تاريخ وتراجم وأعلام

هل تعلم من هو بديع الزمان الهمذاني صاحب المقامات؟

هو أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد بديع الزمان الهمذاني أبو الفضل توفي سنة 398هـ، قال عنه الثعالبي الذي لقيه وكتب عنه: بديع الزمان، ومعجزة همذان، ونادرة الفلك، وبكر عطارد، وفرد الدهر وغرة العصر، ولم نر نظيره في الذكاء وسرعة الخاطر وشرف الطبع وصفاء الذهن وقوة النفس، ولم ندرك نظيره في طرف النثر وملحه، وغرر النظم ونكته، وكان صاحب عجائب وبدائع، فمنها أنه كان يُنشَد الشعر لم يسمعه قط – وهو أكثر من خمسين بيتا – إلا مرة واحدة فيحفظها كلّها ويؤديها من أولها إلى آخرها لا يخرم حرفا، وينظر في الأربعة والخمسة الأوراق من كتاب لم يعرفه ولم يره، نظرة واحدة خفيفة، ثم يهذّها عن ظهر قلبه هذّا ويسردها سردا، وهذا حاله في الكتب الواردة وغيرها، وكان يقترح عليه عمل قصيدة وإنشاء رسالة في معنى بديع وباب غريب فيفرغ منها في الوقت والساعة، وكان ربما كتب الكتاب المقترح عليه فيبتدىء بآخره ثم هلم جرا إلى أوله، ويخرجه كأحسن شيء وأملحه، ويوشّح القصيدة الفريدة من قيله بالرسالة الشريفة من إنشائه، فيقرأ من النظم النثر ويروي من النثر النظم، ويعطى القوافي الكثيرة فيصل بها الأبيات الرشيقة، ويُقترح عليه كلّ عويص وعسير من النظم والنثر فيرتجله أسرع من الطرف، على ريق لا يبلعه ونفس لا يقطعه، وكلامه كله عفو الساعة وفيض اليد ومسارقة القلم ومسابقة اليد للفم. وكان يترجم ما يقترح عليه من الأبيات الفارسية المشتملة على المعاني الغريبة بالأبيات العربية، فيجمع فيها بين الإبداع والإسراع، إلى عجائب كثيرة لا تحصى، ولطائف تطول أن تستقصى. وكان مع ذلك مقبول الصورة حسن العشرة.

كذا في معجم الأدباء لياقوت الحموي 1/235

السابق
(3) هل تعلم من هو آفيمبس (ابن باجة)؟
التالي
نماذج من التجسيم عند عبد الرحمن البرّاك ج١ (الشم، الجارحة، له قدمان مع التوقف في أصابعهما! ثمة شَبه مع الخالق!)