أثر الكرسي موضع القدمين

(3)#كيف_هدم_الوهابية_مذهبهم_في_مسألة_الكرسي[1]

(3)#كيف هدم الوهابية مذهبهم في مسألة الكرسي[1]
نأتي إلى أثر ابن عباس”الكرسي موضع القدمين”، وعلى الرغم من أنه أمثل ما روي في هذا الباب، إلا أنه قد اختلف في إسناده وألفاظه على الشكل التالي:
1) فورد بلفظ: العرش لا يقدر أحد قدره. عند ابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 1920)
2) وبلفظ: الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر قدره. عند ابن خزيمة في التوحيد (1/ 248) وهو أيضا في السنة لعبد الله بن أحمد (1/ 301) إلا أنه قال “والعرش لا يقدر أحد قدره”، ونبّه محقق السنة في الهامش أنه وقع في نسخة أخرى “قدميه” بالتثنية والإضافة.
3) وبلفظ: الكرسي موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره. كما في التوحيد لابن خزيمة (1/ 249)
4) وبلفظ “إن الكرسي الذي وسع السموات والأرض لموضع قدميه وما يقدر قدر العرش إلا الذي خلقه” أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة في موضعين في (1/ 304)، و (2/ 477)، وفي الموضع الثاني نبّه المحقق في الحاشية إلى أنه وقع في نسخة أخرى بلفظ “لموضع القدمين” كذا ـ أي بالتثنية وبدون إضافة لله ـ، قال وليد: وكذا وقع ـ بلفظ “لموضع القدمين” ـ في العظمة لأبي الشيخ (2/ 552).
وكل هذه الألفاظ السابقة رواها أصحاب الكتب السابقة بأسانيدهم التي تلتقي عند عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفا.
وروي بهذا السند ولكن مرفوعا عند ابن منده في الرد على الجهمية (ص: 21) والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ت بشار (10/ 348) بلفظ «كرسيه موضع قدمه، والعرش لا يقدر قدره» ، أي بلفظ “قدمه” بإلإفراد، ورواه الضياء في المختارة (10/ 312) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 7) كلاهما بلفظ “موضع قدميه” أي بالتثنية والإضافة، ولكن نبّه هؤلاء الحفاظ أن الوهم في رفعه من أحد رواته وهو شجاع بن مخلد[2].
وأخرجه الطبراني في الكبير (12/ 39) وابن بطة في الإبانة (7/ 339)عن عمار الدهني عن سعيد بن جير عن ابن عباس {وسع كرسيه السموات والأرض}، قال: موضع القدمين، ولا يقدر قدر عرشه. هكذا بدون ذكر “الكرسي”، وكلاهما بإسقاط مسلم البطين بين الدهني وابن جبير. وكذا رواه أبو الشيخ في العظمة (2/ 584) ولكن ذكر لفظ الكرسي. وهذا منقطع لأن الدهني لم يسمع من سعيد كما سنرى، وإنما يرويه الدهني عن مسلم البطين عن سعيد كما في الروايات الأخرى.
ورواه الخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (10/ 348): عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس {وسع كرسيه السموات والأرض}، قال: موضع القدمين، ولا يقدر عرشه “. أي بذكر مسلم البطين ودون ذكر الكرسي.
وأخرجه الطبري عن مسلم البطين من قوله، فقال في جامع البيان ط هجر (4/ 538): حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، عن سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، قال: ” الكرسي: موضع القدمين “.اهـ
وروي بهذا اللفظ من قول سعيد بن جبير، قال ابن منده: ورواه أبو بكر الهذلي وغيره، عن سعيد بن جبير من قوله قال: «الكرسي موضع القدمين». ورواه ابن منده بسنده عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله جل وعز {وسع كرسيه السموات والأرض} قال: علمه. ثم قال ابن منده: وهذا حديث مشهور، عن مطرف، عن جعفر بن أبي المغيرة لم يتابع عليه[3].اهـ
بيان الاضطراب في هذا الأثر
قال وليد ـ وفقه الله ـ: فأنت ترى مدى الاختلاف والاضطراب في هذا الأثر لفظا وإسنادا، أما الاضطراب باللفظ فمنها ما لا يوجد فيه لفظ “الكرسي موضع القدمين” أصلا كرواية ابن أبي حاتم في تفسيره حيث اقتصر على قوله “العرش لا يقدر أحد قدره”، ومنها أنها أن كرسيه “علمه” كما سبق عند ابن منده، ومنها ما لا يوجد فيه لفظ الكرسي وإنما فقط: “موضع القدمين” كرواية الطبراني وابن بطة والخطيب البغدادي، ومنها بلفظ “القدمين” أي بالتثنية بدون إضافة كمعظم الروايات السابقة، ومنها بلفظ “قدميه” أي بالتثنية وبالإضافة كما وقع في بعض ألفاظ ابن خزيمة في التوحيد وعبد الله في السنة، ومنها بلفظ “قدمه” أي بالإفراد وبالإضافة كما وقع عند ابن منده والخطيب مرفوعا، وهذه الأخيرة أي التي بالإفراد والإضافة هي الموافقة لحديث أبي هريرة مرفوعا عند الشيخين “فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رِجله فتقول قط قط قط” ولحديث أنس مرفوعا عند الشيخين أيضا ” لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قَدَمه فتقول قط قط وعزتك ويزوى بعضها إلى بعض”.
وأما اضطرابه إسنادا، فقد روي عن الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفا، وروي هكذا مرفوعا، وروي عن عمار الدهني عن سعيد بن جير عن ابن عباس موقوفا هكذا بإسقاط مسلم البطين وهو هكذا منقطع. وروي من قول سعيد بن جبير، وروي من قول مسلم البطين. وهذا إن لم يكن اضطرابا في الإسناد فلا أقل من أن يقال أن في إسناده اختلافا يزعزع القول بصحته لاسيما وأن عمار الدهني ـ الذي مدار الأثر عليه ـ فيه كلام على الرغم من توثيق بعض الأئمة له كما سيأتي.
والحاصل أن أثر ابن عباس هو أمثل أثر في الباب، ومع ذلك ففيه كل هذا الاضطراب أو الاختلاف في سنده ومتنه، فكيف تأتي فتنتقي منه سندا من تلك الأسانيد ومتنا من تلك المتون يناسب مذهبك لتزعم أن الكرسي “هو موضع القدمين للبارئ عز وجل. وهذا القول هو مذهب السلف من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم واقتدى بسنتهم، وهذا هو ما دل عليه القرآن والسنة والإجماع ولغة العرب التي نزل القرآن بها. فالأحاديث والآثار الثابتة على هذا وبينته بياناً واضحاً لا يدعو إلى الشك أو الارتياب”[4]؟!!! هذا هو التحكم والهوى البغيض!!
قد يقال: نعم نسلّم أن الأثر مروي بأسانيد مختلفة وبألفاظ مختلفة ولكن هذا لا يلزم منه أنه مضطرب لامكان الجمع والترجيح هنا ولذلك صححه بعض الحفاظ كالحاكم وغيره… فالجواب: .. انتظره
(ملاحظة: الكلام في أثر ابن عباس هذا طويل جدا أخذ مني أياما عديدة وقد أتممت كتابته في حوالي عشرين صحيفة، ولكن سأقسمه بحول الله على عدة منشورات هنا لئلا يطول على القارئ ولأعيد النظر فيه مرارا قبل نشره كله، والله الموفق)

انظر اللاحق:

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/2870284493085554/

[1] انظر السابق:

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/2820155114765159/
[2] جاء في الرد على الجهمية لابن منده (ص: 21): قال أبو عبد الله: هكذا رواه شجاع بن مخلد في التفسير مرفوعا، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال إسحاق بن سيار في حديثه عن أبي عاصم من قول ابن عباس، وكذلك رواه أصحاب الثوري عنه. وقال الخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (10/ 348) قال ابن المظفر: قال لنا أبو عبد الله شيخنا: هكذا قال لنا شجاع: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: رواه أبو مسلم الكجي، وأحمد بن منصور الرمادي عن أبي عاصم فلم يرفعاه.اهـ وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (1/ 7): هذا الحديث وهم شجاع بن مخلد في رفعه فقد رواه أبو مسلم الكجي وأحمد بن منصور الرمادي كلاهما عن أبي عاصم فلم يرفعاه .. بل وقفاه على ابن عباس وهو الصحيح وكان ابن عباس يفسر معنى الكرسي وأنه موضع قدمي الجالس ليُخرجه عن قول من يقول إن الكرسي بمعنى العلم قال الضحاك الكرسي الذي يوضع تحت العرش يضع عليه الملوك أقدامهم.اهـ وقال الضياء في المختارة: قال لنا الصوفي هكذا قال لنا سئل النبي صلى الله عليه وسلم قلت والموقوف أولى والله أعلم. انظر: الأحاديث المختارة (10/ 312)
[3] الرد على الجهمية لابن منده (ص: 45)، وسيأتي بيان أن جعفر هذا حجة في سعيد بن جبير عند البخاري وغيره.
[4] كذا قال محمد بن خليفة التميمي محقق كتاب العرش للذهبي (1/ 351، ومن ط أخرى ص 306)

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/2870284493085554/

السابق
حكم الوضوء بالثلج قبل ان يذوب عند المذاهب الأربعة (منقول)
التالي
1- تعريف التبرك: (مقال قيم/ منقول)