تراجم معاصرين

منشورات ومقالات حول وفاة جودت سعيد رحمه الله .. ما له وعليه (1)

المنشور الأول (المفتي الشيخ أسامة الرفاعي)

# تعزية #إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكلُّ شيءٍ عنده بقدر، ولا نقول إلا ما يُرْضِي ربَّنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.أتقدم بأحرِّ التعازي إلى ذوي الفقيد وجميع آل سعيد بوفاة المفكر جودت سعيد رحمه الله. سائلاً الله أن يلهم أهله وأحبابه الصبر والسلوان، وأن يجعله في أعلى درجات الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

============

المنشور الثاني

التنويريون وركوب موجة جودت سعيد

الزوبعة التي أثيرت حول جودت سعيد وعصفت بالسوريين مؤخراً دفعتني لمراجعة دقيقة لأقوال الرجل وبعض مقابلاته وكتاباته، وقد أصبت بالذهول وأنا استمع وأقرأ له، الرجل بسيط جداً وأقرب للإنسان العامي، ولايجيد حتى الاستدلال بالنصوص الشرعية والأحداث التاريخية ويضعها في غير مواضعها انتصاراً لرأيه، ويتكلم بكلمة من الشرق وأخرى من الغرب ومتأثر بشدة بكتب الفلاسفة لدرجة اعتباره سقراط نبياً، ويقرأ القرآن بفهم لم يسبقه إليه أحد ثم يتهم الأمة والعلماء والناس كلهم بالجهل وعدم الفهم أو القدرة على التفكير والاستيعاب، ويعتد برأيه وفهمه لدرجة احتقار آراء وأفهام الآخرين… فما الذي حصل ؟!
لماذا فجأة يتم خلع هذه الهالة عليه وتفخيمه وتبجيله ووصفه بالفيلسوف والمفكر الإسلامي الكبير والهجوم على كل من ينتقد فكره ثم لاحقاً ممارسة أشد صور الرهاب الفكري ضد من يتجرأ على حرف أو كلمة بحق الرجل ؟! ثم يدخل على الخط فجأة مؤسسات تروج للمثلية الجنسية والشذوذ ومراكز تنويرية لتنعاه بهالة من القداسة ؟!!…
لم تطل بي الحيرة والذهول كثيراً وأنا أتنقل بين كلام الرجل وردوده وكتاباته حين عثرت على الإجابة ماثلة أمامي بكل وضوح، فمن يسوّقه إما يسوّقه بحسن نية واحتراماً لتاريخ الرجل في صبره وثباته وزهده وكبر سنه وتعرضه للظلم والاعتقال من نظام الأسد، أو تأثراً بالموجة العامة ودون إطلاع على شيئ من أفكاره، وإما يقوم بذلك مجاملة لغيره، أو اتخاذاً من العاطفة المصاحبة لموت الرجل فرصة للهجوم على مخالفيه والتعريض بهم وشيطنتهم وإسقاطهم ،وإما لأهداف تنويرية بحتة، حيث أن الرجل يتفق مع التنويريين في كثير من طروحاتهم، فعلى سبيل المثال لا الحصر :
1- إنكار حد الردة
2- إنكار الجهاد
3- إنكار المهدي
4 – ترك الاعتماد على نصوص القرآن والسنة والاستعاضة عنها بكتب الفلاسفة
5- تقديم العقل على النقل
6- النيل من فقهاء الأمة وإرثها والطعن بماضيها
7- الإسلام الذي نزل قبل 1400 سنة لم يعد موجوداً
8- إذا جاء من يريد قتلك من أجل عقيدتك فدعه يقتلك ولاتقاوم وكن مثل ابن آدم
9- كل من يحمل السلاح ولو دفاعاً عن نفسه خوارج ويعبدون إلهاً مسلحاً وليسوا مسلمين
10- الاتحاد الأوربي هو المهدي المنتظر اليوم
11- الديمقراطية هي أصل الإسلام ولبه وجوهره ولاخلاص للبشرية بغيرها
12- الثورة السورية لم تكن سلمية أبداً ومارست العنف منذ بدايتها والثوار خوارج
13- فهم الماركسية للقرآن أوعى من فهم الصحابة
14 – النبوة مرحلة وانتهت، والقرآن عسير الفهم على الناس، وينبغي الاعتماد على الماديات والمحسوسات بدل النصوص الإسلامية القديمة
15- المسلمون اليوم يعبدون إلهاً غير الله ويقرؤون كتاباً غير القرآن وعلماء الأمة وفقهاؤها خدعوهم
16- لا تقرأوا كتب الدين واستعيضوا عنها بكتب الفلاسفة الغربيين لتستنير عقولكم ….. هذا باختصار شديد

بقلم . ساجد تركماني الحَمَوي
2/2/2022

==============

المنشور الثالث:

أ. د. عماد الدين الرشيد

أزكمت أنوفنا رائحة الكراهية التي فاحت عقب نبأ وفاة الشيخ جودت سعيد رحمه الله تعالى.. فقبل دفن الرجل تفتحت القرائح وظهرت المقالات والمنشورات والتعليقات التي تبين -على حد قول أصحابها- ضلالات الرجل وشطحاته ووصل بالبعض إلى إخراجه من الملة.
إنني أتعجّب: أين الحمية لدى هؤلاء عندما كان الرجل حيًّا؟ إنَّ الرجل ما كان يتكلم سرًا وما كان يخفي شيئًا لم ينكشف إلا بعد موته، بل كان يتكلم جهارًا نهارًا يصدح بأفكاره، ويطبع كتبه، وله طلبة وأتباع، وكان سلوكه تعبيرًا عن فكره.
يحق لكل إنسان أن يوافق غيره أو يخالفه حسب قناعاته، ويحق له أن يعترض، لكن عليه أن يختار الزمان والموقف المناسبين.
لا ينتهي عجبي من تعطُّش الكثيرين لإخراج الناس من الملة وقذفهم بالأباطيل..
كما لا ينتهي عجبي من شخصيات ومؤسسات دينية تترك أتباعها تلغ في أعراض الناس ودينهم، وتتفرج على الموقف بحجة أن الموجة عارمة وكبيرة!! وأن العوام يقودون الشارع!!
متى ستضع المؤسسة الدينية حدًّا للمزاودين والمتهورين؟
متى ستتقدّم المؤسسة الدينية المسيرة وتُرجع العوام إلى موقعهم الصحيح؟
إنَّ الرُّهاب من المزاودين والعوام جعل من يريد أن يقدم العزاء أو الثناء لمن لم يأخذ البراءة من هذا (البعبع الجديد) يعلن بداية أنه ليس متفقًا مع من يعزِّي فيه أو يثني عليه ولكن كلامه من أجل أن يعزي أو يثني فقط، وكأنّ التعزية مدح لكل فكرة يقولها المتوفّى. ومن هنا فإنني أعيب على مثقف أو طالب علم أن يمنح المزاودين والعوام حق الرقابة على نيته وفكره، ويعلن بداية اختلافه فكريًّا مع الرجل. ما قيمة المدح والتعزية بعد هذه البراءة من المتوفّى؟!!
عار على من كان لديه أي اعتراض فكري على أخيه أن يختار الموت وقتًا للبيان، فأهل الميت وطلبته مكلومون ينتظرون منا المواساة لفقيدهم والدعاء له، لا تفسيقه أو تضليله أو إخراجه من الملة..
أقل ما في القضية أنها أخلاقية..
أحد عشر عامًا من القتل والتشريد لم تجمعنا وتوحد قلوبنا… متى نفقه الدرس؟

=======

المنشور الرابع:

المفكر الأستاذ جودت سعيد،،، في ذمة الله

فجر اليوم الأحد٢٧/جمادى الآخرة/١٤٤٣ هجرية الموافق ٣٠/كانون الثاني-يناير-/٢٠٢٢ وفي مدينة اسطنبول انتقل إلى جوار ربه الكريم الأستاذ ‘جودت سعيد ‘ رحمه الله عن عمر مديد ناهز الخامسة والثمانين.

  • تعود بي الذكريات إلى أوائل السبعينيات حين وقفت على كتابه “حتى يغيروا ما بأنفسهم” والذي كان له السبق في الدعوة إلى التغيير الذاتي أولا وقبل كل شيء،
    وقد أطال الفكر والتأمل والتحليل للتغيير في ظلال الأية الكريمة والمفاهيم القرآنية المتكاملة والتوجيه النبوي والسيرة النبوية الشريفة حتى غدا اليوم بين كل الناس تقبل كامل ووعي تام للنظرية الاجتماعية المنضوية التي أطلقها رحمه الله والمتحمورة حول: التغيير الذاتي أولا..
    باعتباره حجر الأساس لأي نهوض حضاري وإبداعي ..

-ثم كان كتابه الآخر “اقرأوربك الأكرم ” وله سبق وتميز في التأسيس والتحفيز لقراءة عالم
الشهادة الكون المسطور، وله في ذلك ومضات فكرية رائعة.

-كتابه ابن أدم الأول فيه أحلام و أمنيات جميلة لكنها تتحطم على أرض الطغيان الدموي العنيف، وأما غاندي فكانت له ظروفه وملابساته مع كل ما أنجزه غاندي ..

  • الأستاذ جودت سعيد اعاد الاعتبار الكبير الذي غاب عند البعض للدعوة بالحب والدعوة بالحوار والدعوة بالتلطف والدعوة بالإقناع والدعوة بالصبر والنفس الطويل…
    كل ذلك في ضوء التوجيه القرآني والفعل والتوجيه النبوي.

-جودت سعيد نبيل بكل معنى الكلمة، التقيته طويلا في القاهرة في الربع الأول من التسعينيات الميلادية له حضور وشعاع وضاء على من يجلس إليه ويحاوره ، وقد تحاورنا طويلا، وكان يقر ببعض الاعتراضات ببسمته ولطفه.

-الأستاذ جودت سعيد اعتبر نفسه متكاملا مع الصف الإسلامي الوسطي وليس خصما له ولا خارجا عنه، ولذا لم يعط الطغاة والظلمة كلمة واحدة ترضيهم أوتغمز في الصف الإسلامي مع أنه قد لا يتبنى ماوقع منهم لرؤاه وفلسفته الخاصة في هذا.

  • الأستاذ جودت سعيد واحد من القلة القليلة التي أثرت في جيلنا مع اختلافنا مع بعض رؤاه وتطبيقاته واستنتاجاته.

-زهده عجيب وإخلاصه ناطق ونبله ملفت.

  • جودت سعيد نموذج للمفكر أو لمشروع مفكر وهو بلا ريب من أبرز المتابعين لمدرسة الكبيرين محمد إقبال ومالك بن نبي رحمهم الله جميعا.
  • في آخرة لاحظت أن التعبير أخذ يخونه عن إتمام البيان لمقصده مما أثار عليه بعض الناس ..وكنت أود له أن يتدارك ذاك القصور البياني الذي وقع منه في بعض الأحيان
  • جودت سعيد هو الحاضر بقوة في الفكر والوعي الإسلامي الغائب في خطواته التأمليه في قريته في الجولان ليومض بفكره مايستحق الوقوف لعرضه ومحاورته .

-دفع ثمنا غاليا من التضيق والاعتقال فما ازداد إلا بريقا وإشعاعا.

  • جودت سعيد رحمه الله نموذج فذ للصبر والمصابرة والصمود الفكري والاستعلاء الإيماني والاستنهاض الحضاري الرسالي الإسلامي والإنساني.

أتقدم وقد آلمنا رحيله رحمه الله بأحر التعازي لأسرته وللدكتور خالص جلبي ولأحفاده ومحبيه وطلابه وللصف الإسلامي في العالم كله، سائلا المولى أن يتقبله في المجاهدين والصالحين والمصلحين والمهاجرين الأبرار.

اللهم لاتحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله، وثبتنا على الحق المبين حتى نلقاك وأنت راض عنا وأكرمنا بحسن الختام.

د. محمد بشير حداد

============

المنشور الخامس:

رحمك الله أيها الفيلسوف
عندما سمعت به، كنت طالبا في كلية الشريعة بجامعة دمشق في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وكان التحذير منه واجبا في النمط المشيخي والأكاديمي لأنه يحمل أفكارا غير مألوفة، ولذلك كان محاصرا في فكره ونشاطه وغير مرغوب به عند أقرانه، وكانت له جلسة أظن أسبوعية في بيته في أعلى حي المهاجرين في مدينة دمشق. مرة قادني أحد الأصدقاء لحضور تلك الجلسة، فذهبت معه فقط للتعرف عليه ولكن كان قلبي معبأ بالسلبية عنه، فهو رجل يحارب الجهاد ويبطله ويريد أن يميع الدين ويرفض القوة، ويريد أن يسلك الموجة، وخالف تعرف….، وفعلا في تلك الجلسة كرر بعض تلك المعلومات حول أن الجهاد اليوم ليس بالسيف، وإنما بالكلمة الطيبة ويؤكد لا عنف في الإسلام، وكانت تلك الجلسة الأولى والأخيرة معه، لأنها تخالف كل النمطية التي كنت عليها، وخصوصا أني كنت من المداومين وقتها على دروس لبعض المشايخ هم في غاية البعد عن أفكار الشيخ جودت سعيد.
ومضت السنوات وتعلمنا أكثر وعرفنا قدر جهلنا وعظمة هذا الرجل وعلمه، وكيف حاول أن يدافع عن دين الله تعالى، وفهمه لفلسفة الإسلام وسماحته، بل ذقنا مرارة من شوه دين الله تعالى باسم الجهاد.
إلا أني أحمد الله وأعترف بما كنت عليه من جهل وخطأ بحق هذا العالم الفاضل، وأني أحمده بما علمني لأفهم دينه على نهج وفلسفة هذا العالم الفيلسوف داعية السلام ولا عنف، وما يحسب له رحمه الله تعالى موقفه وثباته فهو لم يساوم يوما على مبادئه وأفكاره وإنسانيته، بل وبالرغم من كبر سنه وقف مع الثورة ودافع عنها وفر من بيته هاربا، ومع ذلك لم يتنازل عن أفكاره، فخالف الثوار في حمل السلاح وهو مصيب وله مقولة رائعة أنقلها لكم: (إذا نجحت الثورة السورية بالسلاح فسنظل محكومين بالسلاح الذي نحكم به منذ 1400 سنة من حكم معاوية إلي يومنا هذا. كل من أخذ بالسيف، بالسيف يهلك، والديمقراطية لا تحل في بلد إلا إذا أجمع الفرقاء فيه على الاحتكام لا إلى القوة بل إلى الصندوق. هذه أشياء بدهية ولا يتكلم بها أحد…).
رحمك الله أيها العالم الفيلسوف سفير السلام واللاعنف (جودت سعيد)
عمار الحريري

=====================

المنشور السادس:

محمد حبش

اعترافات
قرأت اليوم مقالاً حزيناً لأحدهم يهاجمني ويقول: كيف لك ان تزعم أنك تلميذ مدرسة جودت؟؟ وهو لم يهادن أي طاغية ولم يسكت عن جريمة، فيما لم نسمع منك اعتراضاً على مجازر حماه؟ وتصدرت الفضائيات في الدفاع عن النظام السوري وتبرئته من دم الحريري ومن فوضى العراق…..

والحقيقة آلمني هذا الاتهام، وأشد ما آلمني فيه أنه صحيح، واننا كنا كذلك…

إنها مريرة جداً هذه الاعترافات… ولكنها ضرورية لينتبه الجيل الجديد…. فلا يقع في أخطائنا … إنها أيام عار تلك التي ابتسمنا فيها للظالم وجاملناه وغفرنا له مخازيه بحجة أنه مقاوم وأنه يشتم إسرائيل!!!

لا تصدقهم إذا برروا لك الدفاع عن الباطل تحت عنوان: مصلحة الدعوة، والحفاظ على المنبر، وسلامة التلاميذ، والضرورات تبيح المحظورات، والطاعة لولي الأمر ولو أخذوا أموالكم وضربوا أبشاركم!! وإنا لنبش في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم!!!

رحمك الله يا جودت…. من أين نأتي بتاريخ نقي أبيض كتاريخك المشرق، ونحن الذين أمضينا شبابنا في ثقافة المداراة والمداهنة والتبرير.. وكنا نسمي هذا اللون من الجبن والخور: ثقافة الحكمة

قالوا: يا رسول الله.. هل يزني المؤمن؟ قال: قدر الله وما شاء فعل
قالوا: هل يشرب المؤمن الخمــــــــــــــــر؟؟ قال: قدر الله وما شاء فعل
قالوا: هل يكذب المؤمن؟؟ قال…. لا .. لا .. إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون

السابق
مقتطفات من براءة الأشعريين من عقائد المخالفين وسرد بعض شذوذات التيمية والوهابية (منقول)
التالي
عظم قدر الولي لكونه خرج عن تدبيره إلى تدبير ربه..