مقالات في الصفات

تأويل بعض السلف لبعض آيات الوجه وتأويل ابن كثير للوجه بالذات (منقول)

{وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره: وقوله: { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } إخبار بأنه الدائم الباقي الحي القيوم، الذي تموت الخلائق ولا يموت؛ كما قال تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } [الرحمن: 26 ــــ 27] فعبر بالوجه عن الذات، وهكذا قوله ههنا: { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } أي: إلا إياه. وقد ثبت في الصحيح من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” أصدق كلمة قالها الشاعر لَبيد ــــ ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ ــــ ” وقال مجاهد والثوري في قوله: { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } أي: إلاَّ ما أريد به وجهُه، وحكاه البخاري في ” صحيحه ” كالمقرر له، قال ابن جرير: ويستشهد من قال ذلك بقول الشاعر:أَسْتَغْفِرُ الله ذَنْباً لستُ مُحْصِيَه رَبّ العبادِ إليهِ الوَجْهُ والعَمَلُ وهذا القول لا ينافي القول الأول، فإن هذا إخبار عن كل الأعمال بأنها باطلة، إلاَّ ما أريد به وجه الله تعالى من الأعمال الصالحة المطابقة للشريعة، والقول الأول مقتضاه أن كل الذوات فانية وزائلة، إلا ذاته تعالى وتقدس، فإنه الأول الآخر الذي هو قبل كل شيء وبعد كل شيء.

السابق
النظر في النجوم على ستة أوجه عند الفخر الرازي (منقول)
التالي
النمل وما أدراك ما النمل…!!! (منقول)