تنزيه الله عن المكان والجهة والحيز

تفنيد ما نسب إلى أبي حنيفة في إثبات العلو الحسي ||كَتَبَه: مُحَــمَّد بن قَايــدْ الْشَّــافِعي

تفنيد ما نسب إلى أبي حنيفة في إثبات العلو الحسي
╮══════════════════════╭
تفنيد ما نسب إلى أبي حنيفة في إثبات العلو الحسي
╯═══════════════════════╰

||كَتَبَه: مُحَــمَّد بن قَايــدْ الْشَّــافِعي
═════════════════════════
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على النبي الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن الحشوية لا يتروعون عن الكذب على مخالفيهم، ورميهم بالبدعة والضلالة ومخالفة السلف الصالح-رضي الله عنهم-، إذ أنهم استندوا على الدفاع عن مذهبهم الباطل العاطل الكاسد، بروايات تنسب إلى سلفنا الصالح، وهذه الروايات ليست صحيحة البتة، ومع أنهم يزعمون أنهم”أهل الحديث”، إلا أنهم لا يزالون يستدلون بكل رواية ضعيفة، وبكل قصة موضوعة، وبكل خرافة واهية، وبكل الأوهام العارية، على نصرة مذهبهم، وهذا الحال هو حال أهل الضلالة، الانتصار لمذهبهم بكل هذرمة و خرافة، وممن كُذِب عليه الإمام الأعظم-رحمه الله-فقد نسب الحشوية إلى أبي حنيفة أنه أثبت الجهة والمكان، وهذه -ولا شك-فرية ما بعدها فرية، وكذبة ظاهرة مفضوحة، وقد كتبت هذا البحث المتواضع في الدفاع عن أبي حنيفة من عقيدة التشبيه والتمثيل والتجسيم، لله العلي العظيم، وقمت بتفنيد ما نسب إليه، من إثبات العلو بالمعنى الحسي[=الذي يثبته المجسمة]، قال تعالى{بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغة فإذا هو زاهق}.
فأقول-وما توفيقي إلا بالله-:
قد نسب الحشوية إلى أبي حنيفة-رحمة الله-ثلاثة من الأقوال العرمرمية، تؤيد مذهبهم المتهاوي:

-القول الأول:
-قال الذهبي-رحمه الله-في العلو[١]:” ﻭﺑﻠﻐﻨﺎ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﻄﻴﻊ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺒﻠﺨﻲ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻔﻘﻪ اﻷﻛﺒﺮ[٢] ﻗﺎﻝ ﺳﺄﻟﺖ ﺃﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻋﻤﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺭﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺃﻭ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ، ﻓﻘﺎﻝ ﻗﺪ ﻛﻔﺮ ﻷﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ {اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮﺵ اﺳﺘﻮﻯ}، ﻭﻋﺮﺷﻪ ﻓﻮﻕ ﺳﻤﻮاﺗﻪ ﻓﻘﻠﺖ ﺇﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻗﻮﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮﺵ اﺳﺘﻮﻯ ﻭﻟﻜﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ اﻟﻌﺮﺵ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺃﻭ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻗﺎﻝ ﺇﺫا ﺃﻧﻜﺮ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺮ”.[٣][٤].

أقول:
-أولاً:
أبو مطيع البلخي كان وضاعاً،قال الحافظ في[لسان الميزان] في ترجمة أبي مطيع :
الحكم بن عبد الله بن مسلم أبو مطيع البلخي الخراساني الفقيه:
صاحب أبي حنيفة رحمه الله تعالى عن ابن عون وهشام بن حسان وعنه أحمد بن منيع وخلاد بن أسلم الصفار وجماعة تفقه به أهل تلك الديار وكان بصيرا بالرأي علامة كبير الشأن ولكنه واه في ضبط الأثر وكان ابن المبارك يعظمه ويجله لدينه وعلمه قال ابن معين: ليس بشيء وقال مرة: ضعيف وقال البخاري: ضعيف صاحب رأي وقال النسائي: ضعيف وقال ابن الجوزي في الضعفاء: الحكم بن عبد الله بن مسلمة أبو مطيع الخراساني القاضي يروي عن إبراهيم بن طهمان وأبي حنيفة ومالك وقال أحمد: لا ينبغي أن يروى عنه بشيء وقال أبو داود: تركوا حديثه وكان جهميا وقال ابن عدي: هو بين الضعف عامة ما يرويه لا يتابع عليه قال ابن حبان: كان من رؤساء المرجية ممن يبغض السنن ومنتحليها وقال العقيلي: حدثنا عبد الله بن أحمد سألت أبي عن أبي مطيع البلخي فقال: لا ينبغي أن يروى عنه حكوا عنه أنه يقول: الجنة والنار خلقتا فستفنيان وهذا كلام جهم”.[٥][٦].
وقال ابن أبي العز نقلاً عن ابن كثير:”ﻭﺃﻣﺎ ﺃﺑﻮ ﻣﻄﻴﻊ، ﻓﻬﻮ: اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ اﻟﺒﻠﺨﻲ، ﺿﻌﻔﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ، ﻭﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻔﻼﺱ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ اﻟﺮاﺯﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ اﻟﺒﺴﺘﻲ، ﻭاﻟﻌﻘﻴﻠﻲ، ﻭاﺑﻦ ﻋﺪﻱ، ﻭاﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ”.[٧].

وقال الشيخ مصطفى أبو السيف الحمامي:”ومن هذا الكلام يعلم أمور منها :
الأمر الأول: أن تلك المقالة ليست في”الفقه الأكبر”، وإنما نقلها عن أبي حنيفة رحمة الله عليه ناقل فيكون إسنادها إلى الفقه الأكبر كذبا يراد به ترويج البدعة.
الأمر الثاني: أن هذا الناقل مطعون فيه بأنه وضاع لا يحل الاعتماد عليه في نقل يبنى عليه حكم فرعي فضلا عن أصلي فالاعتماد عليه وحاله ماذكر خيانة يريد الرجل بها أن يروج بدعته .
الأمر الثالث : أن هذا الناقل صرح به إمام ثقة هو ابن عبد السلام بما يكذبه عن أبي حنيفة رحمة الله عليه بالنقل الذي نقله عن هذا الإمام الأعظم رضي الله عنه، فاعتماد الكذاب وإغفال الثقة خيانة يراد به تأييد بدعته وهي جرائم تكفي واحدة منها فقط لأن تسقط الرجل من عداد العدول العاديين لا أقول من عداد العلماء أو أكابر العلماء أو الأئمة المجتهدين ، ويعظم الأمر إذا علمنا أن الخيانات الثلاث في نقل واحد وهو مما يرغم الناظر في كلام هذا الرجل على أن لا يثق بنقل واحد ينقله فإنه لا فرق بين نقل ونقل، فإذا ثبت خيانته في هذا جاز أن تثبت في غيره وغيره”.[٨].

-ثانياً:
لو سلمنا جدلاً بثبوت هذا عن أبي حنيفة، فقد قال العز بن عبد السلام في توجيه ذلك:”لأن هذا القول يوهم أن للحق مكاناً، ومن توهم أن للحق مكاناً فهو مشبه”[٩]،وأيده ملا علي قاري،فقال:”ولا شك أن ابن عبد السلام من أجل العلماء وأوثقهم، فيجب الاعتماد على نقله”.[١٠].

وقال أبوالليث السمرقندي الحنفي : “قال أبو حنيفة: من قال: لا أعرف الله في السماء أم في الأرض فقد كفر، لأنه بهذا القول يوهم أن يكون له تعالى مكان، فكان مشركًا”.[١١].

وقال الماتريدي:”قال أبو حنيفة-رضي الله عنه: (من قال: لا اعرف الله أفي السماء هو أم في الأرض فقد كفر)لأنه بهذا القول يوهم أن يكون له مكان فكان مشركاً”.[١٢].

-القول الثاني:
وأيضاً قد نسب إليه-رحمه الله-أنه أثبت المكان لله الرحيم الرحمن(!!)،قال البيهقي-رحمه الله-:”أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بْنَ حَمَّادٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ نُوحَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ أَبَا عِصْمَةَ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلَ مَا ظَهْرَ إِذْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ تِرْمِذَ كَانَتْ تُجَالِسُ جَهْمًا، فَدَخَلَتِ الْكُوفَةَ، فَأَظُنُّنِي أَقَلَّ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا عَشَرَةَ آلَافٍ مِنَ النَّاسِ تَدْعُو إِلَى رَأْيِهَا، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّ هَهُنَا رَجُلًا قَدْ نَظَرَ فِي الْمَعْقُولِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ. فَأَتَتْهُ، فَقَالَتْ: أَنْتَ الَّذِي تُعَلِّمُ النَّاسَ الْمَسَائِلَ وَقَدْ تَرَكْتَ دِينَكَ؟ أَيْنَ إِلَهُكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ؟ فَسَكَتَ عَنْهَا، ثُمَّ مَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَا يُجِيبُهَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهَا وَقَدْ وَضَعَ كِتَابَيْنِ: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي السَّمَاءِدُونَ الْأَرْضِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: 4] قَالَ: هُوَ كَمَا تَكْتُبُ إِلَى الرَّجُلِ: إِنِّي مَعَكَ وَأَنْتَ غَائِبٌ عَنْهُ”.[١٣].

-أقول:
-أولاً:
– فيها نوح ابن أبي مريم، وقد كان وضاعاً، قال الحافظ في تهذيب الكمال في ترجمته:”ﻗﺎﻝ اﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻣﺼﻌﺐ اﻟﻤﺮﻭﺯﻱ : ﺃﺑﻮ ﻋﺼﻤﺔ ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮﻩ ﻣﺠﻮﺳﻴﺎ اﺳﻤﻪ ﻣﺎﺑﻨﺔ ﻭاﺳﺘﻘﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻭ ﻭﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺣﻲ، ﻓﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﻣﻮﻋﻈﺔ، ﻭﺫﻟﻚ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻳﺘﺪاﻭﻟﻪ ﺃﻫﻞ ﻣﺮﻭ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﺛﻢ اﺳﺘﻘﻀﻲ ﻣﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺕ
ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﻨﻪ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻤﻲ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻷﻧﻪ ﺃﺧﺬ اﻟﺮﺃﻱ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ، ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ ﻭاﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺣﺠﺎﺝ ﺑﻦ ﺃﺭﻃﺎﺓ ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲﺯﻣﺎﻧﻪ، ﻭﺃﺧﺬ اﻟﻤﻐﺎﺯﻱ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻭاﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻜﻠﺒﻲ، ﻭﻣﻘﺎﺗﻞ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺄﻣﻮﺭ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﺴﻤﻲ ﻧﻮﺡ اﻟﺠﺎﻣﻊ. ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ اﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ، ﻭﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ ﺷﻌﺒﺔ، ﻭﺃﺩﺭﻙ اﻟﺰﻫﺮﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﻠﻴﻜﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺪﻟﺲ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻛﺎﻥ ﻧﺰﻝ ﺃﻭﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺯﻳﻖ، ﻓﻠﻤﺎ ﻭﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﺗﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺳﻜﺔ اﻟﺠﻴﻪ ﻭﻗﺼﺮﻩ ﺑﺎﻕ اﻵﻥ. ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺓ، ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻭاﻗﺪ، ﻋﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻴﻴﻨﺔ، ﻗﺎﻝ: ﺭﺃﻳﺖ ﺃﺑﺎ ﻋﺼﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺰﻫﺮﻱ.ﻗﺎﻝ اﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻣﺼﻌﺐ : ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ ﺷﻌﺒﺔ ﻭﻗﻴﻞ ﻟﻮﻛﻴﻊ: ﺃﺑﻮ ﻋﺼﻤﺔ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﻧﺼﻨﻊ ﺑﻪ ﻟﻢ ﻳﺮﻭ ﻋﻨﻪ اﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺑﺸﺮ اﻟﻤﺮﻭﺯﻱ ،ﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ: ﺳﻤﻌﺖ اﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻗﺎﻝ: ﺃﻛﺮﻩ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﻋﺼﻤﺔ، ﻭﺿﻌﻔﻪ ﻭﺃﻧﻜﺮ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻨﻪ، ﻭﻗﻴﻞ ﻟﻪ: ﺇﻧﻪ ﻳﺮﻭﻱ ﻋﻦ اﻟﺰﻫﺮﻱ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﻮ ﺃﻥ اﻟﺰﻫﺮﻱ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺭﺟﻞ ﻟﺼﺎﺡ ﻓﻲ اﻟﻤﺜﻞ، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻞ ﺣﻴﻦ ﻭاﻟﺰﻫﺮﻱ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻻ ﻳﺨﺮﺟﻪ؟
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺷﺒﻮﻳﻪ ، ﻋﻦ ﻧﻌﻴﻢ اﻟﻠﺆﻟﺆﻱ: ﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ: ﻛﻴﻒ ﺣﺪﺛﻜﻢ ﺃﺑﻮ ﻋﺼﻤﺔ، ﻋﻦ ﻳﻮﻧﺲ، ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﻋﺸﺮ ﻛﻨﻰ، ﻓﻜﺎﻥ اﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻲ: ﻫﻴﻪ ﻛﻴﻒ ﺣﺪﺛﻜﻢ؟ ﻓﺄﻗﻮﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ، ﻓﻴﺨﺮﺝ ﻳﺪﻩ ﻓﻴﻌﺪﻫﺎ ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ: ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﻌﺸﺮﺓ ﻭاﺣﺪا ﻛﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮا.ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺷﺒﻮﻳﻪ ﺃﻳﻀﺎ: ﺑﻠﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬﻱ ﻳﺮﻭﻳﻪ ﺃﺑﻮ ﻋﺼﻤﺔ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﺑﻦﺣﻴﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺲ ﻭاﻟﻘﻤﺮ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺃﺻﻞ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ: ﺳﺌﻞ اﺑﻦاﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻋﻦ ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ: ﻻ ﺇﻻ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ.
ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ: ﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻟﻮﻛﻴﻊ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺷﻴﺦ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺃﺑﻮ ﻋﺼﻤﺔ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﻊ ﻛﻤﺎ ﻳﻀﻊ اﻟﻤﻌﻠﻰ ﺑﻦ ﻫﻼﻝ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ :ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻲ: ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻋﺼﻤﺔ ﻳﺮﻭﻱ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚﻣﻨﺎﻛﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺬاﻙ، ﻭﻛﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪا ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﻤﻴﺔ ﻭاﻟﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﺗﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ اﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﻤﻴﺔ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ:ﺳﺄﻟﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﻳﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻋﻦ ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﻴﺲ ﺑﺸﻲء، ﻭﻻ ﻳﻜﺘﺐ ﺣﺪﻳﺜﻪﻭﻗﺎﻝ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻟﺠﻮﺯﺟﺎﻧﻲ : ﺃﺑﻮ ﻋﺼﻤﺔ ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ ﻗﺎﺿﻲ ﻣﺮﻭ ﻳﺴﻘﻂ ﺣﺪﻳﺜﻪ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺯﺭﻋﺔ :ﺿﻌﻴﻒ اﻟﺤﺪﻳﺚ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗم، ﻭﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺠﺎﺝ، ﻭﺃﺑﻮ ﺑﺸﺮ اﻟﺪﻭﻻﺑﻲ ، ﻭاﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ: ﻣﺘﺮﻭﻙ اﻟﺤﺪﻳﺚ .
ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ: ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻮﻧﺔ ﻳﻘﺎﻝ: ﺇﻧﻪ ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ ﺃﺑﻮ ﻋﺼﻤﺔ اﻟﻤﺮﻭﺯﻱ ﻗﺎﺿﻲ ﻣﺮﻭ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﺑﻦ ﺣﻴﺎﻥ ﻣﻨﻜﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ .
ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ : ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ ﺫاﻫﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺟﺪا.
ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ: ﺃﺑﻮ ﻋﺼﻤﺔ ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﺟﻌﻮﻧﺔ، ﻭﻗﻴﻞ: ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻮﻧﺔ، ﻭﻫﻮ ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ ﻗﺎﺿﻲ ﻣﺮﻭ ﻟﻴﺲﺑﺜﻘﺔ، ﻭﻻ ﻣﺄﻣﻮﻥ، ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ اﻟﻤﻘﺮﺉ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ: ﻟﻴﺲ ﺑﺜﻘﺔ، ﻭﻻ ﻳﻜﺘﺐ ﺣﺪﻳﺜﻪ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ: ﺳﻘﻂ ﺣﺪﻳﺜﻪ.
ﻭﺫﻛﺮ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻨﻴﺴﺎﺑﻮﺭﻱ اﻟﺤﺎﻓﻆ: ﺃﻧﻪ ﻭﺿﻊ ﺣﺪﻳﺚ ﻓﻀﺎﺋﻞ اﻟﻘﺮﺁﻥ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺪﻱ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭﻭﻯ ﻟﻪ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ: ﻭﻷﺑﻲ ﻋﺼﻤﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺕ ﻭﻋﺎﻣﺘﻪ ﻻ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻫﻮ ﻣﻊ ﺿﻌﻔﻪ ﻳﻜﺘﺐ ﺣﺪﻳﺜﻪ.
ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ : ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻠﺐ اﻷﺳﺎﻧﻴﺪ، ﻭﻳﺮﻭﻱ ﻋﻦاﻟﺜﻘﺎﺕ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ اﻻﺛﺒﺎﺕ، ﻻﻳﺠﻮﺯاﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻪ ﺑﺤﺎﻝ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ: ﻧﻮﺡ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺟﻤﻊ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺇﻻ اﻟﺼﺪﻕ”.[١٤].

وفي’لسان الميزان’”:وقـد أجمعوا علـى تكذيبه”.[١٥].

وقال الحافظ في’تقريب التهذيب’:”ﻧﻮﺡ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ ﺃﺑﻮ ﻋﺼﻤﺔ اﻟﻤﺮﻭﺯﻱ اﻟﻘﺮﺷﻲ ﻣﻮﻻﻫﻢ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺑﻜﻨﻴﺘﻪ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﺑاﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﺠﻤﻌﻪ اﻟﻌﻠﻮﻡ ﻟﻜﻦ ﻛﺬﺑﻮﻩ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺛﻼﺙ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ”.[١٦].[١٧].[١٨].

-وفيها أيضاً نعيم بن حماد، فقد كان ضعيفاً، وكان يكذب على أبي حنيفة-رحمه الله-.
“قال أبو داود: عند نعيم نحو عشرين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل ، وقال النسائي: ليس بثقة ، وقال أبو علي النيسابوري: سمعت النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم والمعرفة والسنن ، ثم قيل له في قبول حديثه فقال: قد كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة ، فصار في حد من لا يحتج به .
وأورد له بن عدي أحاديث مناكير وقال: وله غير ما ذكرت وقد أثنى عليه قوم وضعفه قوم[١٩].

قال الإمام الذهبي-رحمه الله-:”قَدْ كَثُرَ تَفَرُّدُهُ عَنِ الأَئِمَّةِ المَعْرُوْفِيْنَ بِأَحَادِيْثَ كَثِيْرَةٍ، فَصَارَ فِي حَدِّ مَنْ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي (الثِّقَاتِ) ، وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ، وَوَهِمَ.
قُلْتُ: لاَ يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ (الفِتَنِ) ، فَأَتَى فِيْهِ بِعَجَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ.”[٢٠].

وقال أيضاً:”” نُعَيْمٌ مِنْ كِبَارِ أَوْعِيَةِ العِلْمِ ، لَكِنَّهُ لاَ تَرْكَنُ النَّفسُ إِلَى رِوَايَاتِهِ “.[٢١].
وقال يحيى بن معين: “يروى عن غير الثقات”.[٢٢].

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
” وَنُعَيْمٌ هَذَا، وَإِنْ كَانَ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ ، فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ كَانُوا يُحْسِنُونَ بِهِ الظَّنَّ ، لِصَلَابَتِهِ فِي السُّنَّةِ ، وَتَشَدُّدِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَكَانُوا يَنْسُبُونَهُ إِلَى أَنَّهُ يهِمُ، وَيُشَبَّهُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ ، فَلَمَّا كَثُرَ عُثُورُهُمْ عَلَى مَنَاكِيرِهِ، حَكَمُوا عَلَيْهِ بِالضَّعْف .
فَرَوَى صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ عَنِ ابْنِ مُعِينٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَكِنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ ، قَالَ صَالِحٌ: وَكَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حَفْظِهِ، وَعِنْدَهُ مَنَاكِيرُ كَثِيرَةٌ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: يَصِلُ أَحَادِيثَ يُوقِفُهَا النَّاسُ ، يَعْنِي أَنَّهُ يَرْفَعُ الْمَوْقُوفَاتِ، وَقَالَ أَبُو عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيُّ: هُوَ مُظْلِمُ الْأَمْرِ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: رَوَى أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ عَنِ الثِّقَاتِ، وَنَسَبَهُ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ “.[٢٣].
وقال الحافظ ابن حجر:”صدوق، يخطئ كثيرًا، فقيه، عارف بالفرائض، مات سنة ثمان وعشرين على الصحيح، وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه، وقال: باقي حديثه مستقيم”.[٢٤].

وقال النسائي:”ضعيف”.[٢٥].
وقال أبو علي النيسابوري:”سمعت النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم والمعرفة والسنن، فقيل له في قبول حديثه، فقال: قد كثر تفرده عن الأئمة فصار في حد من لا يحتج به”.[٢٦].[٢٧].

“وقال الأزدي: كان نعيم ممن يضع الحديث في تقوية وحكايات مزورة في ثلب النعمان كلها كذب”.[٢٨].

فهذان يكفيان لبيان عدم صحة هذه الخرافة الواهية(!!).

-ثانياً:
قال البيهقي-رحمه الله-بعد أن نقل هذه القصة:”ﻗﻠﺖ: ﻟﻘﺪ ﺃﺻﺎﺏ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻧﻔﻰ ﻋﻦ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻥ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ. ﻭﻓﻲ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻣﻦ ﺗﺄﻭﻳﻞ اﻵﻳﺔ ﻭﺗﺒﻊ ﻣﻄﻠﻖ اﻟﺴﻤﻊ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻭﻣﺮاﺩﻩ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ، ﺇﻥ ﺻﺤﺖ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﻨﻪ، ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ: {ﺃﺃﻣﻨﺘﻢ ﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء}”.[٢٩].
فقد أشار البيهقي-رحمه الله-إلى ضعفها بقوله:”ﺇﻥ ﺻﺤﺖ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﻨﻪ”،وكيف تصح عنه وفيها نوح ابن أبي مريم، ونعيم بن حماد(؟!).
ثم إننا لا نمنع اطلاق أن الله في السماء[٣٠]، بالمعنى المعنوي!، قال البيهقي:”وحكى الأُستاذ أبو بكر بن فورك ھذه الطريقة عن بعض أصحابنا أنه قال استوى بمعنى علا ثم قال ولا يريد بذلك علواً بالمسافة والتحیز والكون في مكان متمكناً فیه ولكن يريد معنى قول الله عز وجل :{ أأمنتم من في السماء } (تبارك). أي من فوقها على معنى نفي الحد عنه. وأنه لیس مما يحويه طبق أو يحیط به قُطرٌ قلت وھو على ھذه الطريقة من صفات الذات وكلمة ثم تعلقت بالمستَوَى علیه لا بالاستواء ، وھو كقوله { ثم الله شهیدٌ على ما يفعلون }(يونس). يعني ثم يكون عمله فیشهده وقد أشار أبو الحسن ابن اسماعیل الى ھذه الطريقة حكاية فقال: وقال بعض أصحابنا انه صفة ذات ولا يقال لم يزل مستويا على عرشه كما أن العلم بأن الأشیاء قد حدثت من صفات الذات ولا يقال لم يزل عالماً بأن قد حدثت ولمّا حدثت بعدُ قال وجوابي ھو الأول وھو أن الله مستو على عرشه وأنه فوق الأشیاء بائن منها بمعنى أنه لا تحله ولا يحلها ولا يمسها ولا يشبهها ولیست البینونة بالعزلة تعالى الله ربنا عن الحلول والمماسة علواً كبیراً”.[٣١].
وقال ابن فورك:”واعلم أنه ليس ينكر قول من قال: إن الله في السماء، لأجل أن لفظ الكتاب قد ورد به وهو قوله: أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ[الملك: 16]، ومعنى ذلك: أنه فوق السماء لا على معنى فوقية المتمكن في المكان، لأن ذلك صفة الجسم المحدود المحدث، ولكن بمعنى ما وصف به أنه فوق من طريق الرتبة, والمنزلة, والعظمة, والقدرة، ثم ذكر هذا القائل في ذلك قوله عز وجل: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر: 10]، وقوله: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء:158] وهذا منه غلط، من قبل ( أن ) صعود الكلم الطيب إليه على معنى صعود من سفل إلى علو، لاستحالة ذلك في الكلام لكونه عرضاً لا يبقى، وكذلك العمل الصالح وإنما معنى صعود الكلام إليه قبوله، ووقوعه منه موضع الجزاء والثواب، وقوله: (يرفعه) لا على معنى رفع من مكان إلى مكان، ولكن رفع له على معنى أنه قد تقبل، وأن الكلام إذا اقترن به العمل الصالح قُبلا دون أن ينفرد الكلام من العمل. وأما قوله تعالى في قصة عيسى بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، فمعناه: رفعه إلى الموضع الذي لا يعبد فيه إلا الله، ولا يذكر فيه غيره، لا على معنى أنه ارتفاع إليه كما يرتفع الجسم من سفل إلى جسم في علو، بأن تقرب منه بالمسافة والمساحة”.[٣٢].
وقال:”وقد ذكرنا فيما قبل أننا لا ننكر القول أن الله في السماء،إتباعا للفظ الكتاب،ولكننا نأبى أن يكون معناه على معنى كون الجسم بالجسم بالتمكن عليه،ولأن ذلك يؤدي إلى القول بحدوثه ونفيه،تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا”.[٣٣].

وقال-رحمه الله-:”ماروي في الخبر أن جارية عرضت على رسول الله-ﷺ-،ممن أريد عتقها في الكفارة،فقال رسول الله-ﷺ-: أين الله(؟)،فأشارت إلى السماء ،فقال رسول الله-ﷺ-: اعتقها فإنها مؤمنة”،اعلم أن الكلام في ذلك من وجهين:
-أحدهما في تأويل قوله-ﷺ-(أين الله[؟])مع استحالة كونه في مكان.
-والثاني قوله أنها مؤمنة من غير ظهور عمل منها.
فأما الكلام فيما يتضمن قوله-ﷺ-:(أين الله[؟]) فإن ظاهر اللغة تدل من لفظة أين أنها موضوعة للسؤال عن المكان، ويستخبر بها عن مكان المسؤول عنه بأين،إذا قيل أين هو،وذلك أن أهل اللغة قالوا:
لما ثقل على اللسان في الاستفهام عن المكان أن يقولوا:
أهو في البيت(؟)،أم في المسجد(؟)،أم في السوق(؟)،أم في بقعة مذا وكذا(؟)،وضعوا لفظة تجمع لجمع الأمكنة،يستفهمون بها عن المسؤول عنه بأين،وهذا هو أصل هذه الكلمة.
غير أنهم قد استعملوها عن مكان المسؤول عنه في غير هذا المعنى توسعاً أيضاً تشبيهاً بما وضع له، وذلك أنهم يقولون – عند استعلام منزلة المستعلم عند من يستعمله -: أين منزلة فلان منك، وابن فلان من الأمير، واستعملوه في استعلام الفرق بين الرتبتين بأن يقولوا: أين فلان من فلان، وليس يريدون المكان والمحل من طريق التجاوز في البقاع، بل يريدون الاستفهام عن الرتبة والمنزلة، وكذلك يقولون: لفلان عند فلان مكان ومنزلة، ومكان فلان في قلب فلان حسن، ويريدون بذلك المرتبة والدرجة في التقريب والتبعيد، والإكرام والإهانة، فإذا كان ذلك مشهوراً في اللغة احتمل أن يقال: إن معنى قوله (أين الله[؟]). استعلام لمنزلته وقدره عندها وفي قلبها، وأشارت إلى السماء، ودلت بإشارتها على أنه في السماء عندها على قول القائل – إذا أراد أن يخبر عن رفعة وعلو منزلة – : فلان في السماء، أي هو رفيع الشأن، عظيم المقدار، كذلك قولها في السماء على طريقة الإشارة إليها، تنبيهاً عن محله في قلبها ومعرفتها به وإنما أشارت إلى السماء لأنها كانت خرساء، فدلت بإشارتها على مثل دلالة العبارة، على نحو هذا المعنى، وإذا كان كذلك لم يجز أن يحمل على غيره مما يقتضي الحد والتشبيه والتمكين في المكان والتكييف”.
ومن أصحابنا من قال: إن القائل إذا قال: إن الله في السماء، ويريد بذلك أنه فوقها من طريق الصفة، لا من طريق الجهة، على نحو قوله سبحانه أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك: 17]، لم ينكر ذلك”.[٣٤].
فلو سلمنا لهم تنزلاً أن هذه القصة صحيحة، فليست دليلاً صريحاً لما ذهبوا إليه أصلاً(!!).

-القول الثالث:
جاء في الوصية لأبي حنيفة، بتحقيق وتعليق أبي معاذ عوينة ،(دار ابن حزم):”ونقرُّ بأنّ الله على العرشِ استوى من غير أن يكون له حاجةٌ إليه ((واستقر)) عليه ‏وهو حافظٌ للعرش وغير العرش من غير احتياجٍ ‏فلو كان محتاجًا للجلوس والقرار، فقبل خلقِ العرشِ أين كانٓ الله؟ تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا”.[٣٥].

أقول:
هذا تحريف واضح صريح لكلام الإمام-رحمه الله-فإن الذي في المخطوطة ليس فيه إثبات الاستقرار لله العلي الجبار، بل انكاره،والذي في المخطوطة هو: “ونقرُّ بأنّ الله على العرشِ استوى ‏من غير أن يكون له حاجةٌ إليه واستقرارٍ عليه ‏وهو حافظٌ للعرش وغير العرش من غير احتياجٍ ‏فلو كان محتاجًا للجلوس والقرار، فقبل خلقِ العرشِ أين كانٓ الله؟ تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا”.
فتأمل كيف تبتر هذه النصوص، التي يفهم من سياقها أن أبا حنيفة-رحمه الله-أنكر الاستقرار أصلاً، فهو يستنكر على من أثبت الجلوس، فيقول له: لو كان الله جالساً على عرشه، فأين كان قبل خلقه للعرش(؟!).
هل كان جالساً على العرش، ولم يخلقه بعد(؟!)، أم أنه خلقه ثم جلس عليه واحتاج إليه(؟!).

وقد صدق شيخ الإسلام تاج الدين السبكي-رضي الله عنه-إذ قال: “وفي المبتدعة لا سيما المجسمة زيادة لا توجد في غيرهم ، وهو أنهم يرون الكذب لنصرة مذهبهم ، والشهادة على من يخالفهم في العقيدة بما يسوءه في نفسه وماله بالكذب تأييدا لاعتقادهم ، ويزداد حنقهم وتقربهم إلى الله بالكذب عليه بمقدار زيادته في النيل منهم ، فهؤلاء لا يحل لمسلم أن يعتبر كلامهم …
وقد تزايد الحال بالخطابية وهم المجسمة في زماننا هذا ، فصاروا يرون الكذب على مخالفيهم في العقيدة لا سيما القائم عليهم ، بكل ما يسوءه في نفسه وماله .
وبلغني أن كبيرهم استفتي في شافعي : أيشهد عليه بالكذب (؟؟)
فقال : ألست تعتقد أن دمه حلال (؟) قال : نعم ، قال : فما دون ذلك دون دمه فاشهد وادفع فساده عن المسلمين (!!!).
فهذه عقيدتهم ، ويرون أنهم المسلمون وأنهم أهل السنة ، ولو عُدوا عددا لما بلغ علماؤهم ولا عالم فيهم على الحقيقة مبلغا يعتبر ، ويكفرون غالب علماء الأمة ثم يعتزون إلى الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه (!!!) وهو منهم بريء ، ولكنه كما قال بعض العارفين ، ورأيته بخط تقي الدين بن الصلاح : إمامان ابتلاهما الله بأصحابهما ، وهما بريئان منهم : أحمد بن حنبل ابتلي بالمجسمة ، وجعفر الصادق ابتلي بالرافضة ….
وقد وصل حال بعض المجسمة في زماننا إلى أن كتب ( شرح صحيح مسلم ) للشيخ محي الدين النووي ، وحذف من كلام النووي ما تكلم به على أحاديث الصفات ، فإن النووي أشعري العقيدة، فلم تحمل قوى هذا الكاتب أن يكتب الكتاب على الوضع الذي صنفه مصنفه ، وهذا عندي من كبائر الذنوب ، فإنه تحريف للشريعة ، وفتح باب لا يؤمن معه بكتب الناس وما في أيديهم من المصنفات ، فقبح الله فاعله وأخزاه ، وقد كان في غنية عن كتابة هذا الشرح ، وكان الشرح في غنية عنه “.[٣٦].

-ثم إنه قد جاء في الفقه الأبسط المنسوب لأبي حنيفة:”ﻗﻠﺖ ﺃﺭﺃﻳﺖ ﻟﻮ ﻗﻴﻞ ﺃﻳﻦ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻘﺎﻝ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻛﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻻ ﻣﻜﺎﻥ ﻗﺒﻞ اﻥ ﻳﺨﻠﻖ اﻟﺨﻠﻖ ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﻳﻦ ﻭﻻ ﺧﻠﻖ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻭﻫﻮ ﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲء”.[٣٧].
وفي الوصية له:”ولقاء الله تعالى لأهل الجنة بلا كيف ولا تشبيه ولا جهة حق”.[٣٨].
فهل يصح بعد هذا أن يقال بأن أبا حنيفة-رحمه الله-أثبت الجهة وكفر من أنكرها(!!)، لا يقول ذلك من عنده مسكة من عقل البتة، فضلاً عن أن يقوله[ فهامة][بحاثة].


والحمد لله رب العالمين.
كتبه العبد الفقير إلى الله القدير:
مُحَمَّــد بِنُ قَــايِــد بِنُ مُحــسن الْشَّافِــعَي.
(١٤٤٢/٢/١٦هـ).


المصادر والمراجع:

[١]|وقد تراجع الذهبي عنه!، قال محقق الكتاب عبد الله البراك:”وجاء على غلاف الكتاب: بخط الناسخ ابن ناصر الدين ما نصه: قال المؤلف رحمه الله فيما وجدته بخط الذهبي على حاشية المسودة قال الذهبي: تم في سنة ثمان وتسعين وستمائة على أن فيه أحاديث تبين لي وهنها وأقوال طوائف قد توسعوا في العبارة فلا أنا موافق لهم على تلك العبارات ولا مقلد لهم والله يغفر لهم ولا ألتزم أمرا إلا ما اجتمع على الدهماء فبهذا أدين الله,وأعلم أن الله ليس كمثله شيء”.
[٢]|ومما جاء فيه:” ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻷﺯﻝ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﻭﻻ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ، ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﺃﻭ ﻣﺤﺪﺛﺔ اﻭ ﻭﻗﻒ اﻭ ﺷﻚ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭاﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻼﻡ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺎﺣﻒ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﻭﻓﻲ اﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﻭﻋﻠﻰ اﻷﻟﺴﻦ ﻣﻘﺮﻭء، ﻭﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺴﻼﻡ ﻣﻨﺰﻝ، ﻭﻟﻔﻈﻨﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻭﻛﺘﺎﺑﺘﻨﺎ ﻟﻪ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻭﻗﺮاءﺗﻨﺎ ﻟﻪ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ، ﻭاﻟﻘﺮﺁﻥ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻭﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ ﻭﻋﻦ ﻓﺮﻋﻮﻥ ﻭاﺑﻠﻴﺲ ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻛﻼﻡ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﺧﺒﺎﺭا ﻋﻨﻬﻢ، ﻭﻛﻼﻡ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻭﻛﻼﻡ ﻣﻮﺳﻰ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﻴﻦ ﻭاﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻼﻡ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻬﻮ ﻗﺪﻳﻢ ﻻ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻭﺳﻤﻊ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻛﻼﻡ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {ﻭﻛﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﻣﻮﺳﻰ ﺗﻜﻠﻴﻤﺎ}، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺘﻜﻠﻤﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﻠﻢ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﺎﻟﻘﺎ ﻓﻲ اﻷﺯﻝ ﻭﻟﻢ ﻳﺨﻠﻖ اﻟﺨﻠﻖ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﻣﻮﺳﻰ ﻛﻠﻤﻪ ﺑﻜﻼﻣﻪ اﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﻓﻲ اﻷﺯﻝ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺨﻼﻑ ﺻﻔﺎﺕ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﻴﻦ ﻳﻌﻠﻢ ﻻ ﻛﻌﻠﻤﻨﺎ ﻭﻳﻘﺪﺭ ﻻ ﻛﻘﺪﺭﺗﻨﺎ ﻭﻳﺮﻯ ﻻ ﻛﺮﺅﻳﺘﻨﺎ ﻭﻳﺘﻜﻠﻢ ﻻ ﻛﻜﻼﻣﻨﺎ ﻭﻳﺴﻤﻊ ﻻ ﻛﺴﻤﻌﻨﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻵﻻﺕ ﻭاﻟﺤﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻼ ﺁﻟﺔ ﻭﻻ ﺣﺮﻭﻑ ﻭاﻟﺤﺮﻭﻑ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻭﻛﻼﻡ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻭﻫﻮ ﺷﻲء ﻻ ﻛﺎﻷﺷﻴﺎء ﻭﻣﻌﻨﻰ اﻟﺸﻲء اﻟﺜﺎﺑﺖ ﺑﻼ ﺟﺴﻢ ﻭﻻ ﺟﻮﻫﺮ ﻭﻻ ﻋﺮﺽ ﻭﻻ ﺣﺪ ﻟﻪ ﻭﻻ ﺿﺪ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻧﺪ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻣﺜﻞ ﻟﻪ”.
[٣]|[العلو للعلي الغفار(١٣٦)].
[٤]|وقد نقل هذا ابن تيمية في[بيان تلبيس الجهمية(١/١٩٤)].
[٥]|[لسان الميزان(164/3-165)].
[٦]|وانظر[العلل(٣/٢٩٩)]،[الكامل(٢/٥٠٣)]،[المجروحين(١/٢٥٠)].
[٧]|[شرح الطحاوية(١/٣٢٦)].
[٨]|[غوث العباد ببيان الرشاد(341-342)].
[٩]|[حل الرموز(٥٦)].
[١٠]|[شرح الفقه الأكبر(١٩٨)].
[١١]|[شرح الفقه الأبسط(25)].
[١٢]|[شرح الفقه الأكبر(٢٣)].
[١٣]|[الأسماء والصفات(٣٣٧/٢)].
[١٤]|[تهذيب الكمال(٣٠/٥٦-٦٤)].
[١٥]|[لسان الميزان(٧/٢٠٧)].
[١٦]|[تقريب التهذيب(١/٥٦٧)].
[١٧]|وانظر ترجمته في[ميزان الاعتدال(٤/٢٧٩)].
[١٨]|تنويه:
وقد نسب إلى هذا الرجل أنه أثبت الجهة لله تعالى، فقد قال الذهبي:”ﻗﺎﻝ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺪاﺭﻣﻲ ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﻲ ﻳﻘﻮﻝ ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻋﺼﻤﺔ ﻧﻮﺡ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻭﺳﺄﻟﻪ ﺭﺟﻞ ﻋﻦ اﻟﻠﻪ ﻋﺰﻭﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻫﻮ ﻓﺤﺪﺙ ﺑﺤﺪﻳﺚ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﻴﻦ ﺳﺄﻝ اﻷﻣﺔ ﺃﻳﻦ اﻟﻠﻪ ﻗﺎﻟﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻗﺎﻝ ﺃﻋﺘﻘﻬﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺳﻤﺎﻫﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﺃﻥ ﻋﺮﻓﺖ ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﺰﻭﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺭﻭاﻫﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﺴﻨﺔ ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺒﺎﺩ ﺑﻦ اﻟﻌﻮاﻡ ﻣﺤﺪﺙ ﻭاﺳﻂ”.[العلو(١/١٥١)].
وهذا لا تصح نسبته إليه، ففيه سعيد بن صخر الدارمي، قال فيه أبو حاتم “مجهول”.[الجرح والتعديل(٤/٣٤)].
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني:”سعيد بن صخر أبو أحمد الدارمي عن حماد بن سلمة مجهول انتهى وولده أحمد من كبار الحفاظ”.[لسان الميزان(٣/٣٤)].
[١٩]|[تهذيب التهذيب(10/ 461)].
[٢٠]|[السير (٦٠٩/١٠)].
[٢١]|[السير(١٠/٦٠٠)].
[٢٢]|[السير(١٠/٥٩٧)].
[٢٣]|[جامع العلوم والحكم(2/ 394)].
[٢٤]|[التقريب(٥٦٤)].
[٢٥]|[الضعفاء والمتروكين(١٠١)].
[٢٦]|[ميزان الاعتدال(٤/٢٦٨)].
[٢٧]|قال الحافظ العراقي:”من كثر الخطأ في حديثه وفحش استحق الترك وإن كان عدلاً”.[فتح المغيث(٧)].
[٢٨]|[ميزان الاعتدال(٤/٢٦٩)].
[٢٩]|[الأسماء والصفات(٢/٣٣٨)].
[٣٠]|قال بن منظور فى لسان العرب فى ماده سما: ( سما ) السُّمُوُّ الارْتِفاعُ والعُلُوُّ تقول منه سَمَوتُ وسَمَیْتُ مثل عَلَوْت وعَلَیْت وسَلَوْت وسَلَیْت عن ثعلب وسَمَا الشيءُ يَسْمُو سُمُوّاً فهو سامٍ ارْتَفَع وسَمَا به وأَسْماهُ أَعلاهُ ويقال للحَسیب وللشريف قد سَما وإذا رَفَعْتَ بَصَرك إلى الشيء قلت سَما إلیه بصري وإذا رُفِعَ لك شيءٌ من بعیدٍ فاسْتَبَنْتَه قلت سَما لِي شيءٌ وسَما لِي شخصُ فلان ارْتَفَع حتى اسْتَثْبَتّه وسَما بصرهُ علا”.
[٣١]|[الأسماء والصفات (2/308)].
[٣٢]|[مشكل الحديث(٣٩٢-٣٩٣)].
[٣٣]|[مشكل الحديث(٣٩٨)].
[٣٤]|[مشكل الحديث(١٥٨-١٦٠)].
[٣٥]|[الوصية(٣٩)].
[٣٦]|[طبقاته(1/192)].
[٣٧]|[الفقه الأبسط(١٦١)].
[٣٨]|[الوصية(٤)].

السابق
أثر “أبي مطيع البلخي: أنه سأل أبا حنيفة عمن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض؟ فقال: قد كفر….”
التالي
مختصر العقيدة السفارينية / منقول