الاجتهاد والتقليد واللامذهبية عند الوهابية

العلامة الخلوتي الحنبلي يؤيد أن مذهب ابن تيمية مخالف للإجماع في الطلاق الثلاث، فيرد محقق كتابه الوهابي: ومن أنت يا خلوتي؟!!

سألني: أين لمز المحقق الدكتور الفاضلُ الخلوتيَّ في حاشيته؟ بين لنا فما عهدناك تلقي الكلام على عواهنه!


قلت له: الفاضل: من احترم العلماء، ولم يحمل كلامهم ما لم يحتمل -وإن خالفهم- تعصبا لطائفته!
لا من ينال الشهادات بتحقيق كتبهم وياكل عيشا بذلك، ثم يلمزهم ويعيبهم ولو بحق فكيف بباطل؟!

وإليك واحدة تلوث بحرا:
في مسألة متعلقة بالطلاق الثلاث: ذكر صاحب المنتهى مسألة ظريفة، وهي:
“إذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق ثلاثا:
على مذهب السنة والشيعة واليهود والنصارى،
أو: على سائر المذاهب
= يقع ثلاث”. انتهى.

وهذا المذهب المجزوم به، بل مذهب الأئمة الأربعة، بل حُكيت فيه إجماعات، حكاها عدد من كبار أئمة الإسلام.



  • فعلق العلامة الخلوتي -رحمه الله- بقوله:
    “يؤخذ منه: أن القول بوقوع واحدة فقط= ليس مذهبا لأهل السنة، ولا للشيعة، ولا اليهود، ولا النصارى.
    وهو مما يقوي النكير على ابن تيمية”. انتهى.
  • وهذا -كما ترى- تعليق فقهي محض، ووجه استنباطه من كلام “المنتهى” ظاهر جدا.
    وإذا كانت مسألة إجماعية: فالإنكار على مخالفها حق؛ كائنا من كان!
    وإلا لبطلت الشريعة.
    وقد أنكرت الأمة على ابن عباس رضي الله عنهما، حبر الأمة وترجمان القرآن وأحد أفقه الصحابة، في مسائل؛ مع عدم انعقاد الإجماع؛ لأنه لا ينعقد مع مخالفة ابن عباس!
    لكن رأوه قولا شاذا، فأنكروه.

وهذا ظاهر بيّن، لا يخالف في تأصيله ابن تيمية نفسه.
بل يمارسه، وربما صرح باستتابة من وقع في جنسه!



فماذا كان من الدكتور المحترم محقق الكتاب؟!
هاج وماج في التعليق، ونقل تعليقا من هامش نسخة خطية، لشخص مجهول فيه:
أنه أثنى على ابن تيمية بأنه بحر العلوم العقلية والنقلية وترجمان القرآن في زمانه -لذلك مثلت بابن عباس عمدا- إلخ.
وهذا كله أجنبي عن البحث، وخطابة معتادة من ضعاف العقول.

ثم طعن في اعتقاد الخلوتي، وراح يستشهد بكلام له آخر في مسألة أخرى بعيدة تماما عن محل البحث.
ودخل في نية الخلوتي، واتهمه بأنه عقد في نفسه على ابن تيمية!!

وقال له: (من أنت يا خلوتي؟!).



أرأيتَ الحماقة والتطاول على العلماء؟!
وعلمتَ أنها ليست على صفحات الفيس بوك فقط، بل في رسائل علمية تجاز من جامعات محترمة؟!

(من أنت يا خلوتي؟!)

وإذا كان الخلوتي حقيرا في نظرك إذ نقلتَ هذا ولم تعقب:
فلمَ تحقق حاشيته؟!
ولمَ تتسلق على كتفيه لتنال درجة علمية تأكل بها وتتجوه؟!
وهذه عادتكم مع الأسف، تستفيدون من العلماء ثم تحتقرونهم، وقد تكفرونهم.

ألا تستحي أن تنقل مناقشة بحماقة هكذا وقلة أدب؛ في مسألة علمية إجماعية، أو هي قول الجماهير على أقل تقدير وباعتراف صاحب التعليق نفسه؟!

كل ذلك لأن الخلوتي (تجرأ) -كما عبر المعلق- على تقوية الإنكار على ابن تيمية؟!

هل أنتم عبيد ابن تيمية فعلا كما يقول كثير من مخالفيكم؟!
وها هو الحافظ ابن رجب -وهو من هو- يذكر أن جماعة من (قضاة العدل من أصحابنا) منعوا ابن تيمية من الإفتاء ببعض المسائل.
ويذكر أن خواص أصحاب ابن تيمية كرهوا له تفرده ببعض المسائل وشذوذه فيها.
وحتى تلمذه ابن مفلح يشير إلى هذا في “فروعه” بإشارة حيية لمن يفهم!

وقد سَجن ابنُ رجب من أفتى بقول ابن تيمية في الطلاق.
فهل تستطيعون الطعن في ابن رجب كما طعنتم في الخلوتي؟!

علما بأن الخلوتي لم يطعن في ابن تيمية قط، بل نقل عنه عشرات النقولات على طول الحاشية، ومنها نقل مهم في البدعة من كتابه: “اقتضاء الصراط المستقيم”.

فكان ماذا إذا خالفه مرة، كما خالف عشرات من أئمة المذهب، ورأى صواب الإنكار عليه لأنه خالف إجماعا في نظره ونظر علماء أكابر؟!

وهل يلزم من الإنكار عليه أن يقر الظلم الذي وقع عليه؟!

وهل الرجل في مقام تأريخ وترجمة لابن تيمية ليسوق القصة من أولها، كما يفعل بعض السخفاء بمناسبة ودونها؟!

وما علاقة كونه على عقيدة الخلف، المخالفة للسلف، وأن عقيدته غير صحيحة -كما زعم المعلق- بما نحن فيه؟!

أم هي استثارة عاطفة القارئ الأحمق ليوافق هذا المعلق على تحقير الرجل؟!

وحينئذ: فإذا نقلت أيها المحقق هذا التعليق لهذا المجهول ولم تعقب: فأنت ترتضيه.
لأنك: ناقله،
ولم تتعقبه،
ولستَ في مقام تحقيق نص غير كلام الخلوتي،
ولم تلتزم نقل جميع ما في هوامش النسخ، خصوصا وهي نسخة فرعية!
فلماذا نقلت هذا الهامش تحديدا؟!

وبناء عليه:
فلماذا تحقق كتاب رجل على عقيدة فاسدة؟!

وإن قلتَ: لا تأثير لعقيدته على الفقه ولا مانع من تلقي الفقه منه: فلمَ ذكرتَ هذه القضية من التعليق، وما فائدته إلا الغل والحماقة؟!

الصورة مرفقة في التعليق؛ لتروا بأعينكم، وتتحققوا كيف أن ممارسات بعض هؤلاء بغّضت كثيرين في ابن تيمية.

وما أضر صداقة الأحمق!

فهل عرفت من هو الخلوتي؟ هو الذي لم تفهم كلامه، فشرحت عبارته بما يضحك منه صغار طلبة العلم، فجازاك الله بسوء صنيعك؛ في نفس الكتاب!
وليتك إذ حقرته بلغت شيئا من العلم يؤهلك لمناقشته، وما كان ذلك ليشفع لك التحقير والتطاول.

كذا من صفحة الرواق المنهجي والحنبلي( بإشراف الشيخ محمد عبد الواحد الأزهري الحنبلي) على التلغرام

السابق
نعي وترجمة للشيخ العلامة إبراهيم الأحسائي رحمه الله بقلم تلميذه أخينا الشيخ أحمد زاهر سالم حفظه الله
التالي
.. العلامة.. الصوفى.. الفقيه.. (الدكتور الشيخ محمد علوى المالكى).. مُحٙدِث الحرمين..