أرأيت كيف أنك ـ وإخوانك ـ كلما أردت أن تخرج من إشكال من إشكالات حديث الجارية وقعت فيما هو أكبر منه بل أتيتم بما يدينكم من افواهكم .
كيف تطـحـن وهابيا *؟
(3) الأخ Osman Al Makki يعترف للمرة الثانية أن حديث الجارية نادر كزواجه عليه الصلاة والسلام من زينب من غير ولي ولا شهود .. فشكرا لك فقد كفيتنا المؤونة .. وكفى الله المؤمنين القتال!!![1]
ثم قد قلت لك سابقا يا أخ عثمان ـ وفقني الله وإياك ـ إن هذا الذي في حديث الجارية ـ يخالف ما قررتم أنتم أنفسكم من أنه لا يدخل المرء في الإسلام إلا بالشهادة، واستدللتم على ذلك بآيات وأحاديث كحديث أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأتيتك بنصوصٍ للشيخين الحراني[2]، والنجدي الذي اشترط سبعة شروط فوق ذلك، وأتيت لك بنصوصه ونصوص الوهابية في منشور سابق[3].
فرددتَ بجواب سرقتَه من أخيك سيد أحمد وهو: الثابت في دعوة أهل الكفر إلى الإيمان أمرهم بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأما الامتحان والاختبار لإثبات الإيمان، فهذا نادر، ومنه هذا الحديث…اهـ
قلت: فورطتما أنفسكما أكثر بهذا الجواب لأن قولكما “فهذا نادر، ومنه هذا الحديث” هو إقرار منكما بأن ما وقع في حديث الجارية ليس على الجادة ، وإنما الجادة هو أن يختبرهما بالشهادة، وهو ما كان يحدث في كل الوقائع سواها، وهذا ما صرحتما به في قولكما ” الثابت في دعوة أهل الكفر إلى الإيمان أمرهم بشهادة أن لا إله إلا الله…” بل في بعض روايات حديث الجارية نفسه أنه اختبرها بالشهادتين، ولكن هب أنها روايات ضعيفة أو هي قصص أخرى ـ كما يصر الخصم، مع أني قادر بحول الله على الرد عليه في ذلك كما سيأتي ـ فيبقى حديث الجارية بروايته المشهورة هو واقعة عين لا تعم كما يعبر الفقهاء.
وهو بتعبيركما حديث نادر، وطالما هو أمر نادر، والنادر لا حكم له، فلا يعمم ، فكيف عممتموه إذن؟ وهلا سألتم أنفسكم أصلا ما سبب ندرته كما سيأتي؟
ثم ها أنت الآن تقر للمرة الثانية ـ بفحوى كلامك ـ بأن حديث الجارية خاص كخصوصية زواجه من زينب بلا ولي ولا شهود، وبالتالي لا يعمم، فكيف عمّمت حديث الجارية؟
أرأيت كيف أنك ـ وإخوانك ـ كلما أردت أن تخرج من إشكال من إشكالات حديث الجارية وقعت فيما هو أكبر منه بل أتيتم بما يدينكم من افواهكم .
فأول مرة حين قلت لك حديث الجارية يخالف ما قرره شيوخك من أن الشهادة شرط في الدخول إلى الإسلام بل هي ركن وله سبعة شروط: تنصلتَ ونقضتَ كلام شيوخك!! واعتبرت أن النبي عليه الصلاة والسلام قبِل إسلامها بمجرد سؤالها أين الله فقالت في السماء!!!
وفي المرة الثانية أقررتَ بأن حديث الجارية خاص ونادر!!! جميل .. ونحن أصلا لا نقول أكثر من ذلك، ولكن نحن نتساءل بعد ذلك: ما سبب ندرته؟ كما سيأتي.
وقد ذكرتني بكلام شيخكم دمشقية حين رد علي قائلا: أن شأن المبتدع كلما أراد أن يرتق أو يضيق الخرق وسّعه أكثر على نفسه!! وهذا ما ينطبق عليك بالضبط!!
وأما قولك إن مثلي مثل من يعارض زواجه بزينب من غير ولي ولا شهود بما في كتب الفقه، فأولا: كتب الفقه يوجد فيها باب يتحدثون فيه عن خصوصيات النبي عامة وفي النكاح خاصة، وبالمناسبة هذه الخصائص يذكرونها في أول كتاب النكاح، قال الخطيب الشربيني: ” وقد جرت عادة أصحابنا بتخصيص هذا الكتاب بذكر الخصائص الشريفة أوله لأنها في النكاح أكثر منها في غيره…”[4].
ومنها أنه تزوج بأكثر من أربعة، وكتزوجه من زينب «وكان الذي ولي تزويجها منه هو الله عز وجل بمعنى أنه أوحى إليه أن يدخل عليها بلا ولي ولا عقد ولا مهر ولا شهود من البشر”[5]، إلى غير ذلك من الخصائص [6].
ونحو ذلك فهذا أصلا ينص عليه الفقهاء ولا سيما أئمتنا الشافعية رضي الله عنهم وأنه خاص به عليه الصلاة والسلام لا يجوز لغيره ولذا قالوا أن تعلمها و” ذكرها مستحب. قال في الروضة: ولا يبعد القول بوجوبها لئلا يرى الجاهل بعض الخصائص في الخبر الصحيح، فيعمل به أخذا بأصل التأسي فوجب بيانها لتعرف”[7]… فهذا لمعلوماتك أضفه إليها إن كنت لا تعلمه .
وبالتالي لو عرضتُ قصةَ زينب رضي الله عنها على كتب أئمتنا في الفقه فسوف أجد أنهم ينصون على أنها خاصة به عليه الصلاة والسلام فلن أعممه بخلافك؛ إذ على منهجك الذي انتهجته من حديث الجارية حيث عممته على العالمين فصرت تختبر إيمانهم بسؤال: أين الله، لا بسؤال أتشهد أن لا إله إلا الله!! فالمفروض أيضا أن تعمم ما حدث في زواج زينب بغير شهود ولا ولي!!
ثانيا: أنا عرضت قصة الجارية على سائر الأحاديث والقصص التي يعلّم النبي الناسَ الدخول في الإسلام بلفظ الشهادة لا لأرد قصة الجارية ، ولا لأعممها كما فعلت أنت، وإنما لأتساءل ما السبب في ندرة هذا الذي حصل في حديث الجارية كما أقررتَ أنت نفسك بذلك مرتين كما سبق؟
أي لماذا في هذا الحديث بالذات قال للجارية أين الله؟ بينما كان يقول في كل المناسبات الأخرى يسأل الناس بقوله: أتشهد أو أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟!
هل لأنها أعجمية، أو خرساء، أو صغيرة، أو أنه سألها أتشهدين أن لا إله إلا الله فعلا، ولكن رويت قصتها بالمعنى واختلف الرواة في حكايتها؟[8]فهذه كلها احتمالات ذكرها الشراح وثمة احتمالات أخرى ذكروها، وأنت رفضتها كلها وجعلت الحديث قاعدة عامة، بينهما هو أمر خاص كخصوصية زواجه من زينب، نادر والنادر لا حكم له ، إذ ” الأحكام إنما هي للغالب الكثير والنادر في حكم المعدوم”[9]و “الغالب في الشرع كالمحقق[10]، الحمل على الغالب واجب[11]، الغالب مساو للمحقق في الحكم[12]، الأحكام على الغالب من الأمور والشاذ لا عبرة به [13]،
وبالمناسبة هذا يسمى ـ كما سبق ـ في كتب الأصول والفقه “حادثة عين لا عموم لها” ودعني أضرب لك عليه أمثله من كتبكم .. انتظره. والله الموفق
——-
[1] انظر السابق:
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/4933244876789495
[2] يقول ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل» 1/ 226): «وذلك أن الرجل لو أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كل ما ينزه عنه، وأقر بأنه وحده خالق كل شيء ـ لم يكن موحداً، بل ولا مؤمناً حتى يشهد أن لا إله إلا الله، فيقر بأن الله وحده هو الإله المستحق للعبادة، ويلتزم بعبادة الله وحده لا شريك له»[1]
[3] انظر منشور:
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/4890829221031061/
[4] مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (4/ 202)
[5] ” «تفسير ابن كثير – ط العلمية» (6/ 378):
[6] ومنها ((منها تزويج من شاء من النساء لمن شاء ولو لنفسه بغير إذن من المرأة ووليها متوليا الطرفين وزوجه الله – تعالى – وأبيح له الوصال وصفي المغنم ويحكم ويشهد لولده ولنفسه، وأبيح له نكاح تسع. وقد تزوج – صلى الله عليه وسلم – بضع عشرة، ومات عن تسع. قال الأئمة: وكثرة الزوجات في حقه – صلى الله عليه وسلم – للتوسعة في تبليغ الأحكام عنه الواقعة سرا مما لا يطلع عليه الرجال ونقل محاسنه الباطنة فإنه – صلى الله عليه وسلم – تكمل له الظاهر والباطن. النوع الرابع: الفضائل والإكرام، وهي كثيرة جدا. منها تحريم منكوحاته على غيره، سواء أكن موطوآت أم لا، مطلقات أم لا، باختيارهن أم لا، وتحريم سراريه، وهن إماؤه الموطوآت بخلاف غير الموطوآت، وتفضيل زوجاته على سائر النساء على ما يأتي، وثوابهن وعقابهن مضاعف، وهن أمهات المؤمنين)) انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (4/ 202)
[7] مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (4/ 202)
[8] قال د.صهيب السقا في دراسة حديث الجارية سندا ومتنا: (((أن روايات الحديث تنص على أن الجارية كانت خرساء لا تفصح وفيها أن السؤال والجواب كان بالإشارة(انظر ابن خزيمة في التوحيد 122-123) أما الألفاظ فهي حكاية من الرواة . يقول الكوثري رحمه الله : ( ففى لفظٍ له ” فمد النبي صلى الله عليه وسلم يده إليها وأشار إليها مستفهماً من في السماء “، فتكون المحادثة بالإشارة. على أن اللفظ يكون ضائعاً مع الخرساء الصماء فيكون اللفظ الذى أشار إليه الناظم -ابن القيم- لفظَ أحد الرواة على حسب فهمه لا لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم. ومثل هذا الحديث يصح الأخذ به فيما يتعلق بالعمل دون الاعتقاد، ولذا أخرجه مسلم في باب تحريم الكلام في الصلاة دون كتاب الإيمان حيث اشتمل على تسميت العاطس في الصلاة ومنعِ النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولم يخرجه البخاري في صحيحه وأخرج في جزء خلق الافعال ما يتعلق بتسميت العاطس من هذا الحديث مقتصراً عليه دون ما يتعلق بكون الله في السماء بدون أي إشارة إلى أنه اختصر الحديث(السيف الصقيل ص 107)
ويقول الحجة الغزالي: (وأما حكمه صلى الله عليه وسلم على بالإيمان للجارية لما أشارت إلى السماء فقد انكشف به أيضاً- يعني السر في رفع الأيدي إلى السماء- إذ ظهر أن لا سبيل للأخرس إلى تفهيم علو المرتبة إلا بالإشارة إلى جهة العلو وقد كان يُظن بها أنها من عبدة الأوثان ومَن يعتقد اللهَ في بيت الأصنام، فاستُنطقت عن معتقدها فعرَّفت بالإشارة إلى السماء أن معبودها ليس في بيوت الأصنام كما يعتقد هؤلاء(الاقتصاد في الإعتقاد 33)
فإن صح هذا الحديث فليس فيه دليل على شيء سوى أن العامي يعد معذوراً في اللفظ الموهم اعتداداً بأصل اعتقاده بالله سبحانه وإن أوهم بعض إيهام في وصفه تعالى(انظر السيف الصقيل للعلامة الكوثري 107) وأن الإشارة إلى السماء من مثل هذه الجارية يدل على إسلامها))) .
https://drwaleedbinalsalah.com/أين-الله؟-دراسة-حديث-الجارية-سندا-ومتن/
[9] معلمة زايد للقواعد الفقهية و الأصولية (8/ 385)
زاد المعاد لابن قيم الجوزية 5/ 421.
[10] معلمة زايد للقواعد الفقهية و الأصولية (8/ 385)
مواهب الجليل للحطاب 4/ 534؛ منح الجليل لمحمد عليش 5/ 374.
[11] معلمة زايد للقواعد الفقهية و الأصولية (8/ 385)
البهجة في شرح التحفة للتسولي 1/ 129، 2/ 110، 575، 578؛ النوازل الجديدة الكبرى للوزاني 10/ 284، 11/ 116؛ النوازل الصغرى للوزاني 4/ 399، 428 و 3/ 530.
[12] معلمة زايد للقواعد الفقهية و الأصولية (8/ 386)
[1] القواعد للمقري 2/ 240.
[13] خلاصة الوسائل للحارثي 3/ 398.
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/4955175487929767/