[الحقيقة 4: الّذين ذكروا تراجُعَ أبي يعلى عن التنزيه]
ألَّف أبو يعلى458هــ كتابه إبطال التأويلات بعد كتاب المُعتمَد، بدليل أنّه ذكرَ المعتمد في الإبطال ص630 فقال: (وفيه دلالة على أنّ أهل الذنوب لا يخلدون، خلاف المعتزلة، والكلام في ذلك مستوفى في كتاب المعتمد)
وقد تراجع في الإبطال عن التنزيه عن الحدود والجهات، في النصّين الموجودين في إبطال التأويلات: الأول ص599 والثاني ص685
وهذا ما قاله مجموعة من الحنابلة في تأكيد تراجعه عن التنزيه:
1-ابن حمدان 695 في نهاية المبتدئين: (وآخر قولي القاضي أبي يعلى إثبات الجهة) ص33 وقال فيه: (واختار ابن الجوزي نفي الجهة، وحكاه عن أحمد من رواية حنبل، وإليه ميل ابن عقيل، والقاضي أوّلًا)
2-ابن إسفنديار الآنمي الدّشتي 665هــ في كتابه: “إثبات الحدّ لله وأنه قاعدٌ وجالسٌ على العرش” والعياذ بالله، عدّ أبا يعلى وابن الزاغوني ممن جعل الحدّ عقيدته ص98، ونقل النصّين الموجودين في إبطال التأويلات، ونسبهما إلى كتابه في الأصول، فإن صحّ نقله، فهما موجودان في المعتمد الأصليّ لا في مختصره المطبوع خطأً بعنوان المعتمَد، فالمختصر للابن وليس للأب، وبذلك يكون قد فعل أبو يعلى في معتمده مثل ما فعل في الإبطال، نزّه أولا ثم جسم ثانيا، للتمويه على الدواب الّذين يؤمنون بمعتقده ويستمعون له، فربما يكون ابنه قد حذف تلك النصوص التي نقلها ابن إسفنديار الدشتي -والتي هي موجودة بعينها في الإبطال أيضًا- وأبقى على ما فيه تنزيه.
3-ابن تيمية الحرّاني 728هـ في مواضع كثيرة، منها قوله: (وكان القاضي أبو يعلى ينكر الحد، ثم رجع إلى الإقرار به، وكذلك لفظ الجهة) بيان تلبيسه 3/729
*أما ابنه فهو إما جاهل أو متجاهل، وسبب إخفائه تراجعَ والده هو حاجته للدفاع عنه ضد تهمة التجسيم، فالتقطَ ما التقط، وأغفل ما أغفل، وشوّه الحقيقة، فإذا كانت حقيقة الجسم عند أبي يعلى هي التأليف والتبعيض، فقد أثبت التأليف في الصفحة 599 بكل وضوح، والتبعيض في ص387 عندما قال: («أبدى عن بعضه» فهو على ظاهره، وأنّه راجعٌ إلى الّذات، لا يمتنع إطلاق هذه الصفة على وجه لا يُفضي إلىالتجزئة والتبعيض)
قد يعني بالتبعيض الثانية الانفصال والتجزّؤ، أو أنه مجنون لا يدري ما يقول، فليختر المدافعون عنده واحدةً منهما.