مقالات في الرد على نظرية تقسيم التوحيد وما بني عليها

الذبح للأولياء محمول على التصدق عنهم (منقول)

الذبح_للأولياء

قال الإمام العلامة المحدث الفقيه الأستاذ سلامة القضاعي العزامي الشافعي (ت:1376ه): ((ومن خبر حال من فعل ذلك من المسلمين، وجدهم لا يقصدون بذبائحهم ونذورهم للميتين من الأنبياء والأولياء – إلا الصدقة عنهم، وجعل ثوابها إليهم، وقد علموا أن إجماع أهل السنة منعقد على أن صدقة الأحياء نافعة للأموات، واصلة إليهم، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة.
فمنها: ما صح عن سعد أنه سأل النبي – صلى الله عليه [وآله] وسلم – قال: يا نبي الله: إن أمي قد افتلتت، وأعلم أنها لو عاشت لتصدقت، أفإن تصدقت عنها أينفعها ذلك؟، قال: نعم. فسأل النبي – صلى الله عليه [وآله] وسلم – أي الصدقة أنفع يا رسول الله؟ قال: الماء، فحفر بئرا، وقال: “هذه لأم سعد”.
فهذه اللام هي الداخلة على الجهة التي وجهت إليها الصدقة، لا على المعبود المتقرب إليه، وهي كذلك في كلام المسلمين، فهم: سعديون لا وثنيون، وهي كاللام في قوله تعالى : {إنما الصدقات للفقراء} [التوبة:60] لا كاللام التي في قول القائل: “صليت لله” و”نذرت لله”، فإذا ذبح للنبي أو الولي أو نذر الشيء له فهو لا يقصد إلا أن يتصدق بذلك عنه، ويجعل ثوابه إليه، فيكون من هدايا الأحياء للأموات المشروعة المثاب علی إهدائها، والمسألة مبسوطة في كتب الفقه)) [فرقان القرآن بين صفات الخالق وصفات الأكوان (ص: 118)، ط. المكتبة الأزهرية للتراث].

==========================================

تصحيح_المفاهيم

الذبح لغير الله

حول استدلال السفاح مؤسس الوهابية “ابن عبد الوهاب” بفهمه المنكوس لحديث “لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ” لأجل استباحة بيضة المسلمين..
قَالَ العَلَّامَةُ الْمُحَدِّثُ الْمُؤَرِّخُ مُحَمَّد الْعَرْبِي بْنُ التَّبَّانِي الْحَسَنِيُّ السَّطِيفِيُّ الْجَزَائِريُّ (1315هـ – 1390هـ) : ((واحتجاجه [=ابن عبد الوهاب] على كفر مَن ذَبح لغير الله بقوله: (وَمِنَ السُّنَّةِ: “لَعَنَ الله مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ”) [ثلاثة الأصول (ص:13)] وضْعٌ للحديث في غيرِ مَوضعه، فاسِدٌ مِن سِتَّة أَوجهٍ:
الْأَوَّل: جهله حقيقة الدليل فإنه المرشِد إلى المطلوب، والمطلوب في هذا الحديث – على زعمه -: كفر مَن ذَبح لغير الله ولا إرشاد لكُفر مَن ذَبح لغير الله في منطوق هذا الحديث ولا في مفهومه، فإنَّ مَنطوقَه: لعن مَن ذَبح لغير الله تعالى، ومَفهومَه: عدم لَعْن مَن ذَبَح لله تَعَالى.
الثاني: يحتجُّ علماءُ الإسلام بخبر الآحاد الَّذي هو ظنِّي الثُّبوت والدَّلالة، الصحيح بقِسمَيْه، والحَسَن بِقِسْمَيْه، في مسائل الحلال والحرام لا في تكفير المسلمين، وهذا الذي وضَعَه في غير مَوضعه بعض حديث وجملته: “لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثاً، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ” = أخرجه الإمام أحمد ومسلم والنَّسائي عن علي رضي الله عنه = ولم يذكر [صاحب] الجامع الصغير درجته، والخطب سهل عند ابن عبد الوَهَّاب، لأنَّ التَّكفيرَ الجُزاف الذي أسَّسَه لا ارتباطَ له بكتاب الله ولا بالسُّنَّة فضلاً عن دَرجة الحديث فيها ولا بما عليه السَّوَاد الأَعْظَم، وإنَّما ارتباط بفهمه، فيه كُفر مَن ذبح لغير الله، وبِهِ يلزَم تَكفير كلٍّ مِنَ: اللَّاعِن لوالديه، والمؤوي للمُحدث، والمُغَيِّر لمنار الأرض، وبه يلزَم تَكفير كلِّ مَن لَعَنَهُ النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وهو في السُّنَّة كثير فمنه: ” لَعَنَ اللهُ الْخَامِشَةَ وَجْهَهَا، وَالشَّاقَّةَ جَيْبَهَا، وَالدَّاعِيَةَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ”، وَ: “لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ”، وَ: “لَعَنَ اللهُ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ”، وَ: “لَعَنَ اللهُ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ”، وَ: “لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا”، وَ: “لَعَنَ اللهُ الرِّبَا، وَآكِلَهُ، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَهُ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ”، وَ: ” لَعَنَ اللهُ الْعَقْرَبَ مَا تَدَعُ نَبِيًّا وَلَا غَيْرَهَ إِلَّا لَدَغَتْهُمْ”، وبه يلزم تكفير الخمر ومال الربا والعقرب، وبه يلزم تكفير كل ما خالفه ولو نبيًّا مُرسلاً، ولم يقل ذو عقل ودِين بكُفر أحد من المكلَّفين الذين لعَنَهُم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم غير الجاحِد والمستَحِل لِمَا هو معلوم في الدِّين بالضَّرورة، فضلاً عن كُفْر الخَمر ومال الرِّبَا والعقرب.
الثَّالث: يلزم على فهمه هذا تكفير جميع المسلمين مِن أَوَّل الإسلام إلى قيام الساعة جزماً لأنَّ “مَنْ” [=في الحديث] مِن ألفاظ العموم، و”غَيْر” [=في الحديث] نَكِرة متوَغلة في الإبهام لا تتعرَّف بالإضافة فتفيد العموم أيضاً.
فالآلاف المُؤَلَّفة مِن الغَنَم والبَقَر والإبِلِ المذبوحة والمنحورة مِن أَوَّلِ الإسلام إلى زَمنِنا وإلى قيام الساعة في المُدُن والقُرى والبادِية يومياً للأكل، علاوةً على ما يُذبح في الوَلائم والحفلات وللضيوف وفرحاً بقدوم السُّلطان وغير ذلك من المقتضيات، كلها مذبوحة لغير الله قطعاً.
ولم يقل ذو عقل ودِين بحُرمة الذَّبح لهذه الأغراض فضلاً عن تكفير الأمَّة الإسلامية مِن أوَّلها إلى آخرها بها فليست داخلةً في الحديث جزماً، وَإذن:
فالرَّابع: يتعيَّن حمله على مَن ذَبح لغير الله مُعَظِّماً له بذكر اسمه على الذَّبِيحَةِ، فهو مُبَيِّنٌ لقوله تعالى: }وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ{ [البقرة:173] المذكور في مواضع من كتابه، المعطوف على المحرَّمات.
الخامس: يستقيم عند علماء الإسلام تكفير مَن ذَبح لغير الله إذا ذَكَرَ اسم غيره تعالى على ذبيحته مُعَظِّماً له كَتَعظِيم الله، ومَحَلُّ التَّعْظِيمِ: القَلْبُ، ولا يحكم عليه بالكُفر إلا بعد تحقُّق التَّعْظِيم المذكور منه.
السادس: يصح دليله لو قال النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم: “مَن ذَبح لغير الله فهو كافر”، ولم يقل الني صلى الله عليه [وآله] وسلم هذا، فقد وَضَع سُنَّته عليه الصلاة والسلام في غَير مَوضعها)) [براءة الأشعريين من عقائد المخالفين (1/ 157 إلى 159)].

https://www.facebook.com/groups/462643500945385/posts/1175519392991122/

السابق
اعتقاد الطبري في كلام الله/ منقول
التالي
من تأويلات أئمة أهل السنة والحديث تأويل الإمام الحافظ ابن حبان. فهل سيجهمه أدعياء السلفية؟