(1)هل صحيح أن السلف أثبتوا صفة الجلوس والقعود لله تعالى؟!!
(سلسلة الاستدلال بالضعيف والموضوعات والاسرائيليات وما لا أصل له على مسائل العقيدة عند ابن تيمية وأتباعه؛ آثار الجلوس والعقود لله تعالى)
تجد على موقع ملتقى أهل الحديث موضوعا بعنوان “مسألة ( هل يكون الاستواء إلا بجلوس ) ما توجيهها ؟”[1] تَناقش فيه الوهابيةُ حولَ إثباتِ صفة القعود والجلوس لله تعالى .
قال فيه المدعو “فارس بن عمر”: (((ان الله يجلس على العرش – تبارك ربنا وتقدس- وليس إثبات الجلوس بأعجب من اثباتنا لليد والساق والوجه الخ)))
فأجباه المدعو أبو شيماء: (((أحسنت يا شيخ فارس ..وما المانع الشرعي والعقلي لإثبات الجلوس لله ـ كما يليق به ـ ؟)))
وقد كنتُ علقتُ تعليقا مقتضبا على هذه السخافات منذ حوالي سنتين[2]…. ثم طلب مني بعضُ الإخوة الأفاضل أن أقوم برد موسع في هذه المسألة لاسيما وأن أحد الوهابية وهو المدعو ” أبو عمر عادل سليمان القطاوي ” شارك في مناقشة الموضوع السابق على نفس الملتقى ونفس الرابط فكتب مقالا موسعا في هذه المسألة وسرد فيه آثارا عديدة عن السلف ثم انتهى فيه إلى القول: (((فثبت بهذا المنقول والمروي أعلاه:وصف السلف جلوس الله على العرش.))).اهـ
قال وليد ابن الصلاح: ولدى إلقاء نظرة على هذه الآثار كلها رأيتها لا تخلو ـ كالعادة ـ من الإسرائيليات والأحاديث الضعيفة والمنكرة وربما الموضوعة أيضا، وثمة آثار لا سند لها أصلا …. وإليك الرد مفصلا .
قال القطاوي في أول مقاله: (((مسألة الجلوس في تفسير الاستواء على العرش، وهل يقال الإستواء بجلوسٍ أم لا ؟
موضوع قد قتل بحثا في هذا الملتقى المبارك ..
وكما أشار أخي فارس أعلاه، الكلام في مقامين:
أولهما ثبوت الجلوس .
والثاني : هل هو من الصفات أم لا ؟
وأزيد ثالثا وهو: هل في ثبوته محذور ؟
فأما ما ورد في جلوس وقعود الرب على العرش أذكر الآتي:
1- جاء عن أسماء بنت عميس رضي الله عنهاقالت:
كنت مع جعفر بأرض الحبشة فرأيت امرأة على رأسها مكتل من دقيق، فمرت برجل منالحبشة فطرحه عن رأسها، فسفت الريح الدقيق، فقالت: أكلك إلى الملك، يوم يقعد علىالكرسي، ويأخذ للمظلوم من الظالم.
وفي رواية : أكلك إلى الملك، يوم يجلس على الكرسي، ويأخذ للمظلوم من الظالم.
رواه ابن خزيمة في التوحيد 153 وابن أبي شيبة 7/239 ومن طريقه الدارمي في نقضه على المريسي 1/417 وابن أبي الدنيا في الأهول ص: 245 والخرائطي في مساوئ الأخلاق 2/131 كلهم من طريق أبي إسحاق السبيعي عن سعد بن معبد قال حدثتني أسماء ابنة عميس فذكره ، وعند ابن أبي عاصم في السنة 2/102 والدارمي في نقضه 1/418 والبيهقي في الأسماء والصفات 2/298 والطبراني في المعجم الأوسط 5/252 من طريق عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، وعند ابن أبي الدنيا في الأهول ص: 245 والطبراني في الأوسط 6/334 والبزار في مسنده 10/110 عن أبي الزبير، عن جابر به، وذكره الذهبي في العلو ص 82، والبيهقي في الكبرى 10/94 والمطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني 9/371 والحديث صحيح بمجموع طرقه))).اهـ
قال وليد : ذكر القطاوي أن هذا الحديث مروي عن ثلاثة من الصحابة: أسماء، وبريدة، وجابر، رضي الله عنهم …
والواقع أن لفظ حديث بريدة ليس في طرقه كلها قضية الجلوس أو القعود أصلا، وإنما لفظه ” ويل لك يوم يضع الملك كرسيه ، فيأخذ للمظلومين من الظالم” كذا أخرجه الطبراني في الأوسط[3]، والبيهقي في كتبه: الأسماء والصفات[4]، والسنن الكبرى[5] وشعب الإيمان[6]؛ والبزار[7]، وعثمان الدارمي[8]، وابن أبي عاصم[9]، والمطالب العالية للحافظ ابن حجر[10].
وكذا يقال في حديث جابر فإنه لفظه عند الذهبي في العلو ” سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ وَجَمَعَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ”(انظر مختصر العلو للألباني ص106، والصور: 20، 21، 22) وكذا لفظه في المطالب العالية للحافظ ابن حجر[11]، وهو أيضا بهذا اللفظ عند ابن ماجه في سننه (2/ 1329)[12]
…وأما البيهقي فلم يسرد لفظَ حديثِ جابر أصلا، وإنما قال في السنن الكبرى (10/ 94): وروى من وجه آخر عن جابر بن عبد الله.اهـ (انظر الصور:18، 19)
وبالتالي فإنّ حشر القطاوي لحديثي بريدة وجابر هنا تدليسٌ قبيح، وذلك لعدم وجود لفظ القعود أو الجلوس التي يثبتها القطاوي لمعبوده …. هذا فضلا أن حديثي جابر وبريدة ضعيفان كما أقر بذلك محقق كتاب المطالب العالية وهو من الوهابية (انظر الصور 9، 15) …..هذا أولا.
أما ثانيا: فحديث أسماء بنت عميس وإن كان فيه لفظ الجلوس ولكنه ليس حديثا مرفوعا ولا حتى موقوف وإنما هو قول لامرأة في الحبشة لا يُدرى من هي ولا ما ملتها… فكيف صار قولها حجة في دين الله وفي العقيدة وفي معرفة صفات الله عز وجل… مع أن الخصم يدعي أنه لا يثبت إلا ما أثبته الله لنفسه وكذا ما أثبته رسوله صلى الله عليه وسلم….فأين هذا هنا؟!!!
وإليك لفظ حديث أسماء …جاء في…. انتظره
=======================
[1] انظر: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=291078
[2] انظره على: https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/478800685520845/
[3] المعجم الأوسط (5/ 252): ” فقالت ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلومين من الظالم”(انظر الصور: 1، 2، 3)
[4] الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 299): “فقالت له : ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم”.اهـ (انظر الصور: 4، 5، 6)
[5] السنن الكبرى للبيهقي وفي ذيله الجوهر النقي (6/ 95):”وهى تقول : ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم”.
[6] شعب الإيمان (10/ 48): “وَهِيَ تَقُولُ: وَيْلٌ لَكَ يَوْمَ يَضَعُ الْمَلِكُ كُرْسِيَّهُ فَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ”.
[7] مسند البزار = البحر الزخار (10/ 334):قَالَتْ وَيْلٌ لَهُ إِذَا وَضَعَ الْمَلِكُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُرْسِيَّهُ فَأَخَذَ للمظلوم مِنَ الظَّالِمِ.
[8] نقض الدارمي على المريسي (1/ 419):ثم قالت ويحك كيف تصنع لو قد وضع الملك كرسيه فأخذ للمظلوم من الظالم (انظر الصور: 10، 11، 12، 13)
[9] السنة لابن أبي عاصم – بتحقيق الألباني (1/ 399): وهي تقول ويل لك من يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم.
[10] المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية (13/ 695): فقالت: ويل لك يوم يضع الملك كرسيه، فيأخذ للمظلوم من الظالم.(انظر الصور: 7، 8، 9)
[11] المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية (13/ 748): قال ابن أبي عمر: حدثنا يحيى بن سليم، ثنا ابن خثيم عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: لما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرة البحر قال: ” ألا تخبروننا بأعاجيب ما رأيتم في أرض الحبشة “؟ ، قال فتية منهم: بلى يا رسول الله، بينا نحن جلوس، إذ مرت عجوز من عجائز رهبانهم على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها فخرت على ركبتيها، فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت، التفتت إليه فقالت: سوف تعلم يا غدر، إذا وضع الله تعالى الكرسي وجمع الأولين والآخرين، فتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا / يكسبون، سوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا، قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” [صدقت صدقت] كيف يقدس الله قوما لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم [ص:750]؟ “. (انظر الصور: 14، 15)
[12] انظر الصور : 16، 17