(1) هل تعلم أن أحرف الجر هي في واقع الأمر تجر الفعل لا الاسم؟ “مُبسّط”وهذا خلاف الظاهر لأن الظاهر هو أن أحرف الجر تجر الأسماء التي دخلت عليها وعملت فيها الجر، ولكنها تجر الأسماء لفظيا، وفي باطن الأمر وحقيقته أن أحرف الجر تجر الفعل معنويا، والذي يدل على ذلك ويوضحه أمران:الأول: سبب تسميتها بأحرف الجر(1)، وذلك أنها سميت بأحرف الجر لأنها: إما تجر فعل إلى اسم كقولك: نظرت إلى زيد، أو اسما إلى اسم، كقولك: المال لزيد.وسميت حروف الجر أيضا بحروف الإضافة لأنها وضعت لتفضي بمعاني الأفعال إلى الأسماء، وبعبارة أخرى لتوصل معاني الأفعال وتجرها إلى الأسماء.فإن قلتَ: ولم كانت الأفعال بحاجة إلى حرف جر يوصل معناها إلى الأسماء ألا يستطيع الفعل إيصال المعنى إلى الاسم بنفسه؟ فالجواب: أن الأفعال قسمان: قسم متعدي ليس بحاجة إلى حرف جر كي يجر معنى الفعل إلى المفعول به، لأن الفعل هنا قوي يتوصل إلى المفعول بنفسه وينصبه، نحو قولك: ضرب زيد عمرا، ونحو: قرأ خالدٌ كتابا.وقسم لازم بمعنى أنه بحاجة إلى حرف جر يجر معناه إلى مفعوله ويوصله إليه، لأن هذا القسم من الأفعال ضعيف لا يستطيع الوصول إلى مفعوله بنفسه فيحتاج إلى حرف يجر معناه ويعينه على الوصول إلى مفعوله(2)، ولكن حرف الجر لا يعين الفعل على ذلك مجانا، وإنما يأخذ أجرة أو مكافأة فيتملك حرف الجر حقا بموجبه يعمل في الأسماء التي يدخل عليها فيجرها هو لا الفعل اللازم، بينما كان الفعل المتعدي ينصب المفعول به بنفسه كما مر.مثال ذلك: عجب، مرّ، ذهب؛ فهذه أفعال لازمة لا تستطيع التوصل إلى مفاعيلها فلا تقول مثلا: عجبت زيدا، وإنما تقول عجبت من زيد، ولا تقول: مررت جعفرا ، وإنما: بجعفر، ولا تقول : ذهبت المدرسة وإنما إلى المدرسة. ولكن لِم جرت أحرف الجر الأسماء التي دخلت عليها ولم تنصبها مثلا؟ انتظر الجواب لاحقا.المراجع: أطروحة علمية بعنوان: حروف المعاني وأثرها في اختلاف الفقهاء ص248، إعداد حسن الترتوي.كتاب سر صناعة الإعراب لابن جني، بالإضافة إلى مراجع أخرى ذكرها الباحث الترتوي.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) هذه تسمية البصريين فهي عندهم أحرف جر، وأما عند الكوفيين فتسمى أحرف خفض، وتعليلنا بأن أحرف الجر تجر الفعل يتمشى مع مذهب البصريين لا الكوفيين كما هو ظاهر.
(2) وفي ذلك يقول ابن جني في سر صناعة الإعراب (1/ 135): فلما قصرت هذه الأفعال (أي اللازمة) عن الوصول إلى هذه الأسماء، رُفدت بحروف الإضافة، فجعلت موصلة لها إليها.اهـ
وانظر رابط المنشور: