[1] هل ثمة دلالة على العلو في قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ } [غافر: 36، 37]
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/677167492397276/
‘‘‘‘‘‘‘4 – أما الدليل الرابع من أدلة المثبتين في هذه المسألة: فهو قول الله تعالي: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} غافر: 36: 37 وفى كيفية دلالة هذه الآية على العلو لدى المثبتين يقول الشيخ ابن عثيمين: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} لعلى أبلغ الطرق التي توصل إلى السماء {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} يعنى أنظر إليه وأصل إليه مباشرة؛ لأن موسى قال له: إن الله في السماء، فموه فرعون على قومه بطلب بناء هذا الصرح العالي ليرقى عليه ثم يقول لم أجد أحدا، ويحتمل أنه قاله على سبيل التهكم، يقول إن موسى قال: إن إلهه في السماء، اجعلونا نرقى لنراه!! تهكما. الشاهد من هذا: أن أمر فرعون ببناء صرح يطلع به على إله موسى يدل على أن موسى عليه السلام قال لفرعون وآله: إن الله في السماء، فيكون علو الله تعالى ذاتيا قد جاءت به الشرائع السابقة ” (1).
وقال الشيخ فوزان -أيضا – في بيان هذا الاستدلال: ” ومعنى مقالته هذه -يعنى يا هامان ابن لي صرحا … إلى آخره – تكذيب موسى عليه السلام، فإن الله أرسله، أو أن له إلها في السماء {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} أي فيما يدعيه من الرسالة، أو فيما يدعيه بأن له إلها في السماء.
والشاهد من الآية: أن فيها إثبات علو الله على خلقه؛ حيث إن موسى -عليه السلام-أخبر بذلك، وحاول فرعون تكذيبه ” (2).
(1) شرح الواسطية ص322.
(2) المصدر السابق ص322: 323.
قلت: وما ورد على لسان الشيخين: من أن موسى- عليه السلام – قد أخبر فرعون بأن له إلها في السماء، أو أن فرعون أراد أن يكذب موسى في أن إلهه في السماء: أمر لم تَرِد به النصوص، فليس فيما أورده القرآن من قصة موسى – عليه السلام – ما يدلنا على أنه قد ادعى بأن له إلها في السماء ” وإنما تخيل فرعون الكافر المجسم أن الله – عز وجل – في السماء قياسا منه الخالق -وهو إله سيدنا موسى -على المخلوق، وهو ما يراه بعينه من الخلق وما يسمعه من الشرائع المحرفة التي كانت قبله، ولم يأت في نص واحد أن موسى قال لفرعون: بأن الله -تعالى -في السماء، ولو أنهم أتموا الآية الكريمة، لانقلب الأمر ضد ما يريدون، فقد ذكر الله – عز شأنه – عن إمام المجسمة فرعون: أنه ظن أن رب سيدنا موسى- عليه السلام -في السماء، فقال {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ} غافر: 36: 37 ” (1).
(1) العلو للعلي الغفار، للذهبى، قدم له وعلق عليه، حسن بن علي السقاف ص114: 115حاشية. دار الإمام النووي – عمان، ط الثانية 1424 هـ – 2003 م.
وقد فسّر الإمامُ الرازيُّ الآية بما يفيد خلوها من الدلالة على معنى العلو المكاني فقال: ” إن فرعون لما طلب حقيقة الإله من موسى- عليه السلام- ولم يزد موسى- عليه السلام- على ذكر صفة الخالقية ثلاث مرات، فإنه لما قال: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} ففي المرة الأولى قال {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} وفي الثانية قال {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} وفي المرة الثالثة قال: {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} وكل ذلك إشارة إلى الخلاقية ” (1).
وأما شيخنا الطبري: فقد جاءت عبارته في هذا الموضع موهمة حيث قال: ” وقوله: {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} يقول وإني لأظن موسى كاذبا فيما يقول ويدعي من أن له ربا في السماء أرسله إلينا ” (2).
فجزم الطبري ههنا بأن موسى- عليه السلام – قد أخبر فرعون بأن ربه في السماء*، وهذا ما لم يرد به قول لسيدنا موسى -عليه السلام -كما سبق.’’’’’’
كذا في رسالة دكتوراة بعنوان “جهود الإمام الطبري في الصفات الخبرية مقارنة بجهود السلفية المعاصرة”؛ مقدمة من الباحث: محسن عبد الواحد سيد أحمد.
قال وليد: وتميما للفائدة أسوق كلام العلامة….. انظر اللاحق:
https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/791337320933845/
(1) مفاتيح الغيب 14/ 119.
(2) تفسير الطبري 11/ 67 نسخة دار الغد.
- قال وليد: صَدْر كلام الطبري في تفسيره خالٍ من لفظة “في السماء”، وهذا نص كلامه في جامع البيان ط هجر (18/ 254): {يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري} [القصص: 38] فتعبدوه، وتصدِّقوا قولَ موسى فيما جاءكم به من أن لكم وله ربا غيري ومعبودا سواي.اهـ وهذا ما نسبه ابن كثير للطبري، وهو يخالف نص الطبري في آخر كلامه هنا، ولذلك كان عبارة الطبري موهمة أو مضطربة كما أشار إلى ذلك الباحث أعلاه؛ وسيأتي المزيد في تحقيق ذلك في الحالة القادمة بعون الله.