وانظر المنشور مع الصور على الرابط التالي على الفيس بوك:
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/873473992766624
(2)هل صحيح أن السلف أثبتوا صفة الجلوس والقعود لله تعالى؟!![1]
(سلسلة الاستدلال بالضعيف والموضوعات والاسرائيليات وما لا أصل له على مسائل العقيدة عند ابن تيمية وأتباعه؛ آثار الجلوس والعقود لله تعالى)
أما ثانيا: فحديث أسماء بنت عميس وإن كان فيه لفظ الجلوس أو القعود منسوبا إلى الله تعالى ولكنه ليس حديثا مرفوعا ولا حتى موقوفا، وإنما هو قول لامرأة في الحبشة لا يُدرى من هي ولا ما ملتها… فكيف صار قولها حجة في دين الله بل في أصول الدين والعقيدة وفي معرفة صفات الله عز وجل…؟!!! مع أن الخصم يدّعي أنه لا يثبت إلا ما أثبته الله لنفسه وكذا ما أثبته رسوله صلى الله عليه وسلم….فأين هذا هنا؟!!!
وإليك لفظ حديث أسماء …جاء في التوحيد لابن خزيمة (1/ 246): حَدَّثَنَاهُ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: وَثنا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: كُنْتُ مَعَ جَعْفَرٍ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ مِنْ دَقِيقٍ، فَمَرَّتْ بِرَجُلٍ مِنَ الْحَبَشَةِ، فَطَرَحَهُ عَنْ رَأْسِهَا، فَسَفَّتُ الرِّيحُ الدَّقِيقَ، فَقَالَتْ: أَكِلُكَ إِلَى الْمَلِكِ يَوْمَ يَقْعُدُ عَلَى الْكُرْسِيِّ، وَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ.اهـ (انظر الصور، 1، 2، 3)
وهذا الحديث ورد أيضا في مساوئ الأخلاق للخرائطي (ص: 278) بلفظ : “أَكِلُكَ إِلَى يَوْمٍ يَجْلِسُ الْمَلِكُ عَلَى الْكُرْسِيِّ “[2]، وورد أيضا في الأهوال لابن أبي الدنيا (ص: 252) بلفظ ” فَقَالَتْ: أَكِلُكَ إِلَى يَوْمَ يَجْلِسُ الْجَبَّارُ عَلَى الْكُرْسِيِّ “[3]؛ وورد أيضا عند ابن أبي شيبة في مصنفه[4]، ثلاثتهم من طريق أبي أسامة عن زكريا ابن أبي زائدة به.
وحديث أسماء بنت عميس هذا لا يصح لأن في إسناده هذا رجلين متكلم فيهما:
الأول: وهو زكريا ابن أبي زائدة متهم وهو وإن كان ثقة من رجال الصحيحين إلا أن متهم بالتدليس[5] وقد عنعن هنا، وبأنه يروي هذا الحديث عن أبي إسحاق السبيعي وقد اختلط بآخره، وقد روى زكريا عنه بعد اختلاطه[6].(انظر الصورة: 6)
والثاني: سعيد ـ وقيل سعد[7] ـ بن معبد، فهو مجهول الحال إذ لم يوثقه إلا ابن حبان[8] على قاعدته في توثيق المجاهيل ممن لم يجرحهم أحد، كما هو معروف عنه[9]….!!!!!
وبالتالي فالحديث ضعيف كما صرح بذلك محقق كتاب الخرائطي[10]، فكيف يُحتج به في صفات الله مع أن القوم لا يقبلون بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال[11]….!!!!
فإن قيل : ولكن للحديث طرق أخرى قد يرقى بها إلى درجة الحسن.
قلنا: نعم قد يكون للحديث أصلا لتعدد طرقه ولكن خصوص لفظ القعود أو الجلوس التي وقع في حديث أسماء بنت عميس لا يصح للعلل السابقة التي ذكرناها، وأما أصل القصة التي فيه فقد تكون فعلا قد حدثت ولكن ليس بهذا اللفظ الذي في حديث أسماء، وقد سبق أن الحديث من رواية بريدة وجابر ليس فيهما لفظ الجلوس أو القعود كما في المنشور السابق.
ثم على فرض صحة حديث أسماء هذا فلا حجة فيه لأن لفظ القعود أو الجلوس ونسبة ذلك إلى الله تعالى هو من قول امرأة حبشية لا ندري ما ملتها أصلا … ولم يُرفع ما قالته إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يُقره أو يرده .
فإن قيل ولكن قد شهدت هذه القصةَ أسماءُ بنت عميس وجعفر وحدثا بها وكلاهما من الصحابة، ولو كان ما ورد فيها من نسبة الجلوس أو القعود إلى الله منكرا لأنكراه ولم يحدّثا به… فلما أقرّا ذلك وحدّثا بالقصة للتابعين علمنا أن ما ورد فيها ليس منكرا.
قلنا: هذا كله أوهام … إذ مجرد حكاية أسماء أو جعفر لهذه القصة لا يعني أنهما أقرا بما فيها … غاية ما هنالك أنهما حدّثا بقصة عجيبة حدثت معهم في الحبشة ويؤيد ذلك ما جاء في هذا حديث من طريق بريدة عند البيهقي في السنن الكبرى قال : ((( لما قدم جعفر من الحبشة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما أعجب شيء رأيت ؟ ” قال : رأيت امرأة على رأسها مكتل من طعام , فمر فارس يركض فأذراه فجعلت تجمع طعامها وقالت : ” ويل لك , يوم يضع الملك كرسيه , فيأخذ للمظلوم من الظالم ” … “))) وقد سبق هذا الحديث وبيّنا أن ليس فيه لفظ القعود ولا الجلوس…. ولكن الشاهد هنا هو قوله صلى الله عليه وسلم : ” ما أعجب شيء رأيت ؟ ” فحدّث جعفرُ بالقصة على وجه التعجب … وهذا مَثَله مثل أي إنسان يسافر إلى بلاد نائية وأهلها ذات طبائع وعادات وديانات مختلفة فيُحدث أهلَه حين يرجع بما شاهد من تلك الطبائع والعادات والديانات بغض النظر عن موافقته أو مخالفته لها.
ومما يؤيد ذلك أن الصحابة والتابعين وأتباعهم رووا كثيرا من الإسرائيليات لما فيها من عجائب وعبر وقصص بغض النظر عن مدى صحتها أو صحة محتواها أو عدم صحة ذلك، وإنما رووها من باب قوله عليه الصلاة والسلام “حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج”[12]، ولا يعني أنهم يصدّقون بما فيها …. كيف؟!! وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: (((كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا { آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [العنكبوت: 46]) الآية ))).
وعليه فتكون رواية أسماء وجعفر رضي الله عنهما لهذه القصة ما هو إلا كرواية الصحابة للإسرائيليات دون تصديق أو تكذيب لمحتواها.
ثم على التسليم بأن هذا إقرار من أسماء وجعفر بما في هذه القصة من نسبة الجلوس أو القعود إلى الله فأين الحجة في ذلك حتى تثبت صفة الجلوس أو القعود لله تعالى … هل الحجة هي في إقرار الصحابي ؟!!! وهل إقرار الصحابي حجة أصلا حتى يحتج به، كإقرار النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!! وهل قول الصحابي حجة أصلا[13] حتى يحتج بإقراره؟!!! وهل صفات الله تؤخذ من فلان أو فلان أم بما ثبت في الكتاب والسنة فحسب تماما كما يزعم الخصم من أنه لا يثبت لله من الصفات إلا ما أثبته الله ورسوله صلى الله عليه وسلم[14].
ننتقل إلى الأثر الثاني … قال القطاوي: (((وروى عبد الله بن أحمد وابن خزيمة وغيرهما من رواية عبد الله بن خليفة الهمداني الكوفي، عن عمر رضي الله عنه قال: إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرَّحْلِ الجديد…… انتظره.
===========================
[1] انظر السابق: https://www.facebook.com/…/permalink/873021929478497/
[2] انظر الصور: 4، 5، 6
[3] انظر الصورة 9، 10
[4] جاء في مصنف ابن أبي شيبة تحقيق الشيخ عوامة (19/ 491): أبو أسامة، عن زكريا، عن أبي إسحاق، عن سعد بن معبد قال: حدثتني أسماء ابنة عميس أن جعفرا جاءها إذ هم بالحبشة وهو يبكي , فقالت: ما شأنك؟ قال: رأيت فتى مترفا من الحبشة جسيما مر على امرأة فطرح دقيقا كان معها , فنسفته الريح , قالت: ويل لك يوم يجلس الملك على الكرسي فيأخذ للمظلوم من الظالم.
[5] قال ابن حجر في طبقات المدلسين أو تعريف أهل التقديس (ص: 31) وهو يعدد أهل المرتبة الثانية من المدلسين ـ وهم من احتمل الائمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لامامته وقلة تدليسه في جنب ما روى كالثوري أو كان لا يدلس الا عن ثقة كإبن عيينة ـ: ع زكريا بن أبي زائدة الكوفي من اتباع التابعين أكثر عن الشعبي وابن جريج ووصفه الدارقطني بالتدليس.اهـ
وقال العلائي في جامع التحصيل في أحكام المراسيل (ص: 106): ذِكر أسماء المدلسين … وهم مرتبون على حروف المعجم:….زكريا بن أبي زائدة قال أبو حاتم الرزاي يدلس عن الشعبي وعن ابن جريج…. وقال ص (ص: 177): زكريا بن أبي زائدة قال صالح جزرة في روايته عن الشعبي نظر لأن زكريا كان يدلس وقال أبو زرعة يدلس كثيرا عن الشعبي وقد تقدم.
وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (6/ 203) في ترجمة ابن أبي زائدة هذا: وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الحَدِيْثِ، يُدَلِّسُ.اهـ
وقال أبو زرعة العراقي في المدلسين (ص: 49): ع: زكريا بن أبي زائدة قال أبو حاتم الرازي يدلس عن الشعبي وعن ابن جريج.
قلت: أطلق أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه عبد الرحمن أنه يدلس وكذلك أبو داود، انتهى.اهـ
[6] جاء في تهذيب الكمال في أسماء الرجال (9/ 361) في ترجمة ابن أبي زائدة هذا: وَقَال صَالِح بْن أَحْمَد بْن حنبل ، عَن أبيه: إذا اختلف زكريا وإسرائيل فإن زكريا أحب إلي في أبي إسحاق من إسرائيل. ثم قال: ما أقربهما، وحديثهما عَن أبي إسحاق لين، سمعا منه بأخرة…..وَقَال أحمد بْن عَبد الله العجلي : زكريا من أصحاب الشعبي، وكان ثقة إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة بعدما كبر أبو إسحاق.اهـ (انظر الصورة: 11، 12، 13، 14 ) وكذا في تهذيب التهذيب ط الرسالة (1/ 631).
[7] وهو ما وقع عند ابن خزيمة في صحيحه (انظر الصورة2)، وهو ما صوبه الشيخ محمد عوامة في تحقيقه لمصنف ابن أبي شيبة ( انظر الصور: 7، 8 ).
[8] حيث أورده في كتابه الثقات فقال فيه (4/ 298): سعد بن معبد يروى عن على روى عنه ابنه الحسن بن سعد.اهـ
قال وليد: ولكن يبدو من ترجمة البخاري وابن أبي حاتم التالية لابن معبد أنه شخص آخر سوى الذي ذكره ابن حبان . والله أعلم بحقيقة الحال
[9] فقد ذكره البخاري وابن أبي حاتم في كتابيهما ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا؛ جاء في التاريخ الكبير للبخاري (3/ 512):سَعِيدُ بْنُ مَعْبَدٍ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ مَا لِعُبَيْدِكُمْ يَعْنِي عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ – يَلْحَنُ، رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ.اهـ
وجاء في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 63): 265 – سعيد بن معبد روى عن ابن عباس روى عنه القاسم بن ابى بزة سمعت يقول ذلك.اهـ
[10] انظر الصورة 6
[11] وقد قلت في منشور سابق: والطريف أن كثيرا من هؤلاء السلفية والوهابية كالألباني ـ رحمه الله ـ وغيره يرفضون الاستدلال بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال … قال الألباني: ” والذي أدين الله به, وأدعو الناس إليه أن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقاً, لا في الفضائل والمستحبات, ولا في غيرهما “. [صحيح الجامع الصغير1/45].
بل قد ألّف أحدُهم وهو الشيخ د.عبد الكريم خضير رسالة ماجستير بعنوان ” الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به” مؤلفة من 490 ص قال في ص303 بعد أن انتهى من عرض الآراء والمناقشات في هذه المسألة : “من خلال ما تقدم يترجح الرأي الثاني وهو عدم الأخذ بالحديث الضعيف مطلقا لا في الأحكام ولا في غيرها”.اهـ
وانظر للتوسع: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=146003
قال وليد: أفيكون الحديث المرفوع الضعيف مرفوضا في فضائل الأعمال، ويكون قول امرأة حبشية مجهولة حجةً في أصول العقائد؟!!!! فما هذه المفارقة العجيبة ؟!!!
[12] أخرجه البخاري في صحيحه(3/ 1275) ولفظه بتمامه: عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ).اهـ
[13] في حجية قول الصحابي تفصيلات وأقوال كثيرة للعلماء ومن قال بحجيته جعل له شروطا، من ذلك قول ابن تيمية في مجموع الفتاوى (1/ 283): ومن قال من العلماء ” إن قول الصحابي حجة ” فإنما قاله إذا لم يخالفه غيره من الصحابة ولا عرف نص يخالفه ثم إذا اشتهر ولم ينكروه كان إقرارا على القول فقد يقال ” هذا إجماع إقراري ” إذا عرف أنهم أقروه ولم ينكره أحد منهم وهم لا يقرون على باطل . وأما إذا لم يشتهر فهذا إن عرف أن غيره لم يخالفه فقد يقال ” هو حجة ” وأما إذا عرف أنه خالفه فليس بحجة بالاتفاق وأما إذا لم يعرف هل وافقه غيره أو خالفه لم يجزم بأحدهما ومتى كانت السنة تدل على خلافه كانت الحجة في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فيما يخالفها بلا ريب عند أهل العلم.اهـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=101858
[14] قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (3/ 16): فلا بد من إثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي مماثلته بخلقه.اهـ
وقال ابن القيم في الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: 752): فما ثَمّ إلا الإثبات من كل وجه لما أثبته الله لنفسه وأثبته رسوله أو التعطيل الصرف والنفي المحض.اهـ
وقال د.المحمود في موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3/ 1032): قول أهل السنة الذين يثبتون ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسولهـ صلى الله عليه وسلم- من غير تحريف ولا تكييف، ومن غير تمثيل ولا تعطيل. فهم يثبتون الصفات على ما يليق بجلال الله وعظمته.اهـ
وانظر أيضا: http://islamqa.info/ar/145804