حديث الجارية (أين الله)

ابن عثيمين: ظاهر آية “أأمنتم من في السماء” وكذا حديث الجارية: باطل …!! هدية للأخ عثمان المكي الذي يتنمر على الإمام القرطبي فإن كنت رجلا فاعترض على شيخك العثيمين إذن!!

ابن عثيمين: ظاهر آية “أأمنتم من في السماء” وكذا حديث الجارية: باطل …!! هدية للأخ عثمان المكي الذي يتنمر على الإمام القرطبي فإن كنت رجلا فاعترض على شيخك العثيمين إذن!!

كيف تطـحـن وهابيا *؟

(2) زعم أن المدعو عثمان مكي Osman Al Makki أن القرطبي حرّف حديث الجارية ، ولذلك سوف أسوق كلام القرطبي ثم كلام المعترض عليه ثم أعقب بحول الله[1]
الوجه الثاني: أنه عليه الصلاة والسلام أقر الجارية على قولها أن الله في السماء، بيد أن هذا القول ظاهره باطل، ليس عند الأشاعرة فقط، بل دونك إقرار ابن عثيمين بذلك حيث يقول بالحرف:”ها هنا إشكال، وهو أن (في) للظرفية، فإذا كان الله في السماء، و (في) للظرفيه، فإن الظرف محيط بالمظروف! أرأيت لو قلت: الماء في الكأس، فالكأس محيط بالماء وأوسع من الماء! فإذا كان الله يقول: {أأمنتم من في السماء}، فهذا ظاهره أن السماء محيطة بالله، وهذا الظاهر باطل..اهـ
الله أكبر .. ولله الحمد .. انظر كيف أقرّ بعظم لسانه أن ظاهر الآية باطل!! طبعا هذه لو قالها أشعري لأقاموا عليه الدنيا ولم يقعدوها!!! ولقالوا: انظروا كيف يقول عن ظواهر آيات القرآن بأنه باطلة … انظروا كيف يحكّمون عقولهم المريضة في مقابلة الوحي .. إلى غير ذلك من التشنيعات.
ولماذا نذهب بعيدا، فتعالوا لأريكم ماذا قالوا فعلا عن شرّاح مسلم حين قالوا حديث الجارية ـ وكذا آية الملك ـ ليس على ظاهره!!
فقد قال القاضي عياض عند شرحه لحديث الجارية: لا خلاف بين المسلمين قاطبة – محدثهم وفقيههيم ومتكلمهم ومقلدهم ونظارهم – أن الظواهر الواردة بذكر الله فى السماء كقوله : { آامنتم من في السماء}، أنها ليست على ظاهرها ، وأنها متأولة عند جميعهم، وأنها متأولة عند جميعهم[2].اهـ
وهذا الذي قاله القاضي عياض تابعه عليه شراح مسلم مثل أبي العباس القرطبي[3]والنووي[4]والسيوطي[5]،وغيرهم من العلماء مثل ابن رسلان[6]، والعاقولي [7]، والأمير الصنعاني[8].
ولكن الوهابية رفضوا قول القاضي عياض وكل من تابعه وعقبوا عليه بقولهم: “«فهذه الشبهة هي التي جعلتهم ينفون علو الله تعالى وفوقيته مع اعترافهم بأن جهة العلو أشرف من غيرها، وذلك أنهم تصوروا أن النصوص التي نطقت بأن الله في السماء تدل بظاهرها على أنه تعالى مظروف في جوف السماء، فشبهوه بمخلوق داخل مخلوق آخر…» “[9]
فتأمل كيف أنكروا على القاضي عياض لمجرد قوله بأن آية الملك وحديث الجارية ونحوهما ليس على ظاهرها بل هي مؤولة!!
ولماذا أنكروا عليه وعلى من تبعه؟ لأن هؤلاء “تصوروا أن النصوص التي نطقت بأن الله في السماء تدل بظاهرها على أنه تعالى مظروف في جوف السماء، فشبهوه بمخلوق …”!! قلنا: نعم ظاهرها الظرفية، وهذا ما يفيده ظاهر حرف “في” في العربية وهي الظرفية، وهذا قرره ابن عثيمين مفصّلا كما سبق للتو، فهيا أنكروا عليه إن كنتم رجالا.
وأنا أتحدى الأخ عثمان المكي الذي تنمر على الإمام القرطبي قائلا”وزعمه ان نبينا صلى الله عليه و سلم ترك الجارية جاهلة بأصول دينها إلى حينأن يستقر الإيمان في قلبها ” أتحداه أن ينبس ببنت شفة ضد ابن عثيمين هنا لنفس السبب وهو أنه ترك الجارية جاهلة بأصول دينها فلم يقل لها إن ظاهر قولها باطل ثم يصححه لها كما فعل ابن عثيمين حيث ذكر للآية تأويلين، فهل ابن عثيمين أحرص من رسول الله على البيان والبلاغ حاشاه عليه الصلاة والسلام ؟!!
وهذا الذي قرره القاضي عياض وتبعه عليه كثيرون كما سبق، قال نحوه أبو عبد الله القرطبي المفسر ـ وهو تلميذ أبي العباس القرطبي ـ حيث قال في كتابه (التذكار في أفضل الأذكار) صـ 22 : (وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية “أين الله” قالت: “في السماء” ولم ينكر عليها، وما كان مثله ليس على ظاهره، بل هو مؤول تأويلات صحيحة، قد أبداها كثير من أهل العلم في كتبهم، وقد بسطنا القول في هذا بكتاب “الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى” عند قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]).
فهذا القرطبي الذين احتفى به ابن تيمية وطبل له مرارا[10] لقوله: وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله[11].اهـ
وإن كان ابن تيمية لم يكمل النقل عنه لأنه لو أتمه لتبين مقصود القرطبي بالجهة لأنه قال بعد ذلك: ” فعلو الله تعالى وارتفاعه عبارة عن علو مجده وصفاته وملكوته ….” فواضح أنه أراد بجهة الفوق والعلو فوقية القهر وعلو الشأن.
وهذا يؤيده ما قاله في التذكار في نصه السابق الذي صرح فيه بأن حديث الجارية ليس على ظاهره وهو ما صرح به ابن عثيمين كما سبق.
لكن قد يقال ولكن ابن عثيمين قال بعد ذلك: “وإذا كان الظاهر باطلا، فإننا نعلم علم اليقين أنه غير مراد لله “.اهـ
قال وليد ـ يسر الله أمره وأمركم ـ: هذا لا يزيد الطين إلا بلة، إذ هذا ينسف القاعدة التي قررتموها في الصفات وهو وجوب حمل نصوصها على الظاهر، بحجة أن الظاهر هو المراد، وأنه لو كان ليس مرادا لبينه الله أو رسوله عليه الصلاة والسلام، أو جاءت قرينة تصرف هذا الظاهر إلى غيره وإلا لكان تلبيسا كما تقولون!
والغريب العجيب أن ابن عثيمين نفسه قرر ذلك وفي الكتاب نفسه!! فهو في ص398 من شرح الواسطية قرر أن ما سبق من أن ظاهر آية الملك “أأمنتم من في السماء” باطل لأنه يفيد الظرفية، فوجب أن يكون ليس مرادا لله، هو نفسه قد قال قبل ذلك في الكتاب نفسه ص315: «من اعتقد أن ظاهر القرآن كفر وضلال، ‌فهو ‌كافر ‌ضال»[12]
أي أن ما قرره ص315 نقضه ص398!!!
بل الأعجب من هذا أنه نقضه في الصفحة 398 نفسها حيث قال “لأنه لا يمكن أن يكون ظاهر الكتاب والسنة باطلا”.اهـ وهذا قاله بعد أن قال “وهذا الظاهر باطل” بسطر!!!
وهذا نص كلامه بتمامه: “وهذا الظاهر باطل، وإذا كان الظاهر باطلا، فإننا نعلم علم اليقين أنه غير مراد لله، لأنه لا يمكن أن يكون ظاهر الكتاب والسنة باطلا”.اهـ
فتأمل يرعاك الله كيف نقض كلامه الذي قرره قبل أن يجف حبره!!!
على كل بما أن ظاهر آية الملك “أأمنتم من في السماء” باطل لأنه يفيد الظرفية، فوجب أن لا يكون مرادا لله حسبما قرر في الموضع المتأخر ص398، فالسؤال: لماذا لم يبين الشارع أن ظاهر هذه الآية غير مراد، وإنما المراد هو أنه تعالى فوق السماء، أو على عرشه فوق سماواته، كما أنتم تعبرون وتنقلون إجماعات على ذلك ؟
وأنت إذا سألت أي وهابي أين الله؟ لقال لك في الغالب: في السماء على العرش، أو فوق سماواته على العرش، وذلك دفعا للظرفية التي في عبارة الله في السماء، ولذلك سمى ابن شمس كتابه المضحك ” إجماع المسلمين على أن الله في السماء على عرشه”، ولكن آية الملك وكذا حديث الجارية فيه فقط إنه: في السماء، دون: على العرش، فلما زدتم على ذلك وقلتم هو في السماء على عرشه ؟
فإن قلتم: جمعا بين الأدلة ، أي بين آية الاستواء وأية الملك.
قلنا: أولا: ولماذا لا تجمعون بين آية الملك وآيات المعية كقوله تعالى ” وهو معكم أين ما كنتم ” فتقولوا مثلا: هو في السماء معنا؟!! أو تقولوا: هو على العرش معنا في السموات وفي الأرض، جمعا بين آيات الاستواء والمعية ومنها قوله تعالى “وهو الله في السماوات وفي الأرض”؟
ثانيا: إن هذا مصير منكم إلى أن الجارية أجابت بجواب ناقص أنتم أكملتموه، وبالتالي نحن سنكمله أيضا فنقول مثلا: هو في السماء بلا مكان وما هو جوابكم هو جوابنا.

ثم إن ابن عثيمين ذكر تأويلين ينقضان بعضهما بعضا، وبيانه … انتظره

[1] انظر السابق:
https://www.facebook.com/…/38544…/posts/4886898314757485
[2]إكمال المعلم شرح صحيح مسلم – للقاضي عياض (2/ 259)
[3]«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (2/ 144):
[4]«شرح النووي على مسلم» (5/ 24)
[5]«شرح السيوطي على مسلم» (2/ 217):
[6]«شرح سنن أبي داود لابن رسلان» (13/ 647):
[7]«الرصف لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الفعل والوصف» (2/ 394)، محمد بن محمد بن عبد الله العاقولي (٧٣٣ – ٧٩٧ هـ)
[8]«التحبير لإيضاح معاني التيسير» (5/ 496):
[9] «آراء القرطبي والمازري الاعتقادية» (ص498):
[10] انظر: مجموع الفتاوى (3/ 223) و (3/ 261)، ودرء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (6/ 259)، وانظر الصور: 19، 20، 21، 22، 23، 24.
[11] الجامع لأحكام القرآن ط/ الرسالة (9/ 239)
[12] «شرح العقيدة الواسطية للعثيمين» (1/ 315)

السابق
أسئلة للسلفية فقط: هل صحيح ما قاله الأخ عمر عيسى من أن الله “موجود فوق العرش بلا مكان”؟ أم أن نفي المكان عن الله فيه نفي للاستواء والعلو معا عندكم؟!!
التالي
“لن تعود مثل ما كنت أبدا بعد أن تتعلم ميكانيكا الكم”[1]