لا تشد الرحال :
ﻗﺎﻝ اﻟﻤﺆﻟﻒ: ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻰ اﻟﻨﻬﻰ ﻋﻦ ﺇﻋﻤﺎﻝ اﻟﻤﻄﻰ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻴﻤﻦ ﻧﺬﺭ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻏﻴﺮ اﻟﺚﻻﺛﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ، ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ: ﻣﻦ ﻧﺬﺭ ﺻﻼﺓ ﻓﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻻ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﻻ ﺑﺮاﺣﻠﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﻠﻰ ﻓﻰ ﺑﻠﺪﻩ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻨﺬﺭ ﺫﻟﻚ ﻓﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﻜﺔ ﺃﻭ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺃﻭ ﺑﻴﺖ اﻟﻤﻘﺪﺱ، ﻓﻌﻠﻴﻪ اﻟﺴﻴﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻤﺆﻟﻒ: ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺭاﺩ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻰ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻭاﻟﺘﺒﺮﻙ ﺑﻬﺎ ﻣﺘﻄﻮﻋﺎ ﺑﺬﻟﻚ، ﻓﻤﺒﺎﺡ ﻟﻪ ﻗﺼﺪﻫﺎ ﺑﺈﻋﻤﺎﻝ اﻟﻤﻄﻰ ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻻ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ اﻟﻨﻬﻰ ﻓﻰ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ.
👈🏻شرح صحيح البخاري للإمام ابن بطال المالكي علي بن خلف بن عبدالملك ت ٤٤٩هجري 👉🏻
ج٣ ص١٧٨
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺗﺸﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻻ ﺇﻟﻰ ﺛﻻﺛﺔ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮاﻡ ﻭﻣﺴﺠﺪﻱ ﻫﺬا ﻭاﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ.
ﻗﻠﺖ ﻫﺬا ﻓﻲ اﻟﻨﺬﺭ ﻳﻨﺬﺭ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻓﺈﻥ ﺷﺎء ﻭﻓﻰ ﺑﻪ ﻭﺇﻥ ﺷﺎء ﺻﻠﻰ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺬﺭ اﻟﺺﻻﺓ ﻓﻲ ﻭاﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻓﺈﻥ اﻟﻮﻓﺎء ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺑﻤﺎ ﻧﺬﺭﻩ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺧﺺ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﺻﻠﻮاﺕ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺑﺎﻻﻗﺘﺪاء ﺑﻬﻢ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻻ ﻳﺼﺢ اﻻﻋﺘﻜﺎﻑ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻭاﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺚﻻﺛﺔ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺗﺄﻭﻝ اﻟﺨﺒﺮ.
معالم السنن لأبي سليمان الخطابي ت ٣٦٠
ج٢ ص٢٢٢
ﻭﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺚﻻﺛﺔ ﻭﻓﻀﻴﻠﺔ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ اﻟﻴﻬﺎ ﻷﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻋﻨﺪ ﺟﻤﻬﻮﺭ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻻ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺠﻮﻳﻨﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻳﺤﺮﻡ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻭﻫﻮ ﻏﻠﻂ
ج٨ ص١٦٨ شرح صحيح مسلم للإمام النووي
لا تشد الرحال
ﻭﻣﺤﻤﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﺟﻤﻬﻮﺭ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺃﻧﻪ ﻻ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻻ ﺃﻥ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﺤﺮﻡ ﻭﻻ ﻣﻜﺮﻭﻩ ﻭﻳﺪﻝ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺭﻭاﻩ اﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ «ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﻄﻲ ﺃﻥ ﺗﺸﺪ ﺭﺣﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﺗﺒﺘﻐﻰ ﻓﻴﻪ اﻟﺺﻻﺓ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮاﻡ ﻭاﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ، ﻭﻣﺴﺠﺪﻱ ﻫﺬا» ﻭﻓﻴﻪ ﺷﻬﺮ ﺑﻦ ﺣﻮﺷﺐ ﻭﺛﻘﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻭاﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻭﺗﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ
وقال أيضا الحافظ زين الدين العراقي :
ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻧﺬﺭ ﺇﺗﻴﺎﻥ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ]
1
(اﻟﺤﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ) اﺳﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻧﺬﺭ ﺇﺗﻴﺎﻥ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻗﺒﺮ اﻟﻨﺒﻲ – ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻟﺰﻣﻪ ﺫﻟﻚ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﺘﻲ ﻳﺆﺗﻰ ﻟﻬﺎ ﺫﻟﻚ اﻟﻤﺤﻞ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻤﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺻﺮﺡ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﺑﻦ ﻛﺞ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻓﻘﺎﻝ: ﻋﻨﺪﻱ ﺇﺫا ﻧﺬﺭ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻗﺒﺮ اﻟﻨﺒﻲ – ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻟﺰﻣﻪ اﻟﻮﻓﺎء ﻭﺟﻬﺎ ﻭاﺣﺪا ﻭﻟﻮ ﻧﺬﺭ ﺃﻥ ﻳﺰﻭﺭ ﻗﺒﺮ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﻮﺟﻬﺎﻥ ﻭﻟﻠﺸﻴﺦ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻛﻻﻣ ﺑﺸﻊ ﻋﺠﻴﺐ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﻨﻊ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﻞ ﻟﻠﺰﻳﺎﺭﺓ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺏ ﺑﻞ ﺑﻀﺪ ﺫﻟﻚ، ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ﻓﻲ ﺷﻔﺎء اﻟﺴﻘﺎﻡ ﻓﺸﻔﻰ ﺻﺪﻭﺭ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ،
ﻗﻠﺖ) ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ اﻟﻤﺮاﺩ ﺇﻻ اﺧﺘﺼﺎﺹ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺮﺩ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﺳﻔﺎﺭ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﺘﻘﺪﻡ «ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﻄﻲ ﺃﻥ ﺗﺸﺪ ﺭﺣﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﺗﺒﺘﻐﻰ ﻓﻴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ﻏﻴﺮ ﻛﺬا، ﻭﻛﺬا» ﻓﺒﻴﻦ ﺃﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪﺗﺒﺘﻐﻰ ﻓﻴﻪ اﻟﺺﻻﺓ ﻻ ﻛﻞ ﺳﻔﺮ ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ
طرح التثريب للحافظ زين الدين العراقي ج٢ ص٤٤
ﻭاﺧﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻛﺎﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺯﻳﺎﺭﺓ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺃﺣﻴﺎء ﻭﺃﻣﻮاﺗﺎ ﻭﺇﻟﻰ اﻟﻤﻮاﺿﻊ اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻟﻘﺼﺪ اﻟﺘﺒﺮﻙ ﺑﻬﺎ ﻭاﻟﺺﻻﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻘﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺠﻮﻳﻨﻲ ﻳﺤﺮﻡ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻋﻢﻻ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺃﺷﺎﺭ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﺴﻴﻦ ﺇﻟﻰ اﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻭﺑﻪ ﻗﺎﻝ ﻋﻴﺎﺽ ﻭﻃﺎﺋﻔﺔ ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﺭﻭاﻩ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﺴﻨﻦ ﻣﻦ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺑﺼﺮﺓ اﻟﻐﻔﺎﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺧﺮﻭﺟﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻄﻮﺭ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻟﻮ ﺃﺩﺭﻛﺘﻚ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻭاﺳﺘﺪﻝ ﺑﻬﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﻯ ﺣﻤﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﻣﻪ ﻭﻭاﻓﻘﻪ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻭاﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋﻨﺪ ﺇﻣﺎﻡ اﻟﺤﺮﻣﻴﻦ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺮﻡ ﻭﺃﺟﺎﺑﻮا ﻋﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺄﺟﻮﺑﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﺃﻥ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺑﺦﻻﻓ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﺟﺎﺋﺰ ﻭﻗﺪ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ ﻷﺣﻤﺪ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺑﻠﻔﻆ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﻄﻲ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﻭﻫﻮ ﻟﻔﻆ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ
ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ اﻟﻨﻬﻲ ﻣﺨﺼﻮﺹ ﺑﻤﻦ ﻧﺬﺭ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺺﻻﺓ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻏﻴﺮ اﻟﺚﻻﺛﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﺐ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﻪ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻦ ﺑﻄﺎﻝ ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ اﻟﻠﻔﻆ ﻟﻔﻆ اﻟﺨﺒﺮ ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ اﻹﻳﺠﺎﺏ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﺬﺭﻩ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ اﻟﺒﻘﺎﻉ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﺮﻙ ﺑﻬﺎ ﺃﻱ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺸﻲء ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ
ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻓﻘﻂ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﺗﺸﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻟﻠﺺﻻﺓ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﻩ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭﺃﻣﺎ ﻗﺼﺪ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺻﺎﻟﺢ ﺃﻭ ﻗﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﺻﺎﺣﺐ ﺃﻭ ﻃﻠﺐ ﻋﻠﻢ ﺃﻭ ﺗﺠﺎﺭﺓ ﺃﻭ ﻧﺰﻫﺔ ﻓﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﻲ ﻭﻳﺆﻳﺪﻩ ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺷﻬﺮ ﺑﻦ ﺣﻮﺷﺐ ﻗﺎﻝ ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﺫﻛﺮﺕ ﻋﻨﺪﻩ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ اﻟﻄﻮﺭ ﻓﻘﺎﻝ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ ﺃﻥ ﻳﺸﺪ ﺭﺣﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﺗﺒﺘﻐﻰ ﻓﻴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮاﻡ ﻭاﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ ﻭﻣﺴﺠﺪﻱ ﻭﺷﻬﺮ ﺣﺴﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻀﻌﻒ
ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﻗﺼﺪﻫﺎ ﺑﺎﻻﻋﺘﻜﺎﻑ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻜﺎﻩ اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻠﻒ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻻ ﻳﻌﺘﻜﻒ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻭﻫﻮ ﺃﺧﺺ ﻣﻦ اﻟﺬﻱ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﻟﻢ ﺃﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻟﻲﻻ ﻭاﺳﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻧﺬﺭ ﺇﺗﻴﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻟﺰﻣﻪ ﺫﻟﻚ ﻭﺑﻪ ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺃﺣﻤﺪ ﻭاﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭاﻟﺒﻮﻳﻄﻲ ﻭاﺧﺘﺎﺭﻩ ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﻤﺮﻭﺯﻱ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻣﻄﻠﻘﺎ
ﻗﺎﻝ اﻟﻜﺮﻣﺎﻧﻲ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻼﺩ اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ ﻣﻨﺎﻇﺮاﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﺻﻨﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻗﻠﺖ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺭﺩ ﺑﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻴﺦ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﻣﺎ اﻧﺘﺼﺮ ﺑﻪ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻬﺎﺩﻱ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻻﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﻣﺸﻬﻮﺭﻩ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻭاﻟﺤﺎﺻﻞ ﺇﻧﻬﻢ اﻟﺰﻣﻮا ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﻪ ﺑﺘﺤﺮﻳﻢ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﻞ ﺇﻟﻰ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻗﺒﺮ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺃﻧﻜﺮﻧﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﺫﻟﻚ ﻭﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻃﻮﻝ ﻭﻫﻲ ﻣﻦ اﺑﺸﻊ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻤﻨﻘﻮﻟﻪ ﻋﻦ ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺎ اﺳﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﻣﺎ اﺩﻋﺎﻩ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻹﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻗﺒﺮ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻭﻫﻲ ﻣﻦ اﺑﺸﻊ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻤﻨﻘﻮﻟﻪ ﻋﻦ ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺎ اﺳﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﻣﺎ اﺩﻋﺎﻩ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻹﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻗﺒﺮ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺎ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻛﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺯﺭﺕ ﻗﺒﺮ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻗﺪ ﺃﺟﺎﺏ ﻋﻨﻪ اﻟﻤﺤﻘﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺮﻩ اﻟﻠﻔﻆ ﺃﺩﺑﺎ ﻻ ﺃﺻﻞ اﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻓﻀﻞ اﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺃﺟﻞ اﻟﻘﺮﺑﺎﺕ اﻟﻤﻮﺻﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻱ اﻟﺠﻼﻝ ﻭﺃﻥ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺘﻬﺎ ﻣﺤﻞ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﺑﻼ ﻧﺰاﻉ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻬﺎﺩﻱ ﺇﻟﻰ اﻟﺼﻮاﺏ
ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺇﻻ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﻤﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻨﻪ ﻣﺤﺬﻭﻑ ﻓﺈﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﺎﻣﺎ ﻓﻴﺼﻴﺮ ﻻ ﺗﺸﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺃﻣﺮ ﻛﺎﻥ ﺇﻻ ﺇﻟﻰ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﻭ ﺃﺧﺺ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ اﻷﻭﻝ ﻹﻓﻀﺎﺋﻪ ﺇﻟﻰ ﺳﺪ ﺑﺎﺏ اﻟﺴﻔﺮ ﻟﻠﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺻﻠﺔ اﻟﺮﺣﻢ ﻭﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻓﺘﻌﻴﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭاﻷﻭﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﻫﻮ ﻻ ﺗﺸﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﺇﻟﻰ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻓﻴﺒﻄﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻣﻨﻊ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺯﻳﺎﺭﺓ اﻟﻘﺒﺮ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻮﺭ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ
فتح الباري ج٢ ص٦٦ للحافظ ابن حجر- العسقلاني
ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻌﺮاﻗﻲ: ” ﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﺤﺎﻣﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﻣﻨﻪ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻓﻘﻂ، ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﺗﺸﺪ اﻟﺮﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﻩ اﻟﺚﻻﺛﺔ، ﻭﺃﻣﺎ ﻗﺼﺪ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺯﻳﺎﺭﺓ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ، ﻭاﻹﺧﻮاﻥ (¬1) ﻭاﻟﺘﺠﺎﺭﺓ، ﻭاﻟﺘﻨﺰﻩ ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ، ﻓﻠﻴﺲ ﺩاﺥﻻ ﻓﻴﻪ، ﻭﻗﺪ ﻭﺭﺩ ﺫﻟﻚ ﻣﺼﺮﺣﺎ ﻓﻲ (¬2) ﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻟﻔﻈﻪ: “ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﻄﻲ (¬3) ﺃﻥ ﺗﺸﺪ ﺭﺣﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻳﺒﺘﻐﻰ (¬4) ﻓﻴﻪ اﻟﺺﻻﺓ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮاﻡ، ﻭاﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ، ﻭﻣﺴﺠﺪﻱ ﻫﺬا ” (
قوت المغتذي في شرح صحيح الترمذي ج١ ص١٥٥ للحافظ السيوطي
وجاء في «المغني لابن قدامة – ط مكتبة القاهرة» (2/ 195) :
فصل: فإن سافر لزيارة القبور والمشاهد. فقال ابن عقيل: لا يباح له الترخص؛ لأنه منهي عن السفر إليها، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» . متفق عليه، والصحيح إباحته، وجواز القصر فيه؛ لان النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يأتي قباء راكبا وماشيا، وكان يزور القبور، وقال: «زوروها تذكركم الآخرة» .وأما قوله – صلى الله عليه وسلم -: ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ” فيحمل على نفي التفضيل، لا على التحريم، وليست الفضيلة شرطا في إباحة القصر، فلا يضر انتفاؤها.اه
جمعه الفقير إلى مولاه ثائر عويد الشافعي مذهبا
=====
«شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (2/ 344):
«(ومسجد الرسول) محمد (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بطيبة عبر به دون مسجدى، للتعظيم أو هو من تصرف الرواة.
وروى أحمد بإسناد رواته الصحيح، من حديث أنس رفعه: “من صلّى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة، كتبت له براءة من النار، وبراءة من العذاب، وبراءة من النفاق”.
(ومسجد الأقصى): بيت المقدس، وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة عند الكوفيين، والبصريون يؤولونه بإضمار المكان أي و: مسجد المكان الأقصى. وسمي به لبعده عن مسجد مكة في المسافة، أو لأنه لم يكن وراءه مسجد.
وقد بطل بما مر من التقدير: بلا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه، المعتضد بحديث أبي سعيد، المروي في مسند أحمد، بإسناد حسن مرفوعًا: لا ينبغى للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد تبتغى فيه الصلاة، غير المسجد الحرام، والأقصى ومسجدي.
هذا قول ابن تيمية. حيث منع من زيارة النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو من أبشع المسائل المنقولة عنه.
وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه أنه كره اللفظ أدبًا، لا أصل الزيارة، فإنها من أفضل الأعمال، وأجل القرب الموصلة إلى ذي الجلال، وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع. اهـ.
فشد الرحال للزيارة أو نحوها: كطلب علم ليس إلى المكان، بل إلى من فيه، وقد التبس ذلك على بعضهم، كما قاله المحقق التقي السبكي، فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة في غير الثلاثة داخل في المنع، وهو خطأ، لأن الاستثناء كما مر إنما يكون من جنس المستثنى منه، كما إذا قلت ما رأيت إلا زيدًا كان تقديره: ما رأيت رجلاً واحدًا إلا زيدًا، لا، ما رأيت شيئًا أو حيوانًا إلا زيدًا.
وقد استدلّ بالحديث على أن من نذر إتيان أحد هذه المساجد، لزمه ذلك. وبه قال مالك، وأحمد والشافعي في البويطي، واختاره، أبو إسحاق المروزي. وقال أبو حنيفة: لا يجب مطلقًا. وقال الشافعي في الأم: يجب في المسجد الحرام لتعلق النسك به، بخلاف المسجدين الآخرين. وهذا هو المنصوص لأصحابه. واستدلّ به أيضًا على أن من نذر إتيان غير هذه الثلاثة، لصلاة أو غيرها لا يلزمه، لأنه لا فضل لبعضها على بعض، فتكفي صلاته في أي مسجد كان.
قال النووي: لا اختلاف فيه إلا ما روي عن الليث أنه قال: يجب الوفاء به، وعن الحنابلة رواية: أنه يلزمه كفارة يمين، ولا ينعقد نذره»