيها انقطاع كما رأينا.

فيبقى التعويلُ على طريق محمد بن جعفر النحوي وإن قلنا إنّ هذا الطريق نفسها فيها احتمالُ انقطاعٍ أيضا، وذلك على القول بأن النحوي ولد سنة 311هـ، ولكن هذا قول مرجوح كما سبق.

وهذان الطريقان يلتقيان في نفطويه، وقد قلنا إن نفطويه هذا متكلَّم فيه، فقد وثقه المَرزبانيُّ وابن الأنباري، وتوثيقهما قد لا يغني شيئا لما سبق بيانه؛ واختَلف قول الدارقطني فيه كما سبق؛ أضف إلى ذلك أن لفظ رواية نفطويه لقصة ابن الأعرابي مخالف للفظ الرواية الأولى التي رواها أحمد بن محمد القرشي؛ وهذا قد يُؤذن بعدم ضبطِ نفطويه للقصة لولا أن القرشي هذا متكلم فيه أيضا، فقد ضعفه البرقاني كما سبق.

وعليه فلا نعرف هل الصواب هو اللفظ الذي رواه نفطويه، أم اللفظ الذي رواه القرشي؟! فكلاهما متكلم فيه كما سبق؛ أم أن كليهما لم يَضبط اللفظَ الذي قاله ابنُ الأعرابي، أم أن القصة وقعتْ مرتين؛ أم أن القصة لم تقع أصلا ولا سئل ابن الأعرابي أصلا عن الاستواء ؟!!!!!!

احتمالاتٌ خمسة يجوّزها العقل جميعها؛ وليس لدينا قاطعٌ يُعيّن أحدها؛ نعم قد يترجح هذا الاحتمال أو ذلك؛ ولكن هذا أمر تتجاذبه الظنون، وتختلف فيه الأنظار، وتتباين فيها الاجتهادات، وبمثل هذا الرواية قد لا يُثبت بها الخصمُ نفسُه حُكما فقهيا…. فكيف يُثبت بها حكما في أصول الدين ثم يَتخذها حجة ودليلا على أن “استوى” لا يأتي بمعنى “استولى”، ثم يُشنّع بها على من يرى أن استوى يأتي بمعنى استولى، مع أنها لم تثبت هذه القصة عن ابن الأعرابي أصلا، من حيث السند كما رأينا، فقد رُويت بلفظين وسندين (سند ولفظ القرشي، وسند ولفظ نفطويه من طريقيه)؛ وكلاهما فيهما كلام كما رأينا.

هذا فضلا عن أن دلالتها ـ لو ثبتت من حيث السند ـ فليست قاطعة على المراد لاسيما باللفظ الثاني لها؛ إذ هو أقرب لإثبات أن استوى يأتي بمعنى استولى كما سيأتي، وأما اللفظ الأول لها الذي رواه القرشي فقد بيّنا أنه لا حجة فيه أيضا …!!!

فصْلٌ في الكلام على متن هذه الرواية الثانية:

في الواقع إن هذه الرواية أبعد من الرواية الأولى في أن يُستدل بها على النفي الذي يريده ابن تيمية وهو أن استوى لا يأتي في اللغة بمعنى استولى، بل إن هذه الرواية الثانية خارج محل النزاع أصلا ….!!

وبيان ذلك….. انظر اللاحق :

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/701079133339445/

كتبه وليد ابن الصلاح

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] انظر السابق:

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/687191704728188/

[2] انظر ترجمته أيضا في الفهرست لابن النديم (ص: 109)، هدية العارفين (1/ 5)

[3] وانظر:

http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=1701&pid=623899

[4] انظر ترجمته في فوات الوفيات (2/ 292)، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (7/ 155)، الأعلام للزركلي (3/ 327)، طبقات الشافعيين (ص: 691)، إنباه الرواة على أنباه النحاة (2/ 169)، تاريخ الإسلام للذهبي، ت تدمري (40/ 238)؛ وجاء في المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي، للذهبي، المطبوع مع تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (15/ 237): عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْن أَبِي سَعِيد الأنباري الكمال أَبُو البركات النحوي ، من ولد عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الصديق. صاحب التصانيف فِي فنون العلم من التفسير والفقه والحديث والوعظ والتاريخ، وإليه انتهت معرفة الشَّيْخ الصالح صاحب التصانيف المفيدة، وكان عالمًا زاهدًا، سكن بغداد من صباه وتفقه بها على أبي منصور بْن الجواليقي وبرع فِي الأدب حتَّى صار شيخ وقته وأقرأ النَّاس مدة ودرس بالنظامية النحو ثُمَّ انقطع فِي منزلة مشتغلًا بالعلم والعبادة والورع وإقراء النَّاس والتنسك وترك الدنيا واشتهرت تصانيفه. روى الحديث عن أَبِيهِ وعن خليفة بْن محفوظ الأنباري ومحمد بْن مُحَمَّد بْن عطاف وأبي مَنْصُور بْن خيرون وأبي نصر أَحْمَد بْن نظام الملك. سَمِعَ مِنْهُ عُمَر الْقُرَشِيّ والحافظ أَبُو بَكْر الحازمي. أنشدني أَبُو البركات عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الأنباري برباطه سنة ست وسبعين وخمسمائة لنفسه:

دع الفؤاد بما فِيهِ من الحَرَق … ليس التصوفُ بالتلبيس والخِرق

بل التصوف صفو القلب من كدر … ورؤية الصفو فِيهِ أعظم الخرق

وصبر نفس عَلَى أدنى مطامعها … وعن مطامعها فِي الخلق بالخلق

وترك دعوى بمعنى فِيهِ حققه … فكيف دعوى بلا معنى ولا خَلَقَ؟

ولد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وتوفي في شعبان سنة سبع وسبعين وخمسمائة.اهـ

السابق
[6] “القول الشافي فيما روي في الاستواء عن ابن الأعرابي”*
التالي
[5] “القول الشافي فيما روي في الاستواء عن ابن الأعرابي”*